كتب ـ عبدالرحمن صالح الدوسري:
ورد أول ذكر للبلدية في البحرين برسالة موجهة من المعتمد السياسي البريطاني في بوشهر، إلى وزير الدولة البريطاني لشؤون المستعمرات ونستون تشرتشل بتاريخ 19 أغسطس 1921.
وتكون أول مجلس بلدي بالمنامة من 8 أعضاء يعينهم مناصفة حاكم البحرين الشيخ عيسى بن علي والمعتمد السياسي البريطاني، بينما صدر أمر إداري يخضع بموجبه البريطانيون لقوانين البلدية.
ومن أبرز القرارات البلدية الصادرة إبان تلك الفترة، السجن وغرامة لمن يتداول المخدرات والخمور في المنامة، والخروج ممنوع ليلاً دون «فنر»، وتنظيف البلاعات كل 6 أشهر، ومنع التبول بالمنازل الخالية وأيضاً دخول السوق بحلول الظلام، ومنع إنشاء أي مبنى جديد أو حديقة دون موافقة رئيس البلدية، ولا اقتطاع لأجزاء من الطريق العام أو التهرب من دفع الضريبة.
وفرض القانون البلدي غرامة قدرها روبية عن كل رأس ماشية تسرح في الطرقات العامة دون راع، فيما الزم صاحب البيت بالتبليغ عن الطاعون والكوليرا والجدري والأمراض المعدية الأخرى، وروبية لكل من لا يضع القمامة في الحاويات المخصصة لها، و3 أشهر وغرامة 1500 روبية لكل من يخالف القرارات البلدية.
ونصت القرارات البلدية في حالة إذا لم يتمكن الأمير من القبض على السارق يتولى الأمير نفسه تعويض صاحب المحل المسروق، ولرئيس البلدية أن يأمر بـ5 جلدات أو 25 روبية غرامة أو السجن 10 أيام.
البلديات في البحرين
يقول د.عيسى أمين أن البحرين شهدت تأسيس أول بلدية سابقة الكثير من الدول العربية، وعند تأسيسها دخلت البحرين عصر النظام والنظافة والخدمات العامة، ويأتي ذكر بلدية البحرين لأول مرة في سجلات دار الاعتماد برسالة مؤرخة 19 أغسطــس 1921 من المقيم السياسي والقنصــل العام في بوشهر، موجهة إلى وزير الدولة البريطاني لشؤون المستعمرات ونستون تشرتشل.
وجــاء في الرسالة «بتوجيهات من حكومة الهنـــد البريطانية، يطيب لي ويشرفني أن أقدم إليكم مسودة مشروع نظام بلدية البحرين لعام 1921، وبعد أن وافقت عليه الحكومة، هذا المشروع أعد حسب المادة رقم 70 من الأمر الإداري لعام 1913، وحصل على موافقة نائب الملك حاكم عموم الهند».
توقيع أ. ب تريفور المقيم السياسي في بوشهر.
ويقول أمين «بما أن المقيم السياسي ذكر المادة رقم 70 من قانون الإدارة، أصبح في الضروري شرح المادة والقانون المصاغ من أجل تأسيس أول بلدية في البحرين بمبادرة من المعتمد السياسي في دار الاعتماد بمدينة المنامة، وهو القرار رقم 1 لسنة 1921».
إلزام البريطانيين
بقوانين البلدية
ويسرد أمين قصة إنشاء أول بلدية في البحرين أوائل القرن العشرين، ومنها الأمر الإداري الصادر من المقيم السياسي في الخليج «من أجل الحفاظ على النظافة والتخطيط في مدينة المنامة، جرى تعيين مجلس بلدي تحت الإدارة المباشرة لحاكم البحرين، وبناء على السلطات المخول بها المقيم السياسي في الخليج حسب المادة رقم 70 من النظام المذكور، فإنه يتطلب من الرعايا البريطانيين، والمشمولين بنظام الحماية البريطانية والمقيمين في نطاق البلدية المذكورة الإلتزام بقوانينها والمعلنة بين فترة وأخرى، وتطبيقها بعد موافقة المقيم السياسي في الخليج».
ونص الأمر «نرفق مع هذا الأمر الإداري كل القوانين والنظم المتبعة في البلدية، بعد أن وافق عليها المقيم السياسي، وربما تعدل أو تغير حسبما هو مطلوب بعد موافقة المقيم السياسي وقبل العمل بها، والإعلان عنها بواسطة المعتمد السياسي في البحرين قبل تطبيقها، وكل من يخالف هذه القوانين من البريطانيين أو من يتمتعون بالحماية البريطانية، يخضعون لتطبيق العقاب وفقاً لنص المادة رقم 71 الفقرة الثانية والثالثة من القانون الإداري في البحرين».
توقيع أ. ب. تريفور المقيم السياسي في الخليج.
قرارات النظافة
يقول د.عيسى أمين عن قانون البلدية إنه ينص على أكثر من قرار «تم الاتفاق على أن نهاية حدود المنامة -حيث يطبق هذا القانون- هي منطقة الصويفية، على أن يلتزم المقيمون بهذا القانون ومن يتمتعون بالحماية الأجنبية بنفس قدر احترامه من مواطني البحرين، ويمنع استيراد المخدرات والخمور وما في حكمها منعاً باتاً في مدينة المنامة، ومن يخالف هذا القانون يدفع غرامة أو يودع في السجن أو كلاهما».
ويضيف أمين أن القرار حدد أيضاً «يمنع الخروج من الساعة الرابعة ليلاً حتى الصباح، ما لم يحمل الشخص معه فانوس (فنر)، ولا يسمح لأحد بدخول منطقة السوق في فترة الظلام، ويمنع ركوب الدواب في مدينة المنامة إذا كان ذلك يؤدي لإصابة المشاة، ويمنع منعاً باتاً قضاء الحاجة أو التبول في الشوارع أو المحلات والمنازل الخالية، والالتزام بتنظيف البلاعات المنزلية كل 6 أشهر وإبلاغ رئيس البلدية بذلك».
ويتابع أمين سرد مضامين القرارات البلدية «على أصحاب المحلات أن ينظفوا المساحة أمام محلاتهم، وأن يجمعوا القمامة في محلاتهم داخل حاويات خاصة، ويمنع التعدي على الطرقات العامة بالحفر أو التغيير دون أمر من رئيس البلدية وموافقته، ويمنع إنشاء أي مبنى جديد أو حديقة أو ترميم المباني دون الحصول على موافقة رئيس البلدية، تماشياً لعدم اقتطاع جزء من الطريق العام أو التهرب من دفع الضريبة».
وينص القرار والكلام لعيسى أمين «على صاحب البيت الالتزام بالتبليغ عن أية حالة مرضية مثل الطاعون أو الكوليرا أو الجدري أو التيفوس أو الأمراض المعدية إلى ضابط الصحة العامة ورئيس البلدية، وأما الحيوانات السائبة مثل الغنم والحمير والماعز وغيرها الموجودة في الطرقات دون راع أو صاحب، تسلم إلى أمير المنامة، وبدوره يغرم مالكها روبية مقابل كل حيوان، أما إذا احتجز أي شخص هذه الحيوانات في منزله رغبة منه في الحصول على المكافأة من أصحابها لنفسه، فإنه ينال أشد العقاب».
ويواصل أمين سرد مضمون القرار البلدي «يمنع رمي القمامة خارج المنازل، ويجب وضعها في الحاويات المقدمة من البلدية، ومدير البلدية يحصل روبية من كل مخالف بصورة فورية، وكل مخالف لهذه القوانين سواء كان بحرينياً أو بريطانياً أو أجنبياً يعاقب بالسجن 3 أشهر مع الشغل، أو دفع غرامة قدرها 1500 روبية أو كلاهما».
مبادئ عامة
وعن مبادئ البلدية يقول أمين «في الدول المتحضرة وفي أنظمة الحكومات المتقدمة تدار شؤون البلدات أو المدن بواسطة مجلس منتخب، أو يتم اختيار أعضائه ويسمى المجلس البلدي، هذا المجلس مسؤول أمام الحاكم عن الضرائب، النظافة العامة والصحة العامة، وبصورة مختصرة سعادة وصحة ورفاهية المواطنين، وأعضاء هذا المجلس مسؤولون أمام الحاكم في إدارة شؤون البلدية».
ويضيف «من المعلوم أن مصاريف إدامة المدن والبلدات لا تؤخذ من الميزانية العامة، وهذه المدن والبلدات لها استقلالية في المصادر المالية وتعتمد فيها على مصادرها الخاصة، ولابد من استخدامها لتطوير المدينة أو البلدة، وتتولى البلدية في هذه الحالة تحصيل المبالغ أو الإيرادات المذكورة، ويساعدها في ذلك أفراد معينون للرقابة المالية بصورة رسمية مثل مدير البلدية أو مأمور البلدية أو الكاتب أو المختار».
ويتابع أمين «لا يجوز أن تطلب البلدية دعماً مالياً من الحاكم لأن لها مصادرها الخاصة، ولتطبيق القانون والنظام في المدينة أو البلدة يعين أمير أو حاكم للبلدة، مسؤوليته تماثل مسؤولية الحاكم أو رئيس الشرطة، ويعمل بصورة متكاملة مع البلدية، وتدفع له مبالغ شهرية من ميزانية الحكومة، وتتكفل البلدية بدفع مرتبات النواطير التابعين له سواء كانوا يؤدون عملهم في الأسواق ليلاً أو المدينة والبلدة نهاراً».
ويقول إن المبادي العامة أسندت للبلدية مهمة تحصيل الضرائب من المقيمين في نطاقها أياً كانت جنسياتهم «من حق دافعي الضرائب محاسبة البلدية على أوجه صرف المبالغ المحصلة منهم، ومن حقهم مراجعة دفاتر صرف البلدية، ولا يحق لأحد رفض دفع الضرائب المفروضة بشرط أن تكون عادلة، وتمت الموافقة عليها بواسطة الحاكم والمعتمد السياسي، ومن ناحية مبدئية لا يعفى أحد من هذه الضرائب».
التشكيل الإداري لبلدية المنامة
ويواصل أمين «رئيس البلدية يتم تعيينه من قبل الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، ويتكون المجلس من 8 أعضاء، أربعة يتم تعيينهم بواسطة الشيخ عيسى بن علي، و4 يتم ترشيحهم بواسطة المعتمد وهم من الجاليات الأجنبية، وهذه المناصب -الرئيس والأعضاء- تعتبر عضوية فخرية، ويتم اجتماع الرئيس بالأعضاء مرة كل أسبوع، وتناقش في الاجتماع الأمور الجارية واليومية، ويحضر الاجتماع أمراء المناطق والمخاتير ومدير البلدية وضابط الصحة العامة، ومكان الاجتماع في دار الجمارك -غرفة المجلس- إلى حين توفير بناء للبلدية بأمر من الحاكم الشيخ عيسى بن علي».
وحددت أوقات الاجتماعات «في الصيف عند السابعة صباحاً، وفي الشتاء عند العاشرة صباحاً، ويتم الاجتماع كل ثلاثاء، وفي الثلاثاء الأخيرة في كل شهر يتفقد رئيس البلدية والأعضاء الدفاتر ويوقعون عليها، أما في كل أول أربعاء من الشهر، يعرض رئيس البلدية دفاتر الحسابات على المعتمد السياسي ممثلاً للجاليات الأجنبية، والشيخ عبدالله بن عيسى نائباً للحاكم».
حماية المدينة
«الضبط والربط»، أو القانون والأوامر، بما أن حماية المدينة من مسؤولية الأمير المعين، فإنه يتم تعيين مساعدين له وهم كاتب واحد، شاوش «اثنان»، ناطور «ستون»، ويكون الأمير مسؤولاً عن حفظ النظام في المدينة.
ويقول أمين «يتولى الأمير مراقبة كل الأشخاص المريبة تصرفاتهم والمشكوك في شخصياتهم، منع القمار وشرب المسكرات، منع التهريب، الإشراف على نقاط النواطير في الليل، المراقبة والتأكد من صلاحية الأقفال التابعة للمحلات التجارية، القبض على المخالفين لقوانين البلدية، مراقبة المرفأ البحري والقبض على المتسللين عن طريق البحر، ملاحظة وإدامة تطبيق النظام والأوامر في مدينة المنامة».
ويتابع عرض مهام الأمير «مساعدة كل الموظفين التابعين للبلدية لتطبيق وتنفيذ الأوامر الصادرة منها، ولن يجمع الأمير الضرائب ولن يتدخل في شؤون البلدية ما لم يطلب منه رئيس البلدية، وتدفع مرتبات مساعدي الأمير بواسطة مدير البلدية، على أن يجمع الأمير هؤلاء في آخر يوم من كل شهر في مبنى الجمارك، حيث يسلم مدير البلدية المرتب لكل فرد بحضور الأمير واستلام وصل استلام من كل فرد، وفي حال حدوث سرقة من السوق في الليل ولم يتمكن الأمير من القبض على السارق، أو لم يقدم الأدلة الكافية للمسؤولين يعتبر مسؤولاً ويطلب منه تعويض صاحب المحل عن ثمن المسروقات».
صلاحيات المجلس البلدي
ويحكي أمين قصة إنشاء أول بلدية في البحرين «للمجلس صلاحيات التعامل مع كل من يخالف قانون ولوائح البلدية وخاصة النظافة والامتناع عن دفع الضرائب، ولدى المجلس نص قانوني عليه مراجعته بين فترة وأخرى، علماً أن أي تغيير في هذا النظام لن يعتبر نافذاً ما لم يوافق عليه الشيخ عيسى بن علي أو المعتمد البريطاني».
ويواصل أمين الحديث عن صلاحيات رئيس البلدية «من حقه أن يأمر بخمس جلدات بالعصا، أو 25 روبية غرامة، أو السجن 10 أيام».
ويعدد أمين صلاحيات مدير البلدية «غرامة روبية لمن يقضي حاجته في الشوارع أو الطرقات، أو من يرمي بالقمامة في الشارع، وفي حال رغبة البلدية بمعاقبة المخالفين في حدود خارج صلاحيات رئيس أو مدير البلدية، فبهذه الحالة تحول القضية إلى المحاكم المختلطة».
ويضيف «في حال الغرامة المالية تودع المبالغ المحصلة في صندوق المال في البلدية مقابل أرصدة وتوقيعات استلام، ولا يحق لأحد من العاملين في البلدية غير المدير والرئيس، فرض العقاب أو الغرامة على أي شخص».
الصلاحيات المالية للبلدية
ويلخص أمين الصلاحيات المالية للبلدية «من الممكن صرف 500 روبية كل 3 أشهر من أجل الخدمات العامة والتحسينات بشرط توفر المبلغ، ولا يسمح بالاقتراض إلا بعد موافقة كل أعضاء المجلس وبعدها موافقة الحاكم».
ويجمل صلاحيات أمير المنامة «لا يسمح له بالجلد أو الغرامة أو إيداع السجن، ولكن يسمح للأمير بإلقاء القبض على كل مخالف لقانون البلدية أو مرتكب جريمة شرط إبلاغ الشيخ عيسى بن علي في غضون 12 ساعة، إذا كان من مواطني البحرين، أو المعتمد السياسي إذا كان من الأجانب، وفي حال كون المخالف من الإنجليز أو الأجانب، على الأمير إحضاره إلى مبنى دار الاعتماد والإبلاغ عن الحادث».
ويعدد أمين صلاحيات الأمير المالية «من الممكن أن يصرف الأمير 20 روبية شهرياً، ولكن عليه تقديم إيصالات الصرف إلى مجلس البلدية في نهاية الشهر.
حسابات البلدية
ويتطرق عيسى أمين لحسابات البلدية والمرتبات الشهرية للموظفين التابعين للأمير، كاتب 100 روبية، عدد 2 شاوش 40 روبية، 30 ناطوراً 450 روبية، 30 ناطوراً 300 روبية.
الموظفون التابعون للبلدية، مدير البلدية 300 روبية، مأمور البلدية «جامع الضرائب « 200 روبية، كاتب 150 روبية، المخاتير 50 روبية. موظفو النظافة، شاوش 50 روبية، كناسين «30» 750 روبية، عربات حمير البلدية «30» 2250 روبية.
مصروفات متفرقة، البلدية 500 روبية، الأمير 20 روبية، مشتريات وإصلاحات الطرق 80 روبية، المبلغ النهائي شهرياً 5490 روبية.
مدخولات البلدية «ضرائب» 390 منزلاً من الدرجة الأولى 5 روبيات شهرياً، 250 منزلاً من الدرجة الثانية 3 روبيات، 500 منزل الدرجة الثالثة 2 روبية، 1067 محلاً تجارياً 1 روبية، 1000 صريفة 8 آنات، 56 عمارة 5 روبيات.
ومن حق المدير اقتطاع 2 آنة من الفقراء المقيمين في الصريفة، المبلغ الذي تحصل عليه البلدية 5547 روبية شهرياً ضرائب المنشآت والمباني تحت الإنشاء. وفي حال بناء المنازل 2 روبية لكل حجرة، في بناء الدكاكين 3 روبيات، وعلى كل حمل من التراب أو الحجارة الخاصة بالبناء المتواجدة على الطريق 3 روبيات يومياً، أما بالنسبة للفرق الموسيقية والحفلات في المنازل الخاصة قبل منتصف الليل 2 روبية وبعد منتصف الليل 5 روبيات، وعلى كل من يرغب في إحياء حفلة خاصة الحصول على إذن الأمير على أن يحول الأخير المبالغ المحصلة إلى البلدية، وعلى أصحاب المحلات الراغبين في بناء دكة في مقدمة محلاتهم 2×6 قدم دفع روبية كل 3 أشهر، والباعة المفترشين للأرض روبية كل 3 أشهر ولكل كرسي قهوة لأربعة أنفار ويستخدم الطريق العام 4 آنات.
دباغة الجلود 10 روبيات كل 3 أشهر، ماء الصودا 10 روبيات كل 3 أشهر، مصانع الثلج 20 روبية كل 3 أشهر، مطاحن الدقيق الآلية 20 روبية كل 3 أشهر، مقاهي الدرجة الأولى 5 روبيات كل 3 أشهر، مقاهي الدرجة الثانية 2 روبية كل 3 أشهر، مقاهي الدرجة الثالثة روبية كل 3 أشهر، المطاعم 2 روبية كل 3 أشهر، «الرحة» أو الطحن بواسطة استخدام الحيوان 5 روبيات من الممكن أن يكون مدخول البلدية 6347 روبية من المذكور أعلاه.
هذه هي البلدية التي أسسها المعتمد السياسي في البحرين هارولد ديكسون في 1919، وبصورة مطابقة لبلدية البصرة، واستطاع إقناع الشيخ عيسى بن علي بحاجة البحرين إليها.
بداية العمل بالبلدية
يضيف د.عيسى أمين «في أول يوليو 1920 تم الإعلان عن بداية العمل البلدي، وعين الشيخ عيسى بن علي، الشيخ عبدالله بن عيسى أول رئيس لمجلسها المكون من 8 أعضاء 4 من البحرينيين يختارهم الشيخ عيسى بن علي، و4 آخرين تتم تسميتهم بواسطة المعتمد السياسي من الأجانب التجار، وكان يوم الافتتاح في دار الجمارك مناسبة للمعارضين من التجار والوجهاء الذين سبق أن رفضوا تأسيس أول بنك في البحرين، محاولين عرقلة الاجتماع الأول ورفض المشروع البلدي في البحرين».
ويتابع أمين «لم تكن البداية جيدة، إذ كانت هناك فردية القرار في المجلس، ما جعل بقية الأعضاء في مواقف صعبة وضع نهاية لها المعتمد السياسي بحضوره الشخصي للاجتماعات واتخاذ قرار تصويت الأغلبية، مع أو ضد أي قرار ووضع ذلك نهاية للقرارات الفردية في المجلس البلدي».
ويواصل «في 18 يونيو 1921 عين الشيخ عيسى بن علي، الشيخ حمد بن عيسى رئيساً للمجلس البلدي، واستبدل أمين المجلس الهندي محمد اختر بأمين جديد هو خان صاحب محمد شريف العوضي، ولاقى هذا التغير استحسان التجار في المنامة من جميع الأجناس، وألقيت القصائد والخطب المؤيدة لهذا التعيين الجديد في احتفالات خاصة بالبلدية».
الميجور ديكسون
الميجور هارولد رتشارد ديكسون نوفمبر 1919 - نوفمبر 1920، ولد هارولد ديكسون في بيروت وانتقل مع والديه إلى دمشق حيث كان والده قنصلاً لإنجلترا في دمشق، وقامت بإرضاعه مرضعة من عنيزة، ولذا وفي أعوام قادمة اعتبرته قبيلة عنزة بأنه أحد أبنائها، بينما قال هو إن هذا الرباط مع عنزة كان دافعاً وراء قدراته على التعامل مع بدو الكويت.
في 1896 انتقل إلى فرنسا حيث التقى بزوجته في المستقبل فيوليت التي كانت تعمل في البنك في مارسيل وانتقلت «أم سعود»، كما يطلق عليها في الكويت إلى الهند وتم الزواج هناك، وعمل هارولد ديكسون معتمداً سياسياً في البحرين 1919-1920، حيث أسس أول بلدية فيها عمل بعدها في فارس ومنها معتمداً سياسياً في الكويت 1929ـ1936.
بعد تقاعده عمل في شركة نفط الكويت، وفي عام 2005 توفي ابنه سعود وبقيت ابنته زهرة، كتب ديكسون عن بدو الكويت والسعودية وعن الكويت وجيرانها، وكتبت ابنته زهرة عن عرب الصحراء، وبعدها أعيد ترميم بيته في الكويت بعد الغزو العراقي، ليبقى معلماً من معالم الكويت.
وفي البحرين كان له مجلسه الخاص لاستقبال المواطنين يساعده فرحان الرحمان العراقي، وفي 23 يناير 1920، وبعد مشاورات مع الشيخ عبدالله بن عيسى نيابة عن والده، استطاع بعد موافقة الشيخ عيسى أن يعلن بدء اجتماع المجلس العرفي حيث عين الشيخ عيسى الأعضاء العرب والماجور ديكسون الأجانب، وضمت عضوية المجلس عبدالله بن حسن الدوسري، عبدالرحمن الزياني، عبدالعزيز القصيبي، يوسف فخرو، حاجي عبدعلي بن رجب من طرف الشيخ عيسى، ومحمد شريف عوضي وحاجي عبدالنبي بن أحمد بوشهري وتيكاجانجرام تكمداس وسيت بودا البانيان وحافظ خان بهائي البوهري من طرف ديكسون.
ورد أول ذكر للبلدية في البحرين برسالة موجهة من المعتمد السياسي البريطاني في بوشهر، إلى وزير الدولة البريطاني لشؤون المستعمرات ونستون تشرتشل بتاريخ 19 أغسطس 1921.
وتكون أول مجلس بلدي بالمنامة من 8 أعضاء يعينهم مناصفة حاكم البحرين الشيخ عيسى بن علي والمعتمد السياسي البريطاني، بينما صدر أمر إداري يخضع بموجبه البريطانيون لقوانين البلدية.
ومن أبرز القرارات البلدية الصادرة إبان تلك الفترة، السجن وغرامة لمن يتداول المخدرات والخمور في المنامة، والخروج ممنوع ليلاً دون «فنر»، وتنظيف البلاعات كل 6 أشهر، ومنع التبول بالمنازل الخالية وأيضاً دخول السوق بحلول الظلام، ومنع إنشاء أي مبنى جديد أو حديقة دون موافقة رئيس البلدية، ولا اقتطاع لأجزاء من الطريق العام أو التهرب من دفع الضريبة.
وفرض القانون البلدي غرامة قدرها روبية عن كل رأس ماشية تسرح في الطرقات العامة دون راع، فيما الزم صاحب البيت بالتبليغ عن الطاعون والكوليرا والجدري والأمراض المعدية الأخرى، وروبية لكل من لا يضع القمامة في الحاويات المخصصة لها، و3 أشهر وغرامة 1500 روبية لكل من يخالف القرارات البلدية.
ونصت القرارات البلدية في حالة إذا لم يتمكن الأمير من القبض على السارق يتولى الأمير نفسه تعويض صاحب المحل المسروق، ولرئيس البلدية أن يأمر بـ5 جلدات أو 25 روبية غرامة أو السجن 10 أيام.
البلديات في البحرين
يقول د.عيسى أمين أن البحرين شهدت تأسيس أول بلدية سابقة الكثير من الدول العربية، وعند تأسيسها دخلت البحرين عصر النظام والنظافة والخدمات العامة، ويأتي ذكر بلدية البحرين لأول مرة في سجلات دار الاعتماد برسالة مؤرخة 19 أغسطــس 1921 من المقيم السياسي والقنصــل العام في بوشهر، موجهة إلى وزير الدولة البريطاني لشؤون المستعمرات ونستون تشرتشل.
وجــاء في الرسالة «بتوجيهات من حكومة الهنـــد البريطانية، يطيب لي ويشرفني أن أقدم إليكم مسودة مشروع نظام بلدية البحرين لعام 1921، وبعد أن وافقت عليه الحكومة، هذا المشروع أعد حسب المادة رقم 70 من الأمر الإداري لعام 1913، وحصل على موافقة نائب الملك حاكم عموم الهند».
توقيع أ. ب تريفور المقيم السياسي في بوشهر.
ويقول أمين «بما أن المقيم السياسي ذكر المادة رقم 70 من قانون الإدارة، أصبح في الضروري شرح المادة والقانون المصاغ من أجل تأسيس أول بلدية في البحرين بمبادرة من المعتمد السياسي في دار الاعتماد بمدينة المنامة، وهو القرار رقم 1 لسنة 1921».
إلزام البريطانيين
بقوانين البلدية
ويسرد أمين قصة إنشاء أول بلدية في البحرين أوائل القرن العشرين، ومنها الأمر الإداري الصادر من المقيم السياسي في الخليج «من أجل الحفاظ على النظافة والتخطيط في مدينة المنامة، جرى تعيين مجلس بلدي تحت الإدارة المباشرة لحاكم البحرين، وبناء على السلطات المخول بها المقيم السياسي في الخليج حسب المادة رقم 70 من النظام المذكور، فإنه يتطلب من الرعايا البريطانيين، والمشمولين بنظام الحماية البريطانية والمقيمين في نطاق البلدية المذكورة الإلتزام بقوانينها والمعلنة بين فترة وأخرى، وتطبيقها بعد موافقة المقيم السياسي في الخليج».
ونص الأمر «نرفق مع هذا الأمر الإداري كل القوانين والنظم المتبعة في البلدية، بعد أن وافق عليها المقيم السياسي، وربما تعدل أو تغير حسبما هو مطلوب بعد موافقة المقيم السياسي وقبل العمل بها، والإعلان عنها بواسطة المعتمد السياسي في البحرين قبل تطبيقها، وكل من يخالف هذه القوانين من البريطانيين أو من يتمتعون بالحماية البريطانية، يخضعون لتطبيق العقاب وفقاً لنص المادة رقم 71 الفقرة الثانية والثالثة من القانون الإداري في البحرين».
توقيع أ. ب. تريفور المقيم السياسي في الخليج.
قرارات النظافة
يقول د.عيسى أمين عن قانون البلدية إنه ينص على أكثر من قرار «تم الاتفاق على أن نهاية حدود المنامة -حيث يطبق هذا القانون- هي منطقة الصويفية، على أن يلتزم المقيمون بهذا القانون ومن يتمتعون بالحماية الأجنبية بنفس قدر احترامه من مواطني البحرين، ويمنع استيراد المخدرات والخمور وما في حكمها منعاً باتاً في مدينة المنامة، ومن يخالف هذا القانون يدفع غرامة أو يودع في السجن أو كلاهما».
ويضيف أمين أن القرار حدد أيضاً «يمنع الخروج من الساعة الرابعة ليلاً حتى الصباح، ما لم يحمل الشخص معه فانوس (فنر)، ولا يسمح لأحد بدخول منطقة السوق في فترة الظلام، ويمنع ركوب الدواب في مدينة المنامة إذا كان ذلك يؤدي لإصابة المشاة، ويمنع منعاً باتاً قضاء الحاجة أو التبول في الشوارع أو المحلات والمنازل الخالية، والالتزام بتنظيف البلاعات المنزلية كل 6 أشهر وإبلاغ رئيس البلدية بذلك».
ويتابع أمين سرد مضامين القرارات البلدية «على أصحاب المحلات أن ينظفوا المساحة أمام محلاتهم، وأن يجمعوا القمامة في محلاتهم داخل حاويات خاصة، ويمنع التعدي على الطرقات العامة بالحفر أو التغيير دون أمر من رئيس البلدية وموافقته، ويمنع إنشاء أي مبنى جديد أو حديقة أو ترميم المباني دون الحصول على موافقة رئيس البلدية، تماشياً لعدم اقتطاع جزء من الطريق العام أو التهرب من دفع الضريبة».
وينص القرار والكلام لعيسى أمين «على صاحب البيت الالتزام بالتبليغ عن أية حالة مرضية مثل الطاعون أو الكوليرا أو الجدري أو التيفوس أو الأمراض المعدية إلى ضابط الصحة العامة ورئيس البلدية، وأما الحيوانات السائبة مثل الغنم والحمير والماعز وغيرها الموجودة في الطرقات دون راع أو صاحب، تسلم إلى أمير المنامة، وبدوره يغرم مالكها روبية مقابل كل حيوان، أما إذا احتجز أي شخص هذه الحيوانات في منزله رغبة منه في الحصول على المكافأة من أصحابها لنفسه، فإنه ينال أشد العقاب».
ويواصل أمين سرد مضمون القرار البلدي «يمنع رمي القمامة خارج المنازل، ويجب وضعها في الحاويات المقدمة من البلدية، ومدير البلدية يحصل روبية من كل مخالف بصورة فورية، وكل مخالف لهذه القوانين سواء كان بحرينياً أو بريطانياً أو أجنبياً يعاقب بالسجن 3 أشهر مع الشغل، أو دفع غرامة قدرها 1500 روبية أو كلاهما».
مبادئ عامة
وعن مبادئ البلدية يقول أمين «في الدول المتحضرة وفي أنظمة الحكومات المتقدمة تدار شؤون البلدات أو المدن بواسطة مجلس منتخب، أو يتم اختيار أعضائه ويسمى المجلس البلدي، هذا المجلس مسؤول أمام الحاكم عن الضرائب، النظافة العامة والصحة العامة، وبصورة مختصرة سعادة وصحة ورفاهية المواطنين، وأعضاء هذا المجلس مسؤولون أمام الحاكم في إدارة شؤون البلدية».
ويضيف «من المعلوم أن مصاريف إدامة المدن والبلدات لا تؤخذ من الميزانية العامة، وهذه المدن والبلدات لها استقلالية في المصادر المالية وتعتمد فيها على مصادرها الخاصة، ولابد من استخدامها لتطوير المدينة أو البلدة، وتتولى البلدية في هذه الحالة تحصيل المبالغ أو الإيرادات المذكورة، ويساعدها في ذلك أفراد معينون للرقابة المالية بصورة رسمية مثل مدير البلدية أو مأمور البلدية أو الكاتب أو المختار».
ويتابع أمين «لا يجوز أن تطلب البلدية دعماً مالياً من الحاكم لأن لها مصادرها الخاصة، ولتطبيق القانون والنظام في المدينة أو البلدة يعين أمير أو حاكم للبلدة، مسؤوليته تماثل مسؤولية الحاكم أو رئيس الشرطة، ويعمل بصورة متكاملة مع البلدية، وتدفع له مبالغ شهرية من ميزانية الحكومة، وتتكفل البلدية بدفع مرتبات النواطير التابعين له سواء كانوا يؤدون عملهم في الأسواق ليلاً أو المدينة والبلدة نهاراً».
ويقول إن المبادي العامة أسندت للبلدية مهمة تحصيل الضرائب من المقيمين في نطاقها أياً كانت جنسياتهم «من حق دافعي الضرائب محاسبة البلدية على أوجه صرف المبالغ المحصلة منهم، ومن حقهم مراجعة دفاتر صرف البلدية، ولا يحق لأحد رفض دفع الضرائب المفروضة بشرط أن تكون عادلة، وتمت الموافقة عليها بواسطة الحاكم والمعتمد السياسي، ومن ناحية مبدئية لا يعفى أحد من هذه الضرائب».
التشكيل الإداري لبلدية المنامة
ويواصل أمين «رئيس البلدية يتم تعيينه من قبل الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، ويتكون المجلس من 8 أعضاء، أربعة يتم تعيينهم بواسطة الشيخ عيسى بن علي، و4 يتم ترشيحهم بواسطة المعتمد وهم من الجاليات الأجنبية، وهذه المناصب -الرئيس والأعضاء- تعتبر عضوية فخرية، ويتم اجتماع الرئيس بالأعضاء مرة كل أسبوع، وتناقش في الاجتماع الأمور الجارية واليومية، ويحضر الاجتماع أمراء المناطق والمخاتير ومدير البلدية وضابط الصحة العامة، ومكان الاجتماع في دار الجمارك -غرفة المجلس- إلى حين توفير بناء للبلدية بأمر من الحاكم الشيخ عيسى بن علي».
وحددت أوقات الاجتماعات «في الصيف عند السابعة صباحاً، وفي الشتاء عند العاشرة صباحاً، ويتم الاجتماع كل ثلاثاء، وفي الثلاثاء الأخيرة في كل شهر يتفقد رئيس البلدية والأعضاء الدفاتر ويوقعون عليها، أما في كل أول أربعاء من الشهر، يعرض رئيس البلدية دفاتر الحسابات على المعتمد السياسي ممثلاً للجاليات الأجنبية، والشيخ عبدالله بن عيسى نائباً للحاكم».
حماية المدينة
«الضبط والربط»، أو القانون والأوامر، بما أن حماية المدينة من مسؤولية الأمير المعين، فإنه يتم تعيين مساعدين له وهم كاتب واحد، شاوش «اثنان»، ناطور «ستون»، ويكون الأمير مسؤولاً عن حفظ النظام في المدينة.
ويقول أمين «يتولى الأمير مراقبة كل الأشخاص المريبة تصرفاتهم والمشكوك في شخصياتهم، منع القمار وشرب المسكرات، منع التهريب، الإشراف على نقاط النواطير في الليل، المراقبة والتأكد من صلاحية الأقفال التابعة للمحلات التجارية، القبض على المخالفين لقوانين البلدية، مراقبة المرفأ البحري والقبض على المتسللين عن طريق البحر، ملاحظة وإدامة تطبيق النظام والأوامر في مدينة المنامة».
ويتابع عرض مهام الأمير «مساعدة كل الموظفين التابعين للبلدية لتطبيق وتنفيذ الأوامر الصادرة منها، ولن يجمع الأمير الضرائب ولن يتدخل في شؤون البلدية ما لم يطلب منه رئيس البلدية، وتدفع مرتبات مساعدي الأمير بواسطة مدير البلدية، على أن يجمع الأمير هؤلاء في آخر يوم من كل شهر في مبنى الجمارك، حيث يسلم مدير البلدية المرتب لكل فرد بحضور الأمير واستلام وصل استلام من كل فرد، وفي حال حدوث سرقة من السوق في الليل ولم يتمكن الأمير من القبض على السارق، أو لم يقدم الأدلة الكافية للمسؤولين يعتبر مسؤولاً ويطلب منه تعويض صاحب المحل عن ثمن المسروقات».
صلاحيات المجلس البلدي
ويحكي أمين قصة إنشاء أول بلدية في البحرين «للمجلس صلاحيات التعامل مع كل من يخالف قانون ولوائح البلدية وخاصة النظافة والامتناع عن دفع الضرائب، ولدى المجلس نص قانوني عليه مراجعته بين فترة وأخرى، علماً أن أي تغيير في هذا النظام لن يعتبر نافذاً ما لم يوافق عليه الشيخ عيسى بن علي أو المعتمد البريطاني».
ويواصل أمين الحديث عن صلاحيات رئيس البلدية «من حقه أن يأمر بخمس جلدات بالعصا، أو 25 روبية غرامة، أو السجن 10 أيام».
ويعدد أمين صلاحيات مدير البلدية «غرامة روبية لمن يقضي حاجته في الشوارع أو الطرقات، أو من يرمي بالقمامة في الشارع، وفي حال رغبة البلدية بمعاقبة المخالفين في حدود خارج صلاحيات رئيس أو مدير البلدية، فبهذه الحالة تحول القضية إلى المحاكم المختلطة».
ويضيف «في حال الغرامة المالية تودع المبالغ المحصلة في صندوق المال في البلدية مقابل أرصدة وتوقيعات استلام، ولا يحق لأحد من العاملين في البلدية غير المدير والرئيس، فرض العقاب أو الغرامة على أي شخص».
الصلاحيات المالية للبلدية
ويلخص أمين الصلاحيات المالية للبلدية «من الممكن صرف 500 روبية كل 3 أشهر من أجل الخدمات العامة والتحسينات بشرط توفر المبلغ، ولا يسمح بالاقتراض إلا بعد موافقة كل أعضاء المجلس وبعدها موافقة الحاكم».
ويجمل صلاحيات أمير المنامة «لا يسمح له بالجلد أو الغرامة أو إيداع السجن، ولكن يسمح للأمير بإلقاء القبض على كل مخالف لقانون البلدية أو مرتكب جريمة شرط إبلاغ الشيخ عيسى بن علي في غضون 12 ساعة، إذا كان من مواطني البحرين، أو المعتمد السياسي إذا كان من الأجانب، وفي حال كون المخالف من الإنجليز أو الأجانب، على الأمير إحضاره إلى مبنى دار الاعتماد والإبلاغ عن الحادث».
ويعدد أمين صلاحيات الأمير المالية «من الممكن أن يصرف الأمير 20 روبية شهرياً، ولكن عليه تقديم إيصالات الصرف إلى مجلس البلدية في نهاية الشهر.
حسابات البلدية
ويتطرق عيسى أمين لحسابات البلدية والمرتبات الشهرية للموظفين التابعين للأمير، كاتب 100 روبية، عدد 2 شاوش 40 روبية، 30 ناطوراً 450 روبية، 30 ناطوراً 300 روبية.
الموظفون التابعون للبلدية، مدير البلدية 300 روبية، مأمور البلدية «جامع الضرائب « 200 روبية، كاتب 150 روبية، المخاتير 50 روبية. موظفو النظافة، شاوش 50 روبية، كناسين «30» 750 روبية، عربات حمير البلدية «30» 2250 روبية.
مصروفات متفرقة، البلدية 500 روبية، الأمير 20 روبية، مشتريات وإصلاحات الطرق 80 روبية، المبلغ النهائي شهرياً 5490 روبية.
مدخولات البلدية «ضرائب» 390 منزلاً من الدرجة الأولى 5 روبيات شهرياً، 250 منزلاً من الدرجة الثانية 3 روبيات، 500 منزل الدرجة الثالثة 2 روبية، 1067 محلاً تجارياً 1 روبية، 1000 صريفة 8 آنات، 56 عمارة 5 روبيات.
ومن حق المدير اقتطاع 2 آنة من الفقراء المقيمين في الصريفة، المبلغ الذي تحصل عليه البلدية 5547 روبية شهرياً ضرائب المنشآت والمباني تحت الإنشاء. وفي حال بناء المنازل 2 روبية لكل حجرة، في بناء الدكاكين 3 روبيات، وعلى كل حمل من التراب أو الحجارة الخاصة بالبناء المتواجدة على الطريق 3 روبيات يومياً، أما بالنسبة للفرق الموسيقية والحفلات في المنازل الخاصة قبل منتصف الليل 2 روبية وبعد منتصف الليل 5 روبيات، وعلى كل من يرغب في إحياء حفلة خاصة الحصول على إذن الأمير على أن يحول الأخير المبالغ المحصلة إلى البلدية، وعلى أصحاب المحلات الراغبين في بناء دكة في مقدمة محلاتهم 2×6 قدم دفع روبية كل 3 أشهر، والباعة المفترشين للأرض روبية كل 3 أشهر ولكل كرسي قهوة لأربعة أنفار ويستخدم الطريق العام 4 آنات.
دباغة الجلود 10 روبيات كل 3 أشهر، ماء الصودا 10 روبيات كل 3 أشهر، مصانع الثلج 20 روبية كل 3 أشهر، مطاحن الدقيق الآلية 20 روبية كل 3 أشهر، مقاهي الدرجة الأولى 5 روبيات كل 3 أشهر، مقاهي الدرجة الثانية 2 روبية كل 3 أشهر، مقاهي الدرجة الثالثة روبية كل 3 أشهر، المطاعم 2 روبية كل 3 أشهر، «الرحة» أو الطحن بواسطة استخدام الحيوان 5 روبيات من الممكن أن يكون مدخول البلدية 6347 روبية من المذكور أعلاه.
هذه هي البلدية التي أسسها المعتمد السياسي في البحرين هارولد ديكسون في 1919، وبصورة مطابقة لبلدية البصرة، واستطاع إقناع الشيخ عيسى بن علي بحاجة البحرين إليها.
بداية العمل بالبلدية
يضيف د.عيسى أمين «في أول يوليو 1920 تم الإعلان عن بداية العمل البلدي، وعين الشيخ عيسى بن علي، الشيخ عبدالله بن عيسى أول رئيس لمجلسها المكون من 8 أعضاء 4 من البحرينيين يختارهم الشيخ عيسى بن علي، و4 آخرين تتم تسميتهم بواسطة المعتمد السياسي من الأجانب التجار، وكان يوم الافتتاح في دار الجمارك مناسبة للمعارضين من التجار والوجهاء الذين سبق أن رفضوا تأسيس أول بنك في البحرين، محاولين عرقلة الاجتماع الأول ورفض المشروع البلدي في البحرين».
ويتابع أمين «لم تكن البداية جيدة، إذ كانت هناك فردية القرار في المجلس، ما جعل بقية الأعضاء في مواقف صعبة وضع نهاية لها المعتمد السياسي بحضوره الشخصي للاجتماعات واتخاذ قرار تصويت الأغلبية، مع أو ضد أي قرار ووضع ذلك نهاية للقرارات الفردية في المجلس البلدي».
ويواصل «في 18 يونيو 1921 عين الشيخ عيسى بن علي، الشيخ حمد بن عيسى رئيساً للمجلس البلدي، واستبدل أمين المجلس الهندي محمد اختر بأمين جديد هو خان صاحب محمد شريف العوضي، ولاقى هذا التغير استحسان التجار في المنامة من جميع الأجناس، وألقيت القصائد والخطب المؤيدة لهذا التعيين الجديد في احتفالات خاصة بالبلدية».
الميجور ديكسون
الميجور هارولد رتشارد ديكسون نوفمبر 1919 - نوفمبر 1920، ولد هارولد ديكسون في بيروت وانتقل مع والديه إلى دمشق حيث كان والده قنصلاً لإنجلترا في دمشق، وقامت بإرضاعه مرضعة من عنيزة، ولذا وفي أعوام قادمة اعتبرته قبيلة عنزة بأنه أحد أبنائها، بينما قال هو إن هذا الرباط مع عنزة كان دافعاً وراء قدراته على التعامل مع بدو الكويت.
في 1896 انتقل إلى فرنسا حيث التقى بزوجته في المستقبل فيوليت التي كانت تعمل في البنك في مارسيل وانتقلت «أم سعود»، كما يطلق عليها في الكويت إلى الهند وتم الزواج هناك، وعمل هارولد ديكسون معتمداً سياسياً في البحرين 1919-1920، حيث أسس أول بلدية فيها عمل بعدها في فارس ومنها معتمداً سياسياً في الكويت 1929ـ1936.
بعد تقاعده عمل في شركة نفط الكويت، وفي عام 2005 توفي ابنه سعود وبقيت ابنته زهرة، كتب ديكسون عن بدو الكويت والسعودية وعن الكويت وجيرانها، وكتبت ابنته زهرة عن عرب الصحراء، وبعدها أعيد ترميم بيته في الكويت بعد الغزو العراقي، ليبقى معلماً من معالم الكويت.
وفي البحرين كان له مجلسه الخاص لاستقبال المواطنين يساعده فرحان الرحمان العراقي، وفي 23 يناير 1920، وبعد مشاورات مع الشيخ عبدالله بن عيسى نيابة عن والده، استطاع بعد موافقة الشيخ عيسى أن يعلن بدء اجتماع المجلس العرفي حيث عين الشيخ عيسى الأعضاء العرب والماجور ديكسون الأجانب، وضمت عضوية المجلس عبدالله بن حسن الدوسري، عبدالرحمن الزياني، عبدالعزيز القصيبي، يوسف فخرو، حاجي عبدعلي بن رجب من طرف الشيخ عيسى، ومحمد شريف عوضي وحاجي عبدالنبي بن أحمد بوشهري وتيكاجانجرام تكمداس وسيت بودا البانيان وحافظ خان بهائي البوهري من طرف ديكسون.