المحكمة تسمح لسلمان بالحديث والمتهم يقدم سرداً تاريخياً لثورات
«النيابة»: المتهم أقر بأن الخطب التي تمت مواجهته بها كانت بصوته
المتهم قطع بوجود القوة العسكرية وإمكانية استخدامها
سلمان ألصق برجال الأمن ما يندى له الجبين رغم أنهم سبب أمنه
المتهم رضي أن يكون خصماً وحكماً جلاداً وقاضياً يسوغ القتل





كتبت - زهراء حبيب:
حجزت المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة أمس قضية الأمين العام لجمعية الوفاق علي سلمان المتهم بالترويج لتغيير النظام السياسي بالقوة والتهديد وبوسائل غير مشروعة، والتحريض على عدم الانقياد للقوانين، والتحريض علانية على بغض طائفة من الناس، إلى جلسة 16 يونيو المقبل للحكم مع استمرار حبسه.
وبدأت جلسة أمس، وتعد الأقصر مقارنة بسابقاتها إذ لم تستغرق أكثر من نصف ساعة، بتقديم المحامي العام في النيابة العامة أسامة العوفي، مذكرة دفاعية مكتوبة يزيد عدد صفحاتها عن 50، طالباً فيها بإنزال أقصى عقوبة على المتهم علي سلمان.
ورغم قصر مدتها إلا أن جلسة أمس شهدت جدالاً بين الدفاع والنيابة بدأ منذ اللحظة الأولى للجلسة، إذ جدد الدفاع مطالبه- التي يكررها ويعيديها منذ الجلسة الأولى- وهي عرض الأقراص المدمجة للخطب الخاصة بموكله، إذ إنه ما زال يصر إنها "دليل براءته"، قبل أن يسأل العوفي جهة الدفاع: "هل اطلعتم على صفحة 80 من التحقيقات عندما تمت مواجهة المتهم، بالأقراص المدمجة وخطبه، هل هي مجتزأة كما تدعون؟"
وأكد المحامي العام أسامة العوفي في مرافعة النيابة العامة أن "المتهم رمى النظام بما ليس فيه"، مشيراً إلى أن "تغيير نظام الحكم بالقوة غاية سعيه، وازدراء قوانين الوطن هدفه وإهانة حراس الأمن ضالته، ومعسول الكلمات وكاذبها يدغدغ به مشاعر البسطاء وسيلته".
وأضاف أن "النيابة تقدم للمحكمة قائمةً بما سودتَ يداه من صفحات(..) نعم جئنا اليوم لنقول له في ساحتكم اقرأ كتابك، وانتظر من عدالة المحكمة حسابك"، موضحاً أن "المتهم أقر بتحقيقات النيابة بأن الخطب التي تضمنتها الأقراص المدمجة والتي أسمعتها له النيابة بأنها بصوته، تمت مواجهته بهذه المقاطع وأقر بأنه قائلها وإن حاول أن يفسرها بتفسيرات لا تتسع لها ألفاظها أو تتضمنها معانيها، بل إنها قاطعة فيما أسندنا إليه من تهم كافية بذاتها في أي سياق وضعت".
وأردف العوفي أن " التهديد والتحريض وتحبيذ قلب النظام السياسي في البلاد بالقوة وبالوسائل غير المشروعة، والاستمرار في المسيرات والتظاهـر يترتب عليها بالضرورة مواجهات بينها وبين قوات الأمن، فضلاً عن كونها مخالفة للقانون ودعوة صريحة إلى خرقه وعدم احترامه، ما يؤدي لحدوث مآسٍ في الأرواح والممتلكات مما يعلمه الكافة".
ولفت العوفي إلى أن "المتهم يأتي اليوم ليقول إنه كان وما زال وسيظل مرتدياً ثياب الرقة والرحمة والسلمية، وكأنه قد ظن أن الناس سُكْرتْ أبصارهم أو غامت الرؤية في أعينهم وقد تسربل بدعوته الإجرامية وأن ألبسها مسوح الواعظين الداعين إلى السلمية، أننا نخاطبه ونقول له قد بدت البغضاء من فاهك وما يخفي صدرك أعظم. نعم نحن لم نأتِ لنحاسبك على ما أخفيت ولكننا نطالب بحسابك على ما أعلنت".
وضرب العوفي أمثلة عدة على خطب المتهم بينها خطبته المؤرخة في 10/10/2014 التـــي ألقاهـا في مسجــــد الإمام الصادق بمنطقة القفول، إذ قال فيها إن "النجاحات الإعلامية والحقوقية والشعبية في العدالة والسياسة ونجاح الوحدة الوطنية وغيرها مؤشـرات علـى هـذه القـوة ويستبـطن الشـعب قـوة أكبـر وأكبـر كـل ما عليك استنهض هذه القوة، الآن لا أتكلم عن قوة عسكرية وأرجو ألا يحتاج هذا الشعب إلى أن يدافع عن نفسه بالقوة العسكرية كما دافع الأكراد عن أنفسهم أمام تغييرات لم تكن في الحسبان حتى اضطر النساء أن تحمل السلاح".
وحول خطبته بتاريخ 5/12/2014 التي قال فيها المتهم إن" الخيار العسكري هو أحد الخيارات التي كانت مطروحة ولا زالت مطروحة"، تساءل العفوي: "ماذا تعني ألفاظه هل الكلمات تحتاج لتأويل أو تفسير في دلالتها، إذ إنه يتحدث عن القوة العسكرية ويقطع أن استخدامها أمر مطروح، فلم يلوح بوجودها فقط بل قطع بوجودها وبإمكانية استخدامها إذا لم تستجب الدولة لطلباته بالطرق الأخرى".
وذكر العوفي بكلمة ألقاها المتهم علي سلمان بمنطقة سار بتاريخ 14/6/2013 قال فيها: "تعالوا نرد لهم الصاع صاعين وعندما أقول نرد لهم الصاع صاعين لأن برنامجهم باطل لو كان لديـهم شيـيء إيجابـي لوضـعنا يـدنا فـي يـدهم ولكـن لأن برنامجهم تشفي وقتل وتخلف وما شابه ذلك تعالوا نرد لهم الصاع صاعين"، قبل أن يتساءل العوفي "كيف سيرد لبلده أو لنظامها السياسي أو لحكوماتها الصاع صاعين؟، إذا كان – كما يدعي – برنامجهم التشفي والقتل هل سيرد الصاع صاعين بحمل الورود والقبلات، أم بما فعله فعلاً بالدعوة لزعزعة أمن الوطن وأمانه واستقراره".
وساقت "النيابة" ما قاله المتهم بالحرق دون اجتزاء فهو يبدأ بأنه "لا يشجع ولا يجيز أعمال التفجير ولكن يقول بعد ذلك أن ذلك شرطه رد المظالم، بل ويسير في غيه إلى أبعد مدى فيحمل النظام المسؤولية عن التسبب في التفجيرات – بـما ترتبـه مـن قتـل وإصـابات وتدمـير وحـرق للممتلكات – للدولة –، لأنها لا تستجيب لأصحاب المظالم كما يدعي".
وأشارت النيابة إلى أن "المتهم رضي أن يكون خصماً وحكماً، جلاداً وقاضياً – يسوغ القتل لماذا لأن أتباعه ممن يرتكبون هذه الفظائع التي تعد بحسب التصنيف الدولي – للقتل الجماعي والعشوائي – جرائم ضد الإنسانية لكنه يسوغها ويبررها ويلتمس لأصحابها العذر بل ويبرئهم من نتائجها ويلصقها بالدولة وبالنظام".
وتابعت أنه "تجاوز اتهامه إلى رجال الأمن فألصق بهم ما يندي له الجبين فهم مرتزقة وهم ظلمة وهم قتلة وهم عسس الليل ولم يسأل نفسه حين تنام عينه قريرة من جعلها هكذا إلا عسس الليل الساهرين على حراسته"، مشيرة إلى أن".
وأشارت إلى أنه "صور النيابة والمحاكم على أنه ملك للنظام يأمرها فتستجيب لأمره نزع عن النيابة والمحاكم أخلاقها ودينها وجردها من عدالتها أرواء لهذا الحقد والغل الذي يبدو أنه لن يرتوي أبداً(..) وهنا تسأل النيابة العامة المتهم، إن كان النظام حقاً يمتلك كل هذه الإمكانات ما الذي يضطره إلى أن يشكوك إلى النيابة العامة شأنه شأن أي مواطن وينتظر تحقيقها ثم تصرفها".
وأعربت النيابة عن تعجبها من نفي المتهم لتهمة إهانة وزارة الداخلية، إذ يقول إن "تعبير مرتزقة وكلمة خفافيش وربط منتسبيها بداعش إنما يستهدف حرية النقد"، مضيفة أن "حرية التعبير والنقد تستغيثان بالله من فرط استخدامها كفراً بمحتواها ومعناها".
وتابع العوفي: "هل يعقل أن يقال لأي شخص في المجتمع مهما تواضع قدره أنت مرتزق؟، هل يجوز أن أصفه بالخفاش؟، هل يجوز أن أصفه بأنه ينتمي إلى تنظيم يعتبره العالم – كل العالم بلا استثناء – إرهابياً؟".
وحول تهمة التحريض على كراهية طائفة من الناس وهم مكتسبو الجنسية، قالت النيابة إن "ما لصقه بهم من أوصاف ينطبق عليه ما قلناه بشأن وزارة الداخلية ومنتسبيها فهي ذات الأوصاف أنهم مرتزقة وأنهم لا ولاء لهم للبحرين وأن منهـم الداعشيين وأنـهم سيفجرون أنفسـهم عند تعارض المصالح، إلى آخر القائمة التي يندى لها الجبين ولا يستطيع مخلوق أن يماري في حقيقة ودلالة معاني هذه الكلمات".
وطلب الدفاع من المحكمة السماح لموكلهم بالكلام، إذ قال المتهم علي سلمان إنه في إطار الاختصار سيتحدث في أقل من ساعة، فطلب منه الرئيس الدخول مباشرة في الموضوع، فعقب سلمان إن "كانت المحكمة ترفض كلامي لن أتكلم" قبل أن ينبهه القاضي للمرة الثانية للحديث بصلب الموضوع. وبدأ المتهم سلمان يتحدث عن الثورات والانتفاضات عبر التاريخ منذ عام 1919 و1923، 1938 إلى 1954، فكرر القاضي تنبيه المتهم إلى عدم الخروج عن موضوع الدعوى، قبل أن يرفع المتهم صوته قائلاً "هذا هو الدليل" لأكثر من مرة، ثم طلبت المحكمة من الدفاع تقديم المرافعة وما لديها من دفاع، فأخذ المحامون يلتمسون من المحكمة السماح لموكلهم بالحديث، فعقبت على طلبهم بأنه نبه أكثر من مرة لكن لم ينتبه.
ترأس الجلسة القاضي علي الظهراني، وعضوية القاضيين الشيخ حمد بن سلمان آل خليفة، والسيد محمد عزت، وأمانة سر أحمد سليمان.