أكد وكيل الزراعة والثروة البحرية بوزارة الأشغال وشؤون البلديات الشيخ خليفة بن عيسى آل خليفة أن قرار الوقف النهائي لصيد الروبيان في حالة الضرورة هو إعلاء للمصلحة العليا للبلاد وحماية الثروات البحرية، موضحاً أن شباك الجر القاعي المعروفة بـ»الكوفة» أدت إلى صيد كميات كبيرة من الأسماك الصغيرة تصل نسبتها إلى 70% من حجم صيد الروبيان.
وقال الشيخ خليفة بن عيسى آل خليفة، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء البحرين (بنا)، إن قرار تمديد فترة حظر صيد الروبيان يصب في صالح البيئة البحرية، خاصة وأن عملية الصيد تكون عن طريق المسح القاعي الذي يتسبب في تدمير البيئة البحرية وقتل الشعب المرجانية والنباتات البحرية، مشيراً إلى أن العمالة الأجنبية العاملة في المياه الإقليمية للبحرين أحد أهم عوامل تدمير البيئة البحرية، إذ إنها تزيد عن 10 آلاف شخص.
وأشاد الشيخ خليفة بن عيسى آل خليفة بتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء وسياسته الحكيمة بتنمية ودعم قطاع الصيد وتحقيق التنمية المستدامة لهذه الثروات والحفاظ عليها، من خلال قراراته الحكيمة بتعديل أوضاع الصيادين، والحد من زيادة الرخص، وتوجيهاته الدائمة لمكافحة الصيد الجائر.
وكشف عن أن تحجيم طرق الصيد وتقنين استغلال ثروات الروبيان يسهم في إيجاد بعض الحلول الجذرية لظاهرة الصيد (المفرط والعَرَضي) الذي يتسبب في تجريف قاعي للبيئة البحرية وتحويلها من بيئة منتجة بالتنوع البيولوجي الحيوي إلى بيئة صحراوية خالية من الحياة بسبب الانتهاك الصارخ لتكاثرها وتعايشها ونموها، معتبراً أن هذا هو الباعث وراء مد فترة حظر صيد الروبيان.
وقال إن قرار تمديد فترة حظر صيد الروبيان من شأنه تحقيق التنمية المستدامة للثروات البحرية ومنحها وقت كاف لاسترجاع تنوعها البيولوجي وزيادة خصوبتها التي تأثرت بطريقة صيد الروبيان بواسطة شباك الجر القاعي والمعروفة بـ»الكوفة» والتي أدت إلى صيد كميات كبيرة من الأسماك الصغيرة تصل نسبتها إلى 70% من حجم صيد الروبيان وهو ما يعد إهداراً للثروة القومية وسلباً لحق الأجيال القادمة في الحفاظ على الموارد الطبيعية للبلاد.
وأوضح وكيل الزراعة والثروة البحرية أن عوامل الافتراس الطبيعي والخصوصيات البيولوجية للروبيان الذي لا تتجاوز دورة حياته السنة الواحدة ساهمت أيضاً في ضعف مخزون الروبيان بشكل كبير، وذلك في ظل استمرار الصيد بشباك الجر القاعي غير الانتقائية داخل مناطق الصيد التقليدية للروبيان وهي المناطق الحاضنة لصغار الأسماك ذات القيمة الاقتصادية العالية مما يضرّ بالمخزون السمكي والبيئة البحرية.
وأضاف أن الثروة السمكية خاصة والبيئة البحرية عامة واجهت تحديات عدة في الآونة الأخيرة أثرت سلباً على المخزون السمكي وقلة الشعب المرجانية، كمحدودية المساحة الجغرافية البحرية وتزايد عدد السكان وتراجع عملية المد والجزر، وكذلك الممارسات الخاطئة لطرق الصيد والتي تسببت في حالات نفوق للعديد من الحيوانات والثدييات البحرية وأدت إلى تراجع مستمر في الإنتاجية.
وتابع وكيل الزراعة والثروة البحرية أن الثروة السمكية إحدى أهم مكونات البيئة البحرية وأهم مصادرها الطبيعية التي استغلها الإنسان كمصدر للطعام، لافتاً إلى أن الثروة السمكية تأثرت بأمرين هما العوامل الطبيعية، ونشاط الإنسان، وفي حين أن العوامل الطبيعية أمر لا يمكن التحكم فيه أو السيطرة عليه، لكن أثر الإنسان المتمثل في صيد الأسماك هو عملية يمكن ضبطها، بل يلزم القيام بها، وذلك ليكون استغلال الثروة السمكية استغلالاً رشيداً وليس جائراً.
وشدد الوكيل على أنه يجب التفرقة بين نوعين من الصيد، هما: الرشيد، والجائر، مشيراً إلى أن الأول هو اصطياد كميات الأسماك التي تعتبر نمواً في المخزون السمكي (الكميات الزائدة عن حاجة المخزون) بطريقة ملائمة لا تحدث آثاراً سلبية على البيئة البحرية، مع العمل على الإبقاء على الرصيد السمكي اللازم لتجديد المخزون بحالة سليمة وكافية للقيام بالتكاثر العام المقبل.
وأضاف «أما الصيد الجائر فهو زيادة قدرات الصيد الموجهة نحو استغلال المخزون السمكي بشكل أكبر من تلك القدرة اللازمة لصيد الكميات الزائدة من المخزون مما يترتب عليه في المستقبل تناقص أعداد الأسماك بشكل يؤثر سلباً على قدرته على تجديد نفسه طبيعياً، وهو نوعان، نوع يهدد الأسماك الكبيرة ويؤثر على قدرة المخزون على التكاثر، ويقلل أعداد البيض التي تطرح سنوياً. والنوع الآخر يتركز فيه الصيد على أحجام الأسماك الصغيرة التي لم يكتمل نموها بعد مما يعد خسارة كبيرة للإنتاجية الطبيعية».
وتطرق إلى تقرير منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» بشأن أضرار صيد الروبيان (بشباك الجر القاعية) على البيئة البحرية، ووصفها لعمليات صيده بالخطيرة على البيئة والاقتصاد في البلدان العشر المشمولة بالدراسة، وكانت من بينهم دولة الكويت الشقيقة، حيث حذر التقرير من عمليات صيد الروبيان بطريقة عشوائية غير منظمة لتسببها في تغير الشكل الطبيعي لقاع البحر وجرفه، وكذلك ردم النباتات البحرية وقتلها، فضلاً عما تؤدي إليه عمليات الصيد من تعكير لمياه البحر بما يؤثر على حجم الإضاءة بالنسبة للكائنات الطبيعية.
وبين أن «الفاو» أكدت في تقريرها على أن صيد «الروبيان» يرتبط تقليدياً بالصيد الجائر، واصطياد صغار الأنواع ذات الأهمية البيئية والاقتصادية، وكذلك الإساءة إلى مناطق البيئة الساحلية، وممارسات الصيد القاعي بشباك الجر غير الشرعية، وتدمير طبقة الأعشاب القاعية البحرية، والصراعات بين مصايد الأسماك الحرفية والصناعية، مشيراً إلى أن من ضمن الحلول المطروحة من قبل المنظمة من أجل ضمان مستقبل آمن لثروات الروبيان البحرية هو تقنين طاقات صيد الروبيان ورفع فعالية الجهات المعنية، إلى جانب سن القواعد والتشريعات اللازمة في هذا الشأن. وأشار وكيل الزراعة والثروة البحرية إلى قيام دول مجلس التعاون الخليجي الثلاث (الإمارات وقطر وعمان) بوقف صيد الروبيان نهائياً حفاظاً على ثرواتها البحرية وضمان استدامة الثروة السمكية، وشدد على أن قرار الوقف النهائي لصيد الروبيان في حالة الضرورة هو إعلاء للمصلحة العليا للبلاد وحفاظاً على مواردها الطبيعية كحق أصيل للأجيال القادمة ولعل ما قامت به الدول الخليجية الثلاث مثال يحتذى به.
وأوضح أن العمالة الأجنبية العاملة في المياه الإقليمية لمملكة البحرين أحد أهم عوامل تدمير البيئة البحرية، حيث إنها تزيد عن عشرة آلاف شخص، وذلك لاهتمامها بزيادة إنتاجية الصيد، وإن كان على حساب تدمير الثروة السمكية والبحرية في المملكة، مطالباً جميع الصيادين الوطنيين مراعاة وضع البيئة البحرية وأن يحرصوا عليها.
970x90
970x90