العفو عند المقدرة هي من صفات عباد الله، ومن أعظم الأخلاق رفع العفو عند المقدرة فهذه عبادة مهجورة وهي من صفات الله وأسمائه الحسنى، فهو سبحانه (العفو القدير) أي يعفو بعد مقدرته على الأخذ بالذنب والعقوبة على المعصية، فالعفو بدون مقدرة قد يكون عجزاً وقهراً، ولكن العفو مع المقدرة على الانتقام، فلا شك أنه صفة عظيمة لله فيها الكمال، فهو سبحانه يحب العفو ويحب أن يرى عبده يعفو عن الناس.كثيراً ما نتعرض لإساءات متكررة من الآخرين فهذا قد يؤذيك بكلمة أو يتهمك في أهلك ودينك وقد لا تتصور من أين قد يأتيك الأذى، وربما لا تتوقعه أيضاً من أن يكون من أقرب الناس إليك، في هذه الحالة يكون الجرح عميقاً، وغالباً ما ينعدم العلاج لذلك حينها يعيش المرء صراعاً مع الشر لاسيما إن كان له قرين يهتف في أذنه «يجب أن ترد الصاع صاعين»، وليكون المسلم مستريح البال يجب عليه أن يكون هيناً ليناً سمحاً تقياً، عفواً قريباً إلى الناس متودداً إليهم، ناصحاً لهم ملتمساً لهم الأعذار في جميع تصرفاتهم نحوه، ويقول لنفسه إذا صدر منهم ما يغضبه إن هذا من الشيطان وليس منهم بل الشيطان هو الذي نزع بهم وهو الذي شجعهم على ذلك، فمن حاول أن يربي نفسه على هذه العبادة عاش مستريحاً ينام ويستيقظ وهو في راحة. ويتجلى عفو الرسول صلى الله عليه وسلم حينما ذهب إلى الطائف ليدعو أهلها الإسلام، ولكن أهلها رفضوا دعوته، وسلطوا عليه صبيانهم وعبيدهم وسفهاءهم يؤذونه هو ورفيقه زيد بن حارثه ويقذفونهما بالحجارة حتى سال الدم من قدم النبي صلى الله عليه وسلم.فنزل جبريل عليه السلام ومعه ملك الجبال واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في هدم الجبال على هؤلاء المشركين، لكن عفا عنهم، وقال لملك الجبال «لا بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، ولا يشرك به شيئاً».السعادة الحقيقية هي في الحلم والصبر على الآخرين والعفو عنهم مع المقدرة والحلم والصبر عليهم وأخذهم من ظلمات المعاصي إلى نور الطاعة، وردد «اللهم إني عفوت عن كل من ظلمني واغتابني وانتقص من قدري فاعف عنه واغفر لي يا رب إذا أسأت إلى الناس فأعطني شجاعة الاعتذار، وإذا أساء لي الناس فأعطني شجاعة العفو فهذا هو الصالح».الناشط الاجتماعي صالح بن علي