أنقرة - (رويترز): بعد أن اعتراه القلق نتيجة التقدم الذي أحرزه المقاتلون الأكراد في سوريا في مواجهة تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي وأغضبه تقاعس الغرب عن التعامل مع الرئيس السوري بشار الأسد يثير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان احتمال التدخل العسكري التركي في سوريا. وتعد تهديدات أردوغان مناورة تهدف الى التأثير على التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في سوريا وتعزيز شعبيته في الداخل بعد أن مني حزب «العدالة والتنمية» بانتكاسة كبيرة في الانتخابات.
وفوجئت أنقرة بتقدم وحدات حماية الشعب الكردية السورية مدعومة بالضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ونجاحها في إجبار مقاتلي التنظيم المتطرف على الانسحاب من بلدات سورية قرب الحدود التركية. وتخشى تركيا من قيام دولة كردية مستقلة على الأراضي السورية مما سيكسب أكراد تركيا الذين يبلغ عددهم 14 مليوناً جرأة.
وقال أردوغان مطلع الأسبوع إنه «لن يسمح أبدا» بقيام هذه الدولة ومنذ ذلك الحين تروج الصحف الموالية للحكومة لمقترحات بالتدخل منها إقامة «منطقة عازلة» بطول 110 كيلومترات وعرض 33 كيلومتراَ في منطقة جرابلس في سوريا والخاضعة حالياً لسيطرة «داعش».
وقال جوناثان شانزر من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها واشنطن «هذه خطوة ستزعزع استقرار المنطقة بشدة وستصبح نقطة خلاف رئيسة مع الغرب». وقال أحد كبار مساعدي أردوغان إن تركيا تتحدث إلى أعضاء حلف شمال الأطلسي بشأن أمن الحدود وإن لديها مبررات قانونية لاتخاذ خطوات للحفاظ على الأمن.
وقال عبدالقادر سلفي الكاتب الذي يعبر في كثير من الأحيان عن وجهة نظر الحكومة إن هناك عدداً من العوامل التي يمكن أن تدفع تركيا إلى إقامة منطقة عازلة بطول 15 كيلومتراً حيث سيسمح لقواتها البرية بدخول الأراضي السورية.
ومن بين «الخطوط الحمراء» احتلال القوات الكردية المنطقة المحيطة بجرابلس على الضفة الغربية لنهر الفرات أو أي هجوم لتنظيم «داعش» الذي دفع المزيد من اللاجئين السوريين للهرب إلى تركيا التي تستضيف مليونين منهم بالفعل.
وكتب سلفي في صحيفة «يني شفق» الموالية للحكومة «إذا سقطت منطقة جرابلس في أيدي وحدات حماية الشعب التركية فإن الطريق التجاري بين تركيا وسوريا ومنها إلى الشرق الأوسط سيقطع».وتشعر أنقرة بالقلق أيضاً على مصير التركمان بالمنطقة وقد اتهمت المقاتلين الأكراد بالفعل «بالتطهير العرقي». وقال مسؤول في أنقرة «إذا سيطرت وحدات حماية الشعب على جرابلس وتشكل خط كردي على الحدود فإن صلات تركيا مع مناطق وسط سوريا ستنقطع».
وأضاف «هناك خطر يكمن في أن يتجه نحو مليون لاجئ إلى تركيا دفعة واحدة إذا سقطت عدة مناطق سكنية، بالنسبة لتركيا هناك أعباء خطيرة اجتماعياً ومالياً». والأهم من ذلك تريد أنقرة من واشنطن أن تكبح جماح الطموحات التركية في إقامة دولة وأن تزيد الضغط على الأسد.
لكن قدرة الولايات المتحدة على الرد محدودة فهي تركز على دعم وحدات حماية الشعب الكردية على اعتبار أنها أفضل الخيارات المتاحة لهزيمة «داعش» عدوها الرئيس كما تحتاج إلى موافقة الأسد الضمنية حتى تتمكن من شن ضربات جوية على المتطرفين.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها ليست لديها أدلة دامغة على أن تركيا تدرس إقامة منطقة عازلة في سوريا مضيفة أن هذه الخطوة ستنطوي على تحديات لوجستية خطيرة. وقال مسؤولون في أنقرة طلبوا عدم نشر أسمائهم إن من غير المرجح أن تتحرك تركيا بمفردها في نهاية المطاف.
وقال مسؤول كبير مطلع على الشؤون الأمنية «لاشك أن التحالف الدولي بدأ يعير المزيد من الاهتمام للمطالب التركية، وهذا تطور إيجابي».
وأضاف «الأولوية بالنسبة لنا للعمل المشترك وليس إقامة منطقة آمنة من جانب واحد، ليست هناك خطة لدخول تركيا إلى سوريا وحدها، السلطات المعنية تجري محادثات مع الولايات المتحدة بهذا الصدد، إنها على علم بالموقف».
وأضاف المسؤول أن في كل الحالات لن تتخذ أي خطوات قبل تشكيل حكومة تركية جديدة.
وفي حين أن العمل العسكري يمكن أن يسمح لأردوغان بزيادة دعم القوميين له في الداخل فإنه لن ينبئ بخير بالنسبة لمحاولات حزب العدالة والتنمية لتشكيل حكومة ائتلافية مع حزب الشعب الجمهوري الذي ينتمي ليسار الوسط ويرفض التدخل بالفعل.
ويفضل كبار قادة حزب العدالة والتنمية تشكيل ائتلاف مع حزب الشعب الجمهوري لأن هذا سيساعد في تحسين العلاقات مع الغرب والمستثمرين الأجانب.
وخفض البنك الدولي توقعاته بالنمو لتركيا بعد أن زاد الغموض المحيط بمن سيحكم البلاد من التوقعات بالضعف الاقتصادي.
ومن المرجح أن يؤدي التدخل العسكري إلى أن يضطر حزب العدالة والتنمية لتوحيد صفوفه مع القوميين وهو ما قد يضع نهاية لجهود أردوغان منذ فترة طويلة للتفاوض من أجل تحقيق السلام مع الأكراد في الداخل.
وانتخب البرلمان التركي عصمت يلمظ الذي ينتمي لحزب العدالة والتنمية رئيساً له مما يقلل احتمالات تشكيل ائتلاف مع حزب الشعب الجمهوري.
970x90
970x90