كتب - حذيفة إبراهيم
أظهر إحصاء مقارن أعدته «الوطن» حول نصيب دول بالمنطقة من تقارير منظمات حقوقية، تقدم دولة مثل البحرين على دول تشهد نزاعات وحروب وعمليات إبادة جماعية، إذ وجهت منظمات تقاريرها باتجاه البحرين 150 مرة، فيما تناولت سوريا التي تشهد حرباً يشنها النظام على الشعب أودت بحياة نحو 210 آلاف شخص حتى فبراير الماضي في 72 مرة، وإيران التي نفذت 743 إعداماً بـ2014 في 50 تقريراً، مقابل 120 تقريراً للعراق، واليمن في 54 تقريراً.
وخلال الـ4 أشهر الأخيرة أصدرت 4 منظمات حقوقية 35 تقريراً لانتقاد الوضع الحقوقي في المملكة، فيما كان نصيب سوريا 20 تقريراً، بينما اقتصر ذكر إيران، التي نفذت مئات أحكام الإعدام وتلاحق آلاف المعارضين، على 19 تقريراً.
ومع تعرض البحرين منذ بداية العام الحالي إلى أكثر من 35 تقريراً من 4 منظمات تكون حصتها حوالي تقرير لكل 3 أيام، فيما لم يحصل بلد مثل سوريا رغم كل الانتهاكات التي تحصل به إلا على 20 تقريراً فقط منذ بداية العام.
أما إيران، فلم يتم ذكرها في تقارير المنظمات الحقوقية إلا 19 مرة منذ بداية إعلام، وتغاضت العديد من الجهات عن ذكر إيران في كل ما يخص الانتهاكات الموجودة هناك، فيما لم ينتقد العراق سوى 31 تقريراً منذ بداية العام الحالي.
وفيما يخص الانتهاكات الحاصلة في اليمن، فقد جمعتها تلك المنظمات في 39 تقريراً منذ بداية العام الحالي وحتى الآن.
الأكثر عدائيةً
وتقدمت منظمة هيومن رايتس فيرست قائمة المنظمات الأكثر عدائية تجاه البحرين، تلتها منظمة هيومن رايتس ووتش، ثم منظمة العفو الدولية، ومنظمة مراسلون بلا حدود.
ولم تستطع أعين منظمتي «هيومن رايتس فيرست» و«مراسلون بلا حدود» رصد أي انتهاك حدث في إيران منذ العام 2013، إذ لم تصدر هاتان المنظمتان أي تقارير عن انتهاكات في إيران منذ عامين، رغم إعدام إيران في عام 2014 وحده 743 شخصاً اعترف نظام طهران بـ289 منهم، بينما كان ينتظر حينها 81 آخرين نفس المصير.
أما منظمة العفو الدولية، جعلت البحرين في المرتبة الثانية، بعد سوريا في إجمالي عدد التقارير منذ عامين وحتى الآن، إذ وجهت نحو سوريا حوالي 173 تقريراً، مقابل 108 للبحرين، و80 للعراق و 77 ضد إيران، و15 تقريراً تجاه اليمن.
وتصدرت أخبار البحرين صفحات المواقع الإلكترونية للمنظمات الحقوقية، من خلال تحديث صفحاتها بأحدث التقارير عن البحرين خلال أيام من صدورها، مقابل غياب أخبار دول عدة مثل إيران والعراق عن الصفحات الأولى، لمواقع تلك المنظمات.
الدفاع عن محكومين
وأظهر رصد «الوطن» أن معظم تقارير المنظمات «الحقوقية» فيما يتعلق بالبحرين كانت تصب في صالح أشخاص محكومين أو قيد التحقيق معهم كنبيل رجب أو علي سلمان، فضلاً عن عبدالهادي الخواجة، فيما تأتى الرصد عن كشف تبني المنظمات لأي شائعات ونشرها على أنها أخبار حقيقية.
وتشابهت الموضوعات المنشورة بعناوينها، مع اختلاف أيام نشرها، إذ تم استخدام المصطلحات والروايات ذاتها، دون تغييرات تذكر، إذ استحوذت موضوعات «التأليب ضد الفورملا» ومحاكمة علي سلمان، ومحاكمة نبيل رجب على مساحات واسعة من الصفحات الأولى لمواقع تلك المنظمات.
تشابه المصطلحات
ووشى الرصد بأن منهل جميع التقارير التي تصدرها المنظمات الحقوقية واحد، إذ تستخدم المصطلحات ذاتها، رغم أنها ليس في موقعها، إذ تصف أحداث فبراير 2011، بإنها «انتفاضة شعبية»، مقتبسة من بيانات جمعية الوفاق، وغيرها من الجمعيات التابعة لها.
وتستخدم تلك المنظمات مصطلح «الاختفاء القسري» لتصف فيها حالة إلقاء القبض بأمر من النيابة على متهم لمحاكمته، إضافة لاستخدام مصطلح «طعن في حرية التعبير»، بل وذهبت بعضها إلى ذكر كلمة «شهداء» في تقاريرها لتوصيف حالات وفيات طبيعية ادعت جهات معارضة بالبحرين أنها قضت جراء تعامل أمني معها.
رأي دون آخر
وأظهر رصد «الوطن» لمنظمات حقوق الإنسان وجود تجاهل تام للرأي الآخر، ورأي السلطات الرسمية في البحرين في التقارير أو الأخبار المذكورة والمنشورة على موقعها، والتي حرصت المنظمة على وجودها في تقاريرها حول بقية البلدان حتى ولو بسطر واحد.
وتجاهلت المنظمات جميعها لائحة الاتهام ضد علي سلمان في تقاريرها المكتوبة دعماً له، فضلاً عن تجاهلها بالسماح للمنظمات نفسها في حضور محاكمته، ونفيه ادعاءات التعذيب الذين حاولوا تأكيدها.
ولم تأتِ تلك المنظمات على ذكر كل ما يخص الاعتداءآت الحاصلة ضد الشرطة في البحرين، إذ كل ما كتبته هو عن استخدام العنف ضد المتظاهرين، دون أن تأتي على ذكر عدم ترخيص تلك المظاهرات، فيما أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً دعت فيه إلى عدم استخدام البحرين للرصاص الحي، رغم أن رجال الشرطة لم يستخدموا تلك الأسلحة في صد المخربين والاعتداءات الحاصلة ضدهم باعتراف دولي.
ونشرت المنظمات «دعوات» لمساندة عبدالهادي خواجة ونبيل رجب كونهما «مقطوعين في السجن» ولا يمكن التواصل معهما، وفي التقارير ذاتها، أتت على ذكر رسائل تخص الخواجة ورجب أصدراها من سجن جو حيث يقضون عقوباتهما.
وفيما يخص حادثة أعمال الشغب التي شهدها سجن جو، تجاهلت منظمات حقوق الإنسان وجود أعمال شغب وتخريب وإصابات متوسطة وبالغة لعدد من رجال الشرطة بسبب الاعتداءات التي حصلت في السجن من قبل المحكومين على رجال الأمن، كما ولم تأتِ على ذكر الانتهاكات والخروقات الحاصلة من قبل المحكومين.
وذكرت تلك المنظمات فقط الإيقاف المؤقت للزيارات، والذي لم يستمر إلا لفترة بسيطة، وأصدرت حوله منظمة العفو الدولية تقريرين، دون أن تأتي على ذكر أي أحداث أخرى.
المنظمات والفورمولا ومعرض الطيران
وأظهر رصد «الوطن» لمواقع تلك المنظمات، تكثيفها لنشاطها قبل الأحداث المميزة التي تنظمها، إذ كثف من نشاطها وأصدرت مجتمعة أكثر من 10 تقارير منذ بداية أبريل العام الحالي، مع اقتراب موعد سباق الفورملا 1، وهو الأمر عينه الذي تدأب عليه جهات معارضة بالمملكة.
ومن المفارقات، أن منظمة العفو الدولية، نشرت تقريراً متهكماً حول 5 أمور يجب على الزائر للبحرين عدم المساس بها وإلا تعرض للاعتقال، ومنها «الإساءة للبحرين أو رموزها، أو تمجيد المعارضة، أو عدم التعاون مع قوات الشرطة»، وراحت تحذر من ما أسمته «عمليات التعذيب في السجون»، وانتقدت منع التظاهر في العاصمة، رغم أن زوار الفورملا قادمون لمتابعة السباق وليس للتظاهر.
التقرير ذاته، نشرته منظمة «هيومن رايتس فيرست» باللغة الإنجليزية، قبل 6 أيام من رش منظمة العفو الدولية له، إلا أنه لم يأتِ على ذكر منع التظاهر في العاصمة، والذي يبدو أن كاتب التقرير غفله في الأول وتذكره في الثاني. الأمر ذاته، والتقارير ذاتها، أصدرتها تلك المنظمات قبل موعد معرض البحرين للطيران، إذ حذرت من ما أسمته «تعذيب السلطات، وقمع حريات الرأي» وغيرها من الأمور التي لا تعني الزائر للبحرين أثناء وجوده لحضور احتفال رياضي أو معرض تخصصي.
نشر بيانات تعزيزية
وبالرغم من كون مهمة تلك المنظمات مراقبة حقوق الإنسان، إلا أن المهمة قد تبدو مختلفة في البحرين، وتقتصر على نشر بيانات الجمعيات المعارضة فقط دون غيرها، فلم تنشر تلك الجمعيات إي بيانات “تعزيزية” أو تشجيعية أو تحريضية إلا في البحرين، ومن بينها «لازالت مريم الخواجة قوية العزيمة حتى بعد صدور حكم غيابي ضدها»، وأخرى مثل «علي سلمان قوي العزيمة» وغيرها من البيانات الأخرى، التي لم تنشر لها مثيلاً في دول أخرى.