قال نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة إنه لا سبيل لخلاص الأمة مما وقعت فيه من شراك التشرذم والفتنة والتطرف إلا بالعلم الذي ينير دروب الآخرين، ويشعل في عتمة المحن شمعة أمل تعيد العرب إلى أمجادهم التي خلفها أسلافهم من كنوز علمية وحضارية عظيمة لا تقدر بثمن.
وأضاف الشيخ خالد بن عبد الله لدى رعايته حفل الدورة الثامنة لجائزة يوسف بن أحمد كانو بفندق الخليج أمس، أن جائزة يوسف بن أحمد كانو تعد غرساً حسناً ونبتة خير في سبيل تحقيق هذه الغاية السامية، فيما فاز بجائزة يوسف بن أحمد كانو في مجال الدراسات الإسلامية د.محمد مشرف يوسف خضر من مصر، وجائزة المال والاقتصاد من الجزائر د.فيصل الطاهر شياد، وجائزة الطب مناصفة بين د.بهاء محمد السيد محسوب ود.أميرة محمد بنداري علي من مصر، وقيمة كل جائزة 50 ألف دولار.
وأشار إلى أن بناء العقول وتشجيع البحث العلمي واستثمار مخرجاتها في ظل ظروف استثنائية مضطربة تشهدها منطقتنا العربية هو أحوج ما نحتاج إليه اليوم.
وأكد أن مبادرات العائلات البحرينية المتجسدة في إسهاماتها الخيرية في مختلف المجالات تعكس ما تتحلى به الروح الأصيلة لمكونات هذا الشعب المحب للبذل والذي لا تحد عطاءه أية حدود في سبيل نشر قيم العلم وتكريم أهله وتقدير العلماء والمفكرين والمبدعين من سائر أرجاء الوطن العربي.
وأشاد بما تضطلع به هذه العائلة من دور ريادي في المجتمع منذ حوالي 125 عاماً، علاوة على إسهاماتها في خلق ثقافة الشراكة المجتمعية والمسؤولية الاجتماعية للشركات قبل أن يتبلور هذان المفهومان في إطارهما العلمي الحديث، وذلك جنباً إلى جنب مع العائلات البحرينية الأخرى ذات الأيادي البيضاء.
وقال «إننا وإذ نحتفي هذه الليلة بجائزة يوسف بن أحمد كانو الذي يعد أحد المؤسسين الأوائل لهذه العائلة الكريمة، فإنه حري بنا أن نستذكر بكل تقدير ما شيدته عائلة كانو من صروح ومرافق حيوية يشار إليها بالبنان ولا تزال تحمل اسم مؤسسيها من أبناء هذه العائلة رجالاً ونساء، كالمساجد والجوامع والمدارس والمراكز الصحية وقاعات المناسبات، إيماناً منها بأهمية الدور المكمل للجهود الحيثية التي تبذلها الحكومة في توفير بنية تحتية قوية وراسخة ينعم بخدماتها الجميع».
وأشار إلى أن عائلة كانو باتت تشكل اليوم – بوصفها عائلة تجارية عريقة إثر ما تحمله من إرث وخبرة طويلتين – ركناً أساسياً من أركان الحركة الاقتصادية في البحرين، لما تؤديه من دور مشهود ذي أبعاد وطنية يسهم في رفد السوق المحلية باحتياجاته المختلفة، فضلاً عن تحقيق الاستدامة المرجوة عبر خلق فرص عمل للمواطنين الذين أصبحوا مساهمين رئيسين في إدارة شركات ومؤسسات هذه العائلة. وأضاف الشيخ خالد بن عبد الله «يحق للحاج يوسف بن أحمد كانو – رحمه الله – لو كان بيننا اليوم أن يفخر بحصاده من أبنائه الذين أطلقوا جائزة علمية تخلد ذكراه في التفاتة تعبر عن برهم ووفائهم لجدهم، وتأديتهم ما ائتمنهم عليه واستوصاهم به من تعليم أنفسهم وتعليم الآخرين، إذ قيل في حقه إنه (يشاطر أهل العلم علمهم وأهل الأدب أدبهم بما يتحلون به في مجالسهم)».
وتهدف جائزة يوسف بن أحمد كانو إلى إيجاد الحافز للأعمال الفردية أو الجماعية المتميزة التي تساهم في إحداث إضافة نوعية في المجتمعات العربية، وبخاصة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وتهدف كذلك إلى تكريم العلماء والمؤلفين والباحثين والمبدعين، والمساهمة في تنمية بيئة علمية تشجع على التفكير والإبداع. وقد خصصت عائلة كانو مبلغاً مالياً بقيمة ستة ملايين دولار أمريكي كوقف يُستثمر لحساب الجائزة، ويخصص من ريع استثمارات هذا المبلغ جوائز تكريمية في مجالات محددة، وهي الدراسات الإسلامية، والمال والاقتصاد والأعمال، في حين يكون المجال الثالث متغيراً في كل دورة بحسب توصية مجلس أمناء الجائزة، وقد تقرر أن يُخصص هذه المرة في مجال الطب.
جوائز تشجيعية للإبداع
من جانبه، توجه رئيس مجلس أمناء جائزة يوسف بن أحمد كانو، خالد بن محمد كانو، بجزيل الشكر والثناء إلى الشيخ خالد بن عبد الله آل خليفة على رعايته الكريمة ودعمه المستمر لهذه الجائزة والقائمين عليها.
وقال في كلمة ألقاها خلال حفل الافتتاح: «تؤمن عائلة كانو إيماناً عميقاً بأن العلم وتكريم العلماء هما نبراس طريق النهضة والتقدم. ومن هذا المنطلق، تم تأسيس جائزة يوسف بن أحمد كانو لتشجيع العلماء والباحثين العرب للمساهمة في الارتقاء والتطور في البناء العلمي والثقافي لأمة العرب، وكذلك المساهمة في الجهود الطيبة التي تقوم بها مملكة البحرين. ومن هنا فقد تم منح هذه الجائزة منذ انطلاقتها الأولى في العام 2001 إلى 21 فائزاً يمثلون سبع دول عربية وهي البحرين والسعودية ومصر والعراق والجزائر وفلسطين والسودان».
وأوضح أن البحرين تعيش نهضة علمية وثقافية يرعاها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، ويتابع تقدمها ومسيرتها صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء.
وانطلاقاً من المساعي الدائمة للارتقاء بأعمال الجائزة، أعلن خالد كانو أن مجلس الأمناء أقر رؤية جديدة للمرحلة المقبلة تتمثل في التطويرات التي ستشهدها مجالات المشاركة في الجائزة لتشمل الدراسات الإسلامية، والابتكار والتقنية، والشباب وريادة الأعمال، والاقتصاد والتنمية، والرياضة واللياقة، وفق آلية جديدة ومحددة. كما أعلن عن إطلاق جوائز تشجيعية للإبداع الشبابي تتمثل في طرح ثلاث جوائز تخصصية متنوعة كل أربعة شهور بقيمة 10 آلاف دولار أمريكي لكل جائزة تخصص للإنجازات والمشروعات الرائدة.
الثقافة للتعايش
تلا ذلك، كلمة ألقاها ضيف شرف الحفل رئيس مجلس الشورى علي الصالح، قال فيها «يعبر إنشاء جائزة يوسف بن أحمد كانو عن الاهتمام بما تواجهه الثقافة العربية من تحديات سياسية واجتماعية وثقافية عميقة، وأن الثقافة بتجلياتها المعرفية والإبداعية هي الأساس لأي مشروع نهضوي عربي، كما أن الثقافات في المنطقة العربية تدرك أهمية الانفتاح على قيم التقدم الإنساني، وتتماشى بإيجابية مع ثقافات الضفاف الأخرى، وبهذا لا يمكن العثور على حضن أفضل من الثقافة للتعايش بين البشر».
وأعرب علي الصالح عن تقديره لإسهامات القطاع الخاص في مسيرة التنمية العلمية والثقافية بالمملكة، ودوره في تعزيز روابط التعاون الإيجابي في عالمنا العربي، متوجهاً بالشكر كذلك إلى عائلة كانو على إطلاق هذه الجائزة ورعايتها، معرباً عن فخره واعتزازه بهذه الجهود، لكونها تتلاقى مع النهضة العلمية والثقافية التي تشهدها المملكة بفضل الرعاية المباشرة من القيادة الحكيمة.
4 فائزين من مصر والجزائر
بعدها، أعلن رئيس لجنة التنسيق والاختيار، د.سعيد أبو عالي، أسماء الفائزين بجائزة يوسف بن أحمد كانو، حيث أسفرت النتيجة عن فوز أستاذ النقد الأدبي والبلاغة المساعد بجامعة أم القرى، د.محمد مشرف يوسف خضر، من جمهورية مصر العربية، بجائزة مجال الدراسات الإسلامية وقيمتها 50 ألف دولار أمريكي، عن بحثه «نهضة شعوب الأمة العربية – مبادئ ورؤى».
في حين فاز بجائزة مجال المال والاقتصاد وقيمتها 50 ألف دولار أمريكي، أستاذ العلوم التجارية المساعد بجامعة سطيف في الجزائر، د.فيصل الطاهر شياد، عن بحثه «واقع البورصات العربية بين التحدي والمنافسة».
أما في مجال الطب، فقد فاز بالجائزة مناصفة كل من اختصاصي الأشعة التشخيصية، د.بهاء محمد السيد محسوب، واختصاصية الروماتيزم والطب الطبيعي والتأهيل، د.أميرة محمد بنداري علي، وكلاهما من جمهورية مصر العربية، عن بحثيهما الموسوم بـ «الجراحة العظمية – ترميم المفاصل»، بمنح كل منهما مبلغاً وقدره 25 ألف دولار أمريكي.
وأعرب الفائزون عن شكرهم للبحرين – ملكاً وحكومة وشعباً – على ما تنتهجه المملكة من نهج حسن في تشجيع العلم والحث على النهل من منابعه، ولعائلة كانو لاحتضانها هذه التظاهرة العلمية والثقافية الرائدة على مستوى الوطن العربي.