قال وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، إن مستودع دار كليب للمتفجرات يقع في منطقة مأهولة والمواد المتفجرة حساسة جداً، ولو حدث انفجار بالمستودع لكان هناك ضحايا ضمن مسافة مئات الأمتار، مضيفاً أن«لا مكان لحكومة خارج الحكومة، ولا لكيان ولا لتنظيم خارج القانون».
وذكر لدى لقائه النائب الأول لرئيس مجلس النواب علي العرادي، ورئيس وأعضاء لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني وعدد من النواب، ورئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن «لم أتوقع أن تكافئوا مصابي الأمن والشهداء بخفض ميزانية الأمن العام».
وأكد أن البحرين بلد راسخ الأركان بقيادة الملك رأس الدولة والممثل الأسمى لها، وقال «علينا مواجهة الأخطار بمد الجسور الوطنية وتجاوز المعوقات الطائفية».
ودعا الوزير، النخبة الوطنية للوقوف بوجه الإرهاب الطائفي، وتحصين الجبهة الداخلية من التطرف، مردفاً «لدينا خطوات إصلاحية أمنية رائدة وفي الفترة الماضية اختطف منهج الإصلاح باسم التغيير وحرية التعبير».
وتابع «لا صوت يعلو على صوت القانون والبحرين بالمقدمة بتحقيق الأمن الشامل، ومن يريد المشاركة ببناء مستقبل آمن عليه التخلي عن رواسب الطائفية».
ونصت كلمة وزير الداخلية «يطيب لي بداية أن أهنئكم بحلول شهر رمضان الفضيل أعاده الله علينا جميعاً باليمن والبركة، وإني أنتهز هذا اللقاء، حتى أطلعكم على آخر تطورات الموقف الأمني، في إطار الجهود المبذولة من أجل إبعاد البحرين عن دائرة العنف والإرهاب، في ظل ما تشهده المنطقة من استهداف للهوية الوطنية، من خلال ارتكاب الجرائم الطائفية الإرهابية.
في الشهر الماضي وقعت حادثة تفجير في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية الشقيقة في بلدة القديح، تلاها محاولة تفجير تم إحباطها في مسجد العنود بمدينة الدمام، واستهدفت الحادثتان مساجد للطائفة الشيعية، وأسفر عن الحادثتين وقوع العديد من الضحايا الأبرياء.
في حين أننا في البحرين نتعامل مع أشخاص ينتمون للطائفة الشيعية تدربوا على أعمال القتل والإرهاب وتهريب الأسلحة والمواد المتفجرة، وفي هذا السياق، أذكركم بأنه تم اكتشاف مصنع للمواد المتفجرة بسلماباد عام 2012، وإحباط تهريب كمية من المتفجرات عن طريق البحر عام 2013.
وخلال هذا العام هنالك ثلاث قضايا رئيسة، الأولى الجمارك البحرينية تضبط مواد تدخل في صناعة المتفجرات على جسر الملك فهد قادمة من العراق، والثانية الجمارك السعودية تحبط تهريب مواد متفجرة من البحرين، وتمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط خلية إرهابية تطلق على نفسها (سرايا الأشتر) تلقى أفراد هذه الخلية التدريبات على تنفيذ الأعمال الإرهابية في العراق وإيران.
والعملية الأخيرة التي أريد أن أطلعكم عليها، هي قضية اكتشاف مستودع بقرية دار كليب عثر بداخله على مواد شديدة الانفجار، ومواد تدخل في صناعة المتفجرات، وهذه العملية تمت على إثر أعمال التحري تبعت قضية محاولة التهريب للمملكة العربية السعودية، ففي عملية مشتركة بين مختلف الأجهزة الأمنية، تم اكتشاف هذا المستودع، وإحباط أي عمليات إرهابية كان يخطط لتنفيذها باستخدام تلك المتفجرات، علماً أن هذا المستودع يقع في منطقة مأهولة، والمواد المتفجرة تعتبر من المواد الحساسة جداً، ولو حدث انفجار في المستودع لكان هناك ضحايا ضمن المسافة المؤثرة لهذه المواد وتمتد لمئات الأمتار.
أيها الإخوة، يتضح من خلال الحقائق المعروضة مدى الاستهداف الخارجي لأمننا الداخلي، فإننا أمام عمليات تدريب وتمويل وعمليات إمداد من خلال محاولات تهريب للمواد المتفجرة والأسلحة، ما يدعونا بشدة إلى إعادة تقدير الموقف والنظر بجدية إلى هذا الخطر، واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة من أجل مواجهة ذلك، وأن نبدأ من خلال مد جسور الوطنية وتجاوز المعوقات الطائفية.
نحن بحاجة إلى مبادرات لتقوية جبهتنا الداخلية، حيث لا يمكن أيها الإخوة أن نرى الخطر من حولنا يكبر، دون أن نلتفت إلى تقوية جبهتنا الداخلية وتحصينها، وإذا كان التماسك الوطني يتأثر بالتطرف وفقاً لأجندات خارجية، فإننا نتكل من بعد الله على تعاون النخبة الوطنية، والوقفة الوطنية البحرينية في وجه الإرهاب الطائفي.
ولا يخفى عليكم أيها الإخوة، أنه تم في الفترة الماضية اختطاف منهج الإصلاح والديمقراطية باسم التغيير وحرية التعبير وحقوق الإنسان، على إثر ذلك تأسست العديد من الممارسات والأعراف والكيانات غير القانونية بما في ذلك تسييس مختلف المنابر.
اليوم بعد أحداث 2011 وما تلاها، أصبحت الصورة أكثر وضوحاً والخيارات أكثر حسماً، فلا مكان لحكومة خارج الحكومة، ولا لكيان ولا لتنظيم خارج القانون، ولا صوت يعلو على صوت القانون، بل لدينا سلطات ومؤسسات يتم إنشاؤها بموجب القوانين المنظمة لذلك، ووفقاً للدستور، وما عدا ذلك فلا مكان له في دولة القانون والمؤسسات.
وإننا نعيش في بلد راسخ الأركان في ظل قيادة جلالة الملك المفدى رأس الدولة والممثل الأسمى لها، ورداً على ما تم تداوله من مزاعم عن التعذيب والعنف من قبل الشرطة، فإن من يستعرض الوضع الأمني والقانوني في البحرين، يجد أن البحرين تشهد تطوراً كبيراً، يؤهلها لأن تكون في مقدمة الدول في مجال تحقيق الأمن الشامل والعدالة للجميع.
هناك الأمانة العامة للتظلمات لمن يريد أن يتظلم ضد الشرطة، ووحدة التحقيق الخاصة في النيابة العامة، ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وهي خطوات إصلاحية أمنية وقانونية وسياسية رائدة، ترسخ منهجية الأمن العادل، وهو ما تلخص في توجيه جلالة الملك المفدى عندما قال لي في بداية تعييني (تذكر بأنك للجميع).
تلك الكلمة الحكيمة العادلة ثبتتني على طريق الحق العادل، عندما اختلفت وتباينت الآراء في أدق الظروف وأصعبها، وأما بالنسبة لتعامل الشرطة مع أحداث العنف في سجن جو، فهذا الأمر يستوجب الشكر والثناء لرجال الأمن، الذين تعاملوا مع الموقف بكل انضباطية وأعمال بطولية، بدلاً من أن يوجه لهم اللوم والانتقاد، والشواهد على هذا تكمن في كيفية تعامل الدول مع هذه المواقف الأمنية المعقدة، وما ينتج عن ذلك من خسائر جسيمة.
أما فيما يتعلق بموضوع خفض ميزانية وزارة الداخلية، فإني لم أتوقع من هذا المجلس النيابي الوطني بأن تكون مكافأة الرجال الذين استشهدوا وأصيبوا من أجل أمن البحرين، وما يزالون على مدار الساعة يؤدون عملهم بكل إخلاص، هي التراجع عن دعمهم من خلال خفض ميزانية الأمن العام التي حددتها الحكومة.
والشيء بالشيء يذكر ففي عام 2007 عندما قدمت ميزانية لتطوير وزارة الداخلية بقيمة 150 مليون دينار على مدى 5 سنوات، حصلنا على موافقة اللجنة المالية والاقتصادية في مجلسي النواب والشورى.
وكان لهذه الموافقة أكبر الأثر في إعداد وتدريب رجال الأمن، ما ساعدنا في التعامل مع التطورات الأمنية فيما بعد.
وفي الختام أؤكد على ضرورة المشاركة الفاعلة في بناء المستقبل الآمن لهذا الوطن، ومن لديه هذا التوجه عليه أن يتخلى عن رواسب الطائفية المتطرفة، وأن يتمسك بهوية البحرين العروبية، متمنياً للجميع التوفيق والسداد والتعاون لخدمة الوطن في ظل قيادة جلالة الملك المفدى، وكل عام وأنتم والوطن بألف خير، والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته».
من جانبه قدم رئيس الأمن العام، إيجازاً أمنياً استعرض فيه جهود وزارة الداخلية لتحقيق الأمن والاستقرار، مشيرا إلى إحباط سلسلة من الأعمال الإرهابية وضبط كميات من المواد المتفجرة والداخلة في تصنيع القنابل والعبوات المتفجرة خلال الفترة من 2012 وحتى 2015.
وعرض عدداً من القضايا الأمنية الخطرة تم الكشف عن مرتكبيها والقبض على معظم عناصرها، بفضل التنسيق المستمر بين الأجهزة الأمنية المعنية، مبيناً أنه جار ملاحقة العناصر الإرهابية الهاربة بالتعاون مع الشرطة الجنائية الدولية «الإنتربول».
بدوره أعرب العرادي عن شكره وتقديره لوزير الداخلية، على مبادرته بإطلاع المجلس على الوضع الأمني، لافتاً إلى أن ما شهدناه الفترة الماضية، من تمكن رجال الأمن البواسل والجهات الأمنية، من إلقاء القبض على مجموعة من العناصر الإرهابية، وإحباط عملياتها، أكد اليقظة والجاهزية الرفيعة.
وعبر عن شكره واعتزازه للوزير وكافة رجال الأمن على الجهود الوطنية المتواصلة.
وأكد دعم مجلس النواب، الثابت والراسخ للمؤسسة الأمنية، وكافة منتسبيها، سواء من خلال إقرار برنامج عمل الحكومة، ومناقشات المجلس لمشروع الميزانية العامة للدولة، مشيراً إلى أن ما تشهده الساحة المحلية والإقليمية، يستلزم تعزيز الشراكة المجتمعية والدولية في مكافحة الإرهاب، والتصدي القانوني والتشريعي، لكافة وسائل الدعم والتحريض.
وجدد استعداد المجلس التام، لمزيد من التعاون والتنسيق مع وزارة الداخلية، لما فيه حفظ مقدرات الوطن ومكتسباته، وتوفير الأمن والأمان للمواطنين والمقيمين.
وأعرب أعضاء مجلس النواب عن تقديرهم البالغ لجهود وزارة الداخلية وما يقدمه رجال الأمن من تضحيات، مؤكدين أن هذه الجهود جديرة بالدعم من كافة الجهات.
وأشادوا باستمرار التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، لخدمة المصالح العليا للوطن والحفاظ على أمنها واستقرارها، مؤكدين دعمهم للمشروعات المقترحة وإعطائها الأولوية في المرحلة المقبلة.