عواصم - (وكالات): شن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضربات جوية استهدفت مواقع لتنظيم الدولة «داعش» شمال سوريا، في أول تدخل من نوعه في المعارك الدائرة بين المقاتلين وفصائل إسلامية معارضة، بينها جبهة «النصرة»، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، بينما تراجع التنظيم تحت وطأة الاشتباكات العنيفة مع قوات الرئيس بشار الأسد والمسلحين الموالين إلى مسافة كيلومترين عن مدينة الحسكة شمال شرق البلاد، واستولى على مواقع من التنظيم، بعدما تمكن في الأيام الأخيرة من الوصول إلى مشارفها، فيما قتل عنصران من «حزب الله» الشيعي اللبناني في اشتباكات مع المعارضة السورية المسلحة في جرود عرسال. وفي محافظة حلب، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «طائرات تابعة للتحالف العربي الدولي نفذت 4 ضربات جوية استهدفت نقاط تمركز «داعش» في بلدة صوران»، تزامناً مع اشتباكات بين عناصر التنظيم من جهة وحركة أحرار الشام الإسلامية النافذة وفصائل إسلامية وجبهة النصرة من جهة أخرى، في محيط المدينة. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن «إنها المرة الأولى التي يدعم التحالف الدولي معارضة غير كردية في اشتباكات ضد مقاتلي «داعش»».
وأضاف «تشكل الضربات دعماً غير مباشر لحركة أحرار الشام وجبهة النصرة» التي تعد ذراع تنظيم القاعدة في سوريا وتعتبرها واشنطن «منظمة إرهابية».
ومنذ سبتمبر الماضي، ينفذ التحالف الدولي بقيادة واشنطن غارات جوية تستهدف مواقع التنظيم في العراق وسوريا، كما ساند المقاتلين الأكراد في معاركهم ضد التنظيم شمال البلاد.
وطالت غارات التحالف أيضاً مقار لجبهة النصرة آخرها في حلب في 20 مايو الماضي، كما استهدفت مقراً لحركة أحرار الشام العام الماضي شمال غرب سوريا.
واتهم أمير جبهة النصرة أبو محمد الجولاني في مقابلة تلفزيونية الولايات المتحدة بأنها «تساند النظام» السوري، وقال إن من أبرز أشكال المساندة قصف مقار النصرة.
وتأتي الغارات بعد أسبوع من سيطرة مقاتلي «داعش» على بلدة صوران القريبة من مارع والواقعة على طريق إمداد رئيس للمعارضة من تركيا إلى حلب، بعد اشتباكات عنيفة خاضوها ضد فصائل إسلامية وفي مقدمها حركة أحرار الشام ومقاتلي جبهة النصرة.
وتبعد صوران عن مدينة أعزاز ومعبر باب السلامة الحدودي مع تركيا نحو 10 كيلومترات. وقال عبد الرحمن إن الضربات تشير إلى وجود «قرار أمريكي بمنع تقدم التنظيم من صوران إلى مدينة أعزاز الحدودية مع تركيا». وتسيطر الفصائل الإسلامية المعارضة على معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا في منطقة أعزاز.
وعلى جبهة الحسكة، تراجع «داعش» إلى بعد كيلومترين عن مدينة الحسكة، مركز المحافظة، إثر اشتباكات عنيفة مع قوات النظام التي قصفت مواقع مقاتلي التنظيم، وفق المرصد. وبدأ التنظيم هجوماً عنيفاً في 30 مايو الماضي في اتجاه مدينة الحسكة، وتمكن من الوصول إلى مسافة 500 متر منها. وأشار المرصد إلى أن «قوات النظام تمكنت من التقدم جنوب المدينة وأجبرت التنظيم على التراجع» إلى محيط سجن الأحداث الواقع على بعد كيلومترين عن المدينة.
وأوضح عبد الرحمن أن المعارك مستمرة في محيط سجن الأحداث وهو مبنى قيد الإنشاء اتخذته قوات النظام مقراً لها قبل سيطرة التنظيم عليه وعلى مواقع عدة مجاورة.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» من جهتها عن مصدر في محافظة الحسكة قوله «قضت وحدات الجيش والقوات المسلحة العاملة في ريف الحسكة بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية على أعداد كبيرة من إرهابيي «داعش» في ريف الحسكة الجنوبي». وبث التلفزيون السوري الرسمي لقطات مباشرة من مدينة الحسكة وأرفقها بتعليق «أهالي الحسكة يحتشدون في الساحات تعبيراً عن دعمهم وتأييدهم لعمليات الجيش السوري في المحافظة». وتزامن تراجع التنظيم جنوب الحسكة مع مشاركة مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية للمرة الأولى منذ بدء الهجوم على المدينة، في القتال ضد مقاتلي التنظيم على الجبهة الجنوبية الغربية.
وتتقاسم قوات النظام ووحدات حماية الشعب الكردية السيطرة على مدينة الحسكة، ويسيطر الأكراد تحديداً على إحياء المدينة الغربية والشمالية.
وقال عبد الرحمن «يتولى المقاتلون الأكراد الدفاع عن الجبهة الجنوبية الغربية للمدينة حيث يتواجدون، لكنهم عملياً يقاتلون وقوات النظام ضد جهة واحدة هي «داعش»». ولم يشارك الأكراد في القتال في الأيام الماضية، ما جعلهم عرضة لانتقادات عدة، إذ حملت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من السلطات على ما وصفته بـ«تخاذل» الأكراد عن مساندة قوات النظام. وقال عبد الرحمن من جهته إن «تصدي» المقاتلين الأكراد للتنظيم يأتي «بعد انتقادات من مختلف مكونات المدينة الذين عقدوا اجتماعات متتالية مطالبين الأكراد بالمشاركة في الدفاع عن الحسكة».
وأسفرت العمليات العسكرية في الحسكة منذ بدء الهجوم عن مقتل 71 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، و48 عنصراً من تنظيم الدولة. وفي محافظة حمص، قتل 17 شخصاً جراء قصف الطيران المروحي التابع للنظام بثلاثة براميل متفجرة بلدة الزعفرانة في ريف حمص الشمالي، وفق المرصد. من ناحية أخرى، أفادت مصادر في لبنان بأن عنصرين من «حزب الله» لقيا مصرعهما في اشتباكات مع المعارضة السورية المسلحة في جرود عرسال.
وأضافت المصادر أن مقاتلي «حزب الله» وجيش النظام السوري هاجموا النقاط الخلفية من جرود فليطة التي مازال جيش الفتح يسيطر عليها.
وكانت المصادر أشارت في وقت سابق إلى أن الجبال المشرفة على منطقة وادي الخيل شرق بلدة عرسال تتعرض لقصف متقطع من قبل مدفعية «حزب الله».
وذكرت أن «طيران النظام السوري نفذ سلسلة غارات، استهدفت مواقع جيش الفتح في وادي الخيل ومحيط معبر الزمراني بين الأراضي اللبنانية والسورية».
وتقدم مقاتلو «حزب الله» على محورين، الأول في فليطة السورية، والثاني جنوب شرق جبال عرسال، حيث سيطروا على عدد من المواقع.
في المقابل، أشارت مصادر في جيش الفتح إلى استمرار سيطرته على بعض المواقع في جبال فليطة بخلاف ما أعلنه «حزب الله» والتلفزيون السوري عن سيطرة جيش النظام السوري ومقاتلي الحزب على كامل جرود فليطة.