لندن - (وكالات): تباينت ردود الأفعال العالمية حول توقيع الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى. ورحب قادة الدول الكبرى بالاتفاق الذي أعلن عنه أمس في فيينا حيث تحدث الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن «اتجاه جديد» والرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن «تنفس الصعداء» في العالم، بينما قال مسؤول سعودي إن اتفاق إيران النووي سيكون يوماً سعيداً للمنطقة إذا منع طهران من امتلاك ترسانة نووية لكنه سيكون سيئاً إذا سمح لطهران بأن تعيث في المنطقة فساداً، مضيفاً أن «إيران زعزعت استقرار المنطقة كلها بأنشطتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وإذا منح الاتفاق تنازلات لإيران فإن المنطقة ستصبح أكثر خطورة»، في حين قالت إسرائيل أنها «غير ملزمة» بالاتفاق وبأنها ستواصل الدفاع عن نفسها. واقترح رئيس الوزراء السويدي السابق كارل بيلت منح جائزة نوبل للسلام للعام 2015 للمتفاوضين.
وفي أول رد فعل من منطقة الخليج، قال مصدر إماراتي مسؤول إن الاتفاق «يمثل فرصة حقيقية لفتح صفحة جديدة في العلاقات الإقليمية والدور الإيراني في المنطقة، ويتطلب ذلك إعادة مراجعة طهران لسياساتها الإقليمية بعيداً عن التدخل في الشؤون الداخلية للمنطقة».
وفي وقت لاحق، أكدت وكالة أنباء الإمارات أن القيادة الإماراتية بعثت ببرقيات إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني هنأته فيه «بالاتفاق النووي التاريخي»، مع الإعراب عن الأمل «بأن يسهم الاتفاق في تعزيز أمن المنطقة واستقرارها». وبعث كل من رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ونائبه رئيس الوزراء وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ببرقيات تهنئة إلى روحاني.
وأشار المصدر المسؤول بشكل خاص إلى العراق وسوريا ولبنان واليمن.
من جهته، وجه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح برقيتي تهنئة إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني والمرشد الأعلى في إيران علي خامنئي «هنأهما فيهما بالاتفاق التاريخي الذي أبرم في فيينا».
وفي وقت لاحق، أعلن مصدر رسمي سعودي أن «الرياض تتطلع لعلاقات أفضل مع إيران مبنية على حسن الجوار»، مشيراً إلى أن «على إيران تحسين معيشة مواطنيها بدل إثارة الاضطرابات»، مشدداً على أن «دول المنطقة ستواجه إيران بردود حازمة إذا استمرت بإثارة القلاقل». وقال المصدر وفقاً لما بثته وكالة الأنباء الرسمية «واس» «مازلنا مع التوصل لاتفاق مع إيران يمنعها من امتلاك سلاح نووي». وأضاف «ندعم المجتمع الدولي لإبقائه العقوبات ضد إيران لدعمها الإرهاب».
وقالت الدول الكبرى التي أبرمت الاتفاق مع إيران أنها تأمل في أن تغتنم طهران الفرصة للعودة إلى الأسرة الدولية.
ومع ذلك أعلن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو أنه سيبقى مستعداً لإعطاء الأمر بضرب المنشآت النووية الإيرانية. وقال الرئيس الأمريكي إن الاتفاق يؤكد على نجاح الجهود الدبلوماسية المضنية ويوفر الفرصة لتطبيع العلاقات مع إيران.
وأضاف «لقد أوقفنا انتشار الأسلحة النووية في المنطقة. تم قطع جميع الطرق المؤدية إلى السلاح النووي».
وقال «هذا الاتفاق يوفر فرصة للمضي في اتجاه جديد علينا أن نغتنمها»، واعداً برفع العقوبات الأمريكية عن إيران التي لاتزال العلاقات الدبلوماسية مقطوعة معها منذ 35عاماً. ولكنه حذر من أنه إذا لم تحترم إيران التزاماتها فسيتم فرض «كل العقوبات» مجدداً.
لكن رئيس مجلس النواب الأمريكي الجمهوري جون باينر ندد بالاتفاق النووي مؤكداً أنه سيسعى مع أعضاء آخرين في الكونغرس بكل الوسائل لعرقلته.
من جانب آخر، قال بوتين إن الاتفاق هو «خيار قوي من أجل الاستقرار والتعاون (...) لقد تنفس العالم الصعداء». وأضاف أن موسكو «ستفعل كل ما بوسعها» لضمان نجاح الاتفاق. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في فيينا إن روسيا «ستساهم في خطوات عملية من أجل تطبيق الاتفاق».
وقال لافروف إن «الاتفاق سيسهم في تحسين الوضع في الشرق الأوسط» وأضاف «لدينا خطط كبيرة لتطوير قطاع الطاقة الإيراني» حيث ستبني روسيا مفاعلات نووية جديدة وتنقل اليورانيوم قليل التخصيب إلى إيران.
والهدف من اتفاق فيينا ضمان عدم قدرة إيران على إنتاج السلاح النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها وربما تحسين العلاقات مع الغرب. في المقابل، اعتبر نتنياهو الاتفاق «خطأ تاريخياً» وأعلن أن إسرائيل «غير ملزمة بهذا الاتفاق مع ايران لأن إيران مازالت تسعى لتدميرنا»، وأضاف «سنواصل الدفاع عن أنفسنا». وقال «تم تقديم تنازلات كبرى في جميع القضايا التي كان من المفترض أن تمنع إيران فيها من امتلاك القدرة على حيازة أسلحة نووية». وأضاف «تعهدنا بمنع إيران من حيازة أسلحة نووية - وهذا لم يتغير» في ما اعتبر تهديداً مبطناً بضرب المنشآت النووية الإيرانية.
وقال نتنياهو إنه من خلال رفع العقوبات «ستتلقى إيران مئات مليارات الدولارات التي ستستطيع من خلالها تزويد آلتها الإرهابية بالوقود». وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالاتفاق وقال «آمل وأعتقد فعلاً أن هذا الاتفاق سيؤدي إلى مزيد من التفاهم والتعاون حول العديد من التحديات الأمنية الخطيرة في الشرق الأوسط». وأضاف أنه «على هذا النحو، فيمكنه أن يكون بمثابة مساهمة حيوية للسلام والاستقرار في كل المنطقة وخارجها».
وقال بان، المتواجد في أثيوبيا لحضور قمة حول الفقر، إن الأمم المتحدة «تقف على أهبة الاستعداد للتعاون الكامل مع الطرفين في عملية تنفيذ هذا الاتفاق التاريخي والمهم».
من جهته رحب وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند في بيان بالاتفاق مؤكداً أنه «بعد أكثر من عقد من المفاوضات الصعبة أبرمنا اتفاقاً تاريخياً يفرض قيوداً صارمة وعمليات تفتيش للبرنامج النووي الإيراني». وأضاف «نأمل، ونتوقع أن يؤدي هذا الاتفاق إلى تغيير كبير في العلاقات بين إيران وجيرانها والمجتمع الدولي».
وتابع وزير الخارجية البريطاني «سوف نواصل العمل بشكل وثيق مع شركائنا في الائتلاف الدولي لتشجيع إيران على لعب دور شفاف وبناء إقليمياً، خصوصاً في مجال مكافحة التطرف».
وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إن العالم «يمضي قدماً»، وحث طهران على مساعدة القوى الكبرى على إنهاء النزاع السوري.
وقال هولاند «الآن سيكون لدى إيران قدرات أكبر على الصعيد المالي بما أنه لن تكون هناك عقوبات، علينا أن نكون يقظين جداً بشأن ما ستكون عليه إيران».
وأضاف «يجب أن تظهر إيران (...) في ما يتعلق بسوريا أن هذا البلد مستعد للمساعدة على إنهاء هذا النزاع».
وأكد هولاند «إنه اتفاق بالغ الأهمية ويدل على أن العالم يتقدم»، مؤكداً أن «فرنسا كانت حازمة في المفاوضات ووزير الخارجية لوران فابيوس قادها بصرامة وحزم كبيرين». وتابع «لن تحصل إيران على السلاح النووي وسنكون قادرين على التحقق مما إذا كان هناك تقصير فيمكننا إعادة العقوبات».
ووصفت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني بين طهران والقوى الكبرى بأنه «نجاح مهم للدبلوماسية الدولية»، داعية إلى «تنفيذه سريعاً». واعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أن الاتفاق «يشكل اختراقاً تاريخياً»، داعياً إيران إلى الوفاء بالتزاماتها. ورأى رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي أنه في الشرق الأوسط، المنطقة التي تشهد «تنامياً للإرهاب، يظهر هذا الاتفاق إمكان حل الأزمات بالسبل السلمية». كذلك، عبر وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو عن رضاه، معتبراً أن «رفع العقوبات سيساهم في الاقتصاد الإقليمي».
واعتبر نظيره العراقي إبراهيم الجعفري في مؤتمر صحافي مشترك في أنقرة أن الاتفاق «مهم وعلينا أن ندعمه». من جهتها، انتقدت الحكومة الكندية المحافظة التي توفر دعماً غير مشروط لإسرائيل، الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني معتبرة أن إيران لا تزال تشكل تهديداً للسلام.
ورحب الرئيس السوري بشار الأسد بالاتفاق مؤكداً في برقيتي تهنئة أرسلهما إلى المرشد الأعلى علي خامنئي ونظيره الإيراني حسن روحاني «حققت طهران الانتصار العظيم بالتوصل إلى الاتفاق النهائي مع مجموعة «5+1» بشأن الملف النووي الإيراني». ورحب بالاتفاق كذلك جيران إيران حيث أشادت أفغانستان بالجهود الرامية إلى «تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة»، في حين قالت باكستان إن تدابير بناء الثقة بشأن البرنامج النووي الإيراني «نذير خير للسلام والأمن في منطقتنا».
970x90
970x90