كتب - عبدالرحمن صالح الدوسري:
في هذه الحلقة الجديدة من الحفر المتواصل لرئيس جمعية تاريخ وآثار البحرين د.عيسى أمين، في وثائق الأرشيف البريطاني، نكتشف مدى اهتمام بريطانيا بصيد اللؤلؤ وتجاربه، رغم أن البرتغاليين سبقوهم بثلاثة قرون في اهتمامهم هذا.
وحول اهتمام الإنجليز بمنابع اللؤلؤ في بحار البحرين، يبدأ د.عيسى أمين حديثه قائلاً: إن الأرشيف البريطاني والذي بدأت محتوياته في التراكم منذ 1820 وإلى 1972، حوى العديد من الوثائق والرسائل والخرائط والصور والدراسات والأبحاث والتي تغطى مختلف جوانب الحياة في البحرين، وما حولها ومع أن اهتمام الإنجليز لم يكن مثل اهتمام البرتغاليين الذين سبقوهم بثلاثة قرون قبلهم في لألئ البحرين، إلا أن صيد اللؤلؤ وتجاربه كانت من أولويات المسؤولين البريطانيين في كل موانئ الخليج، ودون استثناء وخاصة أنهم كانوا يعلمون بأن دخل هذه المناطق يعتمد في الأساس على اللؤلؤ، لذا نجد بأن الأرشيف البريطاني احتوى عدة مراسلات عن هذه التجارة وهذا النشاط البحري.
الوثيقة الأولى في 1863
إن أول وثيقة خاصة باللؤلؤ وتجارته كتبت في 1863وذلك عندما دخلت مياه الخليج سفينة تجارية بريطانية تحمل العديد من الغاصة المجهزين والمدربين على الغوص لصيد اللؤلؤ مما استدعى المقيم السياسي بالتدخل السريع لإيقافهم ووافقت حكومة الهند البريطانية على هذا الإجراء وفي نفس الوقت انتهزت هذه الحكومة الفرصة، وطلبت من المقيم تقديم دراسة مفصلة عن مغاصات اللؤلؤ والأحكام الخاصة بها والحدود الجغرافية لكل منها وكيف تتعامل شعوب هذه المناطق مع الخلافات بينها على هذه المغاصات وحقوقها، علماً بأن حكومة الهند البريطانية سوف تستفيد مستقبلاً في وضع قوانين لحماية حقوق هذه الشعوب والمحافظة على الأمن أثناء مواسم الغوص ودون التدخل بصورة مباشرة في أمور العاملين في مهنة تجارة اللؤلؤ.
استجاب المقيم السياسي في بوشهر «لويس بيلي 1862-1872» لهذا الطلب في رسالة أرسلها إلى حكومة الهند البريطانية في فبراير في 1863 قائلاً: إن القيام بمثل هذه الدراسة سوف يؤدي إلى إشكالات كثيرة ولذا اقترح «بأنه من المستحسن أن نمارس الصمت تجاه مغاصات اللؤلؤ لأنها بأيدي أولئك الذين يعلمون كيفية الحصول على أكبر فائدة منها، ومع ذلك علينا أن نتوقع أن تقوم المنافسة بين الأطراف المختلفة، ولكننا في الوقت الحالي قمنا بما فيه الكفاية من المحافظة على الأمن والسلم البحري، ومع أي مصادمات بين المناطق المختلفة في البحر وإقصاء أي نشاط مشابه من قبل التابعين للحكومة البريطانية في مياه الخليج، وافقت وبصورة مبدئية حكومة بومبي على اقتراحات المقيم السياسي بيلي ولكنها أكدت مرة أخرى حاجتها للدراسة المذكورة.
مصائد اللؤلؤ مفتوحة للجميع
ونجد أن المقيم «أرنولد بوروز كمبل» في المناطق العربية الخاضعة للسلطة التركية -15 يونيو 1863- كتب تقريراً منه استجابة لحكومة الهند يقول فيه: «لا يمكن تحديد الحدود الجغرافية أو الحقوق الخاصة بمصائد اللؤلؤ فهي وفي الحقيقة عميقة كانت أو ضحلة فإنها مفتوحة للجميع لكل القبائل التي تمارس مهنة الغوص»، وفي 21 نوفمبر 1863 كتب المقيم السياسي في بوشهر لويس بيلي إلى حكومة الهند، وذكر في رسالته ضرورة ملاحظة أن تجاراً من البانيان -رعايا بريطانيون- يستثمرون في هذه التجارة عن طريق الدعم المالي لعملية صيد اللؤلؤ في وثيقة أخرى «يوليو 1872» تذكر المصادر البريطانية بأن وإلى بغداد العثماني أتى بأحد خبراء الغوص الإنجليز، وذلك للعمل في الغوص على اللؤلؤ وكان من المتوقع أن تقوم الخلافات بين القوى العربية والباب العالي فاستقال الإنجليزي من وظيفة الغوص وغادر الخليج إلى إنجلترا.
تأسيس شركة بريطانية للغوص
في يناير 1874 تقدم السادة «سميث وشركاه»، شركة بريطانية تطلب تأسيس شركة للغوص على اللؤلؤ، وتم تقديم الطلب إلى حكومة الهند البريطانية، ومن خلال مكتب وزير الدولة استلم الشيخ عيسى بن علي آل خليفة الطلب ثم رفض من قبل الشيخ، مؤكداً بأنه لن يتفاوض مع أي شخص في هذا الخصوص ما لم توافق عليه حكومة الهند البريطانية، وفي العام 1873 انتقل المقيم السياسي لويس بيلي من بوشهر إلى مساعد للحاكم العام لراج بوتانا في الهند وأبدى من هناك رأيه مرة أخرى في موضوع اللؤلؤ في رسالة إلى حكومة الهند.
مرة أخرى وفي وثيقة أخرى يوليو 1883 تذكر المصادر البريطانية بأن تاجراً هندياً -من رعايا بريطانيا- وصل إلى أحد موانئ الخليج على الساحل الفارسي بعد الاتفاق مع العرب القاطنين في هذه المنطقة، وأحضر معه عدداً كبيراً من الغاصة من الهند، ولم تتدخل حكومة بومبي في هذا الموضوع ولكن فشل المشروع وعاد التاجر إلى الهند.
رفض حكومة الهند
في يونيو 1890 تقدم السيد ستريتر «تاجر بريطاني» بمشروع صيد اللؤلؤ والأصداف من مياه الخليج، وطلبت حكومة لندن من حكومة الهند إبداء الرأي، ورفضت حكومة الهند هذا الطلب، مؤكدة أنه لا يحق للشركات الأوروبية تأسيس شركات لصيد اللؤلؤ في الخليج، وأبلغ ستريتر بواسطة حكومة لندن قرار حكومة الهند، ولم يتردد التجار الإنجليز من تقديم الطلبات المماثلة في أغسطس 1894 تقدم التاجر الإنجليزي مالكو لم للحكومة الفارسية بطلب تأسيس شركة لصيد اللؤلؤ في المناطق التابعة لتلك الحكومة، وتم إبلاغ التاجر المذكور بعدم موافقة حكومة صاحبة الجلالة في لندن لطلبه.
في مارس 1898 تقدم هذه المرة السادة رفائيل سوني وأغسطس هاجن بدعم من الحكومة الروسية إلى حكومة فارس بطلب تأسيس شركة لصيد اللؤلؤ وثم إبلاغ الحكومة الفارسية من خلال البعثة الدبلوماسية في البلاط الفارسي عدم تأييد حكومة بريطانيا لمثل هذه الاتفاقيات، وخاصة أنها ستقوم بالعمل في مناطق تابعة لشيوخ القبائل العربية والمحمية بواسطة بريطانيا.
في 1901 جاء دور الحكومة التركية والتي حاولت فرض ضرائب على مصائد اللؤلؤ في الخليج وقام نيكولاس أوكونر بإبلاغ توفيق باشا برفض حكومة بريطانيا لمثل هذه الطلبات، في نفس العام أعطى الشيخ زايد بن خليفة شيخ أبوظبي حق ممارسة الغوص لتاجر هندي في أبوظبي، وبالفعل قام التاجر باستخدام الغاصة من بني ياس للغوص في المناطق المحاذية لأبوظبي، لكن فشل المشروع مما جعل الشيخ عيسى بن علي يطالب من شيوخ الخليج بمنع مثل هذه الاتفاقيات، وألا يسمح لأي شيخ بإعطاء موافقته على مثل هذه الطلبات، ومع ذلك قام تاجر هندي في 1902 بعرض تأجير ميناء أبوظبي وتأسيس شركة للغوص مما جعل نائب المعتمد السياسي في البحرين يرسل له رسالة يبلغه فيها بأن مصائد اللؤلؤ ملك لجميع سكان الخليج ولن يسمح له بالعمل فيها، ويبدو أن كل دول العالم حاولت الحصول على اللؤلؤ أي أن لؤلؤ الخليج لسكان الخليج ولا يحق لأحد استثماره أو صيده.
وعلى فترات طويلة تحاول الشركات الأجنبية الحصول على موافقة أحد الشيوخ للبدء في مشروعاتها الهادفة لاستخراج لؤلؤ الخليج وكان الوكلاء والوكلاء المساعدون والمقيم السياسي كلهم متفقون على أن لؤلؤ الخليج لسكان الخليج ولا يحق لأحد استثماره أو صيده، وعلى فترات طويلة تحاول الشركات الحصول على موافقة أحد الشيوخ للبدء في مشروعاتها الهادفة لاستخراج اللؤلؤ ولمصلحة هذه الشركات دون أي اعتبار لسكان الخليج، ففي بداية 1903 يكتب المقيم السياسي في بوشهر تشارلز أرنولد كمبل «أبريل 1900 ديسمبر 1913» لحكومة الهند رسالة يذكر فيها بأن اثنين من التجار الفرنسيين «دوماس وكاستلين» وصلا إلى البحرين من أجل تأسيس شركة لصيد اللؤلؤ ورفض شيخ البحرين هذا الطلب، ومع ذلك أرسل السيد دوماس شريكه كاستلين لى مارسيليا من أجل التعاقد مع الغاصة، ولكن لم يتطور الأمر أكثر من ذلك وغادر دوماس إلى بغداد بحجة أن البحرين مصابة بالطاعون، وأيدت حكومة الهند قرار شيخ البحرين وطلبت من المقيم السياسي كمبل تعميم مثل هذه القرارات على شيوخ الخليج، بعد كل هذه المحاولات من قبل الشركات المختلفة قررت حكومة بومبي إصدار وثيقة خاصة بصيد وتجارة اللؤلؤ في الخليج ووضع القوانين الخاصة بها.
في 12 يوليو 1924، كتب الماجور ديلي المعتمد السياســي «ينايــــر 1912 - نوفمبر 1925»، في البحريـن مذكرة إلـــى المقيم السياسي فرنسيي بيفل بريـــدو «أبريـــــــل 1924 - يناير 1927»، تحت عنوان إصلاح مهنة الغوص «يطيب لي أن أرسل إليكم إعلاناً، سيقوم الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة -نائب الحاكم- بتطبيق ما جاء فيه، وذلك من أجل إصلاح مهنة الغوص وخاصة العلاقات المالية بين النواخذة والغاصة -البحارة- ليس هناك أي تغيير في هذا القانون عدا أن يكون للغواص السجل الخاص بحساباته والذي سبق أن قمنا بمراسلتكم بخصوصه، وتحديد مدى الفائدة المفروضة والتي سبق وأن أعلن عنها الشيخ حمد».
القانون القادم يخص العامل «المديان» هذا القانون تمت صياغته من واقع حالي، ولكن مع محاولة وضع نهاية لبعض الأمور التي فيها استغلال للغاصة ويقوم النواخذة بممارستها مثال ذلك إصرار النواخذة على شراء اللؤلؤ بأسعار رخيصة إلى جانب فرض الفائدة التي من هم يقررونها.
5 آلاف نسخة من القانون الجديد
قام الشيخ حمد بطباعة 5000 نسخة من القانون الجديد وسوف توزع على النواخذة للعلم وتم إعداد 20000 كراس لحسابات الغاصة، والتي سوف تعرض للبيع بأسعار رخيصة في نهاية الموسم وقبل طباعة القانون ثم استشارة عدد كبير من النواخذة الذين أبدوا موافقتهم على القانون واقروا بأن من يعارض هذا القانون لا يتحلى بالأمانة ويريد له الفشل.
«كليف كيرك باتريك ديلي»
نص الإعلان الذي سوف يقوم الشيخ حمد -حامل وسام نجمة الهند- بالإعلان عنه بخصوص تنظيم الأمور المالية بين النواخذة والعاملين على سفنهم في البحارة والغاصة: -في نهاية موسم الغوص الحالي سوف يطبق كل النواخذة في نطاق دولة البحرين النظام المالي الآتي- إنه في حال عدم تطبيق هذا النظام فإن أية دعوى ضد المتخاذلين من النواخذة سوف تكون في مصلحة المدعين في محاكم البحرين -في حال ثبات تهمة التزوير في الحسابات ضد أي من النواخذة فإنه سوف يتعرض للسجن ثلاث سنوات أو السجن والغرامة معاً- سيقوم النوخذة بالاحتفاظ بكشف الحسابات بصورة منظمة ومطابقة للنموذج المقدم إليه -سيكون هناك كشف خاص للغيص والرديف أو ولكل العاملين على سفينته - على أن يحتوى كشف الحسابات المبالغ التي استلمها العاملين على السفينة وأوجه الصرف التي شاركوا فيها - هناك نظامان للدعم المالي لسفن الغوص في البحرين: أ- «مقدم» المبلغ المدفوع دون أرباح والذي يعطي التاجر صلاحية شراء اللؤلؤ بسعر خاص، ب- «مدين» مبلغ مدفوع ولكن بالأرباح.
تتبع حكومة البحرين التالي:
أ- إذا دفع التاجر المبلغ «المقدم» لا يفرض النوخذة الأرباح على البحارة الذين سوف يعطيهم مستحقاتهم، ب- في حال دفع المبلغ بواسطة نوخذة لا يدخل البحر ويقدم المبلغ لآخر يملك سفينة في البحر فإن ذلك يعني أن النوخذة الأول له حق شراء اللؤلؤ الذي ثم اصطياده بواسطة بحارة السفينة، ج- في هذه الحال سوف يدفع المشتري المبلغ المقدر للؤلؤ ويكون أقل بـ20% من السعر الدارج ولا يمكن إجراء عملية الشراء دون موافقة ثلثي الغاصة على السفينة.
في حال عدم الحصول على الموافقة المطلوبة فإن المسألة تعرض على خبير اللؤلؤ والذي يقدر الثمن المطلوب ويسمح للنوخذة الداعم بشراء اللؤلؤ بمبلغ أقل (20%) من سعر السوق.
وإذا فشلت هذه المحاولة فإن «سالفة الغوص» سوف تحول المسألة إلى خبراء يقدرون سعر اللؤلؤ والثمن المطلوب الحصول عليه بالمقابل من النوخذة الذي أعطى «المقدم» في بداية الموسم، أما إذا تعذر مرة أخرى الاتفاق فإنه من حق نوخذة السفينة بيع اللؤلؤ في السوق في وقت ومكان محدد وبحضور «ثلثي» الغاصة على أن يتم دفع المقدم في نفس الوقت للنوخذة الداعم في حضور ثلث الغاصة.
- أما في حال السلف «المدين» فإن النوخذة الذي يقدم المال له الحق في فرض نسبة لا تزيد عن 20% ربح خالص له في حال «التسقام» أو 10% في حال السلف وللنوخذة الحق في فرض نفس نسبة الأرباح على المبالغ المقدمة للعاملين على سفينته، على ألا تزيد عن 20% من التسقام «المبلغ المقدم لمدة سنة»، أو 10% على السلف -المبلغ المقدم لمدة خمسة أشهر تقريباً- ولا يحق للنوخذة الأول «المدين» شراء اللؤلؤ، ولكن يجوز في حال موافقة نوخذة السفينة أو ثلثي البحارة على أن يدفع المشتري المبلغ كاملاً دون استثناء أو خصم ولا يحق له الاعتراض على البيع لشخص آخر.
على أن يلتزم نوخذة السفينة بتدوين مستحقات البحارة في دفاترهم مع التوقيع والختم الخاص به.
- ممكن الحصول على دفتر حسابات الغواص في فرضه المنامة بمبلغ ستة آنات ولن يدفع النوخذة مستحقات أي من البحارة إذا لم يقدم الدفتر الخاص به.
- النواخذة الذين لا يطبقون القانون سوف تفرض عليهم غرامة 300 روبية أول مرة و1500 روبية ثاني مرة وبعدها سوف يحرم من رخصة صيد اللؤلؤ لمدة خمسة أعوام.
حمد بن عيسى آل خليفة
نائب حاكم البحرين
كان النظام السابق مع صياغة وأعداد الماجور ديلي المعتمد السياسي في البحرين «يناير 1921 – نوفمبر 1925»، وهو وبرغم موافقة الشيخ حمد بن عيسى «نائب الحاكم» عليه وإصداره إعلان رسمي بذلك إلا أن هذا القانون لم يكن محل إعجاب النواخذة الكبار أو تجار اللؤلؤ وبدأت الاعتراضات في عرائض قدمها المذكورون وأصحاب المصالح إلى المعتمد الجديد في البحرين جورج ليزلي ما لم «مايو 1925 – نوفمبر 1925»، وكان المعتمد قائماً بالأعمال في فترة انتقالية إثر سفر الماجور ديلي مع الشيخ حمد بن عيسى إلى لندن.
كتب المعتمد القائم بالأعمال إلى المقيم السياسي في بوشهر فرنسيي بيفل بريدو في 11 نوفمبر 1925 رسالة سرية يقول فيها: يطيب لي أن أقدم لكم عريضة من كبار النواخذة في البحرين ويعترضون فيها على القانون الجديد ويطالبون التالي: لقانون الصادر - عدم إلغاء سالفة الغوص - إلغاء الفقرة التي تنص على بيع اللؤلؤ بسعر يوافق عليه ثلثا البحارة. وبما أنني أقوم بعمل الماجور ديلي في فترة غيابه فإنني لن أتدخل في الإصلاحات المطبقة حالياً في مهنة الغوص والتي تمت الموافقة عليها وأصدر إعلان بها من قبل الشيخ حمد بن عيسى، وبصورة أو أخرى يلمح القائم بأعمال المعتمد ضرورة النظر في هذه المطالب ومراجعة القانون المذكور بتعمق، مؤكداً أن رأيه شخصي وذلك بعد دراسته عن قرب ومن خلال المعايشة اليومية للقائمين على تجارة اللؤلؤ ومن دون إحراج للماجور جيلي.
رسالة سرية من ديلي
في 23 فبراير 1926 وبعد عودة ديلي من لندن كتب رسالة سرية إلى المقيم السياسي يقول فيها وباختصار بأن القائم بأعماله (مالم).
لم يكن في مقدرته فهم تفكير النواخذة الكبار وخاصة أنه لا يتحدث بالعربية إلى جانب أن سالفة الغوص المذكورة ليست إلا رجلاً واحداً يدفع له النواخذة الكبار إعانات ويحكم وفي أغلب الأحيان لمصلحتهم مما جعل الغاصة والبحارة يلجؤون لدار الاعتماد في طلب المساعدة. ويؤكد ديلي بأنه لو طبق النظام فإنه لن يبقى أي مديونية للغاصة ويجب أن يستمر هذا الإصلاح من أجل البحارة والغاصة.
لم يهدأ النواخذة الكبار ولا التجار وحتى بعد رحيل ديلي حاولوا الحصول على موافقة الشيخ حمد بإلغاء ضرورة الحصول على موافقة ثلثي البحارة في حال بيع اللؤلؤ وأيضاً ترك موضوع التسقام والسلف لهم وحدهم دون قانون ويبدو أن الشيخ حمد وافق على مطالبهم ولذا كان التسقام قد حدد بمبلغ 80 روبية للغاصة و60 روبية للسيب واعتبر البحارة هذه المبالغ زهيدة ولا تغطي احتياجاتهم، في يوم الخميس 30 ديسمبر 1926 انطلق مائتان من الغاصة إلى قصر الصخير وقدموا طلبهم للشيخ حمد لزيادة المخصصات «التسقام» ووعدوا خيراً وباتوا في الصخير ليلة واحدة، وبعد اجتماع في دار الاعتماد مع المعتمد سيرل تشارلز جونسون برت «سبتمبر 1926 – أبريل 1929»، قرر الشيخ حمد والشيخ عبدالله بن عيسى زيادة التسقام إلى 100 روبية للغواص و80 روبية للسيب.