عدن - (الجزيرة نت): عاد النازح بمحافظة عدن اليمنية فؤاد عبده علي الخميس الماضي لليوم الرابع على التوالي بخفي حنين، من رحلة بحث عن دقيق الخبز، الذي اختفى ضمن قائمة طويلة من المواد الغذائية في الأسواق، بسبب استمرار الحصار والمعارك، التي بدأت نتائجها، تشي بملامح كارثة إنسانية تدق أجراس الخطر في المدينة، تزيد معاناة أهلها الذين يشكون غياب الخبز وانقطاع مياه الشرب، فضلا عن معاناة المستشفيات بسبب ارتفاع عدد ضحايا المواجهات ووصول حالات مرضية أخرى إليها.
ويعد فؤاد -النازح عند أقاربه منذ أسبوعين مع عائلته العاجزة عن العودة إلى منزلها في منطقة كريتر عدن- نموذجاً لمأساة مئات العائلات التي فرت من مناطق المواجهات المسلحة، بين المقاومة الشعبية من جهة ومسلحي جماعة الحوثي وقوات موالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح من جهة أخرى.
يقول فؤاد إن كثيراً من العائلات التي فرت من جحيم المعارك في المناطق الساخنة إلى منازل ذويهم في مناطق أخرى بعدن أقل سخونة، حالها في المعاناة لم يتغير كثيراً، بعد اتساع المواجهات واختفاء المواد الغذائية من الأسواق، إضافة إلى تعطل حركة النقل جراء توقف محطات الوقود.
وأضاف «في حال طال أمد هذه الأزمة فنحن أمام خيارين، إما الموت برصاص القناصة وشظايا القذائف التي تطلق بشكل عشوائي على الأحياء السكنية ولا تفرق بين المدنيين والمقاتلين، أو الموت من معاناة البحث عن الخبز وماء الشرب».
وتشهد مدينة عدن اشتباكات منذ 3 أسابيع، أسفرت -بحسب مدير مكتب الصحة والسكان بعدن الخضر ناصر لصور- عن سقوط 334 قتيلاً و2224 مصاباً، مؤكداً أن هذه الإحصائيات لا تشمل الأشخاص الذين لا يصلون إلى المستشفيات.
وأشار إلى أن مدينة عدن تعيش وضعاً إنسانياً كارثياً مع ارتفاع عدد ضحايا المواجهات ووصول حالات مرضية أخرى إلى مستشفيات المدينة خلال اليومين الماضية.
وأضاف «أصبحت الحالة الإنسانية بعدن مأساوية نظراً لتزايد أعداد النازحين وعدم تمكن حالات الأمراض المزمنة من تلقي الرعاية الصحية بسبب انقطاع حركة المواصلات والتنقل بين المناطق، إما بسبب انعدام البنزين في محطات الوقود أو الحصار والخوف من الاشتباكات، التي راح ضحيتها عدد من المدنيين.
وأشار رئيس المؤسسة الطبية الميدانية في عدن مهيب عوض عباد إلى أن «الأوضاع الإنسانية في المدينة تخطت الكارثة بمراحل، بسبب الحصار الذي تفرضه الميليشيات المسلحة في مناطق الصراع، من خلال استهداف سيارات الإسعاف والطواقم الطبية».
وقال إن المستشفيات تكتظ بأعداد كبيرة من المصابين، بينهم أعداد كبيرة من الأطفال والنساء، لا يمكن علاج بعضهم بسبب ضعف الإمكانيات داخل أقسام العناية المركزة وشح الكوادر الطبية والممرضين، وهم بحاجة ماسة للعلاج في الخارج.
وأضاف «في أحيان كثيرة نضطر لعملية فرز بحسب الإمكانيات المتاحة، وهناك العديد من الحالات شبه المستقرة وأخرى تخطت مرحلة الخطر نضطر إلى إخراجها لاستقبال حالات جديدة لخلق أماكن شاغرة للجرحى الوافدين في غرف العمليات والطوارئ».
من جهته أعرب المسؤول الإعلامي والناطق الرسمي في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مجيب حسن عن أسفه لعدم تمكن المفوضية من العمل في عدن أو غيرها من المناطق الساخنة، وعزا ذلك إلى مغادرة فرق المفوضية الدولية اليمن بسبب العملية العسكرية الواسعة في البلاد.
وتابع «نحاول حالياً تقييم الوضع بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني المحلية التي زودتنا بإحصائيات لعدد النازحين، للبدء بتقديم الممكن المتاح».
وبشأن عدد هؤلاء النازحين، أكد أن الإحصائيات -المقدمة من أكثر من منظمة- متفاوتة، وأضاف «لا يوجد لدينا حتى الآن رقم محدد يمكن الجزم به، لكن وبلاشك هو عدد مهول وبعشرات الآلاف، ويحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة، نسعى لتقديمها في أقرب وقت».