كتب - عادل محسن:
من عمان التي تتربع على منطقة جبلية ممتدة بين الصحراء ووادي الأردن الخصيب كانت نقطة انطلاقنا لاستكشاف ما تتمتع به الأردن من طبيعة خلابة، وتاريخ عريق، هي أرض الحضارات وهي مهبط الرسالات السماوية، وفوق كل ذلك فيها شعب ودود، يلتقيك بمحبة.
كانت رحلة «الوطن» إلى الأردن ضمن زيارة نظمها المركز العربي للإعلام السياحي بالتعاون مع هيئة تنشيط السياحة بالأردن وبدعم من وزير السياحة نايف النايف، وتضم عدداً من الإعلاميين الخليجيين والعرب، زرنا خلالها مدينة جرش التاريخية، والساحة العامة البيضاوية، والسوق الشرقي، وحرم معبد زيوس أولومبيوس، وقلعة عجلون، والبتراء، والبحر الميت، وكلها تأخذك إلى عمق الحضارات التي شهدتها الأردن، يكاد لا يخلو أي موقع من سياح أتوا من مختلف بقاع العالم ليتعرفوا على المملكة العريقة وتاريخها.
وتتميز المملكة الأردنية الهاشمية بمقومات طبيعية أصبحت مقصداً للسائح العربي والأجنبي إلى أن أصبحت السياحة تمثل عائداً مهماً في ميزانية الدولة.
مدينة جرش التاريخية
على بعد 48 كيلومتراً من العاصمة الأردنية عمّان تقع مدينة جرش التاريخية والتي تعد من أكثر المدن الرومانية اكتمالاً في العالم حيث كانت مخبأة تحت الرمال لقرون عديدة قبل أن يتم التنقيب عنها وترميمها من جديد على مدار 70 عاماً، وتضم جرش الشوارع المعبدة والمعابد على رأس التلة والمسارح الجميلة والساحات والميادين العامة والحمامات والنوافير وجدران المدينة الموشاة بالقلاع والبوابات.
وقبل الدخول إلى المدينة يمر السائح بسوق تراثي يسمع فيها صيحات الباعة الأردنيين يصوتون على بضاعتهم الوطنية من ملابس وحرف يدوية وتحف رائعة بعدها يرى طابع المدينة اليوناني – الروماني وهياكلها المستقلة المزينة بالرخام والجرانيت بهندسة متقدمة وأجزاء كبيرة من المدينة مازالت قائمة حتى يومنا هذا.
كانت البداية من قوس هدريان وهو مدخل المدينة من الجهة الجنوبية تم بناؤه كنوع من الترحيب للإمبراطور هدريان عند زيارته لجرش عام 129م بعدها يقع ميدان السباق والذي بني بعدما تم التخلي عن مخطط توسعة المدينة فوق المقبرة الجنوبية وأصبح بناؤه ممكناً في الجهة الغربية من الشارع الذي يبدأ من جراسا (الاسم القديم للمدينة)، وبعد الميدان هو الأصغر من نوعه في الإمبراطورية الرومانية وأفضل ما تم الحفاظ عليه.
الفناء مقوس وتصطف الخيول تمهيداً لبدء السباق بمضمار طوله 265 متراً وعرضه 50 متراً لسباق العربات التي تجره الخيول وانتهى إنشاؤه في القرن الثالث ويتسع لـ 17 ألف متفرج، وتم تحويل الجزء الشمالي من الميدان في أواخر القرن الرابع الميلادي إلى مسرح للمصارعة الرومانية، وتحولت المنطقة في القرن الثامن إلى مقابر جماعية لدفن المئات من ضحايا وباء الطاعون بشكل عاجل ودُمر ميدان جراسا لسباق الخيل جراء زلزال عنيف ضرب المنطقة عام 749م.
الساحة العامة البيضاوية
تحط الساحة الواسعة والتي تتميز بالشكل البيضاوي بالمدينة برصيف عريض وأعمدة يونانية تعود للقرن الأول الميلادي ويوجد ممران في الوسط ونافورة أضيفت في القرن السابع الميلادي، أما شارع الأعمدة فتم رصفه بحجارته الأصلية وآثار عجلات المركبات عليه ولاتزال مرئية، ويبلغ طول الشارع 800 متر ويعد العماد المعماري لمدينة جرش ولايزال يجري تحته نظام تصريف تحت الأرض وعلى جانبي الشارع توجد فتحات لتصريف مياه المطر إلى المجاري.
السوق الشرقي
في مطلع القرن الثاني الميلادي تم بناء سوق يضم 15 محلاً تجارياَ على حدود المدينة على امتداد أول 50 متراً من الطريق الذي كان يؤدي إلى فيلادلفيا (عمّان) وكان ذلك قبل تشييد البوابة الجنوبية التي بنيت فوق أساسات آخر محل تجاري في السوق ضمت هذه المحلات حرفيين ونجارين وتجار فخاريات وعامل برونز واحد على الأقل وكان السوق يخدم القادمين إلى المدينة والخارجين منها، واستمر استخدام المحلات حتى أواخر القرن الثالث الميلادي حين دمر جزء من المدينة بما في ذلك السوق الشرقي إثر حريق شب على الأغلب أثناء تعرض المدينة إلى غارة من مجموعة من اللصوص وقد تم ترميم السوق وإعادة استخدامه لفترة قصيرة بعد ذلك.
حرم معبد زيوس أولومبيوس
وقبل الوصول إلى مسرح جرش التاريخي والذي تقام عليه حالياَ مهرجانات غنائية لا بد من المرور على حرم معبد زيوس ذي الإطلالة الخلابة على الساحة البيضاوية وهو مكان مخصص للعبادة منذ العصر البرونزي وحتى أواخر العصر الروماني الذي شهد بناء العديد من المعالم الدينية والتي استخدمتها الجماعات التي استوطنت المكان لاحقاً، ويتكون حرم المعبد من المصطبة السفلية والمصطبة العلوية وبناهما ديوردوس ابن زبيداس وهو معماري من جراسا.
قلعة عجلون
ومن جرش إلى منطقة عجلون التي تتميز بعجائب الطبيعة والعبقرية المعمارية العسكرية للعرب في القرون الوسطى وفيها أهم الأماكن التاريخية والطبيعية في الشرق الأوسط وهي غابات الصنوبر المترامية الأطراف والقلعة الأيوبية الشاهقة والتي ساعدت في التغلب على الصليبيين قبل 8 قرون.
الوفد الإعلامي جال قلعة عجلون (قلعة الريض) والتي بنيت على يد عز الدين أسامة بن منقذ أحد قادة صلاح الدين الأيوبي عام 1184م بأمر من صلاح الدين على رأس جبل عوف لحماية مناجم الحديد المحلية ومراقبة وردع الفرنجة القادمين من ناحية الغرب، والهيمنة على الطرق الرئيسة الثلاثة المؤدية إلى غور الأردن وعملت على حماية الطرق التجارية بين الأردن وسوريا، وكانت سلسلة دفاعية ضد الصليبيين الذين حاولوا عبثاً على مدى قرون أن يستولوا على القلعة والقرية المجاورة.
تتألف القلعة من أربعة أبراج ويتخلل جدرانها السميكة فتحات لرمي السهام ويحيط بها خندق دفاعي جاف حُفر في الصخر الطبيعي، وفي عام 1260م دمر المغوليون الغزاة القلعة ولكن سرعان ما قام السلطان المملوكي بيبرس بإعادة فتح الحصن وبنائه.
وتعتبر قلعة عجلون معلماً أثرياً رئيسياً في منطقة عجلون وتعلو هذه المنطقة هضاب خضراء حولها ويمكن رؤيتها على بعد عدة أميال الأمر الذي يكشف سر كونها مركز مراقبة عسكري لحماية طرق التجارة في الفترة ما بين القرن الثاني عشر والخامس عشر، وتحتضن القلعة متاهة من الممرات المقببة ودرج متعرج وممرات منحدرة طويلة وغرف كبيرة كانت بمثابة قاعات طعام ومهاجع وإسطبلات إلى جانب الأركان الخاصة بسيد القلعة وبها نوافذ مستطيلة على هيئة فتحات لرمي السهام لأغراض دفاعية.
البتراء
وقضى الوفد الإعلامي ليلة ساحرة في المدينة الوردية (البتراء) إحدى عجائب الدنيا وأحد مواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو وأهم كنوز الأردن.
قام الأنباط في فترة ذهبية من الحضارة العربية بحفر المدينة في الصخر بعدما أقاموا فيها قبل ألفي سنة وصارت على أيديهم نقطة تقاطع مهمة لخطوط تجارة الحرير والتوابل وغيرها تربط الصين والهند وجنوب الجزيرة العربية بمصر وسوريا واليونان وروما، وقد استمرت المملكة النبطية لقرون عديدة واحتلت البتراء أهمية كبيرة لما فيها من ثقافة مميزة وفن العمارة والعديد من السدود والقنوات المائية إلا أن الإمبراطور الروماني تراجان ظفر بهذه المملكة إلى دولته وأنهى حكم الأنباط فيها.
ويوجد في البتراء خيارات متعددة للإقامة حيث تنتشر الفنادق في مدينة وادي موسى وجوارها والتي تقع بالقرب من موقع البتراء، وتنتشر في البتراء المحلات وأكشاك الحرفيين التي تبيع المنتجات المحلية مثل الأشكال الفخارية على الطراز النبطي والأعمال الفضية والإكسسوارات ويتم إنتاجها محلياً من قبل البدو.
البحر الميت
وفي رحلة طويلة من البتراء قضى الإعلاميون ليلة في أكبر منتج طبيعي على سطح الأرض وهو البحر الميت الذي يستمتع فيه زائروه بالاستلقاء على سطح البحر الميت الدافئ والمعروف بملوحة شديدة مسترخياً في جلسة تدليك وأمامه مناظر خلابة ونسيم لطيف بعيداً عن الضوضاء وقريبة من صوت العصافير.
العاصمة الأردنية
عمّان تتربع على منطقة جبلية ممتدة بين الصحراء ووادي الأردن الخصيب وهي نقطة انطلاق لاستكشاف ما تتمتع به الأردن، ويتمركز قرابة نصف السكان المقيمين في العاصمة نظراً لما تشهده من تطور وازدهار وتاريخ وامتزاج فريد بين المباني العصرية والمقاهي الشعبية والأسواق التراثية.
وتعد منطقة وسط البلد مكاناً يضم الإرث الحضاري والتاريخي وجميع أشكال الترفيه المعروفة في الثقافة العربية، وتتميز العاصمة بانتشار محلات الحلويات الشهيرة والمنافسة القديمة بين أشهر محلين هما «حبيبة» و«زلاطيمو» وهي مقصد للأردنيين وللسياح الذين يحرصون على شراء الأنواع المختلفة من الحلويات منها «البقلاوة» و«الكنافة» وجميعها تقدم طازجة وبطريقة مميزة.
واستضافــت قنـــاة anp العراقيـــة وقنـــاة الثقافيــة السعوديــة موفــد «الوطــن» والحديــث عــن أهــم المقومات السياحية في الأردن والحلول التي يمكن أن يقدمها الإعلام للترويج للسياحة العربية وتشجيع السياحة المحلية.