تقرير - لم تمنع الضغوط والتحديات السوقية التي واجهها الاقتصاد العالمي من التأثير سلباً على خطط التوسع والنمو للمشاريع العقارية، ولم تقف التطورات المالية والاقتصادية على مستوى المنطقة والعالم عائقاً أمام استمرار الخطط والمشاريع العقارية كما كان مخططاً لها منذ البداية، وكان لقدرة الدول الخليجية في الحفاظ على الحدود الآمنة من الإنفاق على مشاريع التنمية أهمية في دعم مشاريع التوسع والنمو على كافة القطاعات، جاء ذلك في الوقت الذي حافظت فيه اقتصاديات هذه الدول على وتيرة نشاطها في المجالات الإنتاجية والخدمية على الرغم من تراجع عوائد النفط، وأظهر النشاط العقاري استمرار طرح المشاريع الجديدة القائمة على الجدوى الاقتصادية واستهداف شرائح محددة في المجتمع، فيما استمر القطاع المصرفي بضخ المزيد من السيولة على الفرص الاستثمارية المتاحة، وكان لاعتماد العديد من التشريعات المنظمة للقطاع أهمية في استقراره وجاذبيته الاستثمارية ونموه حتى اللحظة.
مرونة السوق العقارية
واعتبر تقرير شركة المزايا القابضة الأسبوعي أن استمرار وتيرة النشاط العقاري عند مستويات جيدة، متجاهلة بذلك تحركات أسواق النفط وأسعاره خلال النصف الأول من العام الحالي، بمثابة تأكيد على قوة القطاع مدعوما بالمشاريع التي تم إطلاقها خلال الفترة السابقة، وأظهرت في الوقت ذاته مؤشرات انخفاض على كفاءة السوق العقاري باتجاه قوى العرض والطلب والأسعار السائدة، ذلك أن انخفاض أسعار النفط بنسبة وصلت إلى 60% منذ عام لم تحمل في طياتها تسجيل أيه انخفاضات على الأسعار السائدة على المنتجات العقارية من كافة الفئات والأحجام بيعاً وشراءً وتأجيراً، فيما تم تسجيل ارتفاعات على أسعار الكثير من المواقع والدول، يأتي ذلك في ظل تمسك أصحاب العقارات بمستويات الأسعار السائدة قبل انخفاض أسعار النفط، وارتفاع تكاليف تشييد المباني والاضطرابات السياسية التي تشهدها المنطقة، جميعها ساهمت في تخفيض حركة السوق العقاري الخليجي، والثابت الوحيد وسط هذه المتغيرات أن شهية المشترين الأفراد على كافة أنواع الوحدات السكنية مازالت مفتوحة نظراً لاستمرار قنوات التمويل وتوفير تسهيلات بنكية تتوافق مع احتياجاتهم، الأمر الذي ساهم بالحفاظ على نشاط السوق حتى اللحظة.
أنشطة نوعية
وأشار تقرير المزايا إلى أن ارتفاع وتيرة تنظيم المزادات العقارية لدى عدد من دول المنطقة قد حافظ على نشاطه وجاذبيته خلال العام الحالي، حيث تحمل هذه المسارات مؤشرات إيجابية على مستوى سيولة السوق العقاري ومستويات العرض والطلب، وتشهد كل من الكويت والمملكة العربية السعودية والبحرين نمواً على وتيرة تنظيم المزادات العقارية والتي تشكل فرصاً جيدة للشركات المنظمة على مستوى العوائد المتحققة وجاذبية كبيرة من قبل المستثمرين كونهم يحصلون على فرص استثمارية تقل أسعارها عن أسعار السوق بنسب تصل إلى 20%، وتحظى المزادات المنظمة بمراقبة ومتابعة من الجهات الرسمية لمنحها الشرعية ووضع الشروط اللازمة لمنع التلاعب بالأسعار والعقود وحماية حقوق المشترين.
يذكر أن المزادات المنظمة تتوزع على العقارات السكنية والاستثمارية والأراضي الصناعية نظراً لتزايد الطلب الاستثماري والارتفاع المتواصل على عدد السكان، فيما تمكن هذه المزادات الشركات العقارية المنظمة من الحصول على عوائد تتراوح بين 3و17%. ويرى المزايا في المزادات العقارية فرصة لطرح الفرص الاستثمارية بشفافية ومصداقية تدعم جهود كافة الأطراف في النهوض بالقطاع العقاري ومخرجاته فيما تشكل المزادات مؤشراً لمستوى انتعاش السوق العقاري وسيولته.
منافسة عالمية
ويقول تقرير المزايا أن الأسواق العقارية الخليجية قد حافظت على مستوى المنافسة فيما بينها خلال النصف الأول من العام الحالي على مستوى الحداثة والنوع والجودة والتصاميم الهندسية والمعمارية على الابراج والتي تتسع لعدد كبير من الشقق والمكاتب التجارية في غالب الأحيان، هذا وتتسارع الخطط والمشاريع العقارية الخليجية باتجاه الدخول إلى أجواء المنافسة العالمية من خلال تقديم نماذج عقارية سكنية وتجارية واستثمارية، ويمكننا القول عند هذا المستوى من التطور أن العديد من أسواق المنطقة قد استطاعت حجز مكانة مرموقة لها على المستوى الدولي لما توفره من منتجات عقارية تلبي كافة المتطلبات بشكل عصري يتلاءم مع القدرات المالية لكافة شرائح الطلب، ولاحظ تقرير المزايا عند هذا المستوى من النشاط ازدياد الطلب على العقارات السكنية مدعومة بحزمة من العوامل والمحفزات يأتي في مقدمتها النمو السكاني وارتفاع نسبة العمالة الوافدة من الخارج إلى دول المنطقة والرفاهية المعيشية التي يتمتع بها مواطني الدول والتي تمكنهم من تملك الكثير من الوحدات والعقارات السكنية على اختلاف أشكالها وأحجامها، هذا ويرجح تقرير المزايا قدرة عقارات دول المنطقة على دعم سوق العقارات التجارية والاستثمارية وجذب رؤوس الأموال الخارجية.
وتطرق تقرير المزايا إلى وتيرة التداولات المنفذة منذ بداية العام الحالي مقارنة بمستوياتها خلال العام الماضي والتي تعتبر أحد عوامل القياس لوتيرة نشاط السوق العقارية ودرجة سيولته والقدرة على التسييل بأعلى الأسعار، وأظهرت قيم وأحجام التداولات واستهدافاتها استمرار وتيرة النشاط ونموها لدى غالبية دول المنطقة لتتركز على الوحدات السكنية والاستثمارية، الأمر الذي يعكس حقيقة مفادها أن تحركات السوق باتت أكثر عقلانية وشفافية وأقرب إلى الواقع عرضاً وطلباً وأسعار سائدة وأبعد عن تسجيل فقاعات عقارية محتملة، وفي السياق فقد شهد القطاع العقاري القطري نمواً على التعاملات العقارية بنسبة اقتربت من 43% خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي مقارنة بالمستوى المحقق خلال نفس الفترة من العام الماضي وبقيمة إجمالية وصلت إلى ما يزيد عن 31 مليار ريال، الأمر الذي يعكس الاتجاه التصاعدي للمبايعات العقارية خلال السنوات الأخيرة، وفي السياق فقد سجلت السوق الخليجية أداءً إيجابياً خلال أبريل من العام الحالي، حيث شهد السوق السعودي نمواً إيجابياً مدعوماً بتوسع الحركة الإنشائية وإطلاق العديد من المشروعات الجديدة، وحقق القطاع العقاري البحريني أداءً إيجابياً خلال نفس الفترة محققاً تعاملات عقارية بقيمة تجاوزت 359 مليون دينار وبنسبة زيادة وصلت إلى 4%، فيما نمت التصرفات العقارية الاستثمارية بنسبة 5% في إمارة دبي خلال الربع الأول من العام الحالي ليصل إجمالي التصرفات إلى 64 مليار درهم، وحافظ عقار السلطنة على جاذبيته للمستثمرين الخليجيين في حين تعمل وزارة الإسكان على اتخاذ التدابير والتشريعات اللازمة في سبيل تشجيع الملاك على استغلال واستثمار الأراضي التي يملكونها.
أنظمة وتشريعات
بدوره شدد تقرير المزايا على أن كافة التشريعات والقوانين التي تم اعتمادها خلال العام الحالي جاءت لتحافظ على استقرار السوق العقاري وضمان نموه وفق أفضل الممارسات والمعايير العالمية، وبما يضمن الحفاظ على حقوق كافة الأطراف وعدم تعريض الأسواق والممتلكات إلى مخاطر غير مبررة، وبات واضحاً أن التشريعات والقوانين العقارية التي تم اعتمادها في السوق الإماراتي كان لها دور في ضبط القطاعين العقاري والمالي من خلال مضاعفة رسوم التسجيل للحد من المضاربات على الأسعار، بالإضافة إلى الإجراءات المتخذة من قبل البنك المركزي في تحديد نسب وحدود معينة للإقراض وذلك للحد من الممارسات السلبية في الإقراض، في حين سيساهم القانون الجديد في تنظيم القطاع العقاري في إمارة أبو ظبي وحماية حقوق جميع الأطراف وجذب الاستثمارات ودعم النمو الاقتصادي، هذا ومازالت أصداء قانون فرض الرسوم على الأراضي الساكنة في المملكة العربية السعودية متواصلة والتي أثارت جدلاً واسعاً لدى السوق العقاري نظراً لتأثيراته غير المحدودة على السوق، وبات من المؤكد أن القرار دفع الكثير من الملاك لتسييل ملايين الأمتار من الأراضي، وكان لدخول وزارة الإسكان أهمية في السيطرة على الأسعار، هذا ويشير الحراك العقاري لدى السوق العماني إلى أن قانون سحب العقارات التي لا يتم استغلالها خلال أربع سنوات من تاريخ تسجيلها من المستثمرين يهدف إلى تشجيع الملاك استغلال واستثمار الأراضي في الأغراض المخصصة لها وعدم تركها دون استغلال فترة طويلة، ومن شأن هذه الإجراءات تنشيط السوق العقاري وضبط مستويات الأسعار.
ويقول تقرير المزايا أن السوق العقاري الخليجي أصبح قادراً على المنافسة على المستوى العالمي نظراً لتنوع منتجاته وأن وتيرة نشاطه بقيت عند حدود آمنة رغم التحديات والضغوط وأن السوق في الوقت الحالي أبعد ما يكون عن تسجيل فقاعات عقارية، والجدير ذكره هنا أن أسواق البيع للمستخدم النهائي باتت تشهد وتيرة نشاط ملحوظة على المستوى الداخلي ومن قبل المستثمرين من الخارج، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأسعار السائدة حافظت على جاذبيتها لدى غالبية المواقع، في حين بقي سوق التأجير أقل كفاءة واستمر بتسجيل ارتفاعات مبررة أحياناً وغيرة مبررة في أحيان كثيرة، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على العقارات الاستثمارية ويبقى على الضغوط التي يعاني منها المستأجرين على حالها.