الرياض - (إيلاف): أكد محللون أن «أبرز نتائج القمة الخليجية الأمريكية التي عقدت بين قادة دول مجلس التعاون الخليجي والرئيس الأمريكي باراك أوباما في منتجع كامب ديفيد أمس الأول تتمثل في مستقبل إيران ونهجها في منطقة الشرق الأوسط قد يتغير أو يتعطل».
وأضافوا أن «الكثير من الدلالات السياسية حملتها القمة، التي اختتمت أمس الأول، بصدور بيان ختامي أكد على التزام الطرفين الخليجي والأمريكي بالعلاقة الاستراتيجية»، حيث شدد على أن «واشنطن ستستخدم القوة العسكرية للدفاع عن شركائها الخليجيين، إلى جانب التزام الطرفين الخليجي والأمريكي بالعلاقة الاستراتيجية».
وذكروا أن «محاور كثيرة تناولتها القمة ابتداء بالملف الإيراني النووي، ومروراً بالملف السوري والعراقي واليمني، وليس انتهاء بملف محاربة الإرهاب، والاتفاق على تعزيز آليات مكافحته، فيما كان القاسم المشترك بين جميع هذه الملفات، إيران التي يبدو أن انعكاسات القمة على مستقبلها ونهجها في منطقة الشرق الأوسط قد يتغير إما إلى مرحلة التطويع أو التعطيل».
الأكاديمي السعودي سعود الشهري، أوضح أن «قمة كامب ديفيد تعتبر سابقة في تاريخ قمم مجلس التعاون المشتركة، خاصة أنها تطرقت إلى إعادة بناء شراكة استراتيجية بين الخليج والولايات المتحدة لمجابهة التحديات».
وتابع الشهري «قطعاً كانت إيران هي الحاضر الغائب في القمة، مما يشير إلى وجود ترتيبات قد تم التوافق عليها حيال هذا الملف، انطلاقاً من تفهم هواجس المنطقة وحساباتها وحاجاتها في هذه المرحلة الصعبة».
وقال الشهري، إنه «يمكن قراءة مستقبل إيران في المنطقة بعد «كامب ديفيد»، من خلال مجموعة من القراءات، من أبرزها أنه من شبه المؤكد أن واشنطن لن تمارس اللعبة القديمة مع طهران، حيث سمحت سابقاً لها بشكل غير مباشر بالتوسع والتعمق واحتلال دول عربية، وتركت حليفها السوري معلقاً».
وأضاف «قد نشهد بوادر مختلفة من الأمريكيين تجاه إيران في الفترة القادمة، وخاصة في الموضوع السوري وهو ما ظهرت ملامحه في البيان الختامي».
هناك أيضاً ثمة اتجاه قوي في دول مجلس التعاون نحو منظومة أمن خليجي وانتهاج سياسة الاعتماد على الذات عسكرياً، وهو ما بدا واضحاً في عمليات عاصفة الحزم، كما لم يعد ثمة شك أن الأولويات الخليجية بقيادة السعودية أخذت في التغيير وأن مواجهة النفوذ الإيراني وبناء التحالفات الضرورية تحتل الآن متن المشهد الخليجي، وهو الأمر الذي سوف تتعاطى معه واشنطن بشكل جديد سواء على صعيد علاقتها مع دول الخليج أو إيران.
من جهته قال الباحث والكاتب الصحافي ياسر عامر إن «واشنطن بعد «كامب ديفيد» ستسعى إلى تأطير علاقتها مع الخليج ضمن معايير وضوابط تتناسب مع المتغيرات السياسية والاقتصادية والعسكرية بالمنطقة، وهي المتغيرات التي لن تسر إيران بلاشك إذا استمرت على نهجها».
وأشار إلى أن «اعادة التحالف القديم بشكل جديد ستقطع الطريق أمام طهران اقتصادياً وسياسياً ودينياً، اقتصادياً من ناحية أن إيران بحاجة إلى قاعدة اقتصادية متينة لضمان الاستقرار الداخلي وتحقيق أهداف سياستها الخارجية، وسياسياً من خلال رغبة طهران في حرية الحركة بشكل أكبر، مما يؤهلها لتكون شرطي المنطقة، ودينياً عبر سعي إيران لقيادة العالم الإسلامي، فيما سيقوض قطع الطريق عليها كثيراً من طموحاتها».
وأوضح عامر أن «طهران لجأت إلى توظيف تحالفاتها التكتيكية في مناطق نفوذها الأربع «العراق، سوريا، لبنان، واليمن» في سياق حرب باردة في الشرق الأوسط، لكنها ومن دون أن تعرف دخلت في فخ إغراء القوة، فسوريا تعتبر إحدى الورطات الكبرى التي مثلت ارتداداً عكسياً على مشروع إيران وأدواتها في المنطقة»، مشيراً إلى أن «قمة «كامب ديفيد» ومن خلال التزام الطرفين الأمريكي والخليجي بالعلاقة الاستراتيجية من جهة، والعمل على منظومة أمن خليجي من جهة أخرى فلن يكون صعباً تدمير المشروع الإيراني -إذا رفض التطويع- من خلال التركيز على مفاصل قوته والمتمثلة بأذرعه في المنطقة، عبر استنزافها بكثافة وتعطيل قوتها وتحويلها إلى عبء على المشروع.