طهران توسط الجزائر لدى السعودية للقبول بمبادرة حول اليمن
شكوك حول مناورة إيرانية لوقف «عاصفة الحزم» وإنقاذ الحوثيين من هزيمة مذلة
متابعون استبعدوا نجاح الوساطة الجزائرية في التسويق لجدية المبادرة الإيرانية
رسائل إيرانية عن استعداد الحوثيين لوقف المعارك والانسحاب لمعاقلهم بصعدة
عواصم - «إيلاف، وكالات»: تترقب عواصم القرار في الإقليم والدول الكبرى، إعلان سلطنة عمان عن مبادرة متكاملة يجرى التجهيز لها على «نار هادئة» تقود إلى حل سلمي للأزمة اليمنية.
ويتحدث مراقبون وقريبون من القرار العماني عن مشاورات تجريها السلطنة مع أطراف عديدين لبلورة الموقف من مبادرتها تحاشياً لأي رفض من أي طرف معني في الصراع.
ويشير هؤلاء إلى أن مسقط بصدد تقديم مبادرة كاملة الأركان تستهدف إنقاذ اليمن وإخراجه من أزمته وتحقيق السلام الداخلي، ووقف الاقتتال الدائر وتحقيق تسوية سريعة للنزاع عبر تطبيق 7 مبادئ أساسية تتضمن انسحاب ميليشيات الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح من جميع المدن اليمنية، وإلزامهما بإعادة العتاد العسكري، الذي استولوا عليه من مخازن الجيش اليمني، وعودة السلطة الشرعية إلى الجمهورية اليمنية المتمثلة في الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي، وقيادة الحكومة اليمنية وممارسة عملها، والمسارعة إلى إجراء انتخابات برلمانية، ورئاسية في أقرب وقت، والتوافق على حكومة جديدة تضم جميع أطياف الشعب اليمني وأحزابه، وأن تتحول الجماعة الحوثية إلى حزب سياسي يشارك في الحياة السياسية اليمنية بطرق شرعية، إضافة إلى عقد مؤتمر دولي للمانحين بهدف مساعدة الاقتصاد اليمني وتنفيذ مشاريع استثمارية، وتقديم اقتراح بإدخال اليمن ضمن منظومة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
ويشير المتخصصون في الشأن العماني إلى أن مسقط تملك الكثير من الأوراق التي تؤهلها لدور الوساطة النزيه، إذ فضلاً عن علاقاتها المتميزة مع المملكة العربية السعودية والشقيقات الخليجيات الأخريات، فإنها ترتبط بعلاقات وثيقة عبر العقود مع إيران.
وأشار مراقبون إلى أن من أسباب تأهيل السلطنة لتقديم مبادرتها، تتبع عمان دائماً سياسة خارجية، وتحتفظ بعلاقات ودية ومرنة في علاقاتها الدولية والإقليمية، وهي تجسيد وترجمة واقعية لمرتكزات ومبادئ السياسة الخارجية التي وضعها السلطان قابوس في بداية السبعينات من القرن العشرين وفي إطار مبادئ الحق والعدل والمساواة ودعم حق الشعوب في السلام والتنمية.
وذكر المراقبون أن «لمسقط دوراً تاريخياً في الوساطات بملفات ساخنة، في مقدمتها الملف النووي الإيراني. كما لعبت خلال السنوات الأخيرة دوراً مهماً لحفظ التوازن في منطقة الخليج، وتوفير قناة للحوار بين دول الخليج العربية وجارتها الكبرى إيران».
ورأى المراقبون أن «السلطنة تنطلق في وساطتها من خلال دورها الإقليمي والعالمي»، كما إن الوساطة العمانية تأتي تلبية لدعوات عديدة من المنظمات الدولية والقوى الكبرى انطلاقاً من الحفاظ على الأمن والسلام العالمي وتأمين الملاحة العالمية في الخليج ومضيق باب المندب. وفي الأخير، يقول هؤلاء إن التحرك العماني للوساطة في حل الأزمة يأتي استجابة لدافع الحفاظ على الأمن القومي العماني. في سياق متصل، كشفت مصادر عن أن الدبلوماسية الجزائرية تتحرك لإقناع السعودية بضرورة إعطاء فرصة لاختبار المبادرة التي أعلن عنها مسؤولون إيرانيون في الفترة الأخيرة لوقف المعارك في اليمن، وفقاً لما ذكرته صحيفة «العرب» اللندنية.
وقالت المصادر إن الجزائر نقلت رسائل إيرانية إلى الرياض عن استعداد الحوثيين لوقف المعارك في عدن والانسحاب من صنعاء والعودة إلى معاقلهم في صعدة مقابل وقف التحالف العربي غاراته اليومية في اليمن على الميليشيا المرتبطة بإيران.
ولم تكشف المصادر عن الرد السعودي على الرسائل الإيرانية، إلا أن متابعين للأزمة اليمنية استبعدوا أن تنجح الوساطة الجزائرية في التسويق لجدية المبادرة الإيرانية طالما أن الميليشيات الحوثية لم تعلن صراحة عن قبولها بالعودة إلى ما قبل سيطرتها على عمران وصنعاء، وأن تبدأ فعلياً الانسحاب من عدن وفق ما جاء مؤخراً في كلمة نائب الرئيس اليمني خالد بحاح. وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قال «إننا مستعدون لاستخدام نفوذنا على كل المجموعات (…) ليأتي الجميع إلى طاولة المفاوضات»، موضحاً «إذا أردنا منع هذه الأزمة من التوسع في المنطقة يجب وقف المعارك وإيجاد حل سياسي لها». وتسود شكوك حول التصريحات الإيرانية الحاثة على العودة إلى الحوار بعد أن دعمت طهران سيطرة ميليشيا الحوثي على صنعاء ووعدت بتزويدها بالسلاح، وأن الأمر لا يعدو أن يكون مناورة هادفة إلى وقف غارات عاصفة الحزم وإنقاذ الحوثيين من هزيمة مذلة. وأشار المتابعون إلى أن الدبلوماسية الجزائرية دأبت على أن تكون في نجدة إيران عبر الوساطة التي تتولاها مثلما حصل في حرب إيران على العراق.
ونهاية الشهر الماضي، قال وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، في تصريحات صحفية، إن «الجزائر لها علاقات طيبة مع كل الدول الشقيقة على الساحة العربية، ولها تاريخياً كذلك علاقات ثقة ومودة وإخاء مع إيران، وبالتالي نحن في حوار مع الكل»، في إشارة على ما يبدو إلى تحركات دبلوماسية للجزائر للتوسط بين الجانبين.