لعل ما يمكن أن توصف به المرحلة الحالية التي تمر بها البحرين، أنها مرحلة حكم القانون، والسعي لترسيخ هذا القانون الذي يحفظ للوطن والمواطن مصالحه.
إنها مرحلة تستدعي الاهتمام الجدي بفرض القانون والنظام على الخارجين عليه، وهو مطلب تترقبه كل مكونات الوطن، من أجل بناء مجتمع آمن، يتلازم فيه الأمن والنمو الاقتصادي وحماية حقوق المواطنين.
من هنا جاء حرص صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء منذ صدور التوجيه الملكي السامي بوضع توصيات المجلس الوطني موضع التنفيذ وبالسرعة الممكنة، على التحرك الفوري لترجمة هذه التوصيات على أرض الواقع وقيام كافة الجهات والأجهزة المعنية كل في نطاق عمله بتنفيذ هذه التوصيات للتصدي للأعمال الإرهابية التي تستهدف أمن واستقرار الوطن.
وجسد ذلك سرعة استجابة الحكومة برئاسة سموه وتفاعلها مع رسالة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى بشأن تنفيذ التوصيات، وحرصها على تنفيذ إرادة الشعب بلا تأخير أو تباطؤ، لاسيما وأن آمال المواطنين كانت معقودة على ما سيتوصل إليه المجلس الوطني من توصيات بعد أن بلغ العنف وتزايد عمليات الحرق والتخريب والإرهاب كافة ربوع المملكة.
وفي إطار التحرك الفوري، بادر مجلس الوزراء إلى عقد جلسة استثنائية برئاسة رئيس الوزراء حدد فيها المجلس آلية العمل والمتابعة ومواعيد تنفيذ توصيات المجلس الوطني والجهات المكلفة بالتنفيذ، وقد عكست المبادرة السريعة بعقد تلك الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء جدية الحكومة في سرعة تنفيذ التوصيات، وتفاعلها الإيجابي مع نبض الشارع البحريني.
وكان رئيس الوزراء حاسماً وحازماً وهو يؤكد خلال الاجتماع على أن الحكومة لن تسمح بأي تراجع أو بديل عن تنفيذ إرادة الشعب، وأنها ستمضي قدماً في ضوء إجماع وطني على ترسيخ الأمن والاستقرار في محاربة الإرهاب والطائفية وبث الكراهية والتحريض في إطار القانون والتزامها بحرية التعبير وحقوق الإنسان. وأكدت الحكومة على أنها ستواجه من أجل فرض الأمن والسلم الأهليين، أي خروج على القانون أو المساس بأمن المواطنين أو الإضرار بالمصالح العامة والخاصة، وستعمل على سد أية ثغرات تحرض على الإرهاب وتدعمه وتموله.
كما حرص مجلس الوزراء على التأكيد أن إصدار المجلس الوطني لتلك التوصيات ينبع من مسؤولية وطنية جماعية تعكس صوت المجتمع البحريني في رفضه للإرهاب وإصراره على عدم التساهل أو التهاون فيما يمس أمن الوطن واستقراره.
وبدا واضحاً أن سرعة التجاوب الحكومي تشكل رسالة لكل من يمارس التحريض والإرهاب والدعم والتمويل، بأن المرحلة المقبلة ستكون أشد صرامة وحزماً في التصدي للإرهاب وحفظ مكتسبات الوطن ومنجزاته.
وكما اعتاد سموه في تقديم النموذج والقدوة في أي تحرك من أجل الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره وحماية منجزاته ومكتسباته، فقد جاءت زيارة رئيس الوزراء إلى وزارة الداخلية، لكي يؤكد لقياداتها وكافة منتسبيها، دعم الدولة الكامل لقيامهم بدورهم الوطني الكبير في حفظ أمن واستقرار الوطن، وتقديرها لجهودهم وتضحياتهم من أجل أمن الوطن واستقرار المواطنين والمقيمين. وكان سموه حريصاً على تأكيد أن مملكة البحرين قيادة وحكومة وشعباً تقف يداً واحدة في مواجهة الإرهاب والمحرضين والداعمين والممولين له، ولن تسمح مطلقًا بأن يتعرض أمن المواطنين والمقيمين للخطر من أي جهة أو تيار يعمل لتحقيق أهداف لا تعلي مصلحة الوطن وشعبه.
ولقد كان سموه واضحاً بأنه لا تهاون أو تساهل في اتخاذ الإجراءات التي تضمن بسط الأمن والاستقرار في ربوع المملكة، وأن أية محاولات للخروج على القانون أو استهداف مكتسبات الوطن ومقدراته التي بناها بعزيمته عبر السنين ستواجه بكل حزم وشدة.
إن أمن الأوطان أمر لا يقبل المساومات أو التنازلات، هذا ما أكده بحسم رئيس الوزراء، وتشديده على أن سيادة الأمن والأمان والاستقرار تشكل دعامة أساسية في سبيل تحقيق التنمية والرفاه الاجتماعي والاقتصادي. وقد أثبتت تجارب التاريخ أن كل من يستهدف العبث بأمن الوطن واستقراره، سيكون مصيره الفشل والخسران، وهذا ما أشار إليه سموه، وأكد أن البحرين كانت وستظل عصية على من يريدون تقسيم شعبها وتفتيته لتحقيق مآرب خاصة.
وحرصاً من رئيس الوزراء على التقدير للمواقف الوطنية المشهودة لممثلي الشعب، جاءت زيارة سموه إلى مجلس النواب واجتماعه مع رئيسي مجلس النواب والشورى وأعضاء هيئة مكتبي المجلسين، ورؤساء الكتل البرلمانية، والتي أكدت حرص الحكومة على التعاون مع السلطة التشريعية في تنفيذ التوصيات التي أقرها المجلس الوطني لمكافحة الإرهاب.
ويرى رئيس الوزراء أن تلك التوصيات، عبرت عن نبض الشارع وتفاعلت مع المطالبات الشعبية المستمرة بالتعامل بحزم مع العنف والإرهاب وتشديد العقوبات على كل المحرضين والداعمين والممولين له. وشدد سموه على أن الإرهاب لن يجد له موضع قدم في مملكة البحرين بعد الآن، وأن سلطة القانون ستكون لها الكلمة العليا، ولن يفلت المحرضون والداعمون والممولون للإرهاب من العدالة. وفي الوقت نفسه أكد سموه أن المسؤولية الوطنية تحتم على الجميع أن يقفوا صفاً واحداً في مواجهة كل من يريد النيل من أمن الوطن واستقراره تحت مزاعم وأباطيل لم تعد تنطلي على أحد داخلياً أو خارجياً.
كما جاءت زيارة رئيس الوزراء إلى غرفة تجارة وصناعة البحرين «بيت التجار»، لتؤكد حرص سموه على التواصل مع كل شركاء الوطن، وإطلاعهم على الجهود التي تقوم بها الحكومة والخطوات التي اتخذتها لتنفيذ توصيات المجلس الوطني.
وتأتي الزيارة أيضاً لكي تؤكد لتجار البحرين ورجالات الاقتصاد فيها عزم الحكومة، على التصدي بلا تهاون أو هوادة لكل المحاولات الإرهابية، التي تستهدف عرقلة النجاحات الاقتصادية وتعثر مسيرة التنمية، لاسيما وأن تجار البحرين تضرروا من أعمال العنف والإرهاب ومحاولات تيارات التأزيم القيام بمسيرات وتظاهرات في مناطق عديدة بالعاصمة المنامة لعرقلة الحركة التجارية.
وهكذا فإن التحرك الفوري والسريع من رئيس الوزراء والتواصل مع السلطة التشريعية، يجسد ويؤكد الدور التاريخي لسموه في المنعطفات التاريخية المهمة التي مرت بها مملكة البحرين، وكما كان سموه بحق «رجل الاستقلال» فإنه سيظل «صمام الأمان» لهذا الوطن وشعبه الوفي وكل من يعيش على هذه الأرض الطيبة.