أكد النائب العام علي البوعينين، أن ممثل السلطة الذي ينوب عن الدولة في ممارساتها إزاء الأفراد مطالب بالإحاطة بحقوق الإنسان بكافة أنواعها وصورها، والمعايير الواجب توافرها لضمان الحقوق أثناء تطبيقه القانون.
وأشار، في كلمته خلال افتتاح ورشة العمل حول حقوق الإنسان، التي نظمتها النيابة العامة، بالتعاون مع الجمعية الدولية للمدعين العامين، إلي أنه «رغم اشتمال الدستور والقانون على ضمانات حقوق الإنسان، والدعوة لضرورة مراعاتها، إلا أن قضية العدالة لاتزال محلاً للتثقيف الدائم وموضوعاً مهماً للتباحث والتدارس».
وقـــال، إنـــه «إذا كانـــت الدولـة بسلطاتها ومؤسساتهــــا معنيـــة بصـــون الحقـــوق الاجتماعية كافة والدفاع عنها، وملزمة بضمان حريات أفراد المجتمع وبحفظ كرامة الإنسان، فإن ممثل السلطة الذي ينوب عن الدولة في ممارساتها إزاء الأفراد ملزم بحسن استعمال السلطة التي أوكلت إليه، وأن يسمو بقراراته إلى القدر الذي يكسبها المصداقية».
وأضاف، أن «ما تبناه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية أكد على مبدأ حيدة القضاء، وألا يعمل بطريقة تحكمية، إضافة إلى ما تضمناه من حقوق ثابتة للفرد لدى مخاطبته بالاتهام والمسؤولية الجنائية».
وذكر، أنه «ونظـراً لأن الحقـوق قائمــة وثابتـــة للفرد طـــوال وخـــلال الإجراءات التي تتخذ قبلــــه، فإن إهــــدارها فـــي أية مرحلة بدء من مرحلــة جمع الاستدلالات، مروراً بالتحقيق القضائي الابتدائي والمحاكمــة وحتـــى تنفيـــذ الأحكام هو إخلال صريح بالقانون وبالمبادئ الحقوقية الدولية، ومن ثم إطراح للعدالة التي ترتبط مفهوماً وتطبيقاً بالإنسان أياً ما يكون مركزه من منظور القانون بريئاً كان أم مداناً».
وأعرب البوعينين، في كلمته، عن شكره للحضور، وجهود المنظمين، وكل من ساهم في الترتيب لعقد الورشة، سواء من الناحية الفنية الموضوعية أم الإدارية، وخص بالشكر الجمعية الدولية للنواب العموم المشاركة برعاية الورشة، وكذلك الأساتذة الخبراء الدوليين المحاضرين.
وأوضح، «نلتقي مجدداً في رحاب العلم والتنوير في إطار حرصنا جميعاً على حقوق الإنسان عامة وحقه في الانتصاف، وفي الحصول على محاكمة عادلة من خلال إجراءات قضائية تحفظ له كرامته وإنسانيته وتخلص إلى الحق المحض والحقيقة المجردة، وتهدف إلى تقويمه وإعادته إلى مجتمعه مواطناً صالحاً نافعاً».
ونوه إلى، أن «الأمر لتحقيق كل هذه الغايات يتطلب أن تتصف مجموع الإجراءات التي تتخذها السلطة بالمشروعية تتفق وأحكام قانون ملمٌ بموجبات العدالة ومظاهرها ووسائلها مبنيٌ على أساسٍ من المبادئ الإنسانية والقيمية».
وأفاد، «نستكمل مسيرتنا عبر الورشة للتعرف على أفضل الممارسات لتحقيق العدالة الجنائية وضمانات المتهم، آملاً من خلال الاستعراض والمناقشة أن يصل كل منا إلى تقييم صحيح للممارسة وتصورٍ لأساسٍ متوافق مع التوجهاتِ الدولية المجمع عليها، حتى ننتهي إلى تطبيق صحيح يضمن لنا إجراءات سديدة وفعالة لاتصافها بالمشروعية والعدالة».
ولفت إلى، أن «مشروعية الإجراءات تصب بالطبع سلباً وإيجاباً في نجاح منظومة العدالة، إذ لا اعتبار لدليل ينتج عن إجراء باطل منتهك للحقوق والضمانات».
وقال، إن «الاهتمام بعقد هذه النوعية من الورش للتعرف على أدق الممارسات في ضوء أحكام الدستور والقانون والصكوك الدولية ذات الصلة والاستعانة في ذلك بمحاضرين من ذوي الخبرات القانونية المتميزة والمشهود لهم دولياً».
وأضاف، «لا يفوتني اليوم أن أكرر شكري وتقديري لمسؤولي معهد الدراسات القضائية والقانونية لما يبذلونه من عمل جاد ومخلص من أجل تفعيل دور المعهد في خدمة العدالة مع أصدق الدعاء لهم بالتوفيق».
وتناولت الورشة، بمشاركة لفيف من أعضاء النيابة العامة والقضاة والخبراء الدوليين، معايير حقوق الإنسان الأساسية وفقاً للصكوك الدولية والتشريعات الوطنية، وضمانات المتهم في مرحلتي التحقيق والمحاكمة، فضلاً عن استعراض لدور السلطات والأجهزة المعنية في تحقيق العدالة الجنائية.