أكد مدير عام السياسات والأجور بديوان الخدمة المدنية عادل حجي ضرورة خلق التكامل بين أسواق العمل الخليجية والاستفادة من الفوائض في الخبرات والمؤهلات والقدرات الخليجية، وإعداد دراسات استراتيجية دقيقة في تخطيط القوى العاملة على مستوى دول المجلس، وإنشاء قواعد بيانات متكاملة مشتركة بين دول المجلس، وربط أجهزة التقاعد والتأمينات الاجتماعية بدول المجلس إلكترونياً، وسن التشريعات المناسبة والصارمة بشأن الاستفادة من القوى العاملة الأجنبية وأولوية تشغيل المواطن الخليجي.
وخلص حجي، من خلال ورقة عمل بعنوان «مستقبل سوق العمل الخليجي» تقدم بها في مؤتمر الموارد البشرية الذي انعقد بالإمارات مؤخراً، إلى ضرورة «تثبيت أولوية حق العمل للمواطنين الخليجيين في جميع دول الخليج بتسهيل الهجرة والتنقل والإقامة، ونشر ثقافة العمل المهني والاحترافي وإنشاء المعاهد التطبيقية (البوليتكنك)، ووضع سياسات محفزة وداعمة لتوظيف المواطن الخليجي، علاوة على إنشاء مرصد خليجي موحد لسوق العمل ليشكل مصدراً رئيسياً لمتخذ القرار في مختلف الخطط والبرامج التعليمية والتدريبية الهادفة إلى رسم الاستراتيجيات وتقليص فجوة المهارات وسد الثغرة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، وإعادة تأهيل ذوي التخصصات غير المرغوبة في سوق العمل لسد فجوة المهارات، وتأهيل وتدريب وإدماج المتسربين من التعليم النظامي في سوق العمل، وذلك لتحقيق الأمن الاجتماعي».
وقال إن «قادة دول مجلس التعاون أعطوا أولوية كبيرة للتنمية البشرية لما لهذه القضية من أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية وحقوقية، بل لأن أهميتها تزداد يوماً بعد يوم لما يمر به العالم من آثار سلبية على أسواق العمل بسبب التقلبات الاقتصادية والنفطية في الأسواق الدولية».
وأضاف مدير عام السياسات والأجور أنه «مصداقاً لاهتمام قادة دول مجلس التعاون الخليجي في الموارد البشرية، فقد تقرر إنشاء السوق الخليجية المشتركة ابتداء من العام 2008 في إعلان الدوحة بناء على قرار قادة دول مجلس التعاون، إيماناً منهم بأهمية التكامل الاقتصادي بين دول المجلس لما يعود بالنفع المباشر على مواطني المنطقة ويشجع الاستثمار في مجال التدريب والعمل بين أبناء المنطقة، والذي جاء تعبيراً عن وعي هذه الدول وإدراكها لطبيعة المرحلة التاريخية الدقيقة التي تمر بها المنطقة وما تواجهه من تحديات تبرز في كافة قضايا المجتمع وفي مقدمتها القضايا العمالية والاجتماعية التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً ومباشراً بقضايا تنمية ورفاه الإنسان باعتباره وسيلة وغاية بناء الوطن وازدهاره».
وأوضح حجي أن «دول مجلس التعاون الخليجي حققت معدلات نمو اقتصادية مرتفعة في الفترة الماضية التي كانت فيها أسعار النفط مرتفعة، وقد رادف ذلك ارتفاع كبير في معدلات التوظيف في سوق العمل الخليجي، وفي المقابل بلغ متوسط معدل النمو السكاني في دول المجلس حوالي 3.3% في السنوات 2009 - 2013 بحسب مجموعة QNB كابيتال، وبهذه النسبة تعتبر دول مجلس التعاون واحدة من أسرع المجتمعات السكانية نمواً في العالم باستثناء أفريقيا، كما تتميز بأنها من الدول الفتية في أعمار مواطنيها إذ تبلغ نسبة الأطفال دون سن 15 عاماً 36% في حين تبلغ نسبة الفئة القادرة على العمل (15-60 عاماً) 60% بحسب النشرة الاقتصادية للأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي وهذا يعني ارتفاع معدلات الداخلين إلى سوق العمل».
وأشار إلى أن «المتغيرات والتحديات التي تواجه سوق العمل الخليجي من زيادة النمو السكاني المستمر الذي يعتبر الأعلى في العالم وسياسات التوظيف في القطاع الحكومي، وغياب التخطيط الاستراتيجي للقوى العاملة في القطاع الحكومي، بالإضافة إلى قدرة الرواتب والأجور والمزايا الوظيفية على الاستقطاب، ومواءمة مخرجات التعليم مع احتياجات قطاعي العمل العام والخاص»، مؤكداً أنه «بات من الضروري وضع إطار خليجي للمؤهلات».
وحول خصائص موظف المستقبل قال حجي إنه «من الواضح جداً بأن موظف المستقبل (الجيل الجديد) لن يكون مثل موظف اليوم ولا الأمس بالطبع، فسرعة التغيير في شتى مناحي الحياة وبالذات في النواحي التكنولوجية والتقنية سوف تفرض تغييراً سريعاً أيضاً في الواقع الوظيفي وبالتالي إما أن نغير أو نتغير، وأكد أن هجرة المواهب من العمل في القطاع الحكومي تعتبر ظاهرة خطيرة تتطلب المواجهة ووضع الحلول والخيارات العلمية لمواجهتها، وشدد على أن استقطاب النخب للعمل في قطاع العمل الحكومي والمحافظة عليها واحدة تعتبر من أهم التحديات التي يواجهها متخذ القرار في قطاع العمل الحكومي في دول المجلس».
وتابع أن «أنظمة الرواتب والأجور والمزايا الوظيفية والتطور الوظيفي ليس لديها القدرة على جذب واستقطاب المواهب والكفاءات المتميزة وذات التأهيل والخبرة العالية لأسباب كثيرة متعلقة بتضخم حجم الجهاز الحكومي وما يتبعه من ميزانيات مترهلة وفي المقابل ضعف نظام إدارة الأداء، وقال «ومن أجل تفعيل فكرة استقطاب واحتضان المواهب والكفاءات المتميزة للعمل في القطاع الحكومي يتطلب الأمر طرح سياسات وأنظمة جديدة تشجع المواهب وأصحاب الكفاءات للالتحاق بالعمل الحكومي».