كتبت - شيخة العسم:
قال مدير المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي د.منير بوشناقي إن اجتماع أكبر قدر من ممثلي النوايا الحسنة على المستوى الدولي بالبحرين يأتي بهدف التنسيق لإطلاق مبادرة السلام والتي تهدف لحماية الموروث الكوني ومواجهة النزاعات.
وأشار خلال محاضرة بدعوة من المعهد الدولي للسلام، بحضور مدير المعهد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا نجيب فريجي، وتواجد دبلوماسي عربي ودولي ورجال دين وأعمال، إلى أن بوكوفا أطلقت مؤخراً من القاهرة حملة عالمية للوحدة في الدفاع عن التراث تحت مسمى "Unite With Heritage".
وكشف عن تواصل المجتمع الدولي مع محكمة الجنايات الدولية لرفع قضايا الاعتداءات على التراث العالمي بالمناطق التي تشهد نزاعات وخصوصاً المنطقة العربية ومحاسبة مرتكبيها كجرائم حرب بحسب النداء الذي أطلقته المديرة العامة لمنظمة اليونسكو ايرينا بوكوفا مؤخراً.
وشدد على أن الفعالية تهدف لتغيير الصورة التي ربطت جرائم تدمير المعالم الأثرية باسم الدين الإسلامي.
ولفت إلى مساعٍ لإطلاق مبادرة بالتعاون مع كبار المؤسسات الدينية في العالم العربي لإزالة الصورة التي تسيء إلى الإسلام وتظهره بالدين العنيف والذي يدعو للعنف.
وذكر أن اليونسكو كانت تعمل بمنأى عن المواضيع ذات الطابع الديني، إلا أن المبادرة باتت ضرورة بعد الأحداث الأخيرة التي يشهدها العالم، فضلاً عن التنسيق مع وزراء التربية والتعليم في كافة دول العالم لتضمين المناهج بالمبادئ التي تصب في إطار أهداف حفظ السلام والتأكيد على أهمية التاريخ وتسلسل الحضارات.
وأوضح أن النزاعات والحروب تدمر النسيج الثقافي والتراثي المادي وغير المادي، مستعرضاً أمثلة لمواقع ثقافية مسجلة على قائمة التراث العالمي تعرضت في السنوات السابقة للتدمير خلال أحداث مختلفة في لبنان، والعراق، وأفغانستان، وتونس، وليبيا، وسوريا، واليمن، وكمبوديا، والبوسنا.
وقال إن أوضاع التراث العالمي في الوطن العربي في الوقت الراهن تشير لتعرضه لاعتداءات مستمرة وبشكل متعمّد.
وبين أن عمليات الاعتداء على التراث طالت معظم دول المنطقة كمتحف نينوى في الموصل، ومهاجمة السياح في متحف باردو بتونس، وتخريب رسومات تادرات أكاكوس التي تعود لآلاف السنين في ليبيا والدمار الهائل الذي شهدته مدينة حلب القديمة في سوريا.
ونوه إلي الدور الذي يضطلع به المركز في حماية وصون التراث العالمي في البلدان العربية كورش العمل والاجتماعات المستمرة مع الخبراء من دول مختلفة كالعراق حيث ورش عمل ترشيح موقع الأهوار على قائمة التراث العالمي، برامج تدريب الخبراء السوريين على صون المواقع التراثية، اتفاقية الحفاظ على مدينة زبيد اليمنية والعمل على ترتيب اجتماعات مستقبلية مع خبراء التراث في ليبيا.
من جهته، أكد مدير المعهد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا نجيب فريجي ضرورة أن تلتقي جميع الأطراف لمصلحة التراث الإنساني بالمنطقة والذي يحفظ هوية الأجيال القادمة.
وأشار إلى أن الوضع الراهن للتراث في بعض دول الوطن العربي والإسلامي يفرض على المجتمع الدولي التحرك لإنقاذ إرث يمثل حضارات ممتدة لآلاف السنين.
وطالب المجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات الضرورية ضمن الدبلوماسية الوقائية وعمليات حفظ السلام لمنع الاعتداءات التي تستهدف مرافق التراث الإنساني الذي يعتبر هوية وتاريخ الإنسانية جمعاء.
من جانبه أكد الشيخ صلاح الجودر دور علماء المسلمين في التصدي للأفكار الهدامة، ونشر ثقافة الاعتدال.
ونوه إلى أهمية الخطاب الديني وتأثيره في المجتمع والأفراد، والصورة التي يعكسها المنبر الإسلامي وحقيقة ما يدعو له ديننا الحنيف.
وفي السياق نفسه، أوضح السفير الليبي بالبحرين فوزي عبدالعال أن المنطقة العربية تعاني من استهداف مباشر لهويتها باسم الدين الإسلامي، وأن هناك ممارسات خطيرة للغاية من تدمير للتراث تقوم بها جماعات يفترض أن تكون محسوبة على المسلمين المعتدلين، فكيف الحال بالمتشددين.
وأضاف أنه لابد من أن تقوم المؤسسات الدينية الكبرى في العالم الإسلامي بدورها، والتعاون مع وسائل الإعلام للتأكيد على أهمية الإرث الثقافي، والأهم أن تقوم الأمم المتحدة بدورها في هذا الشأن والتعاون مع اليونسكو لتحقيق الهدف نفسه.