عواصم - (وكالات): احتدمت المعارك أمس بين ميليشيات المتمردين الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح من جهة ومقاتلي المقاومة الشعبية الموالية للشرعية جنوب اليمن، ما يزيد من الضغوط على الهدنة التي أقرها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن "إعادة الأمل" الذي أعلن وقف ضرباته الجوية ضد المتمردين رغم الانتهاكات والخروقات التي ارتكبتها ميليشيات المتمردين في السعودية واليمن، فيما ينطلق في الرياض اليوم مؤتمر "إنقاذ اليمن"، بمشاركة نحو 401 شخصية سياسية، يمثلون كافة أطياف الشعب اليمني، بينما أعلن مسؤولون يمنيون أن "انعقاد المؤتمر لإصدار القرارات وليس للحوار"، مشيرين إلى "إعلان مشروع مشترك ملزم لكل الأطراف الموجودة في الرياض".
وتصاعدت أعمال العنف عشية انتهاء الهدنة الإنسانية المحددة بـ 5 أيام، بمبادرة من السعودية التي تقود التحالف العربي الذي بدأ ضرباته الجوية ضد المتمردين الحوثيين في 26 مارس الماضي لمنعهم من السيطرة الكاملة على اليمن، استجابة لطلب من الرئيس الشرعي للبلاد عبدربه منصور هادي.
وقصف المتمردون بالسلاح الثقيل والقذائف أحياء عدة في تعز ثالث مدن اليمن ما أوقع 12 قتيلاً و51 جريحاً في صفوف المدنيين. كذلك أسفرت المعارك عن سقوط 26 قتيلاً في صفوف المتمردين وحلفائهم، من العسكريين الموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح، و14 في صفوف المقاتلين المعادين لهم بحسب مصادر عسكرية ومحلية.
وفي عدن، كبرى مدن الجنوب، دوى إطلاق النار من جديد بعد ليلة هادئة نسبياً. وتركزت المواجهات بمختلف أنواع الأسلحة بما في ذلك مدافع الدبابات شمال عدن حيث يسعى المتمردون وحلفاؤهم لاستعادة مواقع خسروها في الأيام الأخيرة خاصة محور طرق يتحكم بالمنفذ إلى وسط المدينة كما ذكرت مصادر عسكرية. وأضافت المصادر أن إطلاق القذائف استهدف أيضاً غرب عدن.
وفي الجنوب كان التوتر على أشده في الضالع بعد كمين نصب لقافلة للمتمردين أدى إلى مقتل 5 منهم بحسب مسؤول محلي. والتحالف الذي علق غاراته الجوية منذ بدء سريان الهدنة مساء الثلاثاء الماضي، حذر من أنه سيفقد صبره تجاه الانتهاكات التي يقوم بها المتمردون خلال الهدنة التي تم إعلانها الجمعة الماضي لخمسة أيام قابلة للتجديد. وفي محافظة شبوة قالت مصادر عسكرية وقبلية إن مسلحين قبليين استعادوا السيطرة على منطقة عسيلان النفطية بعد يومين من المعارك مع المتمردين وحلفائهم الذين كانوا يسيطرون عليها. وأضافت المصادر أن 18 متمرداً و4 من رجال القبائل قتلوا خلال الاشتباكات. وتسببت أعمال العنف بحركة نزوح لقسم من السكان الذين هربوا من مدينة تعز باتجاه مناطق ريفية أكثر أماناً، فيما لم تصل المساعدة الإنسانية الموعودة بعد إلى المدينة بحسب بعض السكان.
وأكد مسؤول في الإدارة المحلية أن "المساعدة الإنسانية لم تصل إلى تعز حيث لم نتلق لا منتجات نفطية ولا مواد غذائية أو معدات طبية". ومع ذلك تمكنت المساعدات الدولية من الدخول إلى البلاد، حيث أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على موقعها الإلكتروني أن اثنتين من رحلاتها الإغاثية الست لليمن، وصلت إلى صنعاء، حاملة الأغطية والفرش.
وصوت مجلس الأمن الدولي في أبريل الماضي على قرار يحظر إيصال السلاح إلى الحوثيين المدعومين من إيران بعد سيطرة هؤلاء على العاصمة صنعاء وتقدمهم جنوباً باتجاه مدينة عدن، ما أجبر الرئيس عبد ربه منصور هادي على اللجوء إلى الرياض.
واتهمت مصادر من المقاومة الشعبية مسلحي جماعة الحوثي وقوات الرئيس المخلوع بخرق الهدنة الإنسانية المستمرة لليوم الرابع في اليمن، وقصف الحوثيون عدداً من المناطق وأوقعوا قتلى معظمهم سقط في تعز جنوب البلاد.
وقالت مصادر من المقاومة الشعبية في مأرب إن مسلحي الحوثي وقوات صالح قصفوا مواقع للمقاومة في المحافظة الواقعة وسط البلاد.
وردّت قوات المقاومة على مصادر القصف، واستهدفت مواقع للحوثيين، وأعلنت تدمير عدة آليات ومدافع هاون. وأكدت المقاومة أنها تحاصر من 3 جهات معسكراً يتمركز فيه الحوثيون.
سياسياً، من المفترض أن يلقي هادي كلمة اليوم في افتتاح مؤتمر لحل الأزمة اليمنية في الرياض، والذي دعيت إليه الأحزاب السياسية وزعماء القبائل وممثلو المجتمع المدني، بحسب ما أعلن المنظمون.
وسيعقد المؤتمر بغياب المتمردين الحوثيين الذين يصرون على عقد مؤتمر الحوار السياسي "في اليمن" فقط، بعدما توقف العملية العسكرية للتحالف.
وقال مسؤول الإعلام في مكتب هادي، مختار الرحبي إن "كل الأطراف السياسية اليمنية ستشارك في مؤتمر الرياض الذي يبدأ أعماله اليوم ما عدا ميليشيات الحوثي التي وجهت لها الدعوة رسمياً إلا أنها رفضت الحضور".
ومن المقرر أن يستمر المؤتمر 3 أيام، و"سيكون مؤتمراً للقرار لا للحوار"، لإعادة هيكلة الدولة، التي زعزعها الحوثيون، بحسب مستشار رئيس الجمهورية اليمنية، ومسؤول اللجنة التحضيرية، ياسين مكاوي.
وأوضح مكاوي خلال مؤتمر صحافي للهيئة الاستشارية لمؤتمر "إنقاذ اليمن" والذي عقد بمقر السفارة اليمنية في الرياض، أمس "ستستخدم جميع الوسائل العسكرية والسياسية لاستعادة سلطة الرئيس هادي"، مضيفاً أن "مؤتمر إعلان الرياض سيتمحور حول المساعي الأساسية لاستعادة اليمن".
من جانبه، أكد رئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر الرياض، عبدالعزيز الجباري، أن "المؤتمر يهدف إلى التوصل لقرارات وليس للحوار، وأن ما سيتم في الرياض هو إعلان مشروع مشترك ملزم لكل الأطراف الموجودة في الرياض".
وأوضح جباري أن "401 شخصية سياسية وصلوا لحضور مؤتمر الرياض الأول للحوار اليمني، وأنهم يمثلون كافة أطياف الشعب اليمني، بما فيهم الحراك الجنوبي وحزب "المؤتمر"، كما ستمثل المقاومة الشعبية بشكل رمزي".
وقال جباري إن "هدفنا استعادة الدولة وتنفيذ مخرجات الحوار، ومرجعيتنا المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن المجتمع الدولي ملزم بتنفيذ قرار مجلس الأمن بشأن اليمن رقم 2216 الصادر تحت البند السابع".
وأكد جباري أن "المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن هي مرجعية الحوار واستعادة مؤسسات الدولة هي أساس إنقاذ اليمن".
ويلتئم شمل القوى الوطنية اليمنية في حوار الرياض بمشاركة واسعة تصل إلى مئات الشخصيات تمثل مختلف الأطراف والقوى السياسية اليمنية، مع غياب الم تمردين الحوثيين والمخلوع صالح، رغم تواجد عدد كبير من قيادات حزبه المؤتمر الشعبي العام ومنها أحمد عبيد بن دغر النائب الأول لرئيس الحزب، وسلطان البركاني الأمين العام المساعد، وعدد من القيادات العليا مثل الشيخ محمد بن ناجي الشايف.
وكان بن دغر قد أعلن من الرياض تأييد الشرعية ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي والتزام المؤتمر الشعبي بقرارات مجلس الأمن في ما يعد انشقاقاً على رئيس الحزب صالح الذي يرفض الحوار ومشاركة حزبه فيه، وهو ما عزز من تحركات ومساعي بعض قيادات الحزب المتواجدة في الرياض لإنهاء مرحلة صالح الذي أعلن صراحة عن تحالفه مع الحوثيين في ظهوره الأخير أمام أنقاض منزله الذي استهدفته طائرات التحالف. وستشكل القضية الجنوبية أحد أبرز نقاط الحوار اليمني اليمني كما هي دوماً.
وسيشهد المؤتمر مشاركة ممثلين للحراك الجنوبي على رأسهم حيدر أبو بكر العطاس رئيس الوزراء الأسبق.
كما وصل للرياض ياسين سعيد نعمان أمين عام الحزب الاشتراكي السابق وأحد أبرز وجوه السياسة اليمنية.
حزب الإصلاح أيضاً كان قد أعلن مسبقاً موافقته على المشاركة في حوار الرياض وسيمثل برئيسه محمد اليدومي والأمين العام عبدالوهاب الإنسي.
ويبدو أن جميع الأحزاب اليمنية لم تشأ تفويت فرصة الحوار والمشاركة في رسم مستقبل البلاد، خاصة بعد أن كانت قد شاركت في مؤتمر الحوار الوطني، ومنها التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري وحزب الرشاد السلفي وحزب العدالة والبناء.
كما تتسع دائرة المشاركة لتضم عدداً من الوزراء والمسؤولين السابقين ورموزاً قبلية وشخصيات سياسية وشبابية، وهو ما يعد مؤشراً مهماً لنجاح المؤتمر.
من جهة ثانية، أسر عناصر في القاعدة 36 عسكرياً في المكلا كبرى مدن محافظة حضرموت جنوب شرق اليمن التي يسيطر عليها التنظيم المتطرف منذ أبريل الماضي كما أفاد مسؤولون محليون.
وقال مسؤول إن المتمردين أسروا العسكريين لدى وصولهم مساء الجمعة الماضي إلى ميناء المكلا من جزيرة سقطرى اليمنية موضحاً أن الجنود الـ 36 كانوا مسلحين لكن باللباس المدني. وأضاف "اشتبه مقاتلو تنظيم القاعدة بأن يكون العسكريون من أنصار المتمردين الحوثيين".