الصحة نعمة من نعم الله التي يجب شكرها والاستعانة بها على طاعته سبحانه، وهي من النعم التي لا تستطيع نفس بشرية أن تدركها، فكلما أوغل علم الطب في أبحاثه واكتشافاته، أدرك أن قيمة هذه النعمة فوق تصورات البشر.
على الإنسان أن يهتم بصحته ولا يعرض صحته وجسده للخطر، وأن يعرف قدرها من فقدها، فالإنسان إذا مرض يوماً، ولزم الفراش، عرف نعمة الصحة، تمنى وسأل ربه أن يرزقه عافية في بدنه، وصحة في بدنه، وأن يرد إليه صحته، ونعمته التي هي من أعظم النعم.
انظر إلى المرضى، إذا دخلت في المستشفيات، وما شابهها، وجدت هذا يشتكي رأسه، وهذا يشتكي بطنه، وهذا يشتكي ظهره، وهذا مريض مرضاً مقعداً، وهذا مصاب بكذا.. وكذا، وهذا قد أغمي عليه، وهذا فى غيبوبة سكر، وهذا به صداع، وهذا قد فقد إحساسه، وما شابه ذلك؛ فتعرف أنك في نعمة عظيمة؛ حيث إن الله -تعالى- متعك بالقوة، متعك بالصحة، متعك بالرفاهية، متعك بهذه القوة، تقلب في حاجتك، ولا تحس مرضاً، لا تحس ألماً في شيء. إذن.. فهذه من النعم، فكيف يكون شكرها؟
إن شكر هذه النعم: أن تستعمل بدنك في طاعة الله سبحانه وألا تستعمله في معصية الله، فالذي يؤدي الصلوات بركوعها، وسجودها، وقيامها، وقعودها، وخشوعها، وإخباتها، قد شكر نعمة القوة. والذي يكتسب مالاً حلالاً، ثم يؤدي حقوق ذلك المال، وينفق منه في وجوه الخير.. يعلم أن الله -تعالى- قواه على هذا الاكتساب؛ فيؤدي حقه، فيكون بذلك ممن شكر نعمة الله.
ولا تقتصر نعمة الله على صحة الفرد وحده بل تتعداها إلى نعمة الصحة في الأفراد المحيطين به، ممن يعول ومن المقربين. فكم من الناس الذين أنعم الله عليهم بثروات كبيرة أو بعلم وفير، أو سلطان عظيم، وابتلاهم بولد مريض ومرضه عضال يستعصي على الأطباء وعلى العلاج، فهم مستعدون للتنازل عن ثرواتهم وسلطانهم مقابل شفائه.

إيمان عمر