تقرير - تؤثر الخطط والاستراتيجيات الاستثمارية المدروسة بالإيجاب على النظام المالي والاقتصادي لدى دول المنطقة، ويعطي الاستثمار في القطاع الصناعي اقتصاديات المنطقة زخماً على وتيرة النشاط ضمن كافة القطاعات الاقتصادية الإنتاجية، والتي تمكن دول المنطقة من خلالها رفع حصصها السوقية على المستوى الخارجي، وتخفيض حجم المستوردات من الخارج، حيث إن الاستثمار في القطاع الصناعي من المتطلبات اللازمة لخطط التنمية متوسطة وطويلة الأجل.
ويلاحظ أن التركيز الاستثماري لدى دول المنطقة باتجاه القطاع الصناعي بات يشمل الصناعات الثقيلة والمتوسطة ومؤخراً الصغيرة، حيث تستهدف دول المنطقة بناء قطاع صناعي شامل يمكن الاعتماد عليه في المحصلة النهائية كقاعدة لتنويع الاقتصاد وتنويع المنتجات ورفع الصادات وتنويع مصادر الدخل والذي أصبح مستحق التحقيق، ولابد لاقتصاديات دول المنطقة من تقليل تذبذبات أسعار النفط على اقتصادياتها بين فترة وأخرى، بالإضافة إلى رغبتها في الاستغلال الأمثل للثروات في الوقت الحالي لبناء اقتصاديات أكثر استقراراً وإنتاجية وتأثيراً على المستوى الدولي.
وأشار التقرير العقاري الأسبوعي لشركة المزايا القابضة إلى أن الطريق لايزال طويلاً أمام القطاع الصناعي الخليجي ليصل إلى مرحلة من التكامل والشمول، ليحقق كافة الأهداف التي من أجلها تتجه الاستثمارات وتزدحم الخطط والاستراتيجيات الحكومية نحوه. وتؤكد البيانات الصادرة عن منظمة الخليج للاستشارات الصناعية، أن الصناعات الصغيرة والمتوسطة مازالت تستحوذ على نسبة صغيرة من الاستثمارات الصناعية، يأتي ذلك في الوقت الذي تقوم فيه هذه القطاعات بتشغيل ما يزيد عن 44% من القوى العاملة في القطاعات الصناعية، فيما تستحوذ الاستثمارات في الصناعات الصغيرة والمتوسطة على ما نسبته 4.1% من إجمالي الاستثمارات الصناعية لدى دول المنطقة والتي تقدر بـ 380 مليار دولار.
يذكر أن الصناعات الصغيرة تتوزع عددياً على كافة الأنشطة الصناعية وبشكل خاص على الأنشطة ذات العلاقة بصناعة المعادن الإنشائية والنقل، وأن دول المنطقة تسعى وبشكل حثيث إلى إشراك القطاع الخاص في اتخاذ القرارات الاقتصادية ذات العلاقة، لتفعيل العمل الاقتصادي وتشجيع صغار المستثمرين للاستثمار في مجال الصناعات الصغيرة والمتوسطة، ويمكننا القول عند هذا المستوى من الحراك الاستثماري أن دول المنطقة مؤهلة في الوقت الحالي أكثر من أي وقت مضى لكافة أحجام وأنواع الاستثمار الصناعي والعقاري والاستثمار في مجال النفط والغاز.
جذب الاستثمارات
ويؤكد تقرير المزايا على قدرة دول المنطقة في جذب الاستثمارات الأجنبية للقطاع الصناعي، فيما تتركز جهود الدول على تحسين البنية الاستثمارية في المجال الصناعي وذلك من خلال تحديد سياسات واضحة لتطوير الخطط التنموية القائمة على حزمة من العوامل والمقومات التي من شأنها جذب الاستثمار الأجنبي، بالإضافة إلى وضع استراتيجيات طموحة لتطوير القطاع الصناعي والنهوض به بهدف جذب المزيد من الاستثمارات الخارجية وتطوير التشريعات والقوانين ذات العلاقة والبحث في تقديم تسهيلات وحوافز للاستثمار الأجنبي والتي ستعمل مجتمعة على تأسيس بيئة استثمارية واعدة.
في حين سيكون في صلب تحركات وخطط دول المنطقة العمل على تعزيز القدرة التنافسية للقطاع الصناعي من خلال استقطاب الاستثمارات الخارجية كماً ونوعاً وبكافة الظروف إلى النظام الاقتصادي لدول المنطقة، ويقول المزايا أن دول المنطقة مطالبة بتحسين البيئة الاستثمارية للتغلب على المعوقات والتحديات التي تواجه الاستثمار الصناعي المحلي والأجنبي، بالإضافة إلى تحسين قدرة الدول على توجيه الاستثمارات الأجنبية بما ينسجم مع الخطط والاستراتيجيات ذات العلاقة وتخدم في المحصلة أهداف التنمية وتعظيم الفوائد من الاستثمارات الصناعية على كافة المجالات، ومطالبة أيضاً بإجراء تعديلات هامة على أنظمة التمويل والمناطق الحرة والمدن الصناعية والمناطق الصناعية المتخصصة والبنية التحتية الداعمة للاستثمار والتي تشكل مجتمعة أهم عوامل جذب الاستثمار في الوقت الحالي وفي المستقبل.
استهداف الصناعات الصغيرة والمتوسطة
ويقول تقرير المزايا أن التركيز الاستثماري على المشاريع الصغيرة والمتوسطة يستحوذ على الأهمية ذاتها على استثمارات المشاريع الكبيرة ضمن الاقتصاد المحلي للدول وقطاعاته الرئيسية، وبالتالي فإن الاستثمار الصناعي في الصناعات الصغيرة والمتوسطة أصبح ملحاً ويتطلب المزيد من الاهتمام والتركيز الاستثماري خلال الفترة الحالية والقادمة، ووفقاً للبيانات الصادرة عن منظمة الخليج للاستشارات الصناعية فإن عدد المصانع الصغيرة والمتوسطة لدى دول مجلس التعاون وصل إلى 13.5 ألف مصنع في نهاية العام 2014، فيما وصلت القيمة الإجمالية للاستثمارات في الصناعة الصغيرة والمتوسطة إلى 14.3 مليار دولار، والجدير ذكره هنا أن صناعة المعادن الإنشائية ذات العلاقة بقطاع التشييد والبناء والنقل تأتي في المرتبة الأولى على مستوى حجم الاستثمار المتراكم، في حين تأتي صناعة مواد البناء في المرتبة الثانية، أما صناعة المنتجات الغذائية فقد جاءت في المرتبة الثالثة من حيث حجم الاستثمارات الحالية.
ويؤكد تقرير المزايا على أن تطوير الصناعات ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة بقطاع الإنشاءات بشكل خاص والقطاع العقاري بشكل عام فقط كفيلة برفع القيمة الإنتاجية للقطاع الصناعي وتعظيم القيمة الاقتصادية له من إجمالي الناتج المحلي بشكل ملموس، يأتي ذلك في ظل التركيز الاستثماري الكبير على قطاع الإنشاءات والقطاع العقاري مع الأخذ بعين الاعتبار حالة التداخل اللامحدود بين القطاع العقاري ومتطلبات نموه وبين القطاعات الأخرى.
فرص استثمارية غير محدودة
وينطلق تقرير المزايا في توقعاته على حزمة من العوامل والمقومات التي تتمتع بها اقتصاديات دول المنطقة والتي تساهم وبشكل مباشر في إنجاح كافة الخطط والاستراتيجيات التي تستهدف القطاع الصناعي في الوقت الحالي، في المقابل فإن ارتفاع عدد الفرص الاستثمارية وتنوعها لدى الاقتصاديات الخليجية تدفع باتجاه إنجاز وتحقيق كافة الخطط والاستراتيجيات في الوقت المحدد وبكفاءة وفعالية عالية.
هذا وتعتبر قضايا تطوير القدرات المحلية أمراً ملحاً وبشكل خاص للصناعات الصغيرة والمتوسطة وتأهيلها لرفع مستوى منافستها في الأسواق الخارجية وصولاً إلى بناء العلاقات والشراكات بين الشركات المحلية وبين الشركات الأجنبية. ويؤكد المزايا على أن الوقت قد حان لإيجاد أطر عملية قادرة على جمع الموردين ومزودي التكنولوجيا والمشترين والمستثمرين وبما يحقق المزيد من التقدم والنمو للقطاع الصناعي وتوفير فرص تجارة متنوعة كلما كان ذلك ممكناً.
يذكر أن حجم الاستثمار الصناعي لدى دول المنطقة سيصل إلى تريليون دولار بحلول العام 2020، وبمشاركة فاعلة من قبل القطاع الخاص من خلال إقامة المزيد من التحالفات والشركات العالمية لنقل التقنية والاستفادة من الشراكة الإنتاجية، يأتي ذلك في الوقت الذي تستهدف فيه دول المنطقة رفع مساهمة القطاع الصناعي إلى 25% من الناتج المحلي الإجمالي للدول بحلول العام 2020، مقارنة بحوالي 10% في الوقت الحالي، معتمدة بذلك على النمو المتواصل للقطاع وتزايد حجم الاستثمارات الحكومية والخاصة على الفرص التي يوفرها القطاع الصناعي.
دور القطاع الخاص
واعتبر تقرير المزايا أن اتجاه دول المنطقة وعزمها على رفع مساهمة بعض القطاعات الاقتصادية في ناتجها المحلي الإجمالي وبشكل خاص القطاع الصناعي من شأنه أن يشجع القطاع الخاص المحلي والأجنبي عند هذا المستوى من الزخم الاستثماري من الدخول وبقوة نظرا للاهتمام الكبير الذي تحظى به الصناعات الصغيرة والمتوسطة من توجهات استثمارية حكومية غير محدودة، هذا وتتسع الاهتمامات الحكومية بهذا الاتجاه، حيث تقوم بعض دول المنطقة بتأسيس قنوات تمويل متخصصة لدعم قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة على أنواعها، وهذا يعني أن الفرص الاستثمارية لدى هذا القطاع ستتزايد وستعمل على توفير المزيد من فرص العمل والمزيد من الفرص الاستثمارية، وتعول دول المنطقة على دور القطاع الخاص في هذا المجال ليلعب دوراً محورياً في الاقتصادات الخليجية من خلال إقامة الشراكات المحلية والإقليمية والعالمية، في الوقت الذي قامت فيه غالبية دول المنطقة بتوفير بنية تحتية ولوجستية وصناعية متقدمة ومنافسة تسهل عمل القطاع الخاص وتقوم أيضاً على تنظيم برامج تسويقية وترويجية محلية وإقليمية للتعريف بالفرص الاستثمارية والخدمات التي توفرها المدن الاقتصادية التي تم إنجازها خلال الفترة الحالية.
ونوه تقرير المزايا إلى أهمية التركيز المسجل على المشاريع الصناعية الصغيرة والمتوسطة في الوقت الحالي على الرغم من تأخره، وأكد أيضاً على ضرورة توفير كافة الوسائل التي من شأنها إنجاح المشاريع الصناعية المخطط لها نظراً لما تقوم به من دور تكاملي على مستوى كافة القطاعات، فالقطاع العقاري في أفضل حالاته في الوقت الحالي واستطاع جذب استثمارات ضخمة خلال الفترة الماضية وحتى اللحظة، واستطاع أيضاً من نقل العديد من دول المنطقة إلى المنافسة على المستوى العالمي في التأثير بحركة الاستثمارات الباحثة عن الفرص الاستثمارية الآمنة وذات العوائد المرتفعة، فيما يأتي دور القطاع الصناعي ليكمل ويعزز مسيرة النمو الشامل والمستدام على كافة القطاعات، مع الأخذ بعين الاعتبار أن فرص نجاح مشاريع القطاع الصناعي شبه مؤكدة وأفضل من غيرها في كافة الظروف.