خلص تقرير متخصص إلى أن قادة دول مجلس التعاون الخليجي يهدفون من وراء القمة التشاورية المزمع عقدها في الرياض اليوم إلى حماية الأمن القومي لدول التعاون في ظل تهديدات ومخاطر تحدق بالمنطقة.
وأكد التقرير الذي بثته وكالة أنباء البحرين «بنا» أن أهمية القمة تتأتي من عوامل عدة بينها التوقيت الذي يأتي بعد انتهاء «عاصفة الحزم» لدعم الشرعية باليمن وبدء «إعادة الأمل»، وبروز ملامح تغييرات بالقيادة في السعودية، وانعقادها قبل أسبوع من قمة قادة التعاون والرئيس الأمريكي باراك أوباما، إضافة إلى طبيعة الموضوعات والتحديات الجسام التي تتناولها شاملة الإرهاب والملف النووي الإيراني، إلى جانب حلم الوحدة الذي بات واقعاً ملموساً بعد «عاصفة الحزم».
وقال التقرير إن «مشاركة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد في القمة التشاورية لأصحاب الجلالة والسمو قادة المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية تأتي لتؤكد أن البحرين، قيادة وحكومة وشعباً، كانت ومازالت حريصة على بذل كل ما تستطيع وبالتعاون مع شقيقاتها الخليجيات لمجابهة أية عقبات تواجه مسيرة وحدة دول التعاون، أو تنال من أمنها واستقرارها». وأوضح أن «المشاركة البحرينية في أعمال القمة المرتقبة، تأتي في وقت يحبس فيه الجميع أنفاسه انتظاراً لما قد تسفر عنه تطورات الأوضاع في المنطقة على خلفية ما تشهده من أحداث جسام ربما تغير وجه العالم مستقبلاً، سيما في ظل التهديدات التي تواجه دول التعاون الخليجي على الصعد كافة، وحاولت النيل من ترابها الوطني ومقدراتها، وسعت لتقويض مسيرتها الوحدوية، وتحتم ـ في الحقيقة ـ التنسيق والتشاور المسبق بين القادة والزعماء الخليجيين، خاصة قبيل اجتماعهم المنتظر مع الرئيس الأمريكي في كامب ديفيد منتصف الشهر الحالي».
وكان وزراء خارجية دول التعاون الخليجي اجتمعوا في لقاء تحضيري الخميس الماضي لمناقشة جدول أعمال القمة التشاورية المرتقبة، لدراسة الترتيبات المناسبة كي تخرج اجتماعاتها بالنتائج المرجوة لها في ظل الآمال الكبيرة المعقودة عليها لمواصلة استكمال مسيرة العمل الوحدوي لدول المجلس، والتعاطي مع مستجدات الوضع في اليمن بهدف تعزيز الشرعية الدستورية واستئناف العملية السياسية هناك وفق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، إضافة إلى التطورات التي يفرضها اتفاق «لوزان»، وأثر كل ذلك على توازنات القوى في منطقة توصف باعتبارها الأكثر محورية وسخونة وتوتراً في العالم.
وأشار التقرير إلى أن «القمة الخليجية التشاورية- وبحضور فاعل من القيادة البحرينية التي لا تترك مناسبة بهذه الحيوية إلا وشاركت فيها بوفد عال المستوى يتقدمه جلالة العاهل المفدى الذي يحرص دوماً على كل ما من شأنه دعم أواصر اللحمة الخليجية- تحظى باهتمام كبير من السياسيين والمراقبين، فضلاً عن الشعوب الخليجية ذاتها، ويرجع ذلك لأكثر من عامل».
وأوضح التقرير أن من بين العوامل «توقيت انعقاد القمة، حيث الظروف والأجواء المحيطة التي سبقتها وتخللتها، ولعل أبرزها انتهاء عملية عاصفة الحزم لاستعادة الشرعية في اليمن الشقيق، وبدء عملية إعادة الأمل التي تهدف لوضع اليمنيين من جديد على بداية طريق التنمية والتقدم، فضلاً بالطبع عن الأوامر الملكية السعودية الأخيرة بتعيين ولي عهد وولي ولي عهد جديدين، والتي اعتبرها مراقبون رسالة لكل من يهمه الأمر بمواصلة عمليتي البناء والتحديث، وربطوا بينها وبين الانتهاء من العمليات الحربية ومواجهة ميليشيات الحوثيين في خاصرة شبه الجزيرة العربية».
وأضاف التقرير أن «هذا التوقيت يبدو مهماً بالنظر إلى ما أفرزته هذه الظروف في مجملها من تداعيات ومخاطر، وما فرضته من تحديات وتهديدات تستوجب سرعة التعامل معها ومواجهتها بمنطق ورأي واحد، حيث الحاجة لموقف سياسي ودفاعي وأمني واقتصادي واحد في مواجهة خارطة التهديدات المشتركة التي تحتم التعاطي معها من فوق جبهة أمنية واحدة، وهو ما أكدت عليه البحرين على لسان وزير داخليتها الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، وذلك في الاجتماع التشاوري الـ16 لوزراء الداخلية الخليجيين الذي استضافته العاصمة القطرية الدوحة يوم الـ 29 من أبريل، وذلك قبل أيام من انعقاد قمة القادة الزعماء». وتابع التقرير أن من بين عوامل أهمية القمة «طبيعة القضايا المحورية التي يتعين على قادة الدول الخليجية اتخاذ قرارات مصيرية بشأنها، وهي بلا شك قضايا حيوية تمس استقرار دول المنطقة في مجموعها وأمن شعوبها، ويأتي في مقدمة هذه القضايا الملف اليمني، حيث ضرورة البناء على ما حققته عملية عاصفة الحزم من نتائج ومواصلة الإجراءات التي تستجيب لنداءات الشعب اليمني في استعادة الأمل وبدء مستقبل جديد بعيداً عن التوتر الذي تفرضه ميليشيات الحوثيين، وتهدد بتقويض السلم العام هناك».
وأكد التقرير ضرورة «بحث وتدارس الملف النووي الإيراني، والمستجدات الناتجة عن مفاوضات مجموعة 5+1 مع إيران، بعد أن أسفرت عن اتفاق إطاري مبدئي تم التوصل إليه في لوزان، يأمل القادة الخليجيون أن يؤدي إلى اتفاق شامل يسهم في تعزيز أمن المنطقة واستقرارها وبما يضمن سلمية البرنامج النووي الإيراني، وينسجم مع كافة المعايير الدولية، ويعالج المشاغل البيئية لدول المجلس، بحيث يوضع تحت الإشراف الكامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك حسبما نص البيان الصادر عن الاجتماعات التشاورية لوزراء الخارجية دول المجلس في الرياض نهاية شهر أبريل الماضي».
وأشار التقرير إلى أن «القضية المحورية الأبرز، هي اللقاء المنتظر أن يجمع قادة دول التعاون مع الرئيس الأمريكي في قمتهم التي يستضيفها منتجع كامب ديفيد منتصف شهر مايو الحالي، ويلاحظ هنا أن القمة التشاورية الخليجية تسبق انعقاد القمة المنتظرة بنحو أسبوع كامل، وتستهدف ليس فقط التباحث بين حليفين مهمين امتدت العلاقات الاستراتيجية بينهما على مدار عقود وعقود، وشملت الجوانب الأمنية والعسكرية والاقتصادية، علاوة على السياسية، والتشاور بشأن سبل حلحلة النزاعات والتوترات الإقليمية المختلفة، ومنها الملف اليمني بطبيعة الحال، وإنما تطمين دول المنطقة وتهدئة مخاوفها بشأن اتفاق لوزان وما قد يستتبعه من نتائج إذا لم تحد طهران من تدخلاتها الإقليمية في الشؤون الداخلية للدول العربية».