عواصم - (وكالات): كثف التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية غاراته الجوية على مواقع المتمردين الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح في عدة مدن خاصة في مأرب، وعدن، وتعز، ولحج، وابين في الجنوب، في الوقت الذي تدور فيه معارك عنيفة بين قوات المقاومة الشعبية الموالية لشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي والمتمردين في مدن عدة، أبرزها عدن جنوباً، حيث أسفرت المعارك عن سيطرة مقاتلي المقاومة الشعبية على أجزاء واسعة من مطار عدن. في موازاة ذلك، أعلن قائد البحرية الإيرانية حبيب الله سياري أن مدمرتين إيرانيتين أرسلتا إلى خليج عدن لحماية السفن التجارية وهما متمركزتان حالياً عند مدخل مضيق باب المندب الاستراتيجي بين اليمن وجيبوتي.
وهزت ضربات جوية نفذها التحالف العربي ونيران المدفعية مدينة عدن جنوب اليمن بينما خاض مقاتلون اشتباكات للسيطرة على المطار الرئيس في معارك وصفها سكان بأنها الأسوأ خلال الحرب التي بدأت قبل أكثر من شهر.
وتبادل المقاتلون الحوثيون المتحالفون مع إيران ومقاتلو فصائل محلية إطلاق نيران المدفعية وقذائف المورتر في حي خور مكسر بمحيط المطار وقصفت طائرات التحالف الذي تقوده السعودية مواقع للحوثيين.
وقال الناشط أحمد العوجري «المشهد كارثي، ليس فقط في الشوارع حيث يدور القتال لكن داخل البيوت حيث الأسر محاصرة ومروعة». وأضاف «نساء وأطفال يحترقون في بيوتهم ومدنيون يصابون في الشوارع بالرصاص أو بنيران الدبابات». وقال نائب الرئيس اليمني المقيم في الخارج خالد بحاج إن انقسام جيش اليمن خلال الصراع يساعد تنظيم القاعدة التي لا تلقى أي مواجهة من الحوثيين.
وقال في تصريحات لقناة الجزيرة الفضائية إن الحوثيين يحاربون شعب اليمن لا القاعدة مشيراً إلى أن التنظيم تقدم واستولى على بعض المواقع في اليمن بسبب الفراغ الأمني والعسكري. وأشارت مصادر مؤيدة للرئيس هادي المعترف به دولياً إلى أن مقاتلات قصفت مواقع للحوثيين في خور مكسر ودار سعد في عدن جنوباً ما ساعد المقاتلين للموالين لهادي في استعادة السيطرة على بعض القطاعات. وكان مدير الصحة في عدن الخضر لصور أعلن أن 8 أشخاص قتلوا في مواجهات في المدينة هم 5 مقاتلين من أنصار هادي و3 مدنيين.
وكان الحوثيون الذين تدعمهم وحدات من الجيش لاتزال موالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح والمتهمون بتلقي دعم من إيران حققوا تقدماً في الأيام الأخيرة في عدن أمام المقاتلين المناهضين لهم والمنضوين تحت لواء «المقاومة الشعبية».
وأشارت مصادر في «المقاومة الشعبية» إلى أن مواقع المتمردين تعرضت لغارات جوية في محافظتي لحج وابين في الجنوب. وسيطر مقاتلو المقاومة الشعبية على أجزاء واسعة من مطار عدن بعد معارك عنيفة، بينما قصف طيران التحالف كتيبة للدفاع الجوي في مأرب، التي نفى محافظها تقدم الحوثيين هناك. وأفادت مصادر بأن 13 مسلحاً حوثياً قتلوا في المعارك العنيفة التي دارت داخل مطار عدن بين المقاومة الشعبية من جهة، ومسلحي الحوثي وقوات تابعة للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح من جهة أخرى.
وأضاف أن المقاومة تطبق الحصار على الحوثيين المتمركزين داخل المطار بعد ساعات من القتال تخللها قصف لطائرات التحالف في مناطق مختلفة.
وقبل اندلاع القتال حول المطار الذي يقع في الجهة الشمالية الشرقية للمدينة، اقتحم مسلحون موالون للحوثيين منازل في منطقة خور مكسر الواقعة وسط عدن، واعتقلوا داخلها رجالاً بشبهة الانتماء للمقاومة.
وقال شهود إن المسلحين أخرجوا إثر ذلك عدداً ممن تم اعتقالهم، وأطلقوا عليهم الرصاص في الشارع. ووفقاً لمصادر أمنية، فإن القوات الموالية للحوثيين سيطرت في خور مكسر على منطقة تمتد من القنصلية الروسية حتى منطقة كريتر المجاورة.
يأتي ذلك في وقت شن فيه طيران التحالف الذي تقوده السعودية غارات على مواقع للحوثيين وحلفائهم في عدة محافظات يمنية في الساعات الماضية.
وقالت مصادر عسكرية وشهود إن طائرات التحالف أغارت على معسكرات وتجمعات لقوات جماعة الحوثي وصالح في مأرب شرقاً، وصعدة وحجة شمالاً، وإب، وسط البلاد، وعدن وتعز وأبين جنوباً. ونقلت وكالة الأناضول عن شهود عيان قولهم إن التحالف شن 5 غارات على كتيبة للدفاع الجوي جنوب حقل صافر النفطي في مأرب، وإن الغارات استهدفت منصات لإطلاق الصواريخ، وأدت إلى تدميرها وإعطاب الصواريخ. من جهة أخرى قال محافظ مأرب سلطان العرادة إن الحوثيين لم يتقدموا في المحافظة، وإنهم «يكذبون عندما يقولون إنهم أحرزوا تقدماً في مكان ما».
وأفادت مصادر بأن طيران التحالف قصف أيضاً محور عتق العسكري في محافظة شبوة جنوب البلاد. كما أفادت تقارير بأن غارة استهدفت معسكراً للقوات المتمردة على الرئيس عبد ربه منصور هادي في فج عطان بصنعاء.
ويسعى التحالف من خلال الغارات الجوية إلى ضرب خطوط إمداد الحوثيين وحلفائهم، والتمكين للمقاومة الشعبية التي تشتبك معهم في جل محافظات جنوب ووسط البلاد.
وأوقف التحالف قبل أسبوع تقريباً عملية عاصفة الحزم - التي بدأت يوم 26 مارس الماضي- واستبدل مكانها عملية «إعادة الأمل». وفي مدينة تعز، تعرض المجمع القضائي لقصف بقذيفة مدفعية من قبل جماعة الحوثي والقوات الموالية لصالح المتمركزة في معسكر الأمن المركزي.
وقد تمكنت المقاومة الشعبية من الاستيلاء على تبة الزنقل المطلة على شارع الأربعين إثر مواجهات مع جماعة الحوثي وقوات صالح. وفي الضالع، قالت مصادر محلية إن مسلحي الحوثي قصفوا مباني في المدينة بشكل عشوائي، مما تسبب في احتراق محال تجارية ومنازل.
وكان التحالف العربي أعلن في 21 أبريل الماضي انتهاء عملية «عاصفة الحزم» وبدء مرحلة ذات طابع سياسي تحت مسمى «إعادة الأمل»، إلا أن الضربات الجوية مستمرة، وكذلك المواجهات على الأرض.
وفي تطور آخر، أعلن قائد البحرية الإيرانية الأميرال حبيب الله سياري أن مدمرتين إيرانيتين أرسلتا إلى خليج عدن لحماية السفن التجارية متمركزتان حالياً عند مدخل مضيق باب المندب الاستراتيجي بين اليمن وجيبوتي.
وأوضح سياري «نحن موجودون الآن في خليج عدن وتقوم المدمرتان البرز وبوشهر بدوريات تحديداً عند مدخل باب المندب»، بحسب ما نقلت عنه وكالة ارنا الرسمية.
وأضاف «نحن في خليج عدن بموجب القوانين الدولية من أجل حماية السفن التجارية لبلادنا من تهديد القراصنة».
ويعبر نحو 4 ملايين برميل من النفط يومياً المضيق باتجاه قناة السويس شمالاً أو خط أنابيب سوميد للنفط.
وكان مسؤول أمريكي أعلن الأسبوع الماضي أن حاملة طائرات وسفينة مزودة بقاذفة صواريخ أمريكية غادرتا المياه قبالة سواحل اليمن بعد عودة سفينتين إيرانيتين تشتبه واشنطن بأنهما تنقلان أسلحة إلى المتمردين الحوثيين في اليمن. لكن سياري قال إن «المعلومات التي أشارت إلى تلقي السفن الإيرانية تحذيرات غادرت على إثرها المنطقة ليست صحيحة»، موضحاً أن السفن الحربية الإيرانية «لن تدخل المياه الإقليمية لدول أخرى»، في إشارة إلى اليمن. وأضاف أن «المدمرتين ستظلان في المنطقة حتى 22 يونيو المقبل على أن تحل محلهما سفن أخرى».
ومازالت 7 سفن حربية أمريكية متمركزة على مقربة من اليمن. وتنشر البحرية الإيرانية منذ سنوات سفناً حربية في خليج عدن والمحيط الهندي.
وفي طهران، استدعي القائم بالأعمال السعودي إلى وزارة الخارجية الإيرانية التي «احتجت بشدة» على تدخل طائرات سعودية لمنع طائرة إيرانية محملة بالمساعدات الإنسانية من الهبوط في صنعاء. وقصفت طائرات للتحالف مدرجاً في مطار صنعاء الذي يسيطر عليه المتمردون لمنع الطائرة من الهبوط. وهذه هي المرة الرابعة في شهر يتم فيها استدعاء القائم بالأعمال السعودي بسبب قضايا مختلفة، ما يؤكد التوتر المتزايد بين طهران والرياض.
سياسياً، اشترطت دول مجلس التعاون الخليجي أمس أن تنظم أي مفاوضات محتملة لتسوية النزاع في اليمن في الرياض وتحت إشراف مجلس التعاون الخليجي، رافضة عملياً دعوات طهران لتنظيم مباحثات دولية خارج السعودية. وفي الجانب الإيراني يختلف الموقف تماماً حيث تعتبر طهران أن المباحثات المحتملة يجب أن تجري في مكان غير منخرط في النزاع، كما أكد مجدداً وزير الخارجية الإيراني محمد ظريف الذي استبعد أيضاً إمكانية تنظيم مفاوضات في الإمارات. كما اعتبر ظريف أن مثل هذه المفاوضات يجب أن تكون برعاية الأمم المتحدة. وأسفر النزاع الدائر في اليمن منذ منتصف مارس الماضي عن مقتل أكثر من ألف شخص، وفق الأمم المتحدة التي عينت مؤخراً مبعوثاً جديداً لها إلى اليمن هو الموريتاني إسماعيل ولد شيخ أحمد. وتأمل الأمم المتحدة في استئناف الحوار بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل بعدما فشلت جهود المبعوث السابق المغربي جمال بن عمر، في الوقت الذي ينقسم فيه طرفا النزاع حتى بشأن مكان لقاء محتمل.