على الرغم من ارتفاع معدلات التضخم في الأردن خلال السبعة أشهر الماضية بمعدل 6.4% بالمقارنة مع العام الماضي، تستمر الحكومة الأردنية بفرض زيادات على الأسعار في محاولة لخفض العجز في الموازنة. وبعد البدء بتطبيق الزيادة على أسعار الكهرباء ورفع أسعار المحروقات ومضاعفة الضرائب على الهواتف الجوالة وحزم الخدمات، يصل الدور حالياً إلى التحدي الأصعب والمتمثل في رفع الدعم عن رغيف الخبز.


وتأتي قرارات رفع الأسعار بموجب اتفاقية وقعتها الحكومة الأردنية مع صندوق النقد الدولي في العام الماضي، حيث يلتزم الأردن بموجب الاتفاقية برفع الدعم عن كافة السلع في فترة تتراوح بين 18 و36 شهراً مقابل الحصول على قرض بقيمة 2.25 مليار دولار تتسلمه على 5 دفعات. وتمثلت أول الخطوات برفع أسعار المحروقات، تلى ذلك رفع أسعار الكهرباء بشكل دوري خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، لكن الخطوة الأكثر خطورة ستكون في رفع أسعار الخبز وفقاً لالتزام الحكومة مع صندوق النقد.


ويعاني الأردن من تزايد التضخم جراء ارتفاع الأسعار. وقد أبرز التقرير الشهري الذي تصدره دائرة الإحصاءات العامة حول التضخم في الأردن، ارتفاع أسعار عدد من المجموعات السلعية ومنها النقل، حيث ارتفعت أسعارها بنسبة 14.7%، ومجموعة الوقود والإنارة التي سجلت ارتفاعاً بنسبة 24.2%، ومجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 6.9%، ومجموعة الخضروات بنسبة 14.0%، بالإضافة إلى مجموعة الإيجارات التي ارتفعت أسعارها بنسبة 3.4%.

وانعكس التضخم ارتفاعاً في أسعار السلع الاستهلاكية. حيث أشار تقرير دائرة الإحصاءات العامة إلى ارتفاع متوسط أسعار المستهلك بحوالي 5.5% لشهر يوليو 2013 بالمقارنة مع العام الماضي. كما ارتفعت الأسعار على المستوى الشهري لنسبة 0.5% بالمقارنة مع شهر يونيو.

على الرغم من تسارع وتيرة ارتفاع التضخم في الأردن، تستمر الحكومة في رفع الأسعار على قطاعات مثل الاتصالات والنفط والكهرباء. حيث أقر مجلس النواب الأردني في الشهر الماضي قانون الموازنة العامة للدولة للعام 2013، والذي سمح للحكومة برفع أسعار الكهرباء.

وستبدأ هيئة تنظيم قطاع الكهرباء بتطبيق التعرفة الكهربائية الجديدة ابتداءً من يوم غد الخميس. واستثنى القرار رفع أسعار التعرفة الكهربائية في القطاع المنزلي حتى نهاية العام، فيما ستبدأ الهيئة بفرض زيادة في الأسعار بنسبة 15% على كل منزل يتجاوز استهلاكه الشهري 600 كيلو واط، أي ما يعادل 50 دينار (70 دولار) شهرياً تقريباً، وسيتم تطبيق هذا القرار ابتداءً من مطلع العام 2014 وحتى العام 2017، ليتحمل المواطن بعدها الكلفة الكاملة لتوليد الكهرباء.

وأكدت الهيئة في بيان لها أن تعديل التعرفة الكهربائية يشمل المباني العامة، والمسالخ اليدوية، وأماكن العبادة، والمستشفيات، والنوادي الرياضية والاجتمـاعية والثقافية، ومكاتب النقابات، والجمعيات الخيرية وملحقاتها التي تقوم على أساس خيري وليس بهدف تجاري، والمنشآت التعليمية، والمصاعد المستخدمة لدى المشتركين أعلاه، للطور الواحد والثلاثة أطوار في كافة أنحاء المملكة.

وفي حين تتوقع الحكومة الأردنية أن لا يزيد الأثر غير المباشر لرفع أسعار الكهرباء على أسعار السلع والخدمات عن نصف بالمئة، يتوقع محللون إقتصاديون أن يعوض التجار هذا الارتفاع برفع أسعار المواد الاستهلاكية بنسبة تتراوح بين 10 و15% على الأقل.




قبيل البدء بتطبيق رفع أسعار الكهرباء، بدأت الحكومة بالتلويح برفع الدعم عن أسعار الخبز. ومن المتوقع أن تقوم الحكومة برفع الأسعار على مراحل للتخفيف من ردود الفعل في الشارع الأردني. وتتوجه الحكومة إلى البدء بتعويم سعر الخبز بالنسبة للأجانب المقيمين في الأردن. حيث تشير الإحصاءات إلى وجود 3 مليون مقيم غير أردني يستفيد من دعم الحكومة للخبز، ما يشكل عبئاً على الميزانية.

وتناقش الحكومة الأردنية عدة حلول لتعويض المستهلك الأردني عن رفع أسعار الخبز. وقد تلجأ إلى تقديم مساعدات نقدية للمواطن الأردني المحتاج كبديل عن رفع سعر الخبز، تماثل آلية الدعم النقدي للمحروقات. فيما تداول الإعلام الأردني معلومات عن بطاقات ذكية يتم شحنها كل أربعة أشهر لشراء الخبز بالسعر الحالي، مع تحديد كمية تتوافق مع استهلاك الأسرة الأردنية. ويفرض ذلك على المستهلك الأردني دفع السعر غير المدعوم عند نفاذ رصيد البطاقة. ومن المرجح أن تكون هذه الخطوات مؤقتة إلى حين رفع الدعم الكامل عن الخبز لكل المقيمين في الأردن.