القاهرة - (وكالات): بعد حملة عنف استهدفت قوات الأمن يبدو أن الإرهابيين في مصر يتجهون لاستهداف أضعف نقطة لدى الدولة وهي الاقتصاد. ويثير هجومان على موقعين سياحيين رئيسين في غضون 8 أيام قلقاً بالغاً لدى الحكومة التي راهنت كثيراً على إنعاش الاقتصاد بعد سنوات من الاضطرابات السياسية. وفجر انتحاري نفسه الأربعاء الماضي بالقرب من معبد الكرنك في الأقصر ما أسفر عن إصابة 4 مصريين. وقبل أسبوع قتل شرطيان في هجوم قرب أهرامات الجيزة على بعد مئات الأميال إلى الشمال. وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية أن قوات الأمن فككت أمس الأول قنبلة عثر عليها عند مدخل وزارة التموين بالقاهرة. ورغم أن الهجمات لم تتسبب في مقتل أو إصابة أي سائح إلا أنها تثير القلق من أن المسلحين المتطرفين فتحوا جبهة جديدة تستهدف الاقتصاد. وبذل مسؤولون مصريون من السيسي وحتى محافظ الأقصر جهداً مضنياً للتأكيد على أن الأمور تسير على ما يرام وأن إحباط هجوم الأربعاء يظهر يقظة قوات الأمن وأنها ستحمي السائحين.
من جهته، قال كرمان بخاري وهو خبير في القضايا الجيوسياسية بالشرق الأوسط وجنوب آسيا «الجناة لا يحتاجون لشن هجوم واسع النطاق لترويع الناس الذين يسعون لزيارة البلاد. كل ما يحتاجون إليه هو ارتكاب بضع حوادث هنا وهناك لتكوين تصورات.» ويعاني اقتصاد مصر منذ عام 2011 عندما أجبرت انتفاضة شعبية الرئيس السابق حسني مبارك على التنحي. وأعلن السيسي عن عدة مشروعات عملاقة وحصل على مساعدات بمليارات الدولارات من دول داعمة لنظامه وأجرى خفضاً على الدعم في محاولة لإنعاش الاقتصاد وتعزيز الاستثمار الأجنبي. لكن الهجوم المباشر على السياحة أحد أكبر موارد العملة الأجنبية في مصر سيحدث ضرراً كبيراً ويمكن أن يقوض أي ثقة في مصر.
وزار وزير الداخلية مجدي عبد الغفار معبد الكرنك وأشاد بقوات الأمن قائلاً «إن المحاولات الخسيسة لن تنال من الأمن المصري». وأضاف «جميع السياح يدركون أن ما حدث أمس حادث عابر». وقال مصدر أمني بوزارة الداخلية إن عبد الغفار طلب خطة جديدة لمواجهة الإرهابيين في المناطق الأثرية حيث تم رفع مستوى الاستعداد. وأوضح المصدر أن «الخطة سرية ولا يجوز الإفصاح عنها».
وأضاف «كل ما أستطيع قوله إن هناك أجهزة تم الاستعانه بها للكشف عن المتفجرات والمفرقعات، ورفع درجة الاستعداد في الأماكن الأثرية، وزيادة عدد أفراد الشرطة وضم أفراد شرطة من المباحث الجنائية وضم فريق التأمين».
وأعلنت مصادر أمنية أن الهجوم نفذه 3 مصريين تم التعرف عليهم من بطاقات الهوية التي عثر عليها في مكان الحادث. وفجر أحد الجناة نفسه واشتبكت الشرطة مع الشخصين الآخرين فقتل أحدهما وأصيب الآخر برصاصة في الرأس.
وقال بخاري «تم إجهاض الهجوم وهو في مرحلة التنفيذ ولم يؤدِ إلى أي وفيات بين السياح لكن السؤال هو: كم هجوم مماثل في طور الإعداد وهل الشرطة قادرة على منع مثل هذه الهجمات؟». ولم يعلن أحد المسؤولية لكن أصابع الاتهام تشير على الأرجح إلى جماعات مثل تنظيم ولاية سيناء الذي أعلن الولاء لتنظيم الدولة «داعش» الإرهابي. وتنتظر السلطات المصرية شفاء أحد المنفذين الثلاثة لاعتداء الأقصر الانتحاري، والموجود في المستشفى في حال حرجة، لكي تتمكن من استجوابه لمعرفة من يقف وراء الهجوم، بحسب ما قال مسؤولون. وتبحث الشرطة عن 3 مشتبه فيهم هاربين ربما لعبوا دوراً في مساعدة المنفذين وإمدادهم بالسلاح، وفق المسؤولين.
وقال مسؤول مصري إن «الخيط الوحيد الذي يمكن أن يكشف الحقيقة هو المنفذ الثالث المصاب». وأكدت ناهد أحمد وهي مسؤولة في وزارة الصحة أنه «مصاب برصاصتين في الرأس وفي حال حرجة يكاد يكون في غيبوبة في غرفة العناية المركزة وحالته لا تسمح مطلقاً باستجوابه الآن».
وأضافت «إننا نفعل ما بوسعنا حتى نبقيه على قيد الحياة، مصر بحاجة إلى أن يعيش لمعرفة من يقف وراء الهجوم».
ومازالت جنسية المنفذين الآخرين اللذين لقيا مصرعهما غير محددة. وقال سائق سيارة الأجرة الذي أقل المهاجمين إلى معبد الأقصر وأبلغ الشرطة انه يشتبه فيهم، إنهم كانوا يتحدثون العربية بلكنة غير مصرية ويستخدمون كلمات فرنسية.
وقال مسؤولون في الشرطة والنيابة إن تحليلات الحمض النووي «دي إن إيه» أجريت لجثتيهما في إطار التحقيقات الرامية للتعرف على هويتهما.