بقلم - د.أمل الجودر*:
لعل البحرين اليوم وأكثر من أي وقت مضى بأمس الحاجة إلى تبني مبادرة المدن الصحية، حيث تبين للدول التي طبقت هذه المبادرة بأن ذلك ساهم في تقوية الروابط الاجتماعية والتعايش بين سكان المدينة الواحدة بغض النظر عن اختلافاتهم العرقية والدينية والقبلية والطائفية والثقافية. كما إن اعتماد مدن بحرينية بشبكة المدن الصحية حسب معايير منظمة الصحة العالمية يرفع من اسم مملكة البحرين في المحافل الدولية ويعكس مدى اهتمام الدولة والمجتمع بجودة حياة المواطنين والمقيمين.
من المؤكد بأن الصحة مطلب أساسي للتنمية البشرية والاقتصادية والإنتاجية، ونعني بالصحة هنا الصحة الشاملة كما عرفتها منظمة الصحة العالمية على أنها «حالة من التمام بدنياً ونفسياً واجتماعياً وروحياً وليس مجرد انعدام المرض أو العجز» هذا المستوى من شمولية الصحة يحتاج إلى عدة متطلبات كالأمن والتعليم والدخل الجيد والوظيفة والسكن وذلك على سبيل المثال لا الحصر. وعليه فإن وزارة الصحة لم ولن تستطيع وحدها تحقيق تلك المتطلبات فمن البديهي أن تلك المتطلبات تقع خارج نطاق مسؤوليتها. وعليه لا بد من تكاتف وتعاون الجميع وأعني ذلك حرفياً بدءاً من الفرد نفسه وأسرته ومدرسته ومكان عمله ومدينته ومحافظته وجميع وزارات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص وانتهاء بالسلطة التشريعية فليس هناك أغلى من صحة الإنسان وجودة حياته.
إن معظم مدن مملكة البحرين إن لم تكن كلها لديها المقومات الأساسية والبنية التحتية لتصبح مدناً صحية معتمدة من منظمة الصحة العالمية. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإن المدينة الصحية «هي المدينة التي تهيئ بشكل مستمر وتحسن البيئات الطبيعية والاجتماعية وتوسع الموارد المجتمعية التي تمكن الناس من دعم بعضعم البعض بشكل متبادل في أداء وظائف الحياة وفي تطوير أقصى إمكانياتهم» وبعبارة أخرى هي منطقة حضرية تعمل على المحافظة على البيئة الاجتماعية والطبيعية وتحسينهما وتمكن الناس من دعم بعضهم البعض من خلال تطوير إمكانياتهم لتعزيز الصحة.
إن مبادرة المدن الصحية عملية مستمرة وليست نتيجة، إنها رحلة وليست مقصداً. وتشمل معاييرها على 9 محاور أساسية وهي: -1 تنظيم المجتمع وتعبئته من أجل الصحة والتنمية. -2 التعاون والشراكة بين القطاعات وكسب التأييد. -3 مركز المعلومات المجتمعي. -4 المياه والصرف الصحي وسلامة الغذاء وتلوث الهواء. -5 التنمية الصحية. -6 الاستعدادات للطوارئ والاستجابة لها. -7 التعليم ومحو الأمية. -8 تنمية المهارات والتدريب المهني وبناء القدرات، -9 أنشطة القروض الصغيرة.
إنها فعلاً إستراتجية لتحسين حياة الأفراد في جميع الجوانب. ومن الجدير بالذكر أن أي مدينة بالعالم وبغض النظر عن مستواها الصحي والاجتماعي تستطيع الانضمام والتسجيل في الشبكة الإقليمية للمدن الصحية بشرط وجود التزام سياسي ورغبة فعلية في تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية لسكانها. هناك 42 مدينة مسجلة على الشبكة من دول إقليم البحر المتوسط حتى نهاية مايو 2015. تتواجد 13 مدينة بالمملكة العربية السعودية و 4 مدن بدولة الكويت ومدينة واحدة بكل من سلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة. ولكي تصبح مدينة صحية معتمدة يشترط تحقيق 80% من معايير التقييم على الأقل والذي يتم من خلال زيارة وفد من منظمة الصحة العالمية للمدينة والاطلاع على الأدلة والبراهين من تحقيق المعايير المطلوبة.
ومن هذه المدن أنهت مؤخراً مدينة الشارقة من تقييم منظمة الصحة العالمية لها ومن المؤمل أن تكون أول مدينة صحية معتمدة من منظمة الصحة العالمية.
والحق يقال إن محافظة المحرق قد بدأت فعلاً في عام 2003 باتخاذ الخطوات الأولى للمشروع ولكن لم يواصل العمل به وكذلك في عام 2010 بدأت جمعية أهلية أيضاً بمبادرة المنامة مدينة صحية وأيضاً لم يتم مواصلة العمل، وبهذه المناسبة أثمن اهتمام سعادة محافظ العاصمة الشيخ هشام بن عبدالرحمن آل خليفة ومجلس أمانة العاصمة ورغبتهم الجادة بالانضمام لهذه المبادرة.
*مدرب تنمية ذاتية