كتب - أحمد الجناحي:
رغم أن العرض المسرحي «المشكلجي» للمخرج حسين العيوناتي لا يقدم أي إسقاط مباشر على الوضع الحالي، إلا أن دعوته للتكاتف والتلاحم وعدم التفرقة كالماضي القديم الذي عاشه الناس في أوطانهم، أدانت التداعيات القائمة المحرضة على العنف، خصوصاً وأنها لمست فلسطين المدمرة، التي اغتصبها العنف تحت وطأة القصف والدم.
العرض الذي شارك فيه كوكبة من نجوم الخليج على مسرح صالة بتلكو، لا يمكن قراءته بعيداً عن الظروف السياسية والاجتماعية المحيطة براهن العرض، هموم المواطنين ومشاكلهم التي ورثوها جيلاً خلف جيل كانت حاضرة في كل فقرة من فقرات العرض، وكذلك مشكلة الرواتب الذي لا تكفي الحاجة كما كان المواطنون يغردون على الهامش «الراتب ما يكفي الحاجة» كانت حاضرة وسرعان ماعولجت بالقناعة وعدم الإسراف، ومشكلة البطالة إلى جانب مشاكل الخدم التي لا تنتهي، وبالتالي فإن كل طرف بالعرض هو بالأصل «مشكلجي». مقولة رئيسة تبحث عن التلاحم والتكاتف الحضاري بين الشرق والغرب، في عرض مسرحي لا يخلو من الرقص، موجات الضحك لم تقف منذ بداية العرض واشتدت بدخول النجوم الكبيرة، الحوار والرسائل القوية أعجبت الجمهور وأثارت تصفيقه الحار في صالة امتلأت عن آخرها.
مع رقصات الروك والراب التي كانت فواصل للمشاهد والآهات الممزوجة بحوار الفنانين، حاول العرض استرجاع ذاكرة المتلقي للوراء ومراجعة النفس والعمل على تغيرها للأفضل تحت مقولة «غير نفسك، وبعدين اصنع التغيير بالناس»، وصل العرض المسرحي حتى الخطوط الحمراء ولامسها لإيصال الدرس والعلاج النموذجي للمشاهد.
وبلفتات موسيقية رشيقة زاوج العرض بين الشرق والغرب، من أقصى الموسيقى الكلاسيكية إلى أقصى موسيقى الشرق، ومن الرقص التعبيري الكلاسيكي إلى الراب والروك الغربي، دخول الفنانين على الأغاني الصاخبة الراقصة، والموسيقى الحزينة التي لامست وجدان الجماهير لإيصال الرسائل، وحتى الأغاني الهندية، دون أن يشعر المتلقي بأي قطع.
ملحمية العرض كانت واضحة، ثقافات الشعوب الخليجية تلاقت على الخشبة لتصنع أغنية بتفاصيل كثيرة مدعومة بأزياء متقنة لتخدم المشاهد، وأضواء جعلت العرض مبهراً.
مشاكل المواطن مع النواب إلى جانب عواقب تغرب الأبناء بسبب الدراسة، «والواسطة» التي تأخذ ما بخاطر الجمهور وتتحدث عنه، محاولة جادة لصناعة التغيير الإيجابي، غير أن الظروف الجاثمة على الوطن العربي حولتها لشجون وجداني يقارن واقع البلدان بماضيها، أصوات الضحك والفرح برائحة التشتت والدمار، ثنائيات صنعها العرض دون أن يدري، لعب فيها التوقيت عاملاً حاسماً، فكان الجمهور شريكاً رئيساً في صناعة التلقي بل وسأل في النهاية ليجيب عن سؤال «ليش يصير جذي بالوطن العربي وفينا؟!» ويكتب المقولة الرئيسة للعرض.
الفنانة فاطمة عبدالرحيم أكدت لـ»الوطن» أن من واجبها كفنانة طرح الهموم الموجودة بقلب المواطنين من مشاكل الإخوان والفتنة، إلى جانب الوضع في الخليج والوطن العربي تحت ستار الكوميديا، «مالنا إلا بعض، ولابد من التكاتف لأن العود الصلب يبقى قوياً ضد أي شخص يحاول أن يفرق ويزرع الفتنة».
أما شهاب حاجية فعبر عن دهشته بالجمهور البحريني وتفاعله الواضح مع العرض، «المسرحية نتيجة بروفات مكثفة لمدة يومين، وتفاجأت بالجمهور البحريني أنه مقبل على العرض وذويق ويقدر الفن على عكس ما سمعنا عنه». وتمنى إسماعيل سرور عناية أكبر بالفنانين البحرينين ودعمهم، «في البحرين كوكبة من النجوم نتمنى دعمهم». وعبر أمين الصايغ وشيخة زويد عن سعادتهما بالعرض وعن ردة فعل الجمهور وتفاعله مع المسرحية التي ستمتد لـ8 أيام. وقالت الإعلامية العنود الحربي «التجربة أضافت لي الكثير في مسيرتي الإعلامية، وزال الارتباك بعد تفاعل الجمهور ونجاح العرض».