هذا هو الهدف الأول: أن نكون أهلاً لمغفرة الله سبحانه وتعالى؛ فالله سبحانه وتعالى برحمته ولطفه يريد أن يتوب علينا؛ فالأمر إذن إرادة ربانية علينا أن نغتنمها، ولا نتركها تتجاوزنا إلى غيرنا فنكون من الخاسرين؛ فالمفلح من المسلمين هو من اغتنم نفحات الله سبحانه وتعالى، وقد فتح الله سبحانه وتعالى المجال واسعاً لعباده بتنويع النفحات والعطايا، إلا أن أول ما نريد من النفحات في رمضان: التوبة. ولكن لماذا اخترت التوبة كأول الأهداف في رمضان؟ والإجابة هي: أن هناك أحاديث كثيرة لفتت أنظارنا إلى موضوع المغفرة في رمضان؛ منها -مثلاً- ثلاثة أحاديث نبوية متشابهة المتن تقريباً مع اختلافها في الأعمال الصالحة التي تدعو إليها؛ فهي تجعل المغفرة من الله تعالى هي الجزاء على تلك الأعمال المختلفة؛ فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» ويقول كذلك صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه. كما يقول: «من يقم ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» فهذه الأعمال الصالحات كلها جزاؤها المغفرة من الله سبحانه وتعالى، ولكن يتوقف ذلك الجزاء على أن يكون العبد قد أدى العبادة إيماناً واحتساباً؛ فما المقصود إذن بـ«إيماناً واحتساباً»؟ لا يمكن أن يكون اللفظان مترادفين؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُوتي جوامع الكلم (4)؛ لذا فهو لا يحتاج إلى التكرار بألفاظ مختلفة، ويكفيه أن يختصر؛ فالإيجاز من فنون البلاغة؛ لذا وجدنا الأئمة يفسرون الكلمتين على النحو التالي، يقول الإمام ابن حجر العسقلاني: والمراد بالإيمان الاعتقاد بحق فرضيّة صومه، وبالاحتساب طلب الثواب من الله تعالى ويفسرها المناوي قائلاً: «إيماناً» تصديقاً بوعد الله بالثواب عليه، «واحتساباً» إخلاصاً... وجمع بينهما لأن المصدق للشيء قد لا يفعله مخلصاً؛ بل لنحو رياء، والمخلص في الفعل قد لا يكون مصدقاً بثوابه فلا ملجئ لجعل الثاني تأكيداً للأول وهكذا نجد أن العلماء قد فرقوا بين الكلمتين فـ«إيماناً» تعني التصديق بفرضية أو ندب هذا الصيام، أو قيام رمضان عموماً، أو ليلة القدر خاصة، و«احتساباً» تعني الإخلاص وطلب الأجر من الله تعالى وحده؛ وها نحن إذن نعود من جديد لقضية الإخلاص؛ الذي من دونه تحبط الأعمال.

عبداللطيف بن نجيب
متطوع بدار يوكو لرعاية الوالدين
ناشط شبابي