بقلم الشيخ حمود بن عبد الله آل خليفة *
بمزيد من الحزن والأسى تلقينا نبأ رحيل فارس الدبلوماسية العربية والإسلامية صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل رحمه الله وطيب ثراه. لقد كان رحيله موجعاً وفقده مؤلماً للجميع وفي وقت نحن أحوج ما نكون إلى حكمته وخبرته ودرايته وقدراته الفذة.
مسيرة طويلة تنوف على الأربعين عاماً في الحياة السياسية الخليجية والعربية والإسلامية والدولية انقضت لتظل ذكريات عطرة وقصص تحكي نبل أخلاقه ودقة أحكامه وأصالة آرائه تغمده الله بواسع رحمته وجميل رضوانه ..
عرفت سموه منذ سنوات خلت عن كثب فازددت قناعة بما له من مواقف حكيمة وأفكار ومقترحات سديدة وأضفت إلى معرفتي العامة به معرفة خاصة وتوطدت علاقتنا الأخوية فكان مكسباً كبيراً لي في حياتي العملية والخاصة على حد سواء.
لا أستغرب هذه القدرات الفذة ولا تلك السمات النبيلة والأخلاق الكريمة والنوايا المخلصة فهو نجل الملك الحكيم والقائد الشجاع الملك فيصل بن عبد العزيز وله من صفاته وسماته الشيء الكثير .
أما مملكة البحرين فكانت بالنسبة إليه مثلما هي المملكة العربية السعودية، ولم يكن ليتوانى في الدفاع عن قضاياها وتأكيد أهمية الحفاظ على أمنها واستقرارها وسيادتها الوطنية. وكان يقول دائماً إن البحرين هي عمقنا وأمنها واستقرارها من أمن المملكة العربية السعودية واستقرارها. وكذلك من الأمن الخليجي والعربي. كان دائم الانشغال بالذود عن قضايا الأمة العربية والإسلامية وتعزيزها مثلما كان يدافع عن القضايا السعودية والخليجية كافة.
كانت لغته الدبلوماسية واضحة لا غموض فيها ولا تردد وكان تحليله للقضايا والمواقف التي يتناولها دقيقاً ومحكماً وشاملاً،لا تكاد تفوته معلومة ولا تغرقه التفاصيل غير الضرورية.
يغمرني الحزن مثلما غمر بيوت أهل البحرين جميعاً وأنا أرثيه اليوم واستعيد مواقفه الشجاعة تجاه الأطماع والمخططات الأجنبية في المنطقة ودعوته المستمرة إلى مواجهتها بموقف خليجي وعربي موحد يضع مصالح الأمة وشعوبها فوق كل اعتبار.
كان سعود الفيصل نهجاً فريداً في السياسة الواضحة ومدرسة بارزة في الدبلوماسية الصريحة ونموذجاً يقتدى به في شجاعة الطرح وقوة الحجة وسلامة المنطق ..
أتشرف بأن أرفع إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله أحر التعازي وأطيب مشاعر المواساة بالفقيد الكبير ..كما أتوجه بالتعزية والمواساة إلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وإلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وإلى أشقاء الفقيد أصحاب السمو الملكي الأمراء خالد الفيصل وتركي الفيصل وإلى أنجال الفقيد الأمراء محمد وخالد وفهد وإلى العائلة المالكة الكريمة وإلى أبناء الشعب السعودي الشقيق.
نسأل الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد الكبير بواسع رحمته وأن يلهم الجميع جميل الصبر والسلوان. وليحفظ الله المملكة العربية السعودية الشقيقة أرض الحرمين الشريفين وقيادتها وشعبها إنه سميع مجيب.
*سفير البحرين بالرياض