عـــواصم - (وكالات): شــن المتمـــردون الحوثيون هجوماً عنيفاً على حليفهم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، معتبرين دعوته إلى سحب قواتهم من العاصمة صنعاء ومدن أخرى التزاماً بقرارات مجلس الأمن الدولي «استسلاماً» ترفضه الحركة الحوثية، ما يكشف عن تصدع جديد في معسكر المتمردين والمخلوع.
في غضون ذلك، تواصل قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن غاراتها على مواقع المتمردين وقوات صالح في عدة مدن، بينما تخوض المقاومة الشعبية معارك دامية مع الحوثيين على الأرض.
في السياق ذاته، قصفت القوات السعودية متمردين حوثيين عند قطاع الحرث، كما دمرت آلية تابعة للمتمردين محملة بالذخيرة داخل اليمن.
ودعا صالح أمس الأول الحوثيين إلى «القبول بقرارات مجلس الأمن وتنفيذها» فيما يتعلق بانسحابهم، في مقابل وقف ضربات التحالف العربي المستمرة على اليمن منذ شهر.
لكنّ الحوثيين الذين يعتبرون حلفاء إيران التي تتهم بمدهم بالسلاح وضعوا الوقف الكامل للضربات الجوية للتحالف الذي تقوده الرياض شرطاً لعودتهم إلى طاولة المفاوضات برعاية الأمم المتحدة.
واعتبر الحوثيون دعوة حليفهم المخلوع صالح إلى سحب قواتهم من العاصمة صنعاء ومدن أخرى التزاماً بقرارات مجلس الأمن الدولي «استسلاماً» ترفضه الحركة الحوثية.
وقال عضو المكتب السياسي للحركة الحوثية، محمد البخيتي، إن ما يطالب به صالح «عريضة استسلام شخص وعائلته وحزبه « المؤتمر الشعبي العام»». وكذا وصف القيادي الإعلامي في الحركة الحوثية، أسامة ساري، مناشدة صالح بأنها أشبه بدعوة الشعب اليمني لـ «الاستسلام». ويقترح صالح سحب الحوثيين قواتهم مقابل وقف الضربات الجوية. وكان مجلس الأمن الدولي قد أصدر في وقت سابق من الشهر الجاري قراراً يفرض حظراً على تسليح الحركة الحوثية وحلفائها ومن بينهم صالح.
كما طالب المجلس الحوثيين بسحب قواتهم من المناطق التي سيطروا عليها، بما في ذلك العاصمة صنعاء، وإلى التخلي عن الأسلحة التي استولوا عليها. ويرفض الحوثيون الالتزام بهذه القرارات.
وحث صالح - في دعوته مساء أمس الأول - مختلف أطراف الصراع على العودة لطاولة حوار سياسي ترعاه الأمم المتحدة بمدينة جنيف السويسرية بدلاً من الاستمرار في الاقتتال. لكن البخيتي اشترط أن يكون الحوار «يمنياً 100%» دون أي تدخل خارجي. وفي نفس الوقت نفى البخيتي أن يكون الحوثيون أطلقوا سراح وزيرالدفاع اليمني محمود الصبيحي وناصر شقيق هادي اللذين قادا مقاتلين في عدن. وقال إنهما أسيرا حرب وإنهما سيطلق سراحهما عندما يتوقف القتال. وأشارت مصادر إلى أن دعوة صالح ربما تلمح إلى تغيير مفاجئ محتمل في موقفه من الأزمة اليمنية.
ولم يتضح بعد إلى أي مدى ستنعكس دعوة صالح على دعم القوات الموالية للحوثيين في المواجهات الحالية مع أنصار هادي. من جهتها، أعربت الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها جون كيري عن أملها بإجراء الحوار.
وقال كيري «نحن بحاجة لأن يكون الحوثيون وأولئك الذين لديهم تأثير عليهم مستعدين للذهاب إلى طاولة المفاوضات».
وأضاف «نأمل أن تحمل الأيام المقبلة مزيداً من التهدئة وأن نتمكن من الوصول إلى مكان يمكن فيه إجراء مفاوضات»، في وقت تعتزم فيه الأمم المتحدة تعيين مبعوث جديد إلى اليمن خلفاً لجمال بن عمر الذي قدم استقالته الأسبوع الماضي.
ولفت الوزير الأمريكي إلى أن الأمم المتحدة عينت مبعوثاً خاصاً إلى اليمن وأن طرفي النزاع جاهزان على ما يبدو للعودة إلى طاولة الحوار.
وقال إن «الأمر الأساسي الآن هو الانطلاق وبدء المفاوضات في أسرع وقت ممكن لأن التوصل إلى حل سياسي أمر ضروري للغاية».
وشدد الوزير الأمريكي على أن مدنيين أبرياء عالقون في النزاع الدائر في اليمن وأن تخفيف معاناتهم يكتسي «أولوية قصوى».
وأضاف «نأمل أن تحمل الأيام المقبلة مزيداً من التهدئة وأن نتمكن من الوصول إلى مكان يمكن فيه إجراء مفاوضات».
وفي جنوب اليمن، قتل العشرات أمس في معارك بين المتمردين وأنصار الشرعية والرئيس عبد ربه منصور هادي، بينما استهدفت غارات التحالف العربي مواقع للمتمردين في عدن ثاني مدن البلاد، وفي محافظة لحج المحاذية.
وأعلنت الرياض الثلاثاء الماضي وقف غاراتها على اليمن، لكنها احتفظت بحق الرد على أي تحرك يقوم به المتمردون. وقال مسؤولون محليون إن العشرات لقوا مصرعهم في اليمن بمعارك نشبت في مدن جنوب البلاد بين مسلحين حوثيين وقوات موالية للرئيس عبد ربه منصور هادي.
ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية لمسؤول لم تكشف عن هويته القول، إن 4 مقاتلين موالين للرئيس هادي و6 حوثيين قُتلوا في اشتباكات في مدينة الضالع الواقعة إلى الشمال من مدينة عدن الجنوبية، وأضافت الوكالة أن 8 آخرين من الحوثيين قضوا في كمين نُصب لهم.
وفي مدينة لودر بمحافظة أبين الجنوبية، أفاد مسؤول حكومي بأن رجال المقاومة الشعبية قتلوا 9 حوثيين في هجوم بقذائف صاروخية.
وفي تعز، قالت تقارير إن قوات المقاومة الشعبية سيطرت على قصر صالح في المدينة.
وتشهد مدينة عدن اشتباكات عنيفة بين عناصر المقاومة الشعبية ومسلحي الحوثي، بينما تواصل المقاتلات السعودية قصف مواقع الحوثيين الذين واصلوا تحركاتهم العسكرية رغم إعلان قيادة التحالف العربي الثلاثاء الماضي عن توقف عملية عاصفة الحزم وبدء عملية إعادة الأمل.
وأفاد مصادر بأن طائرات التحالف العربي شنت غارات على مواقع لمسلحي جماعة الحوثي وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في عدن، وعلى ألوية الصواريخ ومخازن الذخيرة في منطقة جبل عطان بصنعاء.
كما استهدف القصف القصر الرئاسي بعدن ومنطقة حقات المؤدية إليه، حيث تصاعدت أعمدة الدخان بشكل كثيف من الجبال القريبة من القصر الذي يسيطر عليه المتمردون.
وفي محافظة لحج، قصفت طائرات التحالف العربي قاعدة العند العسكرية التي كان يتمركز فيها عسكريون أمريكيون قبل إجلائهم بسبب النزاع وسيطرة الحوثيين عليها.
وقال ضباط وشهود عيان إن معارك وقعت في محافظة مأرب. وتشهد مدينة صرواح خصوصاً معارك عنيفة، لكن لم تتوفر أي حصيلة لهذه المواجهات.
واستهدفت طائرات التحالف مواقع للحوثيين وقوات صالح في عدن بعد 4 غارات شنتها على مواقع تابعة للحوثيين في منطقة المعاشيق بحي كريتر في مدينة عدن.
وفي العاصمة صنعاء، قال السكان إن قوات التحالف العربي شنت غارات على مخازن أسلحة ألوية الصواريخ في منطقة فج عطان غرب العاصمة، حيث سمع دوي انفجارات ناجمة عن القصف مع اندلاع النيران وتصاعد أعمدة الدخان.
وتعتبر مخازن ألوية الصواريخ التابعة لقوات الجيش والمسيطر عليها من قبل الحوثيين في صنعاء، من أكثر المواقع العسكرية التي قصفتها قوات التحالف في اليمن منذ بداية عملياتها قبل قرابة شهر من الآن.
في هذه الأثناء، كشفت المقاومة الشعبية في عدن عن تأسيس غرفة عمليات مشتركة للتواصل مع قوات التحالف خلال المرحلة المقبلة، والتنسيق معها على الأرض في ضرب الأهداف ومواقع تجمع مليشيات الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح. ونقلت صحيفة «الشرق الأوسط» عن المقاومة الشعبية القول إن غرفة العمليات المشتركة بدأت أعمالها أمس الأول.
ونجح التنسيق المشترك في السيطرة على بوابة المعاشيق التي كانت تحت قبضة مدرعات ودبابات الحوثيين.
من ناحية أخرى، يرفع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تقريره إلى مجلس الأمن غدا الاثنين، حول التزام الحوثيين وعلي عبدالله صالح ببنود القرار الأممي 2216.
وانتهت ليل الجمعة الماضي مهلة مجلس الأمن الدولي للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، كي يقدم تقريره عن التزام الأطراف اليمنية بالقرارِ 2216 الصادر عن مجلس الأمن، وعن امتثال الحوثيين للقرار الذي يطالبهم بالانسحاب من جميع المناطق التي استولوا عليها، وتسليم السلطة من دون قيد أو شرط.
وبان كي مون مطالب بتقرير مفصل، يقدمه إلى مجلس الأمن غداً، يوثق فيه خطوات تنفيذ بنود القرار، والإجراءات التي يمكن أن تتخذ ضد الحوثيين وصالح، مع احتمال وضع المزيد من الأسماء على لائحة العقوبات، أو استعمال القوة لتنفيذ قرار مجلس الأمن، طالما أنه متخذ تحت البند السابع.
ونقلت صحيفة «الشرق الأوسط» عن السفيرة دينا قعوار، مندوبة المملكة الأردنية الهاشمية لدى الأمم المتحدة، التي ترأس بلادها الدورة الحالي لمجلس الأمن، قولها «تقرر عقد جلسة غداً لمراجعة الموقف من أزمة اليمن، ومناقشة التقرير الذي يتقدم به الأمين العام للأمم المتحدة حول مدى التزام كل الأطراف في اليمن بقرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي يطالبهم بالانسحاب الفوري من المناطق التي استولوا عليها، وتسليم أسلحتهم والدخول في مفاوضات للتوصل إلى حل سلمي».
وتحفظت قعوار عن الإفصاح عن الإجراءات التي يتخذها المجلس في حال عدم تنفيذ الحوثيين للقرار الأممي، علماً بأن التقارير الميدانية تفيد بعدم امتثال ميليشيا الحوثي وصالح لمقررات مجلس الأمن، واستمرارها في تهديد الأمن اليمني.
من جانب آخر، من المقرر أن يعين مجلس الأمن الدبلوماسي الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد مبعوثاً خاصاً إلى اليمن، في الجلسة، خلفاً للمبعوث المستقيل جمال بن عمر، بعدما أبلغ كي مون أعضاء المجلس بقراره هذا، مؤكداً أن المبعوث الخاص الجديد لليمن سيعزز دوره في القيام بمساع حميدة لإتاحة استئناف لعملية انتقال سياسي سلمية وشاملة ومنظمة تفي بالمطالب الشرعية وطموحات الشعب اليمني.