حينما ضقت بحياة الوظيفة وقيودها وجدت
في القلم أملاً بالحياة المتجددة
اشتغلت بالحركة الوطنية بعد ثورة 1919
وكنت الصوت الصارخ بوجه الأعداء
دخلت بمعارك حامية مع منتقدي زغلول حول سياسة المفاوضات مع الإنجليز
9 أشهر من السجن لمعارضتي رغبة الملك فؤاد بإسقاط عبارتين من الدستور
انسحبت من حزب الوفد عندما اصطدمت بسياسته تحت زعامة النحاس سنة 1935
أشهر مؤلفاتي كتاب «الديوان في النقد والأدب» بالاشتراك مع عبدالقادر المازني
الشيوعية مذهب هدام يقضي على جهود الإنسان للارتقاء من الحيوانية للإنسانية
الموازنة بين الإسلام وغيره انتهت إلى خلو الإسلام من شوائب الملل الغابرة
التفكير فريضة إسلامية ومزية القرآن الأولى هي التنويه بالعقل وإعماله
أحمد شوقي نال أكثر مما يستحق وليس للشعر أمير سوى الشعر نفسه




كتب ـ علي الشرقاوي:
«ليس للشعر أمير سوى الشعر نفسه» يقول المفكر العربي الكبير عباس محمود العقاد في حوار متخيل، ويضيف «أحمد شوقي شاعر تقليدي، نال أكثر مما يستحق، وترشحت للقب أمير الشعراء لموقف سياسي».
في الحوار المتخيل الشيق يطوّف العقاد بنا في ميادين الفكر والسياسة والنقد والشعر، يحكي فصلاً من تاريخ نضاله السياسي ضد الملك فؤاد ومصطفى نحاس باشا «9 أشهر من السجن لمعارضتي رغبة الملك فؤاد بإسقاط عبارتين من الدستور».
أشهر العقاد قلمه سلاحاً للدفاع عن الإسلام وقيمه ومثله، ضد المشككين وضعاف النفوس، كتب في عبقريات التاريخ الإسلامي، واستهلها بـ»عبقرية محمد»، وانتهى في موازنته بين الإسلام وغيره من الأديان والمعتقدات، إلى خلو الإسلام من شوائب الملل الغابرة، ويقول «التفكير فريضة إسلامية ومزية القرآن الأولى هي التنويه بالعقل وإعماله». وهو يرى في الشيوعية مذهباً هداماً يقضي على جهود الإنسان للارتقاء من الإباحية الحيوانية إلى مرتبة المخلوق العاقل.
*من كتب العبقريات في التاريخ البشري هو عبقري أيضاً أليس كذلك؟
لا أعتبره عبقرياً بقدر ما أرى أنه آمن بتلك العبقريات، وحاول نقلها إلى الآخرين من أجل تعميم الفائدة.
* أيعني هذا أنك لست عبقرياً؟
لست عبقرياً يا بني.
* أهو التواضع؟
لا أسميه تواضعاً بقدر ما هو إقرار للحقيقة والتاريخ، فرحم الله امرأ عرف قدر نفسه وعرف حجم قامته.
* لكن قامتك عالية كما يعرف الجميع من خلال صورك.
الشيخوخة حولتني إلى ما يشبه علامة الاستفهام.
* قبل أن نصل لمرحلة شيخوختك، نود أن نقترب أكثر من طفولتك وصباك.
طرحت كل ما عندي في كتابي «أنا» و»حياة قلم»، وأشك أني أملك ما أضيفه للقارئ.
نحن هنا يا أستاذ عباس محمود العقاد لا نتعامل مع القراء بقدر ما نتعامل مع المستمعين، وبرنامجنا هذا يصل للناس في كل مكان على أرضنا العربية، وأنت تعرف قبل غيرك أن نسبة الأمية في الوطن العربي مازالت عالية.
هات ما لديك وسأحاول أن أتذكر طفولتي بعد أن أصبحت الآن بعيدة.
* خذنا إلى طفولتك في أسوان.
ولدت يوم الجمعة الموافق 29 شوال 1306هـ، 28 يونيو 1889، في مدينة أسوان بصعيد مصر.
* كيف كانت نشأتك؟
في الواقع نشأت في أسرة كريمة، وتلقيت تعليمي الابتدائي بمدرسة أسوان الأميرية، وحصلت منها على الشهادة الابتدائية سنة 1321هـ - 1903م، وأنا في الرابعة عشرة من عمري.
* هل تذكر شيئاً عن تلك الفترة؟
أذكر أني في أثناء دراستي كنت أتردد مع أبي إلى مجلس الشيخ أحمد الجداوي.
* من هو الشيخ أحمد الجداوي؟
هو من علماء الأزهر ممن لزموا جمال الدين الأفغاني، وكان مجلسه مجلس أدب وعلم، فأحب الفتى الصغير القراءة والاطلاع.
* هل لنا أن نعرف شيئاً عن قراءات الطفل عباس؟
قرأت في تلك الفترة «المستطرف في كل فن مستظرف» للأبشيهي، وقصص «ألف ليلة وليلة»، وديوان البهاء زهير وغيرها، وصادف هذا هوى في نفسي، ما زاد إقبالي على مطالعة الكتب العربية والإفرنجية، وبدأت في نظم الشعر.
العمل بعمر الطفولة
* ماذا فعلت بعد أن أكملت الدراسة الابتدائية؟
اشتغلت.
*وأنت في الرابعة عشرة من عمرك؟
نعم، فأنا لم أستطع أن أكمل تعليمي بعد حصولي على الشهادة الابتدائية، لذا عملت موظفاً في الحكومة بمدينة قنا سنة 1323هـ ـ 1905م، ثم نقلت إلى الزقازيق سنة 1325هـ - 1907م، وعملت في القسم المالي بمديرية الشرقية، وفي هذه السنة توفي أبي.
* ماذا فعلت بعد أن توفي والدك؟
انتقلت إلى القاهرة لأستقر بها.
* كيف تعامل الشاب عباس محمود عباس العقاد القادم من أسوان مع عالم القاهرة؟
أكثر من مهنة زاولتها في القاهرة، وحينما ضقت بحياة الوظيفة وقيودها، لم يكن لي أمل في الحياة غير صناعة القلم.
* وهذه الصناعة ميدانها الصحافة.
نعم، اتجهت إليها بكل قوة وإخلاص.
* كيف اتصلت بالصحافة؟
كان أول اتصالي بها سنة 1325هـ - 1907م، حين عملت مع العلامة محمد فريد وجدي في جريدة الدستور اليومية.
* كيف تعاملت مع التحرير ولم تكن لديك خبرة في المجال الجديد؟
تحملت مع محمد فريد وجدي أعباء التحرير والترجمة والتصحيح من العدد الأول وحتى الأخير، فلم يكن معهما أحد يساعدهما في التحرير.
* جريدة الدستور اليومية توقفت عن الصدور، ماذا اشتغلت بعدها؟
عدت سنة 1331هـ - 1912م إلى الوظيفة بديوان الأوقاف.
* لكنك ضقت بها كالعادة، فمن تعود على القلم لا أتصور أنه قادر على التعامل مع غيره؟
لهذا تركت الوظيفة البعيدة عن مجالي، واشتركت في تحرير جريدة المؤيد، وكان يصدرها الشيخ علي يوسف، وسرعان ما اصطدمت بسياسة الجريدة.
* وماذا كانت سياسة الجريدة؟
كانت تؤيد الخديوي عباس حلمي، وأنا كنت معترضاً على الكثير من سياساته.
* كيف واصلت حياتك؟
عملت بالتدريس فترة مع الكاتب الكبير إبراهيم عبد القادر المازني، ثم عدت إلى الاشتغال بالصحافة في جريدة الأهالي سنة 1336هـ - 1917م.
* كانت تصدر بالإسكندرية أليس كذلك؟
نعم، لكني تركتها وعملت بجريدة الأهرام سنة 1338هـ.
* هل نقول إنك بدأت تشعر بالاستقرار؟
من أين يأتي الاستقرار وبلادنا مستعمرة من قبل الاستعمارالبريطاني الذي أراد أن يركع الإنسان المصري.
* إذاً ماذا فعلت؟
اشتغلت بالحركة الوطنية بعد ثورة 1919م، وصرت من كتابها.
* قل من كتابها الكبار المدافعين عن حقوق الوطن في الحرية والاستقلال.
كان همي أن أكون الصوت الصارخ في وجه الأعداء.
* ماذا بعد أن أصبحت الكاتب الأول لحزب الوفد، والمدافع عنه أمام خصومه من الأحزاب الأخرى؟
دخلت في معارك حامية مع منتقدي سعد زغلول زعيم الأمة حول سياسة المفاوضات مع الإنجليز بعد الثورة.
* بعد فترة انتقلت للعمل مع عبد القادر حمزة سنة 1342هـ - 1923م في جريدة البلاغ.
وارتبط اسمي بتلك الجريدة، وملحقها الأدبي الأسبوعي لسنوات طويلة.
* لمع اسمك وذاع صيتك.
في هذه الفترة انتخبت عضواً بمجلس النواب، لأكون أحد المحاولين لتقديم شيء للوطن الأم مصر.
* لن ينسى لك التاريخ وقفتك الشجاعة حين أراد الملك فؤاد إسقاط عبارتين من الدستور، تنص إحداهما على أن الأمة مصدر السلطات، والأخرى أن الوزارة مسؤولة أمام البرلمان، فارتفع صوتك تحت قبة البرلمان على رؤوس الأشهاد من أعضائه.
قلت إن الأمة على استعداد لأن تسحق أكبر رأس في البلاد يخون الدستور ولا يصونه.
* كلفتك هذه الكلمة الشجاعة 9 أشهر من السجن سنة 1349هـ - 1930م بتهمة العيب في الذات الملكية.
السجن بعض الأحيان يكون شرفاً إذا كان من أجل الوطن وإنسان هذا الوطن.
خارج حزب الوفد
* عرفت أنك انفصلت عن حزب الوفد.
في الواقع بقيت منتمياً لحزب الوفد حتى اصطدمت بسياسته تحت زعامة مصطفى النحاس باشا سنة 1354هـ - 1935م.
* هل انسحبت من العمل السياسي العلني المباشر؟
نعم، وشعرت أن المكان لا يمكن أن أضيف إليه جديداً.
* لكن من الملاحظ أن نشاطك الصحافي بدأ يقل تدريجياً إبان تلك الفترة.
هذا صحيح، لأني بدأت بالانتقال إلى مجال التأليف، وإن كانت مساهماتي بالمقالات لم تنقطع في الصحف، فشاركت في تحرير صحف روز اليوسف، والهلال، وأخبار اليوم، ومجلة الأزهر.
* عرف العقاد منذ صغره بنهمه الشديد للقراءة، وإنفاقه الساعات الطوال في البحث والدرس، وقدرته الفائقة على الفهم والاستيعاب، هل من الممكن أن تعرفنا على قراءاتك؟
شملت قراءاتي الأدب العربي والآداب العالمية، فلم أنقطع يوماً عن الاتصال بهما، لا يمنعني مانع عن قراءة عيونهما ومتابعة الجديد الصادر منهما، وبلغ من شغفي بالقراءة أن أطالع كتباً كثيرة لا أنوي الكتابة في موضوعاتها.
* يقال إن أديباً زارك يوماً، فوجد على مكتبك مجلدات في غرائز الحشرات وسلوكها، فسألك عنها؟
أجبته أني أقرأ ذلك توسيعاً لنهمي وإدراكي، حتى أنفذ إلى بواطن الطبائع وأصولها الأولى، وأقيس عليها دنيا الناس والسياسة.
ميادين الإبداع
* ما المجال القريب لنفس عباس محمود العقاد؟
كتبت عشرات الكتب في موضوعات مختلفة، في الأدب والتاريخ وعلم الاجتماع.
* مثل مطالعات في الكتب والحياة، ومراجعات في الأدب والفنون.
وأشتات مجتمعة في اللغة والأدب، وساعات بين الكتب، وعقائد المفكرين في القرن العشرين، وجحا الضاحك المضحك، وبين الكتب والناس، والفصول، واليد القوية في مصر.
*وضعت في الدراسات النقدية واللغوية مؤلفات كثيرة.
أشهرها في تصوري كتاب «الديوان في النقد والأدب» بالاشتراك مع عبد القادر المازني.
*أصبح اسم الكتاب عنواناً لمدرسة شعرية.. ماذا سميت هذه المدرسة الأدبية؟
عُرفت بمدرسة الديوان.
*ولك أيضاً كتابات أدبية أخرى منها كتاب « ابن الرومي حياته وشعره».
وأيضاً لا تنس الكتب العديدة الأخرى ومنها «شعراء مصر وبيئاتهم»، في الجيل الماضي، رجعة أبي العلاء، أبو نواس الحسن بن هانئ، اللغة الشاعرية، والتعريف بشكسبير.
* لك في السياسة عدة كتب.
يأتي في مقدمتها «الحكم المطلق في القرن العشرين»، و«هتلر في الميزان»، وأفيون الشعوب، و«فلاسفة الحكم في العصر الحديث»، و«الشيوعية والإسلام»، و«النازية والأديان»، و«لا شيوعية ولا استعمار».
* الملاحظ أنك في هذه الكتب تحارب الشيوعية والنظم الاستبدادية.
وأمجد الديمقراطية التي تكفل حرية الفرد، حيث يشعر بأنه صاحب رأي في حكومة بلاده، وبغير ذلك لا تتحقق له مزية.
* أغلب الدول الشيوعية انتهت بعد انهيار جمهوريات الاتحاد السوفييتي.. كيف ترى الشيوعية كمذهب؟
الشيوعية مذهب هدام يقضي على جهود الإنسانية في تاريخها القديم والحديث، سيما جهود الإنسان المبذولة للارتفاع بنفسه من الإباحية الحيوانية إلى مرتبة المخلوق الذي يعرف حرية الفكر وحرية الضمير.
* هل نتوقف عند ترجماتك لأعلام الشرق والغرب؟
ترجمت لـ«سعد زغلول، وغاندي وبنيامين فرانكلين، ومحمد علي جناح، وعبدالرحمن الكواكبي، وابن رشد، والفارابي، ومحمد عبده، وبرناردشو، والشيخ الرئيس ابن سينا.
*ماذا عن ترجمتك عن اللغة الإنجليزية؟
أسهمت في الترجمة عن الإنجليزية بكتابين هما «عرائس وشياطين»، وألوان من القصة القصيرة في الأدب الأمريكي.
* لماذا لم تواصل الترجمة من الأدب الإنجليزي وأنت أحد الضالعين فيها منذ نعومة أظفارك؟
هناك مترجمون آخرون يؤدون مثل هذا الدور، فلو أني انشغلت بالترجمة من اللغة الإنجليزية، لما استطعت أن أكتب أعمالي الخاصة، والتي أراها أكثر أهمية من الترجمة.
* تجاوزت مؤلفاتك الإسلامية 40 كتاباً، شملت جوانب مختلفة من الثقافة الإسلامية، فتناولت أعلام الإسلام في كتب ذائعة، وأصبحت بحق أهم من كتب عن الإسلام.
عرفت كثيراً منها باسم العبقريات، وكانت فاتحة الاستهلال عبقرية محمد.
* ثم توالت باقي السلسلة وضمت عبقرية الصديق، وعبقرية عمر، وعبقرية علي، وعبقرية خالد.
وداعي السماء بلال، و ذو النورين عثمان، والصديقة بنت الصديق، وأبو الشهداء وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان، وفاطمة الزهراء والفاطميون.
* من الملاحظ أنك في هذه الكتب لا تهتم بسرد الحوادث، وترتيب الوقائع.
كان همي الأساس أن أعني برسم صورة للشخصية تُعرفنا بها، وتجلو لنا خلائقه وبواعث أعماله، مثلما تجلو الصورة ملامح من تراه بالعين.
* ذاعت عبقرياتك واشتهرت بين الناس، وكان بعضها موضوع دراسة الطلاب في المدارس الثانوية في مصر والبلاد العربية، وحظيت من التقدير والاحتفاء ما لم تحظ به كتبك الأخرى.
رغم أني ألفت في مجال الدفاع عن الإسلام عدة كتب.
* يأتي في مقدمتها حقائق الإسلام وأباطيل خصومه.
والفلسفة القرآنية، والتفكير فريضة إسلامية، ومطلع النور، والديمقراطية في الإسلام، والإنسان في القرآن الكريم، والإسلام في القرن العشرين وما يقال عن الإسلام.
* ما الذي كنت تريد الوصول إليه من وراء كتاباتك المختلفة عن الإسلام؟
أردت في هذه الكتب أن أدافع عن الإسلام أمام شبهات يرميه بها خصومه وأعداؤه.
* واستخدمت علمك الواسع وقدرتك على المحاجاة والجدل، وإفحام الخصوم بالمنطق السديد.
في الواقع وازنت بين الإسلام وغيره، وانتهيت من الموازنة إلى شمول حقائق الإسلام وخلوص عبادته وشعائره من شوائب الملل الغابرة، حين حُرِّفت عن مسارها الصحيح.
* وعرضت للنبوة في القديم والحديث.
وخلصت إلى أن النبوة في الإسلام كانت كمال النبوات، وختام الرسالات.
* كنت تهاجم من يدعون أن الإسلام يدعو للانقياد والتسليم دون تفكير وتأمل.
من هنا واصلت تقديم ما يؤكد أن التفكير فريضة إسلامية، وأن مزية القرآن الأولى هي التنويه بالعقل وإعماله.
* أكثرت من النصوص القرآنية المؤيدة لذلك.
لأصل إلى أن العقل الذي يخاطبه الإسلام هو عقل يعصم الضمير ويدرك الحقائق ويميز بين الأشياء.
* لكن مازال هناك من يواصل الهجوم على الإسلام.
رددت في بعض هذه الكتب على ما يثيره أعداء الإسلام من شبهات ظالمة يحاولون ترويجها بشتى الوسائل، مثل انتشار الإسلام بالسيف، وتحبيذ الإسلام للرق، وفندت هذه التهم بالحجج المقنعة والأدلة القاطعة، خاصة في كتابي «ما يقال عن الإسلام».
* هل تحدثنا عن مدرسة الديوان؟
أسست هذه المدرسة بالتعاون مع إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري، وكانت هذه المدرسة من أنصار التجديد في الشعر والخروج به عن القالب التلقيدي العتيق.
* البعض يقول إنك كنت تريد أن تلفت الآخرين إلى كتابتك الشعرية؟
ربما كان هذا صحيحاً، بصورة أو بأخرى، لكني كما تعرف كنت أكتب الشعر كغيري من الشعراء.
* لم تكن كاتباً فذاً وباحثاً دؤوباً ومفكراً عميقاً ومؤرخاً دقيقاً فحسب، بل كنت شاعراً مجدداً.
لي عشرة دواوين هي يقظة الصباح، ووهج الظهيرة، وأشباح الأصيل، وأعاصير مغرب، وبعد الأعاصير، وأشجان الليل، ووحي الأربعين، وهدية الكروان، وعابر سبيل، وديوان من دواوين، وهذه الدواوين العشرة هي ثمرة ما يزيد على 50 عاماً من التجربة الشعرية.
* هل كنت تجد نفسك في الشعر أم في مجال الدراسات الفكرية والأدبية؟
في الواقع أنني أردت أن أبتدع طريقة في الشعر العربي، ولا أجعل الشعر مقصوراً على غرض دون غرض.
* أمور الحياة كلها تصلح موضوعاً للشعر.
لذا جعلت هذا الديوان يهتم بموضوعات مستمدة من الحياة.
* لكن ما هو مصدر هجومك اللاذع على أمير الشعراء أحمد شوقي؟
لأنه شاعر تقليدي أعطي أكثر مما يستحق.
* هل تستحق أنت لقب أمير الشعراء؟
شخصياً أرفض هذا اللقب، فليس للشعر أمير حقيقي غير الشعر نفسه.
* لم تقل هذا الكلام إلا بعد فشلك بنيل اللقب.
ماذا تعني بالضبط
* أعني أنك كنت راغباً في إمارة الشعر العربي، ولو لم تكن كذلك لما رشحت نفسك لهذا المنصب ضد الشاعر شوقي.
كان الموقف سياسياً أكثر منه أدبياً، كنت أريد أن أقول للعالم إن الشاعر لا يحتاج إلى إمارة، فكل قصيدة جيدة في واقعها مملكة خاصة بالشعر.
* اشتهرت بصالونك الأدبي وكان يعقد صباح كل جمعة، لماذا الصالون؟
هو مكان لا أكثر يأتي إليه التلامذة والمحبون، يلتقون حول أساتذتهم، ويعرضون لمسائل من العلم والأدب والتاريخ دون الإعداد لها أو ترتيب، وإنما كانت تطرح بينهم ويدلي كل منهم بدلوه.
* لماذا لم تواصل كتابة الرواية؟
كما قلت من قبل كانت تشدني قضايا أكثر أهمية من كتابة الرواية، لذا اكتفيت برواية واحدة هي «سارة»،
* منحك الرئيس المصري جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية في الآداب، غيرك أنك رفضت تسلمها، ماذا كنت تريد أكثر من الجائزة؟
أنا أكبر من الجوائز يا بني، وأحمد الله إني انتقلت للعالم الآخر دون أن أحتاج إليها.
* كلمتك الأخيرة لأبنائك.
الإنسان كلمة، إن فقدها فقد نفسه.