الكسكسي والملوخية والمعكرونة أشهر أطباق الشهر الكريم

الطاجين وأمك حورية أطباق تقليدية
لا غنى عنها على المائدة التونسية




أجرت اللقاء – سماح علام:
«يا تونس الخضراء جئتك عاشقاً .. وعلى جبيني وردة وكتاب.. إني الدمشقي الذي احترف الهوى.. فاخضوضرت بغنائه الأعشاب».. هكذا وصف الشاعر نزار قباني تونس وهكذا أحبها وعشقها أبناء العرب والعالم جميعاً، ورغم التنوع الثقافي الذي تمتاز به الجمهورية التونسية، إلا أن الإرث الإسلامي متجذر في عمق الثقافة التونسية، وتبرز العادات الرمضانية لتكون خير شاهد على عمق الحضارة الإسلامية، فإن كانت الدول العربية والإسلامية تتشابه في احتفائها بالشهر الفضيل، تبقى لكل دولة خصوصيتها مما يجعل لرمضان دائماً نكهته الخاصة... حرم السفير التونسي لدى البحرين أمال بن يوسف تأخذنا في رحلة إلى تونس الخضراء لتصف أجواء الشهر الفضيل وتعرج على مظاهر الحياة اليومية الرمضانية، وتذكر لنا أشهر العادات والتقاليد والأطباق التي يمتاز بها الشهر الفضيل.
ووصفت حرم السفير التونسي الأجواء الرمضانية في تونس بقولها «لا تختلف الشعوب العربية والإسلامية في العادات الرمضانية بشكل عام، بل يكمن الاختلاف في الطريقة أو التفصيل، ففي تونس يبدأ التونسيون الاستعداد لشهر رمضان المبارك قبل قدومه بأيام عديدة، حيث تنشط الأسواق ويتسابق الجميع في اقتناء الجديد كل حسب قدرته واستطاعته، ولكن لا يمكن استقبال رمضان دون وجود أشياء جديدة تعبر عن مكانة الشهر الكريم والاحتفاء به داخل البيوت».
وتزيد في التفصيل قائلة «مرت على تونس حضارات عديدة، واستفاد المجتمع التونسي منها جميعاً مما أدى إلى غنى الإرث الثقافي في تونس، خاصة وأن موقع تونس موقع مميز للغاية فهي تتوسط البحر الأبيض المتوسط، وبالتالي أصبح فيها ثراء كبير جداً».
شهر عبادة وخير
وعن الأجواء الرمضانية التونسية تتحدث قائلة «لرمضان طابع خاص في تونس، فمثلاً ميزانية رمضان مختلفة، فهي تتضاعف مقارنة بأي شهر آخر، لأن الموائد يجب أن تكون جديدة، ويتم شراء الأواني من صحون وأكواب وفناجين إضافة إلى توفير مختلف أنواع الأطعمة».
وأردفت قائلة «شهر رمضان هو شهر عبادة، فهو شهر تسامح وخير ولمة، تكثر الموشحات الدينية وموسيقى (المالوف) وهي موسيقية أندلسية تراثية يكثر سماعها وترديدها في جلسات الشهر الكريم، ويذهب الناس جميعهم رجال ونساء للصلاة، وتكتظ المساجد لصلاة التراويح، وبعدها تتم اللقاءات الرمضانية والزيارات المختلفة».
وأعدت حرم السفير التونسي أمال بن يوسف مائدة رمضانية لقراء «الوطن» عرضت فيها مجموعة من أشهر الأكلات التي لا تخلو منها المائدة التونسية، وتكونت من (البوزة) و(المقروض التونسي) و(الفريكاسي) و(السلطة المشوية) و(البريك التونسي) و(سلطة بلنكيت) و(المسفوف) و(البوزة).
وعن المائدة التونسية أوضحت «من الأطباق الرئيسة التي لا تخلو منها المائدة التونسية هي الشوربة مثل شوربة الفريك و»التشيش» وهي عبارة عن شوربة شعير متعددة النكهات، إضافة إلى أشهر الأكلات التونسية مثل الكسكسي والملوخية والمعكرونة بأنواعها، حيث تكثر المعكرونة بحكم قرب تونس من إيطاليا وبالتالي تأثر المطبخ التونسي بالمطبخ الإيطالي خصوصاً والأوروبي عامة، كما ونهتم في المطبخ التونسي بـ(المرق) التي نسميها (الصلصة) مثل صلصلة البازلاء أو صلصلة الفاصوليا التي يمكن تناولها مع الأرز أو الخبز، وهناك أطباق تقليدية أخرى مثل (الطاجين) و»أمك حورية» و(إصبع فاطمة) إلى جانب البقلاوة وأنواع الحلويات الأخرى وغيرها الكثير.
عادات لا تندثر
وأشارت حرم السفير إلى مجموعة من العادات التي لم تندثر في تونس حتى الآن، وعنها قالت «يتم في رمضان تبادل الأطباق ونسمي ذاك (نذوق)، إذ لابد أن يقوم كل منزل بعملية إرسال طبق إلى الجيران حيث (نذوقهم) من أطباق المنزل».
وأضافت قائلة: «هناك تبذير واضح في رمضان مع الأسف، ولكن الصائم يحب أن يرى سفرته عامرة بما لذ وطاب، كما تحرص الأسر في تونس على إخراج الصدقات خلال رمضان إضافة إلى إخراج طبق في ثواب المتوفي في العائلة، هذا إلى جانب عادة الاحتفال بليلة القدر، ومن العادات الجميلة في رمضان (بوطبيلة) وهو المسحراتي، وجلسات قراءة القرآن، كما وتضاء الأحياء الشعبية وواجهات المقاهي وقاعات الحفلات بالمصابيح المتعددة خلال الشهر الكريم».
خبز الطابونة
ومن العادات البارزة خلال شهر رمضان اعتناء أصحاب المخابز بتنويع أصناف وأشكال الخبز، وعن مكانة الخبز في المجتمع التونسي قالت حرم السفير التونسي «للخبز مكانة خاصة فهو مورد رزق للكثير من الناس ويسمى بخبز (الطابونة) ومرجع التسمية هو ارتباط الخبز بفرن يسمى (الطابونة) وهو مصنوع من الطين، يتم فيه خبز الخبز بالطريقة القديمة حيث يمتاز الخبز التونسي بسماكته، إلى جانب توفر أنواع الخبز الأخرى مثل الباقيت».
الحياة الرمضانية
ووصفت حرم السفير التونسي الحياة الرمضانية في تونس بأنها «غنية ومتنوعة» وعنها نوهت إلى «تنتعش الطقوس الدينية مثل قراءة القرآن وأداء الصلاة والالتزام بأدائها في المساجد، أما الحياة اليومية مثلاً يتم لدينا عمل دورات تفقد في أماكن العمل من أجل ضمان التزام الناس بالعمل، كما ويتم تقليص أوقات العمل في تونس، فبدل من أن يكون موعد الدوام على فترتين تنتهي عند الساعة الخامسة يتم تقليص مواعيد الدوام لتكون من 8 صباحاً حتى 2 ظهراً، لذلك يحلى السهر وتصبح ليالي رمضان ذات نكهة خاصة حيث تقدم الحلويات وأكواب الشاي بالصنوبر والشاي الأخضر المنعنع».
وذكرت قائلة: «الشارع التونسي قبل الفطور يكون مكتظاً جداً بالناس، فالأسواق والمحلات تنتعش في هذه الأوقات استعداد للفطور، إضافة إلى انتعاش الأسواق أيضاً في فترة المساء».
وتزيد في توضيح وصف الحياة اليومية في تونس قائلة: «لدينا عادة جميلة وهي قيام الزوج بمساعدة زوجته في تحضير المائدة، إضافة إلى مشاركة الأولاد أيضاً، فالسفرة تكون عملاً جماعياً يتشارك فيه الجميع»، وتضيف باسمة: «أحياناً يقوم السفير بمساعدتي في تحضير أكلة معينة أو طبق معين، وهو فنان في إعداد الطعام، فبشكل عام نحن لا نعتمد على الخدم في تحضير المائدة، بل أقوم شخصياً بإعداد الطعام وتحضيره».
انتعاش الثقافة
ورأت حرم السفير التونسي أن تونس تمتاز بانتعاش الأنشطة الثقافية وعنها تقول: «تكثر الأنشطة الثقافية بشكل كبير في تونس وخصوصاً في المناطق القديمة مثل حي (الأسواق) في باب «حر» ، حيث تقام السهرات الثقافية والأمسيات الشعرية والأغاني الدينية إلى جانب عرض التحف والأشياء التقليدية في الأسواق، وغالباً ما تزيد الأسواق في أوقات دوامها مساء وخصوصاً في النصف الثاني من الشهر الكريم، استعداداً للعيد أيضاً».
الجبة التقليدية
وعن اللباس التقليدي تقول «يلبس النساء والرجال في تونس اللبس التقليدي الذي يطلق عليه اسم (الجبة)، وهذا اللباس بشكله القديم هو لباس تقليدي غير عملي، وغالباً ما يكون ثقيلاً مثل (لباس المهدية)، وفي الغالب تهتم النساء بلبس الجلابيات المطرزة الجميلة».
حلويات العيد من البيت
«لا حلويات من الأسواق».. هكذا أكــدت حرم السفير التونسي فحلويات العيد يجب أن تكون من صنع المنزل، حيث تتشارك النساء في صنعها، وعن هذه العادة تقول: «تتساعد النسوة في إعداد حلويات العيد، ويتم إعداد كميات كبيرة جداً، وغالباً ما تكون الحلويات محشية بالمكسرات، وتحتاج إلى عمل كثير ودقيق، كما وتهتم النساء بتوزيع أصناف الحلويات على الأقارب والجيران، فمائدة حلويات العيد يجب أن تكون عامرة بالأصناف الكثيرة مثل «غريبة الحمص» و»البقلاوة التونسية» و»الكعك التونسي» الذي يتم إعداده بالفرن التقليدي، إلى جانب توفر الشاي والقهوة بشكل دائم».