أكد وزير شؤون الإعلام عيسي الحمادي أنه في البحرين اليوم هناك مرحلة سياسية جديدة محددة وواضحة المعالم لمن أراد أن يكون جزءاً من العملية السياسية، وهناك برلمان منتخب بنسبة مشاركة كاشفة بلغت 52% من الشعب، مشيراً إلى أن بعض أطراف المعارضة هي التي اختارت المقاطعة.
وقال في ندوة مغلقة نظمتها صحيفة الأهرام القاهرية، ونشرت فعالياتها في عددها الصادر أمس، إن الانتخابات التشريعية التي شهدتها البحرين عام 2014 تعكس مدى تطور التجربة الديمقراطية التي انتهجتها المملكة، سيما أنها رسخت من دور نواب الشعب في عمليتي التشريع والرقابة، ومكنت الرأي العام من المشاركة بفاعلية في إدارة الشأن الوطني.
وأضاف أن البحرين كانت وما زالت إحدى الدول الرائدة التي تبنت مبكرا برنامجا للإصلاح السياسي الشامل، وهو ما كان له أبلغ الأثر في المكانة التي وصلت إليها المملكة في محيطها الخليجي والعربي، حيث يشار لها بأنها واحدة ضمن الدول التي أدركت ومنذ أكثر من عقد على الأقل أهمية التحديث الديمقراطي باعتباره أساساً لازماً لتحقيق النهضة المرجوة.
ووصف الحمادي الإصلاحات التي دشنها جلالة عاهل البلاد المفدى عام 2001 بأنها «تاريخية»، في إشارة للتطور الذي شهدته الساحة منذ طرح ميثاق العمل الوطني، وقام الشعب بالتصويت عليه بنسبة تأييد فاقت الـ 98%.
واعتبر أن الميثاق وما تلاه من خطوات دشن مرحلة جديدة من العمل السياسي بالبحرين، خاصة أنه تم تطوير التجربة من خلال التعديلات الدستورية التي حدثت بعد ذلك.
ولفت إلى أن برنامج عمل الحكومة يركز على التنمية الشاملة في النواحي الخدمية والاجتماعية، ويعمل على تطوير وتنويع الاقتصاد، بحيث لا يعتمد على النفط كمصدر أساس للدخل.
وأشار إلى أن الحكومة نجحت في تحقيق ذلك بالفعل، وتعد البحرين النموذج الأبرز في الخليج من حيث التنوع، ويحتل النفط حالياً المرتبة الرابعة في الناتج المحلي، ويسبقه قطاعات كالخدمات المالية والصناعة.
ورأى الوزير أن تجربة التطور السياسي في المملكة مغايرة تماماً لما شهدته بعض دول المنطقة، وأن هناك انطباعات خاطئة سادت بشأنها بسبب بعض المؤسسات الإعلامية التي لم توفر الفرصة للجانب الرسمي لتوضيح وجهة نظره.
وذكر أن للبحرين يد المبادرة الآن لعدم ترك الفرصة للإعلام الغربي لفرض رؤاه عما يجري في البحرين، وتم تكثيف التواصل مع المؤسسات الإعلامية، ومدهم بالمعلومات الصحيحة، وكذا اتخاذ الإجراءات القانونية ضد من يتمادى في إبراز صورة مغلوطة عما يجري في البلاد.
وحول تزايد العميات الإرهابية في المنطقة، قال الوزير نحن الآن نواجه فكراً إرهابياً لا ينتمي إلى مذهب معين، وإنما ينتمي إلى نهج متطرف يستخدم الدين لتحقيق أهداف سياسية محددة، ودول الخليج والبحرين لا تنظر إلى شعوبها على أسس عرقية أو مذهبية أو دينية، وإنما تنظر إلى انتماءاتهم الوطنية فحسب.
وأوضح أن ما تقوم به المنظومة الإعلامية الإيرانية يجب أن ينظر إليه في إطار القنوات الموجهة ضد الدول العربية، وتعمل على إثارة التفرقة والنعرات الطائفية وتدعو للعنف.
وأشار إلى أن هناك قنوات إيرانية يتم بثها عبر منظومة عرب سات، وتحولت إلي منصة لطهران وغيرها لبث رسائلها التحريضية، ونحن الآن بحاجة لمزيد من التنسيق لمواجهة ذلك، وعلى كافة المؤسسات الإعلامية العربية، ومن بينها «الأهرام»، التعاون للذود عن دول المنطقة، لافتاً إلى أن الخطوات المبذولة على صعيد العمل العربي المشترك بحاجة إلى إبرازها من خلال منظومة إعلامية واعية.
ونوه إلى عمق العلاقات المصرية ـ البحرينية باعتبارها علاقات تاريخية ممتدة.
وشدد على أن توجيهات القيادة دائماً ما تؤكد على أن العلاقات مع مصر غاية في الأهمية، ويجب أن تشهد تطوراً دائماً في كل المجالات، فهناك المؤسسة الخيرية الملكية بالقاهرة التي تنفذ العديد من المشاريع، كما جاءت الزيارة السامية خلال قمة شرم الشيخ الاقتصادية لتكلل تلك الجهود ولتؤكد دعم البحرين لمصر.
ولفت إلى أن أمن الخليج من أمن مصر، ولا توجد مساومة على العلاقات بين الجانبين، فهي قضية غير مطروحة للنقاش على أي مستوى، والتباحث حولها يكون بهدف تطويرها وتدعيمها وتعزيزها، فمصر هي العمق الاستراتيجي لنا ومركز الثقل الأساسي للأمة العربية.
وأوضح الوزير أن البحرين تمتلك علاقات سياسية ودبلوماسية وطيدة وممتدة مع كافة دول العالم، وكانت هناك العديد من الزيارات على أعلى مستوى في البحرين لدولة روسيا، حيث قاما جلالة الملك المفدى وسمو ولي العهد بزيارتها، وهناك مذكرات تفاهم موقعة بين الجانبين في مختلف الجوانب وفي مقدمتها الجانب العسكري.
وذكر أنه شارك في اجتماعات قمة كامب ديفيد الأخيرة، وأن المباحثات لم تركز كلها على البرنامج النووي الإيراني، بل إن جدول الأعمال تناول ملفات عديدة.
وقال إن القمة ناقشت مدى التزام الجانب الأمريكي بالعلاقة الاستراتيجية الممتدة مع دول الخليج، حيث تم التأكيد على التزام أمريكا بذلك في وجه أي طارئ يمس سيادة المنطقة وأمنها، كما تم الاتفاق على مزيد من التعاون العسكري والأمني المشترك.
وتابع تطرق الاجتماع أيضاً إلى تأمين دول الخليج وحمايتها من القرصنة والتهديدات الإرهابية التي تهدد مياه الخليج العربي.
وأضاف أن سعي دول مجلس التعاون لامتلاك أسلحة من أي نوع يأتي بهدف الدفاع عن أمن وسلامة شعوبها وليس بهدف التوسع أو الاعتداء أو التدخل في شؤون أي دولة أخرى.
وبيَّن أن القمة تعرضت بشكل معمق للملف النووي الإيراني، حيث قدم الجانب الأمريكي شرحاً وافياً للاتفاق المزمع عقده مع طهران، والالتزامات الإيرانية حياله.
ونوه إلى أن موقف دول التعاون ثابت ولم يتغير قبل وبعد القمة، حيث ندعم أي اتفاق شفاف وملزم ويحقق الأمن لمنطقة الخليج العربي، وسنحكم على الاتفاق بعد دخوله حيز التنفيذ.
وقال هناك فهم وإدراك أمريكي لما تقوم به إيران من دعم لجماعات متطرفة على أساس طائفي ومذهبي، وخطورة ذلك على دول المنطقة وسيادتها، وتم الحديث عن التدخلات الإيرانية، حيث إن منطقة الخليج شهدت العديد من الأحداث نتيجة فكر إيران التوسعي وتدخلاتها، ونحن دائماً ما نطالب إيران بالالتزام بحسن الجوار، والكف عن دعم الحركات المتطرفة ذات البعد الطائفي.
وأشار إلى «أنه تم الحديث أيضاً عن القضايا العربية وخاصة موضوع اليمن، وأن الحل هناك يجب أن يرتكز على قرارات المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن رقم 2216.
واعتبر أن مؤشرات تفاعل شعوب المنطقة ولاسيما الخليج مع العملية العسكرية للتحالف العربي في اليمن، جاءت إيجابية للغاية، وأظهر الشباب الخليجي وعلى أكثر من صعيد وعياً كبيراً وشعوراً وطنياً يدعو للفخر، حيث عكس التحرك العسكري ترابطاً عربياً يتجدد مع الجيل الحالي.
وحول دور مجلس التعاون الخليجي، أكد الحمادي أهمية التواجد الدبلوماسي الخليجي على الصعيد الدولي، خاصة بعد قرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي ارتكز على المبادرة الخليجية، وهو علامة بارزة على قدرة المجلس على التحرك كمنظومة متكاملة في العمل الدبلوماسي.
ووصف القرار الذي اتخذ بشأن المساهمة في التحالف الدولي ضد الإرهاب والمشاركة في عملية عاصفة الحزم، بأنه أعطى مؤشراً بأن هناك حضوراً فاعلاً لمجلس التعاون، كما أن دعوة الرئيس الأمريكي قادة المجلس لحضور المؤتمر لمناقشة التطورات، هو مؤشر آخر على تعاظم دور دول المجلس أيضاً.
ولفت إلى أنه تم التطرق للملف السوري، والتأكيد على الموقف الراسخ والثابت الذي يدعو لتحقيق طموحات الشعب السوري، والقرارات الدولية ذات الصلة، وتم تناول الملف العراقي وضرورة التزام الحكومة العراقية بتحقيق طموحات جميع مكونات الشعب العراقي ودعم الحكومة في مواجهاتها للحركات الإرهابية، وكذلك تم مناقشة دعم الحكومة الليبية وتصديها للحركات المتطرفة.
واعتبر أن القمة في المجمل حققت الهدف المنشود منها، ولكن يجب متابعة تنفيذ مخرجاتها، حيث تم التوافق على عقد قمة أخرى تجمع بين قادة دول مجلس التعاون والرئيس الأمريكي العام القادم لقياس مدى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، كما تم الاتفاق على عقد اجتماعات أخرى على مستوى وزراء الخارجية لمتابعة الوضع بشكل دوري.