أنقرة - (وكالات): تستعد تركيا للعودة إلى حكومة ائتلافية بعد 13 عاماً من حكم حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي وسط آمال بغياب الفوضى والشكوك التي شابت مثل هذه الائتلافات في الفترة السابقة. وقد فاز حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية بالحصة الأكبر من الأصوات في الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من الشهر الحالي لكنه خسر الغالبية المطلقة منذ وصوله إلى السلطة في عام 2002.
وقال زعيم حزب العدالة والتنمية رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو إن الحزب سيعمل على تشكيل ائتلاف، محذراً في الوقت ذاته من أن الانتخابات المبكرة لا يمكن استبعادها إذا فشلت المفاوضات.
كما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه سيطلب من داود أوغلو كزعيم للحزب تشكيل ائتلاف مضيفاً «إن شاء الله، لن يستغرق ذلك وقتاً طويلاً». وقبل وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، شهدت تركيا ما لا يقل عن 5 حكومات و4 رؤساء حكومة خلال عقد واحد. وقد تمكن بعضها من البقاء عدة أشهر. وساعد الانطباع الذي كان سائداً حول الفوضى دائمة، مع الصدمة الناجمة عن الأزمة المالية خاصة خلال عام 2000، على صعود حزب العدالة والتنمية.
ومن رموز تلك الفترة، شخصيات مثل بولنت أجاويد الذي توفي عام 2006 بعد شغل منصب رئيس الوزراء 4 مرات إبان السبعينات والتسعينات بالإضافة إلى مسعود يلماظ الذي تولى المنصب 3 مرات خلال التسعينات. وقد حمل كثيرون مسؤولية الأزمة المالية لائتلاف ذات قاعدة عريضة في ذلك الوقت بين يسار الوسط ويمين الوسط والقوميين.
وقد أراد أردوغان الذي تولى رئاسة الوزراء بين عامي 2003 و 2014 قبل انتخابه رئيساً في أغسطس الماضي تشكيل نظام رئاسي بعد الانتخابات التشريعية، لكن النتائج الضعيفة لحزب العدالة والتنمية نسفت الخطة. وحاول الحزب اللعب على المخاوف إزاء حكومة ائتلافية معدداً الإنجازات التي تحققت في ظل حكومته «المستقرة».
وقال داود أوغلو في مقابلة صريحة مع التلفزيون الرسمي الأسبوع الماضي «لقد عارضنا دائماً التحالفات. قلنا لجماعتنا إنها ليست جيدة». وأضاف أن «الائتلافات في التسعينات ألحقت أذى بالبلاد. قلنا إن التحالفات ليست جيدة لكن الناس قالوا «بإمكانكم أن تقولوا هذا لكننا نفضل ائتلافاً». وتابع داود أوغلو أن «تركيا ستخسر وقتاً بسبب الائتلافات لكن إذا كان الناس يريدون ذلك، فسوف نبذل قصارى جهدنا». وقال محللون إن حزب العدالة والتنمية يمكن أن يشكل فريقاً واحداً مع الحزب القومي الذي حل ثالثاً في الانتخابات، كما إن ائتلافاً واسعاً مع ثاني أكبر حزب وهو الشعب الجمهوري يبقى أمراً ممكناً. ويبدو، في ظل مواقف الأحزاب التي أعلنت خطوطها الحمراء، أن التحالف لن يكون أمراً سهلاً.
وسيكون التحالف معقداً نظراً لما تخلل الحملة الانتخابية الشرسة من شتائم مريرة بين قادة الأحزاب.
وفي هذا السياق، قال فاتح غورسول من جامعة إسطنبول أن «ثقافة التسوية، وكذلك ثقافة الديمقراطية، تعاني من الضعف في تركيا».
وأضاف أن «الخطاب العدائي للقادة السياسيين يشكل العائق الأكبر أمام قيام ائتلاف». وقد تأثرت أسواق المال بشدة من احتمال تحالف فوضوي مع تراجع البورصة في حين تتعرض الليرة لضغوط متواصلة في أعقاب نتائج الانتخابات.
لكن عدداً من المحللين يعتبرون أنه ليس هناك أي سبب دائم لتكون التحالفات ذات دلالات سلبية في تركيا.
وقال سيركان دميرتاش، مدير مكتب أنقرة في صحيفة «حرييت» إن «الائتلاف بالنسبة لحزب تركي يبقى مرادفاً للتنازلات لكن القوى الصناعية الكبرى مثل ألمانيا تحكمها التحالفات منذ زمن طويل».
من جهته، قال مايكل هاريس، اختصاصي الشؤون التركية في رينيسانس كابيتال، إن النظام السياسي في تركيا ناضج بما فيه الكفاية للتعامل مع أي ائتلاف رغم التجارب السابقة.
وأضاف أن «الائتلاف ليس أمراً يجب التخوف منه».
في غضون ذلك، قال معلقون موالون للحكومة إن ائتلافاً ضعيف الأداء يمكن أن يغري الناخبين بالعودة إلى خيار حكم حزب العدالة والتنمية. وكتب ناجيهان الجي من صحيفة الصباح «ستكون تجربة مؤلمة لكنها جيدة لأنها تعيد إلى ذاكرتنا كيف كانت تركيا من دون حزب العدالة والتنمية».
في غضون ذلك، قال زعيم حزب الشعب الجمهوري حزب المعارضة الرئيس إن أحزاب المعارضة يجب أن تشكل الحكومة الجديدة بعد أن أخفق «العدالة والتنمية» في الحصول على أغلبية برلمانية.
وأضاف كيلجدار أوغلو في مؤتمر صحافي إن «مهمة تشكيل حكومة يجب أن تتولاها كتلة المعارضة التي حصلت على نسبة 60 %».