غيب الموت شاعر العامية المصري الكبير عبد الرحمن الأبنودي الذي توفي أمس عن عمر يناهز 76 عاماً، بحسب ما قالت زوجته نهال كمال.
وقالت كمال «توفي الأبنودي وسيدفن في مدينة الإسماعيلية». وتوفي الأبنودي، الذي كان يعاني من تدهور في حالته الصحية أخيراً، إثر جراحة أجراها في المخ في مستشفى الجلاء العسكري في القاهرة، حسبما أفادت مصادر مقربة منه.
وكان الأبنودي انتقل للإقامة في الإسماعيلية على قناة السويس قبل بضع سنوات بناء على نصيحة الأطباء لانه كان يعاني من مشكلات في التنفس وكان بحاجة إلى العيش في مكان تقل فيه نسبة التلوث.
وأصدرت الرئاسة المصرية بياناً نعت فيه «الشاعر الوطني الكبير» وأكدت أن «مصر والعالم العربي يفقدان شاعراً عظيماً وقلماً أميناً ومواطناً غيوراً على وطنه وأمته العربية، أثرى شعر العامية من خلال أشعاره وأزجاله الوطنية التي عكست أصالة المواطن المصري وواقع البيئة المصرية، لاسيما في صعيد مصر، وعبرت عن الوطن في أفراحه وأحزانه، وفي انتصاراته وآلامه».
ولد الأبنودي الذي كان يلقب بـ «الخال»، وهو لقب شائع في صعيد مصر يدل على المودة والاحترام، عام 1939 في قرية أبنود بمحافظة قنا جنوب القاهرة لأب كان يعمل مأذوناً شرعياً هو الشيخ محمود الأبنودي.
وانتقل إلى مدينة قنا حيث استمع إلى أغاني التراث الشعبي المعروفة بـ «السيرة الهلالية» التي تأثر بها كثيراً وجمع بعد ذلك كلماتها من شعراء الصعيد في واحد من أهم أعماله وهو كتاب «السيرة الهلالية».
والأبنودي واحد من أشهر شعراء العامية في مصر والعالم العربي شهدت معه وعلى يديه القصيدة العامية مرحلة انتقالية مهمة في تاريخها.
وظهرت موهبة الأبنودي الشعرية منذ نعومة أظفاره، فأتقن الشعر العامي وتعلق بشعر المتنبي وأبي العلاء المعري واعتمدهما أساساً ومقياساً للذوق الشعري والأدبي.
وحمل الأبنودي اسم قريته «أبنود» التي ولد فيها في عام 1939، ورحل إلى مدينة قنا في صعيد مصر حيث تفجرت قريحته الشعرية هناك متأثراً بأغاني السيرة الهلالية التي كانت رائجة آنذاك.
قاد الأبنودي اهتمامه بالشعر إلى التحاقه بكلية الآداب في جامعة القاهرة التي حصل منها على شهادة االبكالوريس في اللغة العربية، إذ أراد الراحل أن يبني إمبراطورية الشعر الخاصة به على أسس متينة لتبقى خالدة للأجيال القادمة.
بوصلة الأبنودي كانت تشير إلى البسطاء من العامة، ووجد الرجل نفسه في الشعر العامي، وبدأ في نسج قصائد تبحث عن هموم المصريين وآلامهم، فبات شعره العامي متنفساً لملايين المقهورين والفقراء والمسحوقين، بل إنه ساهم في صقل شخصية المصري الثائر الرافض للظلم والاستبداد.
ألف الأبنودي 22 ديواناً شعرياً أبرزها «الأرض والعيال» و«السيرة الهلالية»، كما ألف كتاب «أيامنا الحلوة».
وتبقى قصيدة «الميدان» واحدة من أهم قصائد الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي والتي أطلقها في ذكرى ثورة 25 يناير 2011.
وكتب الابنودي لكبار المطربين خصوصاً عبد الحليم حافظ ومحمد رشدي ونجاة وشادية وتنوعت أعماله ما بين العاطفي والوطني والشعبي.
ومن أشهر دواوينه «جوابات جراحي القط إلى زوجته فاطمة» و«الأرض والعيال»، وقصيدة «يمنى».
ومن أبرز الأغاني التى كتبها لعبد الحليم حافظ «عدى النهار»، «أحلف بسماها وبترابها»، «إبنك يقول لك يا بطل» و«أنا كل ما أقول التوبة»، و«أحضان الحبايب».
وكذلك كتب للمطرب محمد منير أغاني «شوكولاتة»، «كل الحاجات بتفكرني».
كما ألف كلمات أغنية «عيون القلب» لنجاة الصغيرة بالإضافة إلى أغنية قصص الحب الجميلة، وكلمات أغاني «آه يا أسمراني اللون»، «قالي الوداع»، وأغاني فيلم «شيء من الخوف» للفنانة شادية.