كتب - أمين صالح:
في موازاة همومه الذاتية في محاولة صنع أفلام خاصة، سعى بسام الذوادي إلى إنعاش المناخ السينمائي في البحرين وتفعيله، وذلك من خلال إقامة وتنظيم «أيام السينما المصرية الجديدة»، في العام 1993 بالتعاون مع نادي البحرين للسينما، الذي ترأس إدارته في العام 1999، وفي عام 2000 نجح في إقامة وتنظيم مهرجان السينما العربية الأول، الذي شارك فيه عدد كبير من النقاد والمخرجين والممثلين العرب. غير أن مسيرة المهرجان توقفت بعد هذه المحاولة اليتيمة بسبب عدم توفر دعم مادي ثابت للمشروع.
كذلك سعى الذوادي، من خلال تأسيس الشركة البحرينية للإنتاج السينمائي سنة 2005 مع نخبة من رجال الأعمال البحرينيين، إلى دعم الشباب وتشجيعهم على العمل السينمائي عبر إنتاج عدد من الأفلام القصيرة مثل «البشارة» لمحمد راشد بوعلي، و«زهور تحترق» لمحمد إبراهيم، وكان باكورة إنتاج هذه الشركة الفيلم الدرامي الطويل «حكاية بحرينية» سنة 2006 لبسام الذوادي ثم فيلمين طويلين للمخرج حسين الحليبي: أربع بنات «2008» حنين «2010». لكن الشركة لم تستمر في الإنتاج لظروف خاصة.
في الثمانينات، لم يظهر في الساحة السينمائية الخالية غير عبدالله السعداوي، وهو مخرج مسرحي معروف، حقق عدداً من الأفلام الدرامية القصيرة: الظل «1986» فتافيت صحفي «1988» انتحار صرخة «1989» استيقظ في الصباح «1991».. بعدها توقف عن الإنتاج السينمائي ليتفرغ لعروضه المسرحية، ولم يعد لخوض تجربة الإخراج السينمائي إلا في العام 2004 عندما قدم «الشجرة التي سرقت أوراقها»، ثم حقق مع محمد جناحي «غبار» 2009.. لكنه كتب عدداً من السيناريوهات لمخرجين آخرين من الشباب.
في التسعينات، اتجه المنتج المسرحي والمؤلف التلفزيوني حمد الشهابي إلى السينما لينتج ويكتب ويخرج فيلماً درامياً طويلاً بعنوان «بيت الجن» 1992 وهو من النوع المرعب. ولم يكرر الشهابي تجربة الإخراج السينمائي إلا في العام 2006 حين أنتج وأخرج الفيلم الدرامي الطويل «حباب وكلاب الساحر»، وهو من الأفلام الموجهة للأطفال. ثم اكتفى بكتابة سيناريو الفيلم الدرامي الطويل «أربع بنات» الذي أخرجه حسيــن الحليبي العام 2008.
في العام 1996، ظهر فجأة عدد من المخرجين الشبان الذي قدموا أفلامهم الدرامية الأولى مثل سعيد منصور «العطش» محمد شرفي «الهاوية» ياسر القرمزي «أكون أو لا أكون» علي رحمة «سيحدث» محمد نعمة «فخ الشيطان» محمد جناحي «لعبة الزمن».. هذه الطفرة النسبية المفاجئة من أفلام حققها مخرجون شبان على نفقتهم الخاصة، من دون الحصول على أي دعم من القطاعين: العام والخاص. بإمكانات فقيرة وعناصر فنية متواضعة، قدم هؤلاء أعمالهم.. وكانت المناسبة: مسابقة مسرح الصواري، الأمر الذي يؤكد أهمية وضرورة المهرجانات أو المسابقات السينمائية بوصفها مجالاً لعرض أعمالهم وتقييمها، ومحفزاً على الإنتاج، وملتقى عاماً فيه يختبر المنتج إمكاناته ومستواه. وعندما تتوقف مثل هذه المسابقات، كما حدث مع مهرجان الصواري، يتوقف المخرجون بدورهم عن تحقيق أفلام أخرى، إذ ينتابهم اليأس وتنعدم لديهم الرغبة مع انعدام فضاء العرض والتفاعل.
بين فترة وأخرى، كنا نشهد ظهور أسماء تشتغل في مجال الفيلم القصير لكن بشكل محدود جداً، وغير مؤثر، ولا تستمر في المجال طويلاً. كانت أعمالهم عبارة عن تجارب بدائية، لا تحكمها رؤية فنية وفكرية. أغلب تلك المحاولات كانت تنقصها الكثير لكي تفرض نفسها كحركة سينمائية. من جانب هي تجارب مستقلة عن بعضها، متباعدة، لا تتفاعل في ما بينها. ومن جانب آخر، هي تفتقر إلى النواحي الإنتاجية وإلى الكوادر السينمائية، معتمدة على جهود شخص أو شخصين.
حالة الانقطاع وعدم الاستمرارية ناشئة، بالدرجة الأولى، من غياب التمويل. الفيلم ليس كالكتاب أو اللوحة. هو يحتاج إلى أموال تغطي شتى التكاليف الضرورية في عملية الإنتاج.
المخرجون الذين ظهروا في العام 1996 ابتعدوا باستثناء محمد جناحي الذي واصل في العمل السينمائي في فترات متباعدة فقدم فيلمين قصيرين: كاميرا 2001 رسالة 2006، وفيلماً متوسط الطول بعنوان «أيام يوسف الأخيرة» 2010 ثم دراما وثائقية بعنوان «قوللي يا حلو» 2012.
يشار هنا إلى تجارب يوسف القصير، في مجال الأفلام الكارتونية «الأنيميشن» الذي حقق أعمالاً كارتونية قصيرة في العام 1995 وفيلماً آخر بعنوان «جزيـــرة الضباب» 1996.
عندما أتاحت «مسابقة أفلام من الإمارات» بأبوظبي المجال لمشاركات أفلام من دول الخليج الأخرى في التظاهرة، شهدنا في العام 2004 موجة أخرى من الأفلام البحرينية التي حققها مخرجون شباب جدد.. مثل: محمد القصاب «سكين» عبدالله رشدان «سيكوفيتو» حسن آل شرف «صمت الأموات» عبدالله البزاز «لمتى؟» حسين الحليبي «يوم أسود». أما العنصر النسائي في مجال الإخراج فيعلن عن حضوره للمرة الأولى بفيلم درامي قصير نفذته عواطف المرزوق بعنوان «الهروب الأخير». وتعين علينا أن ننتظر حتى العام 2007 لنشهد بروز أسماء نسائية أخرى في مجال الإخراج، مثل: عائشة المقلة «الصحوة» آلاء محمد و حوراء عيسى «المصارف الإسلامية في البحرين»، ريم فريد «أجمل أماكن البحرين».. وكلها أفلام وثائقية.
الأفلام القصيرة والوثائقية هي نتاج محاولات فردية تتعرض للانقطاع والتوقف. بالتالي لا يمكن أن نتحدث عن حركة سينمائية، بالمعنى الإنتاجي والفني.. إنما هي محاولات متعثرة.. والإنتاج السينمائي في البحرين لم يشهد استمرارية ملحوظة ومطردة، وتنامياً جلياً في الكم، وتطوراً ملفتاً في النوعية، كما سنرى بعد قليل، إلا مع إقامة مسابقة الأفلام في أبوظبي، ومع استمرارية المهرجانات السينمائية في دبي وأبوظبي وقطر.
في العام التالي، 2005، ازداد عدد الأفلام المنتجة في البحرين، وبلغ عددها 17 فيلماً درامياً قصيراً.. مع ظهور مخرجين جدد بعضهم توقف ولم يستمر مثل: علي رحمة، نزار جواد، جعفر حمزة، فريد الخاجة. والبعض الآخر واصل العمل السينمائي مثل: محمد إبراهيم، إبراهيم الدوسري، عبدالله رشدان.