لو تتبعنا التاريخ الإنساني قديماً وحديثاً من حيث القوى الكبرى، لوجدنا قوى هدفها التوسع والسيطرة وقهر الشعوب المغلوبة مثل الإمبراطورية الفارسية وإمبراطورية الروم والفراعنة وغيرهم.
وبعد ظهور الإسلام، تشكلت قوى إسلاميـة قائمة على نشر التوحيــد والعدل، وتحرير البشر من العبودية والذل، وسحق الإنسان، إما للونه أم لعرقه أو معتقده، أو قياساً على غناه أو فقره، أو أصله وفصله، نهجهم قوله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم) آية 13 من سورة الحجرات، وأي قول أبلغ من هذا القول؟
وعندما تقاتل المسلمون بعضهم ببعض من أجل حطام الدنيا، ومن ثم تفرقهم شيعاً وأحزاباً، آلت دولتهم، وسلط الله عليهم من لا يرحمهم، والشاهد على ذلك الاستعمار الغربي من المشرق إلى المغرب العربي، إلا المملكة العربية السعودية التي حفظها الله تعالى ببركة الحرمين الشريفين وحكمة ملوكها الكرام.
وهناك دول برزت في آسيا ذات قوة مثل اليابان والصين، وروسيا من بعد الثورة الشيوعية عام 1917، ويجب أن أذكر بالإمبراطورية العثمانية.
ومن بعد الحرب العالمية الثانية 1939-1945، قامــت ثورات فـــــــــي الوطــــن العربـــي ضـــد الاستعمـــار الفرنسي والبريطاني الذي مهد وأعان على تسليم فلسطين للعصابات الصهيونية. ولم يكن هناك تنسيق أو اتصال بين هذه الثورات العربية -كل في حدوده- منهم من طال نضاله، وفقد الملايين من أبنائه، ومنهم تحقق له النصر والتحرر بتكاليف أقل، لكنه ضحى بتضحيات جسام مسجلة في سجل المجد والخلود.
والاستعمار القديم، لم يرق له هذا الأمن والاستقرار والتنمية الشمولية في الوطن العربي، خاصة بعد اكتشاف البترول، فأخذ يدس الدسائس، وتأليب الشعوب على حكوماتهم، وتمزقت كل دولة شر ممزق، وحصل المستعمر القديم الجديد على موقع قدم في كل دولة، حسب نظريات مسبقة وكأننا حقل تجارب، وسمى هذه النظريات أولاً الفوضى الخلاقة، وأخيراً الربيع العربي وهي في الحقيقة الخراب العربي، ومازال هذا الاحتراب قائماً في الدول العربية التي صدقت بالربيـــع العربــي، يحصـــد عشـــرات الآلاف من الشباب العربي، المفروض إعدادهم لتحرير الأرض الفلسطينية المحتلـــة مـــن بعـــد حــــرب 1967، والجولان وجنوب لبنان أيضاً.
الاجتمــاع الأخير في الجامعة العربيـــة بالقاهـــرة لرؤســـاء الأركـــان العــرب لتأسيس جيش عربي قوي يعتمد عليه للدفاع عن الأوطان العربية ضد العدوان المشترك، هذا الإجماع على ولادة قوة عربية، هو نتيجة حتمية لعاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية وحلفائها، دحراً لمن تسول له نفسه الانشقاق عن الجماعة والشرعية بوسائل تصدع الوحدة الوطنية ولا تبني رفاهية للأجيال القادمة ولا مستقبلاً مزدهراً، واليمن كمثال على ذلك حاضراً، وفي أي دولة عربية في قادم الأيام.
ومن هذا المنطلق، علينا التركيز على التصنيــع المدني والحربــي والتنميــة المستدامة التي تنمي رأس المال وتكرر دوران عجلة الاقتصاد وتسلح المواطن العربي بالعلم والمعرفة، إذا أردنا فعلاً الاعتماد على أنفسنا في السلم والحرب.
يوسف محمد بوزيد
مؤسس نادي اللؤلؤ سابقاً وعضو مجلس بلدي سابق