عواصم - (وكالات): حقق تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي تقدماً جديداً نحو مدينة الحسكة شمال شرق سوريا، على الرغم من استمرار حملة التحالف الجوية على مواقعه والتي حصدت بحسب واشنطن اكثر من 10 آلاف قتيل خلال 9 اشهر في سوريا والعراق، فيما قتل عشرات المدنيين في قصف بالبراميل المتفجرة على مناطق في حلب شمال البلاد، بينما قال «أمير» جبهة النصرة أبومحمد الجولاني إن «دولة الخلافة» التي أعلنها «داعش» في سوريا والعراق قبل عام غير شرعية، واصفاً أعضاء هذه الجماعة بـ«الخوارج» من دون أن يكفرهم، مشيراً إلى أنه «لا يرى حلاً قريباً للصراع مع التنظيم المنافس في سوريا».
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن «داعش» الذي بدأ هجوماً عنيفاً في 30 مايو الماضي في اتجاه مدينة الحسكة، وصل الليلة إلى مسافة 500 كيلومتر منها.
وأوضح المرصد أن المعارك التي وقعت بين القوات النظامية والتنظيم المتطرف «انتهت بسيطرة التنظيم على نقاط عسكرية عدة بينها سجن الأحداث ومحطة لتوليد الكهرباء» في محيط الحسكة. وتخللت العمليات العسكرية 6 عمليات انتحارية نفذها التنظيم وأتاحت له إحراز التقدم.
وتتواصل المعارك في المنطقة نفسها التي استقدم إليها النظام تعزيزات. وتتقاسم السيطرة على المدينة وحدات حماية الشعب الكردية والقوات النظامية السورية.
وقال مسؤول تركي إن أكثر من 3 آلاف سوري فروا إلى تركيا من الاشتباكات بين «داعش» والمقاتلين الأكراد.
وانتقدت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من السلطات في افتتاحيتها ما اسمته «تخاذل» الأكراد عن مساندة القوات النظامية في قتالها ضد «داعش».
وجاء في المقال «منذ أيام، بدأ تنظيم داعش هجوماً عنيفاً على مدينة الحسكة (...) في محاولة لاحتلال المدينة وضمها إلى «أراضيه»».
وأضاف أن «المفاجأة» في الهجوم تكمن في «تخاذل بعض «الأشقاء الأكراد بالدفاع عن الحسكة».
وأدرجت الصحيفة هذا الموقف في إطار «أطماع بعض الأكراد السياسية والإقليمية وعمالتهم مع الأمريكيين والأوروبيين لتأسيس إقليم أو ما يسمى إدارة ذاتية تخولهم لاحقاً تأسيس دولة على الأراضي السورية والعراقية»، مشيرة إلى وجود «مشروع لتقسيم سوريا».
وقال الناشط آرين شيخموس المقيم في مدينة القامشلي الواقعة شمال شرق الحسكة والتي وصلها خلال الساعات الماضية عدد كبير من النازحين من الحسكة، «تتمركز وحدات الحماية في غالبية الأحياء الشمالية والغربية من المدينة ومحيطها». وأشار إلى أن هذه الأحياء «احتضنت بعض العائلات النازحة من الأحياء الجنوبية والشرقية خوفاً من تقدم التنظيم فيها أو تعرضها لقصف بالهاون».
من جهة أخرى، ذكر شيخموس أن «الكهرباء قطعت عن المدينة بشكل كامل بالإضافة إلى الاتصالات» منذ سيطرة التنظيم على محطة الكهرباء.
وفي حال تمكن التنظيم من السيطرة على مدينة الحسكة، ستصبح مركز المحافظة الثاني الذي يخضع لسيطرته بعد الرقة شمالاً، ومركز المحافظة الثالث الذي يخرج عن سيطرة النظام بعد الرقة ومدينة إدلب شمال غرب البلاد.
وفي منطقة أخرى من حلب، قتل عشرات المدنيين في قصف جوي بالبراميل المتفجرة على بلدتي دير جمال وحيان. وبين القتلى أطفال، 4 منهم أشقاء.
ومنذ أيام، صعد الطيران الحربي والمروحي السوري غاراته على المناطق الشمالية.
وقتل في 31 مايو الماضي 84 شخصاً في قصف جوي على مدينة حلب وريفها، ما أثار تنديداً دولياً.
ويتهم ناشطون ومعارضون النظام بتصعيد القصف الجوي لتسهيل تقدم «داعش» في المنطقة. إذ يترافق القصف مع محاولات لـ«داعش» التقدم في ريف حلب الشمالي على بعد 10 كيلومترات من الحدود التركية.
واتهم زعيم جبهة النصرة أبومحمد الجولاني في مقابلة مع قناة «الجزيرة» تم بثها مساء أمس الأول تنظيم الدولة بـ«قطع طرق» كثيرة بين الشمال والجنوب، ما يحول دون تقدم الجبهة نحو دمشق.
وكان مصدر أمني سوري ذكر أن «نحو 7 آلاف مقاتل إيراني وعراقي وصلوا إلى سوريا أخيراً وهدفهم الأول هو الدفاع عن العاصمة». وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن هذا التقرير، مشيراً إلى أن «العدد أكبر بكثير». وأقرت طهران أكثر من مرة بإرسالها خبراء ودعم عسكري ومالي إلى دمشق وبغداد، لكنها تقول إنها لم ترسل مقاتلين. ويحارب «حزب الله» الشيعي اللبناني المدعوم من إيران إلى جانب قوات النظام في مناطق عدة من سوريا. كما يلقى النظام مساندة من ميليشيات مؤلفة من مقاتلين شيعة من جنسيات عدة.
وتأتي هذه التطورات العسكرية في وقت لا يظهر أي أفق للحل السياسي للنزاع المستمر منذ أربع سنوات.
والتقى الموفد الدولي إلى سوريا ستافان دي ميستورا في إسطنبول الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية برئاسة رئيس الائتلاف خالد خوجا، ليبحث معه في احتمالات التسوية قبيل تقديمه تقريراً جديداً إلى مجلس الأمن عن الوضع السوري.
وقال الجولاني إن «دولة الخلافة» التي أعلنها «داعش» في سوريا والعراق قبل عام غير شرعية، واصفاً أعضاء الجماعة بـ«الخوارج» من دون أن يكفرهم.
وذكر أن من صفات هذه الجماعة «استباحة دماء المسلمين وتكفير المسلمين دون ضوابط شرعية وتكفير الخصوم»، مضيفاً «هم يكفروننا لكن نحن بالطبع لا نكفرهم».
واتهم الجولاني عناصر التنظيم «بنقض العهود»، مشيراً إلى ارتكابهم «الكثير من حالات قطع الرؤوس والصلب» في صفوف جبهة النصرة.
وأكد أنه «ليس هناك حل أو منظور للحل بيننا وبينهم في الوقت الحالي. نأمل أن يتوبوا (...) وإن لم يكن ذلك فليس بيننا وبينهم إلا القتال». وتعد جبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، لكن الجولاني أكد أن الجبهة لا ترغب بالحكم في سوريا بعد سقوط النظام. وتمكنت جبهة النصرة وحلفاؤها خلال الأسابيع الأخيرة من إحراز سلسلة نجاحات على الأرض في مواجهة قوات النظام خاصة شمال غرب البلاد وفي الجنوب، وقد استولوا على مدن كبيرة وقاعدة عسكرية ومعابر حدودية.
من جهة أخرى، قال التلفزيون الرسمي السوري إن وزير الدفاع العماد فهد جاسم الفريج زار وحدات للجيش إلى الشرق من مدينة حمص في زيارة هي الأحدث بين سلسلة من الزيارات التي قام بها مسؤولون كبار لمواقع عسكرية لرفع الروح المعنوية.
وفقدت الحكومة مساحات كبيرة من الأراضي في الشهرين الأخيرين لصالح جماعات المعارضة المسلحة.
وقال الفريج إنه واثق من قدرتهم على الدفاع عن سوريا في مواجهة ما وصفه بالإرهاب ومن يدعمه.