صنعاء - (إيلاف): في دائرة الضوء، يجد نائب الرئيس اليمني ورئيس الوزراء خالد محفوظ بحّاح الأكثر حظوة لتحمل المسؤولية الأولى للتصدي لتداعيات المرحلة اليمنية المقبلة وتحمل مسؤولياتها «الثقيلة»، وتذهب بعض المصادر إلى حدود ترشيحه لمنصب رئاسة الجمهورية «عاجلاً أو آجلاً».
ومع الإعلان عن عملية «إعادة الأمل» والشروع بخطوات التهيئة لاستئناف العملية السياسية، وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، بدأت بورصة الترشيحات للشخصيات التي سيعهد إليها للقيام بقيادة المرحلة المقبلة.
وتعتقد مصادر متخصصة في شؤون اليمن بأن خالد بحاح ابن حضرموت ربما يخلف هادي «70 عاماً» الذي يعاني أمراضاً في القلب، وتعتبره الرجل الأوفر للمهمة يسعفه في ذلك صغر سنّه «50 عاماً». وكان محللون رأوا في خالد بحاح «كاريزما» من نوع آخر، وهي تبدّت خلال مؤتمره الصحافي الذي عقده في الرياض غداة تعيينه نائبًا للرئيس، إضافة إلى فهمه العميق لأسباب الأزمة وسبل الخروج منها.
مصادر يمنية حددت، حسب صحيفة «أخبار اليمن»، 5 أسباب لتعيين بحاح نائباً للرئيس، وتبدو جميعها مؤهلات تمكنه من خلافة هادي الجنوبي هو الآخر - من محافظة أبين - الذي تسلم عام 2012 السلطة من الرئيس آنذاك علي عبد الله صالح، تحت وطأة احتجاجات شعبية انطلقت في العام السابق.
تلك المؤهلات حسب المصادر اليمنية، هي، تقوية مؤسسة الرئاسة وإعادة الثقة إليها، والتحسب لتداعيات مرض هادي الذي أجرى عملية قلب مفتوح ويحتاج لرعاية صحية دائمة، وتمتع بحاح بعلاقات جيدة مع أطراف الصراع في اليمن، ومع رجال أعمال يمنيين في الخليج يمكنهم دعم تنمية البلاد عقب انتهاء الحرب، فضلاً عن قدرته، على عكس الرئيس، التحرك بسهولة على الصعيد الدولي لتوفير إسناد سياسي لعملية «إعادة الأمل».
وفضلاً عن ذلك، فإن بحاح، يحظى بتوافق غالبية القوى السياسية اليمنية، ما رشحه لتشكيل حكومة كفاءات أواخر العام الماضي، في أعقاب سيطرة مسلحين حوثيين على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر الماضي.
وقبل تشكيله حكومة الكفاءات، كان بحاح حامل درجة الماجستير في إدارة المال والأعمال من جامعة بونا الهندية، يشغل منصب ممثل اليمن لدى الأمم المتحدة.
ومن بين الآراء التي تلفت الانتباه للدور المنتظر لخالد بحاح، ما صرح به الأمين العام السابق للحزب الاشتراكي اليمني ياسين سعيد نعمان حين قال إن قرار تعيين خالد بحاح نائباً للرئيس، ورئيساً للوزراء، مؤشر هام على العودة إلى العملية السياسية بالبلاد، ويحمل في طياته رسائل عديدة، من بينها أن اليمن مازال يمتلك خيارات التوقف عند هذا المستوى من الدمار، الذي تسببت فيه «شياطين الحروب».
ورأى ياسين أن «ترحيب دول مجلس التعاون الخليجي بالقرار، يحمل، هو الآخر، دلالات حرص على استقرار اليمن من خلال العودة إلى العملية السياسية التي سبق للمجلس أنْ رعاها». كما إن بحاح يحظى بقبول لدى المجتمع الدولي والإقليمي، وقد عمل مندوباً دائماً للجمهورية اليمنية لدى الأمم المتحدة، وله سمعة طيبة في إدارته للحكومة، قبل أن ينقلب عليها الحوثيون.
وتقول المصادر اليمنية إن كل هذه العوامل ربما تصب في مصلحة بحاح، ومساعدته على تحقيق العودة إلى العملية السياسية، ووقف الحروب المشتعلة في أكثر من جبهة يمنية.
من جهتها، كانت نشرة «شؤون خليجية» الإلكترونية نقلت عن حسين الصادر، وهو كاتب وباحث يمني، قوله إن تعيين بحاح كنائب للرئيس في مثل هذه الظروف أمر مهم، وحيوي لأسباب كثيرة، أهمها أن بحاح ينتمي للجيل الجديد من السياسيين، وهذا الجيل ربما تكون لديه مرونة أكثر وبراغماتية فعّالة بعيداً عن الجمود التقليدي». وقال الصادر «في الحقيقة إن المناصب التي شغلها بحاح في ظروف مختلفة لم تسمح باختبار قدراته كثيراً، لكن من خلال الأزمة التي مرت بها اليمن مؤخراً، وأثناء فرض الإقامة الجبرية عليه من قبل الحوثيين، أثبت، إلى حدٍ ما، أنه قوي، وهذا مؤشر جيد ينبئ بمستقبل جيد لإدارته مستقبلاً، غير أنه من المبالغ فيه أن نطلق على أي قائد سياسي في قمة الهرم، ومتوافق عليه من الجميع، أنه يمثل مخرجًا سياسيًا، بقدر ما سيكون راعيًا أمينًا لإدارة التحول، وتحقيق الإنجاز والعبور بنجاح».
وأضاف الباحث اليمني «لقد حظي بحاح بتوافق داخلي وخارجي كرئيس حكومة، وأعتقد أن هذا التوافق سوف يستمر، وسيحظى بدعم كبير من جميع الأطراف، ما يمنحه صلاحيات كبيرة، مع الإشارة إلى أنه من الخطأ الاعتقاد بأن النجاح يأتي من القدرات الفردية وحدها، بل يظل الأمر مرهونًا في الإدارة الحديثة بصناعة القرار بشكل حديث وتشاركي».
وخلص إلى القول «الوضع السياسي في اليمن معقد للغاية، وفي تقديري أن صناعة القرار سوف تخضع لنوع من العلمية، ومثل هذه القرارات تحتاج قائدًا شابًا وقادرًا على الحركة، وسوف يكون بحاح تحت المجهر سواء من حيث القدرات، أو ما إذا كان يتمتع بخيال خصب».
يذكر أن بحاح كان حمل حقيبة وزارة النفط والمعادن 3 مرات في حكومتي عبدالقادر باجمال وعلي مجور، وعمل سفيراً لدى كندا ومندوباً لدى الأمم المتحدة، قبل تكليفه بتشكيل الحكومة خلفاً لمحمد باسندوة في 13 أكتوبر الماضي.