عواصم - (وكالات): قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن «على إيران استخدام الفوائد الاقتصادية التي سيجلبها لها الاتفاق النووي الجديد لمساعدة شعبها وليس لتمويل مغامرات في المنطقة». وأضاف عقب لقاء مع نظيره الأمريكي جون كيري «إذا حاولت إيران التسبب في مشاكل في المنطقة، فإننا ملتزمون بمواجهتها بحزم»، وذلك بعد أيام من التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج إيران النووي.
وشدد الجبير على ضرورة التفتيش للتحقق من أن إيران تلتزم بالاتفاق وعلى ضرورة تطبيق آلية العودة للعقوبات إذا تبين أنها لا تلتزم. من جانبه أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أنه سيزور منطقة الخليج مطلع أغسطس المقبل لاطلاع قادتها على الاتفاق النووي الإيراني.
وقال كيري عقب محادثات مع الجبير «في 3 أغسطس سالتقي قادة جميع دول مجلس التعاون الخليجي وأطلعهم بالكامل وأجيب على أي أسئلة لديهم»، فيما قال الوزير السعودي إن «اللقاء سيجري في الدوحة».
في المقابل سعت واشنطن ولندن إلى طمأنة القلقين من تبعات الاتفاق النووي مع إيران في حين دعا خامنئي إلى عدم الوثوق بأن القوى الكبرى ستعمل على تطبيق الاتفاق.
وفي إطار المساعي الدولية لترويج الاتفاق، سعى وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند إلى طمأنة إسرائيل. وقال قبل لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو «لم نكن لنوافق على الاتفاق من دون التأكد من أن هناك تدابير متينة تتيح الإشراف الفعال على البرنامج النووي الإيراني». وأضاف أن «تركيزنا سيكون على التنفيذ السريع والكامل للاتفاق لضمان أن يبقى السلاح النووي بعيداً عن متناول إيران». وهاموند هو أول مسؤول كبير من مجموعة 5+1 «الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين» يزور إسرائيل بعد الإعلان عن الاتفاق التاريخي مع إيران. وكان نتنياهو وصف الاتفاق بأنه «خطأ تاريخي» وقال إن إسرائيل «غير ملزمة به» ملمحاً إلى أن احتمال توجيه ضربة عسكرية للمنشآت الإيرانية لايزال قائماً.
وفي الإطار نفسه أوضحت القوى الكبرى الست التي عقدت مع طهران اتفاق فيينا، في رسالة بعثت بها إلى الأمم المتحدة أن إيران ستبقى تحت تهديد إعادة العمل بالعقوبات الدولية طوال 15 عاماً.
وهذا الاتفاق الذي يستمر 10 سنوات، سيتيح رفع العقوبات في مقابل ضمانات أن إيران لن تحصل على القنبلة النووية. لكنه ينص على آلية لإعادة شبه تلقائية لهذه العقوبات إذا لم تف إيران بالتزاماتها.
من جهته صرح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن بلاده «ستحكم بحسب الأدلة» على سياسة إيران الخارجية بعد الاتفاق. وقال أمام الشيوخ «فيما يتعلق بالمستقبل، فلنمتنع عن إطلاق أي تكهنات. سنرى ونحكم على سياسة إيران الخارجية بحسب الأدلة».
والأسبوع المقبل يتوجه أيضاً وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر إلى إسرائيل. كما من المفترض أن يزور زعيم المعارضة الإسرائيلية إسحق هرتزوغ واشنطن قريباً في مسعى للحصول على ضمانات أمنية.
وفي واشنطن واجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما منتقدي الاتفاق قائلاً إنهم على خلاف مع «99% من العالم واخفقوا في تقديم أي بديل حقيقي».
وفي هذا السياق سيشارك وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى جانب وزيري الخزانة والطاقة الأمريكيين الخميس المقبل في جلسة استماع في مجلس الشيوخ حول الاتفاق النووي الذي أبرم مع إيران، في أول مواجهة مع الكونغرس المشكك. وأعلنت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ أن الجلسة الأولى حول إيران ستعقد الخميس المقبل. وكان أوباما أكد أنه سيستخدم حقه في تعطيل أي قرار في حال حاول الجمهوريون عرقلة الاتفاق المبرم بعد نحو سنتين من المفاوضات الشائكة والذي يهدف إلى تحجيم البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الخانقة عن إيران. وسعى أوباما إلى طمأنة مخاوف السعودية ودول الخليج التي ترى أن الاتفاق يشرع تدخل إيران في المنطقة الغنية بالنفط. وقال إن العلاقات بين واشنطن وحلفائها الخليجيين لن تتغير وأن الاتفاق لا ينهي «الخلافات العميقة» مع إيران.
وأضاف للصحافيين «إيران لاتزال تطرح تحديات لمصالحنا وقيمنا» متحدثاً عن «تأييدها للإرهاب والعمل عبر وكلائها لزعزعة استقرار بعض مناطق الشرق الأوسط».
وفي إيران حذر خامنئي في رسالة وجهها إلى روحاني من أن «بعض» القوى الكبرى لا يمكن الوثوق بها في تطبيق الاتفاق النووي الإيراني وحثه على التيقظ.
وهنأ خامنئي الذي كانت له الكلمة الفصل في الاتفاق التاريخي في رسالته التي نشرت أمس المفاوضين الإيرانيين على «الجهود التي بذلوها بدون كلل».
لكنه دعا الرئيس روحاني إلى «التنبه من احتمال انتهاك الأطراف الأخرى التزاماتها».
وبدأت الصقور الأمنية في إيران تهاجم الاتفاق النووي الذي أبرمته بلادهم مع القوى الدولية الست بعد أن واتتهم الجرأة في أعقاب وصف المرشد الأعلى لبعض القوى العالمية الموقعة بأنها «غير جديرة بالثقة».
وسيفهم الإيرانيون أن المقصود بتصريح خامنئي إلى حد بعيد هما الولايات المتحدة وبريطانيا أو «الشيطان الأكبر والأصغر» كما يصفهما النظام الديني الحاكم في إيران بسبب دعمهما للشاه الذي أطيح به في ثورة عام 1979.
ويحمل التصريح وزناً لأن خامنئي له القول الفصل في شؤون الدولة. لكن خامنئي عبر عن ترحيب حذر بالاتفاق قائلاً إنه مهم وداعياً إلى الهدوء ربما في إشارة إلى زيادة آمال الرأي العام في وضع حد لعزلة إيران أو إلى التوتر بين أنصار الاتفاق ومنتقديه.
لكن لهجته الحذرة المتشائمة تناقضت مع الثناء الذي وجهه الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف للاتفاق. ولم تضيع شخصيات مقربة من خامنئي وقتاً في مهاجمة الاتفاق الذي يرفع العقوبات عن طهران مقابل فرض قيود طويلة الأجل على برنامج طهران النووي الذي يشتبه الغرب في أنه كان يهدف لإنتاج قنبلة نووية.