تقرير - بين ترتيب المصارف الخليجية، الذي تصدره مجلة «الاقتصاد والأعمال» سنوياً، عن ارتفاع مجموع حقوق المساهمين لدى المصارف الخليجية في العام 2014 إلى نحو 229 مليار دولار، أي بزيادة 5.7% عن العام 2013. وواصلت موجوداتها النمو بوتيرة صحية لتسجل 11.2% وتبلغ 1809 مليارات دولار، مدفوعة بنمو محفظة القروض والسلف بنسبة 9.3% ، مقابل نمو 8.6% على مستوى الودائع المصرفية، كما زادت الأرباح الصافية بنسبة 15.5% ليصل متوسط العائد على الموجودات إلى 1.81% ومتوسط العائد على حقوق المساهمين إلى 13.93%.
وتربّع القطاع المصرفي السعودي في المقدمة وفق مختلف المؤشرات، يليه القطاع المصرفي الإماراتي، فاستأثرا سوياً على نحو 60% من السوق المصرفية الخليجية، حيث حققت المصارف السعوديـة ألـ 12 نمواً بنسبة 12% في إجمالي موجوداتها ليبلغ 559.457 ملياراً، مدفوعة بزيادة 12% في محفظة قروضها لتسجل 338 مليار دولار.
أما البنوك الإماراتية، والتي تعتبر ثاني أكبر قطاع مصرفي في منطقة الخليج ولديها أكبر عدد من المصارف التجارية في المنطقة، فحققت إنجازات مهمة في كافة بنود الترتيب، خصوصاً في الأرباح التي شهدت نمواً بنسبة 27 %لتسجل نحو 11 مليار دولار، وبذلك تكون المصارف الإماراتية الأعلى نمواً في الربحية بين دول مجلس التعاون الخليجي.كما حقق القطاع المصرفي الإماراتي نمواً جيداً في إجمالي موجوداته حيث بلغ 11.13 %بالغاً نحو 522.6 مليار دولار، أما محفظة قروضه فبلغت 325.5 مليار بزيادة 9.5%، مقابل 355.24 مليار في إجمالي الودائع مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 10%.
وبذلك سيطرت المصارف السعودية والإماراتية على المراتب القيادية في كافة معايير الترتيب، حيث بلغت حصتها 68 %من إجمالي الأرباح الخليجية، و60 %من الموجودات، و61 %من إجمالي حقوق المساهمين، و62 %من إجمالي القروض الخليجية، و72 %من الودائع.
ورغم تحقيق القطاع المصرفي القطري أعلى نسب نمو بين نظرائه الخليجيين، إلاّ أنه تمثل فقط ببنك قطر الوطني في لائحة الأوائل. ويستحوذ بنك قطر الوطني على نسبة تقارب50 %من السوق القطرية، كما أنه احتل المرتبة الأولى في مختلف المؤشرات بفضل معدلات النمو القياسية في ميزانيته وأرباحه، وبمستويات فاقت بكثير معدلات نمو المصارف الخليجية.وتستمر البنوك القطرية في تحقيق نمو قياسي في كافة أصعدة الترتيب ولكن بوتيرة أقل من الأعوام السابقة، حيث بلغ نمو إجمالي حقوق المساهمين 5?، أما الموجودات والأرباح فحققت نمواً بنسبة 12?.
الأمر نفسه ينطبق على القطاع المصرفي الكويتي مع تبؤ بنك الكويت الوطني وحده المراتب القيادية وهيمنته على السوق الكويتية، حيث تشكل أرباحه نحو 45 %من مجمل أرباح القطاع. كما كان لافتاً احتلال المصارف الكويتية المرتبة الثانية من حيث نمو إجمالي الأرباح حيث بلغ نحو 22 %ليسجل 2.288 مليار دولار، في ظل تراجع المؤونات المكوّنة تجاه القروض المتعثرة.
وبينما غابت المصارف البحرينية عن المراتب القيادية، إلاّ أن القطاع المصرفي البحريني استمر في تحقيق النمو، لكن بوتيرة أقل من العام الماضي، إذ سجل إجمالي حقوق المساهمين نمواً بنسبة 8 % ليبلغ نحو 17.9 مليار دولار، كما نما إجمالي الموجودات بنسبة 8 % وسجل 14.980 ملياراً، أما الأرباح فنمت بوتيرة خفيفة بنحو 3 % لتبلغ نحو 1.33 ملياراً. وتستمر المصارف الاستثمارية البحرينية في النمو والمثابرة حيث لم يسجل أي مصرف استثماري العام الماضي خسائر أو إخفاقات كبيرة رغم الاضطرابات السياسية والأمنية.
أما القطاع المصرفي العماني فيتميز كذلك بنسبة تركز عالية، رغم صغر حجمه، حيث يدير أكبر مصرف، بنك مسقط، نحو 40 % من اجمالي حقوق المساهمين وموجودات القطاع، كما يدير أكبر ثلاثة مصارف نحو 75 % من إجمالي الأرباح. وحلّت البنوك العمانية في المرتبة الأولى من حيث معدل نمو الموجودات والذي بلغ نحو 15?، في ظل تسارع نموالاقتصاد العماني عامة.
وحظيت المصارفالعشرة الأولى على 46 % من إجمالي حقوق المساهمين وموجودات المصارف الخليجية، وعلى نحو 54 % من إجمالي الأرباح وما يقارب 50 % من مجموع قروض وودائع السوق المصرفية الخليجية.
إلى ذلك، أشار تقرير مجلة «الاقتصاد والأعمال» إلى التوقعات للعام 2015 تختلف في شأن مسار المصارف الخليجية وأدائها بين السلبي والإيجابي، فيتخوف البعض بأن يؤدي انخفاض أسعار النفط في النصف الثاني من العام الماضي إلى تقليص الحكومات المحلية إنفاقها في ظل تراجع إيراداتها النفطية بشكل ملحوظ، حيث يُخشى من تباطؤ حركة المشاريع الإنمائية العامة والتركيز على تمويل النفقات الجارية، مع توجّه بعض الدول نحو المزيد من الإنفاق على موازنات الدفاع في ظل تزايد التوتر السياسي والأمني في المنطقة.
بينما يرى البعض الآخر أن الإنفاق العام على المشاريع المخططة سيبقى على وتيرته المقررة سابقاً ولن يتراجع بشكل مفاجئ للحؤول دون إرباك الأسواق المحلية أو التسبب بركود اقتصادي حاد غير مبرر في ظل استمرار توفّر فوائض نقدية ضخمة من جهة والحاجة إلى التمويل بوتيرة عالية لبعض المشاريع الكبرى مثل معرض إكسبو في دبي في العام 2020 ونهائيات كأس العالم لكرة القدم في قطر في العام 2022 من جهة ثانية، كذلك، فإن اقتصادات دول الخليج ما زالت تعتبر قوية وموجوداتها النقدية عالية جداً، كما إن مديونيتها العامة تعتبر محدودة جداً وتقتصر في معظمها على إصدارات قليلة من السندات، وبالتالي فإن الحكومات الخليجية يمكنها أن تلجأ إلى موجوداتها الخارجية من دون الاضطرار إلى المس بودائعها لدى المصارف المحلية التي تتراوح ما بين 10 إلى 35 % من مجمل ودائعها، علماً أن وتيرة نمو هذه الودائع قد تتباطأ في ظل استمرار ضعف أسعار النفط وإيراداته.
لكن بشكل عام، لا يُتوقع أن تظهر آثار أي تباطؤ في نمو المصارف الخليجية عامة على نتائجها في 2015، حيث ينتظر أن يطغى الأثر الإيجابي لانخفاض المؤونات المطلوبة للتسليفات القائمة على النتائج النهائية بعد أن انتهت معظم المصارف من تغطية قروضها المتعثرة التي ظهرت بعد الأزمة المالية العالمية. كذلك فإن عودة ارتفاع أسعار النفط مؤخراً، ولو بشكل محدود، يؤشر إلى إمكانية عودة تسارع النمو الاقتصادي عامة في دول الخليج في الأشهر القليلة المقبلة ما ينعكس بدوره على نشاط القطاع المصرفي المحلي، رغم تزايد التوتر السياسي نتيجة الأحداث اليمنية.
لكن رغم ذلك، فإن المصارف الخليجية تواجه هذا العام تحديات رئيسة للحفاظ على مستوى أدائها الجيد الذي حققته في العامين الأخيرين من جهة والاستمرار في زخم نمو أصولها الذي شهدته في الفترة نفسها من دون التعرّض مجدداً إلى مخاطر عالية في عملياتها تكبّدها خسائر كبيرة في عملياتها مجدداً من جهة أخرى.