كتب - أنس الأغبش:
يتوقع أن تتكبد البحرين خسائر تراوح بين 3 إلى 4 ملايين دينار خلال الصيف وعيد الفطر المبارك، نتيجة غياب البرامج السياحية الموجهة للأسر الخليجية وخاصة السعودية منها، في وقت يصل حجم المحتوى السياحي لـ800 مليون دينار سنوياً، لم يستغل منه فعلياً سوى 70 مليون دينار أو ما يشكل نسبه 11.5% أي أن الخسائر تصل إلى 730 مليون دينار، بحسب خبراء.
ويؤكد خبراء لـ«الوطن»، أن البحرين تمتلك مقومات سياحية لكنها لم تستغل بالشكل الأمثل، موضحين أنه لا يمكن القيام بذلك إلا من خلال إنشاء لجنة سياحية خاصة تجمع القطاعين العام والخاص أو عبر إنشاء وزارة تخطيط لإعادة صياغة البرامج السياحية.
وكان وزير الصناعة والتجارة زايد الزياني أكد مؤخراً لمجلة «المحاسبة والمراجعة في الخليج»، أن أكبر نسبة من السياح الذين قصدوا البحرين خلال العام 2014 هم من دول مجلس التعاون الخليجي حيث شكلوا قرابة 66% من زوارها.
«التجزئة» الأكثر تضرراً
وأوضح الخبراء أن قطاع تجارة التجزئة، يعتبر الأكثر تضرراً من غياب البرامج السياحية باعتباره يعتمد بشكل كبير على إنفاق الزوار، يليه القطاع الفندقي وقطاع المطاعم.
وضربوا المثل ببعض دول مجلس التعاون والتي أعلنت مؤخراً عن برامج صيفية وبرامج لعيد الفطر، حيث أعلنت دبي عن فعاليات متميزة وكذا الكويت، لافتين إلى أن غياب تلك الخطط عن البحرين يعود أساساً إلى إهمال القطاع ما يضع علامات استفهام كثيرة.
وقال رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية جعفر الصائغ إن البحرين بحاجة تنويع اقتصادها بعيداً عن القطاع النفطي، ليس لأنها قليلة الموارد وإنما لتحريك باقي القطاعات الاقتصادية.
وأوضح الصائغ أن «البحرين بحاجة ماسة إلى تنمية قطاعاتها غير النفطية إلى جانب زيادة استثماراتها في القطاع السياحي شريطة أن تكون مبنية على دراسات وخطط ورؤية بعيدة المدى».
وقدر الصائغ حجم الخسائر خلال فترة الصيف وعيد الفطر بما بين 3 إلى 4 ملايين دينار في حال لم يتم تطوير هذا القطاع وإنقاذه، موضحاً في الوقت نفسه أنه يجب فتح المجال لإشراك القطاع الخاص في الخطط السياحية. وقال «أثبتت الدراسات أن أي دولة في العالم لا تهتم بالقطاع السياحي، فهي لا تتميز باقتصاد قوي».
***الاهتمام بالمرافق السياحية
وأكد أنه يجب الاهتمام بالمرافق السياحية وتأهيلها بشكل أكبر، بالإضافة إلى وضع معايير واضحة وإعادة النظر في القطاع السياحي من خلال وضع مؤشرات تحدد عدد السواح في سنة ما ومقارنتها بالعام الجديد لتفادي ما حدث من سلبيات في تلك السنة.
وأبان أن القطاع السياحة تأثر قبل فترة جراء العديد من المؤثرات الداخلية أو الخارجية، ولم يلاحظ اتخاذ إجراءات مناسبة لتطويره، داعياً إلى وضع التشريعات المناسبة لتطوير هذا القطاع.
وحول القطاعات الأكثر تضرراً جراء غياب البرامج السياحية، أكد الصائغ ان قطاع التجزئة يعد من أكبر المتضررين كونه يعتمد بشكل كبير على إنفاق الزوار، ومن ثم يأتي القطاع الفندقي والمجمعات التجارية إلى جانب قطاع الخدمات.
في المقابل، أكد الخبير الاقتصادي أكبر جعفري أن حجم المحتوى السياحي في البحرين يصل إلى حوالي 800 مليون دينار سنوياً، لم يستغل منه فعلياً إلا حوالي 70 مليون دينار أو ما نسبته 11.5%، أي أن إجمالي الخسائر تصل إلى 730 مليون دينار.
ويضيف جعفري «لا يوجد استغلال للمقومات السياحية على الرغم من أنها موجودة بسبب عدم التناغم بين الجهات المعنية»، موضحاً أن كل وزارة تنفرد بقراراتها، أو أنها تلقي بالمسؤولية على الوزارات الأخرى».
الاستفادة من تجارب الدول
وضرب جعفري مثلاً بـ«هيئة السياحة» في دبي، حيث تقوم بتصميم برامج لصيف دبي إلى جانب مهرجانات للتسوق، فيما تتحرك طيران الإمارات بنفس النهج من خلال تقديم خصومات في التذاكر مع بعض العروض التشجيعية، فيما تقوم الفنادق بتقديم أسعار متميزة.
وأكد جعفري ان البحرين تقوم بخلاف ما تفعله دبي، حيث تقوم «هيئة الثقافة» مثلاً بقرارات أحادية الجانب، فيما تقوم بعض الجهات الأخرى بإلقاء المسؤولية على وزارة أخرى.
وقال جعفري إنه «يجب تشكيل هيئة مركزية للسياحة بحيث تكون ممثلة لجميع الجهات المعنية وتكون بنفس التحركات والتناغم حتى تستطيع ان تتفوق على دبي أو تصل إلى مستواها على الأقل».
وأكد جعفري أنه «يمكن للبحرين استقطاب مليون زائر بشكل أسبوعي بدلاً عن 250 ألفاً»، رابطاً ذلك بوجود برامج تسويقية وتنظيم مهرجانات وفعاليات مكثفة تناسب كافة فئات الدخل من دول مجلس التعاون الخليجي وخصوصاً من المملكة العربية السعودية.
ولفت إلى أن قطاع التجزئة يأتي في مقدمة الخاسرين جراء غياب الفعاليات السياحية، ليأتي بعده قطاع الفنادق والقطاع التجاري إلى جانب بعض القطاعات الأخرى.
تخصيص برامج للسياحة العائلية
من جانب آخر، أكد رجل الأعمال عبدالله الكبيسي، أن خسائر البحرين جراء غياب البرامج السياحية تقدر بمئات الملايين من الدنانير خلال الصيف وعطلة عيد الفطر المبارك، موضحاً أن الحل يكمن في إشراك القطاع الخاص «فعلياً» في تنفيذ البرامج السياحية.
ولفت الكبيسي إلى وجود مواقع أثرية وأسواق شعبية شبه متوقفة، ولو تم تفعيلها لأمكن الاستفادة منها كوجهة جذب سياحية، داعياً إلى الاهتمام بشكل كبير بتلك الجهات لاستقطاب أكبر عدد من السواح.
وطالب الكبيسي الجهات المعنية بالاستفادة من تجارب بعض دول مجلس التعاون الخليجي وخصوصاً دبي، حيث نجحت في استقطاب الزوار نتيجة للبرامج والفعاليات المتميزة التي تنظمها، موضحاً أنه لو تم تطبقيها في البحرين لأصبحت المملكة دولة سياحية.
ودعا إلى تخصيص برامج للسياحة العائلية تستهدف السوق السعودي، بحكم أن هناك عدداً من محدودي الدخل يبحثون عن السياحة العائلية في البحرين تناسب مداخيلهم، ما يتطلب معه تنويع البرامج السياحية.
وأوضح الكبيسي أن هناك الكثير من المنتجعات السياحية مثل «بلاج الجزائر» الذي ما زال يعاني من تراجع بنيته التحتية، إلى جانب وجود بعض الحدائق التي لا تليق بالزوار الخليجيين.
واقترح الكبيسي إنشاء لجنة تضم القطاعين العام والخاص يكون أعضاؤها من أصحاب ذوي الشأن ويختص عملها بإقامة برامج وفعاليات سياحية متنوعة تناسب السياح الخليجيين وخصوصاً السعوديين منهم.
هروب السياح لدول الجوار
من جهته أكد رجل الأعمال علي المسلم، أن «البحرين اكتسبت مركزاً اقتصادياً مهماً منذ السبعينيات، لكن مع الأسف لم تكن هناك وزارة تخطيط تعد للمستقبل، حيث باتت كل وزارة تعمل بقرارات منفردة دون إشراك باقي الجهات فيما قامت بعضها بإلقاء المسؤوليات على الأخرى».
وأضاف المسلم أنه لم يتبق للسائح ما يجذبه إلى البحرين ما دعاه إلى التوجه لزيارة دول خليجية أخرى، موضحاً أن دبي كانت في السابق صحراء ولا يقصدها أحد ولكن بفضل وجود «إدارة تخطيط عليا» وتوجهها بشكل مكثف نحو السياحة بات الجميع يقصدها.
وأكد المسلم أن الإمارات تقوم بتوزيع برشوروات بشكل متواصل في دول الخليج وفي بعض الدول الأوروبية لاستقطاب أكبر عدد من الزوار، داعياً البحرين إلى الاحتذاء بحذوها للنهوض بقطاعها السياحي.
ولفت إلى أن غياب البرامج السياحية التي تستهدف الأسر الخليجية وخصوصاً السعودية منها، كبد البحرين خسائر كبيرة لا يمكن تقديرها إلا أنه عاد ليوضح أنه لو تم إنشاء «إدارة تخطيط» لأمكن توفير تلك المبالغ.
وبيَّن ان قطع التجزئة والفنادق والمطاعم من أكبر المتضررين جراء غياب البرامج السياحية، داعياً إلى إحياء التراث البحريني والاهتمام بشكل أكبر بالقطاع السياحي وإقامة برامج وفعاليات متنوعة لاستقطاب المزيد من الزوار، بدلاً من توجيه أنظارهم نحو دول أخرى.