إسلام اباد - (أ ف ب): قال مسؤولان سابقان في الجيش الباكستاني إن منشقاً من جهاز الاستخبارات الباكستانية ساعد الولايات المتحدة في العثور على زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، إلا أنهما نفيا تعاون إسلام آباد وواشنطن في العملية.
وتأتي تصريحات المسؤولين بعد نشر الصحافي الأمريكي سيمور هيرش تقريراً جديداً مثيراً للجدل زعم فيه الكشف عن صفقة سرية بين واشنطن وإسلام آباد أدت إلى مقتل زعيم تنظيم القاعدة في 2011.
ونفى البيت الأبيض نفياً قاطعاً مزاعم هيرش بأن واشنطن أبلغت إسلام آباد قبل العملية التي نفذتها قوات خاصة في 2 مايو 2011 في بلدة ابوت آباد على بعد 110 كيلومترات شمال العاصمة.
كما أثارت العملية مزاعم بأن السلطات الباكستانية تواطأت مع تنظيم القاعدة، وهو ما تنفيه إسلام آباد.
وصرح مصدر كان مسؤولاً بارزاً في الجيش وقت الغارة على منزل بن لادن، أن المنشق كان ضابط استخبارات برتبة متوسطة لكنه «واسع الحيلة ونشط»، كانت جهوده مهمة في نجاح الغارة.
ونقل هيرش في تقريره عن مصدر أمريكي بارز قوله إن شخصاً توجه إلى رئيس مركز وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي اي ايه» في إسلام آباد في عام 2010 ووعده بأن يقوده إلى بن لادن الذي قال الصحافي إنه كان مسجوناً لدى السلطات الباكستانية في مجمع في ابوت آباد منذ 2006.
إلا أن مصدراً في الجيش الباكستاني قال إن المنشق لم يكن يعلم أن هدفه كان بن لادن، ولكن أوكلت له مهمة تساعد على التحقق من هوية بن لادن.
ولم يكشف المصدر عن مزيد من التفاصيل عن تلك المهمة، إلا أن تحقيقاً فتحته السلطات الباكستانية خلص إلى أن «سي آي إيه» أجرت برنامج تطعيم وهمي بمساعدة الطبيب شاكيل افريدي الذي حصل على عينات من الحمض النووي «دي إن إيه».
وبالنسبة لدور المنشق قال المصدر «تمت الاستعانة بهذا الشخص في مرحلة لاحقة فقط للقيام بعملية التأكد على الأرض».
وأضاف أن المنشق لم يكن ينتمي إلى جهاز الاستخبارات الداخلية الباكستانية، الجهاز الاستخباراتي الرئيسي في البلاد، ولكن لفرع آخر، ويقيم حالياً في الولايات المتحدة.
وصرح مسؤول سابق آخر هو حميد غول الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الداخلية، أنه على علم بالمنشق.
وأضاف «أعلم أن شخصاً انشق (..) كان هناك جائزة كبيرة، وأصبح جاسوساً وعميلاً لتنفيذ خطتهم».
وكان يشير إلى المكافأة البالغة 25 مليون دولار التي وضعتها الولايات المتحدة لمن يدلي بمعلومات تقود إلى القبض على بن لادن أو مقتله - وهو المبلغ الذي تقول واشنطن إنها لم تدفعه لأنها لم تستخدم أي مخبرين.
وطبقاً لتقرير هيرش فقد علمت الولايات المتحدة بأن السلطات الباكستانية تحتجز بن لادن على أمل استخدامه كدرع ضد هجمات القاعدة وطالبان.
وقال هيرش انه في مرحلة لاحقة اقنعت واشنطن إسلام اباد بالسماح لها بشن غارة وهمية لقتل بن لادن لدعم مكانة الرئيس الأمريكي باراك اوباما - الذي كان في فترة ولايته الأولى - وفي نفس الوقت إتاحة المجال للباكستانيين بنفي أية علاقة بهم بمقتله.
إلا أن المسؤولين الباكستانيين السابقين والعديد من الضباط الحاليين نفوا المزاعم بشأن وجود مثل هذا الاتفاق بين إسلام آباد وواشنطن.
وقال المسؤول العسكري السابق إنه في أعقاب الغارة الأمريكية «كان الجو ورد الفعل السائد هنا هو الإحباط حتى في أعلى المستويات».
واستبعد أن يكون كبار المسؤولين جزءاً من الخطة وقال إنهم كانوا «الأكثر تضرراً. وكادوا أن يجبروا على الاستقالة».
وأكد أنه «مع السمعة السيئة التي ارتبطت بها، فإن مثل هذه المخاطرة لم تكن تستحق الإقدام عليها».
وأشار تقرير للحكومة الباكستانية تم تسريبه في 2013 أن بن لادن وصل إلى باكستان في ربيع أو صيف 2002 بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لأفغانستان، واستقر في ابوت اباد في أغسطس 2005.
وأكد التقرير الذي سلط الضوء على مدى الإخفاقات الرسمية في رصد مكان بن لادن، أنه تم وقف سيارته مرة لتجاوزها السرعة المحددة.
وقوبل تقرير هيرش ببعض التشكك، إلا أن صحيفة «دون» الباكستانية التي تصدر بالإنجليزية قالت إن التقرير يجب إن يجبر الحكومة على الكشف رسمياً عن نتائج تحقيق 2013 ووضع أجهزة الاستخبارات القوية التي يسيطر عليها الجيش في البلاد تحت الإشراف المدني.
إلا أن المتحدث باسم الخارجية الباكستانية، قاضي خليل الله، قال إن الحكومة تحقق في تقرير هيرش وستعلن رد فعلها قريباً.