عيد جبر صالح هو واحد من رجالات الحورة المتميزين، ولد سنة 1921، جلست معه فترة قصيرة واستمعت إليه وهو يشرح عن ذلك الزمن الذي عاش فيه.
يقول والدنا عيد جبر إنه عمل في شركة بابكو لمدة 22 سنة، وكان اسم الشركة قديماً يطلق عليه «الجبل»، وقد كان يحصل على راتب يومي وقدره 12 (آنة)، وبعد 22 سنة من الخدمة وصل راتبه إلى (22 آنة)، وبحسب كلامه، كان يحصل على إجازة سنوية عشرة أيام فقط، وكل إجازة معها هدية، وفي بعض الأحيان ينام في سكن الشركة لمدة 12 ليلة، وفي نهاية الخدمة استلم حقوقه وهي 1700 روبية.
وبعدها انتقل إلى الحياة الجديدة وهي صيد السمك، وتأجير الحضور، وصناعة الغزل، والتي كانت توفر له دخل جيد.
وعن نفسي، فأتذكر تلك الليالي الشتوية شديدة البرودة التي يذهب الحاج عيد فيها إلى البحر وهو يرتدي «الخيش» كي يحمي جسمه من البرد القارس، فقد كان يدفع أجرة «الحظرة» الواحدة 60 روبية شهرياً ويجلب منها أحسن أنواع السمك الذي انقرض هذه الأيام.
عيد جبر يتذكر محطة مهمة في حياته وهي (احتلال فلسطين من قبل العدو الإسرائيلي) في سنة 1967، تلك السنة التي لا يستطيع أن ينساها، والتي سببت المشكلات للأمة العربية والإسلامية، حيث أجبر بسببها على ترك المهنة. ما لفت نظري عند حديثي معه، أن عينيه كانتا تدمعان عندما تذكر البحر الجميل المطل بشواطئه على بيته في منطقة الحورة التي تشتهر بالصيادين والناس الطيبين، حيث قال لي كلمة تدل على قلبه المملوء بالحزن: «إنهم قتلوا البحر بما فيه بعد عملية الدفان الكبيرة في جميع السواحل المطلة على المناطق الجميلة التي أصبحت لا ترى البحر».
عيد جبر صالح -تلك الشخصية المنسية- يقول عن الحورة، إن «أهاليها كانوا يختلفون كثيراً عن أهالي بقية المناطق الأخرى في نقطة لقاء البحارة وصانعي السفن، فأهل المنطقة متقاربون ومتحابون وأبواب منازلهم مفتوحة للجميع».
ويقول والحسرة تملأ قلبه، «الحورة اليوم تحتضر أكثر من غيرها من مناطق البحرين، والجميع هجرها وأتى العمران الذي فرق بين أهاليها».
أعزائي؛ اليوم هذا الرجل موجود وقد أصبح كبيراً في السن وطريح الفراش ويسكن في منطقة سند، وأنتم يا أهل الحورة عليكم بزيارته فهو يستحق، فزيارة واحدة منكم تخفف عليه تلك الآلام من الذكريات.

الناشط الاجتماعي
صالح بن علي