الرياض - (وكالات): شارك عشرات الآلاف أمس في تشييع ضحايا الهجوم الذي استهدف مسجد علي بن أبي طالب في القديح بالقطيف شرق السعودية الأسبوع الماضي، والذي أسفر عن استشهاد 21 شخصاً وإصابة 101 آخرين، وتبناه تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي، فيما أكد وكيل وزارة الشؤون الإسلامية في السعودية د.توفيق السديري على «تشديد الوزارة بتجريم كل من يرفع شعار الطائفية أو التجييش لها»، مشيراً إلى أن «منهج وزارة الشؤون الإسلامية يتمثل في الالتزام برسالة السعودية الوسطية والمعتدلة وتعاملها مع أبناء الوطن دون تفرقة بين أحد منهم»، مضيفاً أن هناك «رقابة على الخطباء والدعاة المتعاطفين مع الجماعات المتطرفة». وسار المشيعون في شوارع مدينة القطيف لتشييع الضحايا الـ21 الذين سقطوا في الهجوم الذي نفذ خلال صلاة الجمعة، بينهم طفلان.
وبعد صلاة الجنازة، حملت الجثامين إلى مقبرة القديح حيث وقع الهجوم، بالقرب من مدينة القطيف.
وأعلنت وزارة الداخلية السعودية أن منفذ الهجوم هو السعودي صالح بن عبدالرحمن الصالح القشعمي، مؤكدة ارتباطه بتنظيم «داعش» الإرهابي وأن المادة المستخدمة في التفجير هي من نوع «آر دي اكس» الشديدة التفجير. ونفذ الهجوم على المسجد فيما تشارك المملكة في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم الإرهابي الذي يسيطر على أراض واسعة من العراق وسوريا.
وتقود السعودية تحالفاً عربياً لدعم الشرعية في اليمن ضد المتمردين الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، بناء على طلب من الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي.
من ناحية أخرى، توقف متابعون ومهتمون عند كلمة «متعاطفون» الواردة في برقية وجهها خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى ولي العهد السعودي ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز «بالتوعد بمحاسبة كل من شارك وخطط ودعم أو تعاطف مع التفجير الانتحاري الذي وقع مؤخراً في جامع علي بن أبي طالب بقرية القديح بمدينة القطيف شرق السعودية». وحسبما جاء في توجيه العاهل السعودي لولي عهده «كل مشارك أو مخطط أو داعم أو متعاون أو متعاطف مع هذه الجريمة البشعة سيكون عرضة للمحاسبة والمحاكمة وسينال عقابه الذي يستحقه ولن تتوقف جهودنا يوماً عن محاربة الفكر الضال ومواجهة الإرهابيين والقضاء على بؤرهم».
وفي هذا الصدد أكد وكيل وزارة الشؤون الإسلامية د.توفيق السديري، على «تشديد الوزارة بتجريم كل من يرفع شعار الطائفية أو التجييش لها»، مضيفاً أن «منهج وزارة الشؤون الإسلامية يتمثل في الالتزام برسالة السعودية الوسطية والمعتدلة وتعاملها مع أبناء الوطن دون تفرقة بين أحد منهم».
وأوضح السديري أن «هذه الرسالة تترجم من قبل الوزارة عبر برامجها الدعوية وعلى مستوى منابر الجمعة سواء أكان ما يوجه به الخطباء من دعوة لترسيخ الوسطية وتجريم الشحن الطائفي كذلك عبر محاسبة من يخالف هذه السياسة وهذا التوجه من قبل منسوبيها عبر آلية منضبطة ودقيقة»، داعياً «كافة المشاركين في المنابر الدعوية والإعلامية من طلبة العلم الالتزام بهذا المنهج».
وقال «السعودية منذ قرون ومنابرها الدعوية ليست مكاناً لتصفية الحسابات وبث الرسائل المؤدلجة التي تحرك بأيد خارجية تهدف إلى زعزعة أمن الوطن وشق لحمة أبنائه».
وبشأن آليات العقاب لمخالفي السياسة المتبعة من قبل منسوبي وزارة الشؤون الإسلامية، شدد وكيل وزارة الشؤون الإسلامية على أن «الداعية والخطيب يمثل وظيفة شرعية لها آدابها وشروطها وواجباتها مما يحتم على منسوبيها الالتزام بذلك سواء أكان على منبره الدعوي أو في وسائل الإعلام وكذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي، باعتباره ممثلاً لوظيفته الشرعية التي تحتم عليه الالتزام بآدابها». وتابع السديري «مخالفة ذلك من خلال مواقع التواصل الاجتماعي تحسب على وظيفته وبالتالي عليه أن يختار بين القيام بالواجب الشرعي كما هو مطلوب منه أو يتركه لمن هو قادر على ذلك».
وكان الأمر الملكي السابق في عهد العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله، قد فصل أكثر في صور المساندة والتعاطف المجرمة وحسب نص الأمر الملكي السابق فإن التجريم يشمل «المشاركة أو الدعوة أو التحريض على القتال في أماكن الصراعات بالدول الأخرى أو الإفتاء بذلك كل من يقوم بتأييد التنظيمات أو الجماعات أو التيارات أو التجمعات أو الأحزاب أو إظهار الانتماء لها أو التعاطف معها أو الترويج لها أو عقد اجتماعات تحت مظلتها سواء داخل المملكة أو خارجها».
ويشمل ذلك المشاركة في جميع وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة أو المرئية ووسائل التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها ومواقع الإنترنت، أو تداول مضامينها بأي صورة كانت، أو استخدام شعارات هذه الجماعات والتيارات، أو أي رموز تدل على تأييدها أو التعاطف معها، والتبرع أو الدعم سواء أكان نقدياً أو عينياً للمنظمات أو التيارات أو الجماعات الإرهابية أو المتطرفة أو إيواء من ينتمي لها أو يروج لها داخل السعودية أو خارجها، كذلك الاتصال أو التواصل مع أي من الجماعات أو التيارات أو الأفراد المعادين للسعودية. وشمل التصنيف الصادر من اللجنة الحكومية المكونة بأمر ملكي جماعات وتيارات إرهابية سنية وشيعة تضم «داعش» و«النصرة» والحوثيين و«حزب الله» السعودي و«الإخوان المسلمين» وتنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» وتنظيم «القاعدة في اليمن والعراق» والميليشيات الشيعية العراقية. وكان «حزب الله» مصنف من قبل دول الخليج قاطبة بوصفه حزباً محظوراً ومجرماً.
يشار إلى أن منفذ العملية الانتحارية في جامع القديح صالح القشعمي عمد إلى الاستشهاد في تغريدات متفرقة له بمقولات لسيد قطب، أبرزها ما تعلق بالحاكمية والجاهلية في صورة لافتة بحجم تأثر عناصر «داعش» بأدبيات جماعة «الإخوان المسلمين».
من جهته أفاد عضو لجنة المناصحة، ناصر العريفي، بأن «تحذير العاهل السعودي إنما يشمل كل من يدعو إلى التطرف الديني سواء أكانت جماعات إرهابية أو الجماعات والأفراد المحرضين على التفرقة الدينية والعنصرية». وقال إن «الدعاة وطلبة العلم المتعاطفين مع الجماعات المتطرفة أو الداعمين لها ليسوا استثناء من تحذير العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز»، مشدداً على «أهمية دور الفقهاء والعلماء لمكافحة الفتن الطائفية والآراء الراعية لها والتصدي لمشايخ الفتنة وفتاوى التكفير من قبل البعض».
وقد صدرت قائمة الجماعات الإرهابية بعد القرار الملكي الصادر مطلع فبراير 2014 والذي نص على تشكيل لجنة من وزارة الداخلية ووزارة الخارجية ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ووزارة العدل وديوان المظالم وهيئة التحقيق والادعاء العام تكون مهمتها إعداد قائمة تحدث دورياً بالتيارات والجماعات سواء أكانت دينية أو فكرية متطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية داخلياً أو إقليمياً أو دولياً.