ما الذي ستستفيده الأمة اليوم من نبش خلافات الماضي بين الصحابة؟
هل ظلم صحابي صحابياً في الخلافة؟
هل أحدهم مظلوم، والآخر ظالم؟
لنقل إن أحدهم مظلوم.. ما الذي نستطيع أن نقدمه اليوم له إلا ظلماً لأناس لا ذنب لهم؟
ولنقل إن الآخر ظالم.. فهل نستطيع أن نحاكمه ونرفع ظلمه؟
من مات قبل ساعة غير مطالبين به ولو فاق ظلمه الآفاق، فكيف بمن مات قبل ألف سنة؟وحسب روايات وضعها الخصوم.
يا قوم، الله لم يجعلنا شركاء معه في الحكم، علينا بأنفسنا وواقع أمتنا.
لنترك الصحابة ومن بعدهم لخالقهم، إن أحسنوا فالله وحده المثيب، وإن أساؤوا فالله عدل لا يظلم أحداً.
الله أخبرنا في القرآن: «يوم يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه».
إذا كان المرء سيفر من أقرب الناس إليه فكيف سيتذكر أمواتاً قبل ألف سنة؟
يا قوم، زيدية، إباضية، سنة، شيعة إمامية.. ارحموا هذه الأمة.
إن الله لم يطالبكم بذلك أن تتصارعوا وأن تكونوا محامين لأموات، فالله ليس بحاجة إلى ذلك.
ضرب لكم صحابة موسى عليه السلام، منهم من أحسن ومنهم من أساء، هل رأيتم تحدث عن أحد منهم بقدر ما تحدث عن موسى وسنن دعوته!
وضرب لكم حواريي عيسى، فهل جعلنا في كتابه حكماً مشاركين لله في هؤلاء.
يا قوم، ارحموا هذا الجيل والأجيال القادمة، اشغلوهم بقرآنكم، افتحوا عقولهم للمعرفة والإبداع، لا ترجعوهم إلى الوراء وتشغلوهم بأموات، إن كان ولا بد فقد ضرب الله لكم مثلاً بالأنبياء، وجعلهم أسوة وقدوة لكم جميعاً.
الله لم يكلفكم بالبحث، ولا بالولاية ولا البراءة، ولا ترحماً ولا لعناً، ولم يجعلكم حكماً، علينا بالواقع، نستفيد في الماضي بأخذ العبر لا بالحكم على من مات.
ما يحدث في العراق وسوريا وغيرها، وما نراه في القنوات من لعن وسب، وشجار يسيء إلى القرآن والرسول والصحابة والأمة، وردة إلى الخلف، والآن الدماء تسيل تارة باسم الحسين، وتارة باسم الصحابة، من المستفيد؟
لكم رب واحد، وقرآن واحد، يدعوكم لتوحيده سبحانه، وتحكيم كتابه، فارحمونا يرعاكم الله، واشغلونا بالواقع، وارحموا هذه الدماء، حتى لا تكون لعنة علينا كما كانت لعنة على بني إسرائيل، فشردهم الله في الأرض، ومزقهم شر ممزق.
آن للعقول الراقية من جميع المذاهب أن تقوم، وتتحمل المسؤولية أمام متديني الماضي، ومقدسي الأموات، لأجل أن يطغى الفكر المعتدل الداعي إلى المستقبل.
بدر العبري
مسقط