تفضل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه فشمل برعايته الكريمة حفل ( تدشين مصحف البحرين ) في احتفال جرى هذا اليوم بقصر الصافرية وذلك ضمن الاحتفال بليلة القدر المباركة وذلك بحضور سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ورئيس وأعضاء لجنة مراجعة المصحف وأعضاء المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية .

وقد بدأ حفل التدشين بتلاوة عطرة من القرآن الكريم ، ثم ألقى سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية كلمة قال فيها :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي شرَّفنا بفضله فاختارنا من بين العالمين، وهدانا لتوحيده فصرنا مسلمين، وأرسل إلينا خير خلقه وخاتم رسله أجمعين، وأنزل فينا وبلساننا أعظم كتبه رحمة للعالمين ، بلسانٍ عربيٍّ مبين.

والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمدٍ النبيِّ الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغرِّ الميامين، وعلى التابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين أيده الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،

أما بعد ،

فأرفع إلى جلالتكم أسمى آيات التبريك والتهاني بالعشر الأواخر من شهر رمضان المعظَّم.. ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَـاتٍ مِّنَ لْهُدَى وَالْفُرْقَانِ))، وأبارك لجلالتكم ليلة السابع والعشرين من هذا الشهر الفضيل التي تُرجى فيها ليلة القدر، التي اختصَّها الله تعالى بإنزال القرآن الكريم فيها، ورفع مكانتها، وأعلى قدرَها، وجعلها خيرًا من ألف شهر. يقول ربُّ العزَّة في محكم التنزيل: ((إِنَّآ أَنزَلْنَـاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ والرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ )).. ضارعًا إلى الله العلي القدير أن يديم على جلالتكم موفور الصحة والعافية .

إنَّه ليشرِّفني – يا صاحب الجلالة- في هذه الليلة المباركة من شهر رمضان المعظَّم ، أنْ أقدِّم إلى جلالتكم مصحف البحرين ، الذي يُعدُّ أول مصحفٍ تطبعه مملكة البحرين من أصلٍ مخطوطٍ مملوكٍ للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، بخطِّ الخطاط العالمي الدكتور عثمان طه .

صاحب الجلالة ،

لقد تولَّت مراجعة مصحف البحرين وتدقيقه في جميع مراحله لجنةٌ علميةٌ رفيعة ، مكونةٌ من أربعة عشر عضوًا من مختلف دول العالم الإسلامي، برئاسة فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور أحمد بن عيسى المعصراوي – رئيس شيخ عموم المقارئ المصرية، ورئيس لجنة مراجعة المصحف بالأزهر الشريف. وقد استمرَّ العمل في مراجعة هذا المصحف وتدقيقه أكثر من عامٍ ونصف العام، بعد أن أمضى الخطَّاط أعوامًا في خطِّه وكتابته .. واليوم ، وبحمد الله وتوفيقه تتكلَّل هذه الجهود الحثيثة بالنجاح بطباعة الطبعة الأولى من مصحف البحرين.. ليدشَّن هذا المشروع رسميًّا في ليلة القدر من شهر رمضان المبارك للعام 1434هـ .


ولم يكن هذا الإنجاز ليتحقق لولا توفيق الله تعالى وتيسيره أولاً، ثم الرعاية السامية من لدن جلالتكم، وتوجيهاتكم السديدة، واهتمامكم الكريم بكل ما من شأنه خدمة القرآن الكريم، ورعاية المصحف الشريف. وما اختيار جلالتكم شخصيةً للعام 1434هـ في خدمة القرآن الكريم من قبل الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم التابعة لرابطة العالم الإسلامي إلا تقديرٌ وإشادةٌ بهذه الرعاية وهذا الاهتمام .

والآن .. اسمحوا لي يا صاحب الجلالة أن أقدم إلى جلالتكم النسخة الأولى من مصحف البحرين .

بعد ذلك قدم سمو الشيخ عبدالله بن خالد ال خليفة إلى جلالة الملك المفدى النسخة الأولى من مصحف البحرين .

ثم ألقى الشيخ الأستاذ الدكتور احمد عيسى المعصراوي رئيس شيخ عموم المقارئ المصرية ورئيس لجنة مراجعة المصحف بالأزهر الشريف كلمة قال فيها:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أنزل الكتاب ولم يجعل له عوجًا، والصلاة والسلام على رسول الله الذي علمه ربُّه ما لم يكن يعلم ، وكان فضل الله عليه عظيمًا ، وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا .

حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين أيَّده الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . أما بعد ،

فهذه ليلة مباركة ، فيها أُنزل القرآن الكريم على قلب النبي العدنان ، صاحب الرسالة العصماء المؤيدة بهذه المعجزة الخالدة، ألا وهي القرآن الكريم ، الذي تشرَّفت به هذه الأمة، فصارت خير أمة أُخرجت للناس، وعلا به قدرها بين الأمم، حين جعلته دستورًا لها يحكم حياتها، ومنهجًا ينظِّم سلوكها، ونبراسًا يرسم طريقها، ونورًا تصل به إلى صراط الله المستقيم، وروحًا تحيا به بين الأمم، وبدونه تصير كالجسم الذي لا روح فيه؛ يقول تعالى: (( وَكَذَ‌الِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ، مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَـابُ وَلَا الْإِيمَـانُ وَلَـكِن جَعَلْنَـاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَ‌اطٍ مُّسْتَقِيمٍ )) .

وحين تمسَّك به سلفنا الصالح الذي تربَّى على هذه المأدبة (مأدبة القرآن) ساد وقاد العالم كلَّه بها ؛ لأنهم عرفوا للقرآن حقَّه ومكانته، فعظَّموه وقدَّسوه، وقَدَروه حقَّ قدرِه ، فلم يألوا جهدًا في حفظه والحفاظ عليه حتى قاموا بنقله وجمعه من العظام والأكتاف والعُسب والأحجار وغير ذلك ، مما كان ميسورًا لهم ، حتى وصل إلينا بهذه الصورة العظيمة، سليمًا في صورته وضبطه، فلم تدخله يد التحريف أو التبديل من نقصٍ أو زيادة. وظلَّ هكذا محفوظًا - كما نرى - بجهد العلماء المخلصين المتخصِّصين، وسيظلُّ محفوظًا إلى أنْ يرث الله الأرضَ ومن عليها؛ مصداقًا لقوله تعالى : ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَه لَحَـافِظُونَ)) .

وإيمانًا بالقرآن الكريم ، واستشعارًا لعظمته والحاجة إليه في مجتمعاتنا المسلمة ، عملت مملكة البحرين ، وبرعاية من صاحب الجلالة الملك ، على أن يكون لها شرف المشاركة في طباعة المصحف الشريف ، وشرف أنْ يحمل اسم "مصحف البحرين" ، فاضطلع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمملكة البحرين وبتوجيهات ومتابعةٍ من رئيسه سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة حفظه الله بهذا المشروع المبارك، فكلَّفت شيخ الخطَّاطين الشيخ الأستاذ/ عثمان طه خطَّ مصحف البحرين .. وبحقٍّ أقول : لقد أبدع الشيخ عثمان طه في إخراج المصحف بدقةٍ وبروعةٍ متناهيتيْن؛ فقد وضع في مصحف البحرين خلاصة خبرته وتجاربه في خطِّ المصاحف .

وحرصًا من المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية على تنزيه المصحف عن أيِّ أخطاء ، شكَّل لجنةً متخصِّصةً لفحص المصحف ومراجعته وتدقيقه ضمَّت كبار علماء هذا الفن من عددٍ من الدول الإسلامية . وقد قامت هذه اللجنة بمراجعة المصحف على أمهات كتب القراءات والرسم والضبط وعد الآي "الفواصل" .

صاحب الجلالة ،

يخرج مصحف البحرين اليوم بحمد الله وتوفيقه بعد مراحل متعددة استغرقت نحو عام ونصف العام ، وها هي النسخة الأولى منه بين يدي جلالتكم، إيذانًا بتدشين هذا المصحف الشريف ليكون بين أيدي شعب البحرين الكرام ، وليسعدوا به قراءةً وتدبُّرًا وحفظًا .

وفي الختام ، أسأل الله العلي القدير أنْ يجعل هذا العمل الجليل في ميزان حسنات ولي الأمر في هذه البلاد العامرة بالخير ، وأنْ يحفظ به مملكة البحرين وأهلها، وأنْ يجعلها بلدَ أمنٍ وأمانٍ ، وسلامٍ واستقرارٍ ، وأنْ يقيها شرَّ الأشرار ، وأنْ يوفق أهلها إلى الخير ، ويجمع كلمتهم على الحق ، ويهديهم سبلَ الرشاد ببركة القرآن الكريم ، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

وقد تفضل جلالة الملك المفدى بتوجه كلمة هذا نصها :

نبارك لكم بهذه الليلة المباركة ونشكر الجميع على ما بذلوه من جهود مشكورة لإخراج النسخة البحرينية من المصحف الشريف بكل دقة وإتقان ، ولا شك أن هذا العمل يشرفني ان استلمه منكم وفي هذه الزمان والوقت الذي بالفعل نحن بحاجة الى وحدتنا وبحاجه الى اتفاقنا كمسلمين خدمةً للبشرية والإنسانية وهذا لايخفي على احد .

وأضاف جلالته قائلاً الحمدلله بلدكم البحرين فطرت وفتحت على دين الإسلام ولا هناك مشكله ولا هناك قضية تتعلق بدراسته أو قوته أو أي أمر من الأمور الأخرى ، هو جزء من حياتنا الطبيعية وليس شي جديد علينا إلى درجة ان أهلنا في هذه البلاد الطيبة استقبلوا وتعايشوا مع الأديان الأخرى وهذا يدل أنهم واثقين من أنفسهم واثقين من رسالتهم واثقين من سعيهم إلى الخير لخدمة البشرية ، وقال جلالته هذا عمل كبير اعتز به شخصيا وكل مواطن يعتز به ويشكركم ولا ينسى جهودكم بإخراجه بهذه الصورة الطيبة ، وأخيراً أتمنى لجميع بلداننا العربية والإسلامية كل خير وتوفيق وأمن وأمان واستقرار فهي بلاد خير وبلاد علم وبلاد حضارة ولابد ان تنهض ، وقد سبق ان كانت هي الأساس في العلوم والأساس في الحضارة والأساس في الاستقرار والأساس بما يسمى الآن حقوق الإنسان ، فحقوق الإنسان في القرءان وفي عقيدتنا أكمل من ذلك ، علينا فقط ان ندرس الأمر وان نتوصل الى البرامج والسياسات التي تؤدي بالفعل ان نقدم هذه الخدمات بما نحن مسئولين عنهم وهذا واجبنا الأول قبل أي شي آخر .

وأختتم جلالته كلمته قائلاً أنا سعيد برؤيتكم وأتمنى لكم أقامه طيبة بين أخوانكم في البحرين وأنا في الواقع فخور بكم وأتمنى لكم التوفيق والسداد .