أنقرة - (أ ف ب): يبدو أن تركيا، وإثر تعرضها لضغوط دولية ووسط اتهامات تلاحقها بالتساهل مع المتطرفين، قررت تعزيز دورها في الحرب ضد تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي بعدما أدركت الخطر الذي يشكله على أمنها.
وخلال الأسبوع الماضي اعتقلت قوات الأمن التركية عشرات المقاتلين من «داعش» والمتعاطفين معه، في واحدة من أهم عمليات المداهمة منذ سيطرة التنظيم المتطرف على مناطق واسعة في سوريا والعراق. وواجهت تركيا اتهامات بأنها تقف متفرجة أمام تقدم «داعش» حتى إنها تتواطأ سراً معه، وهو أمر طالما نفته أنقرة. ويرى محللون أن السلطات التركية أدركت بشكل واضح التهديد الذي يمثله «داعش» عليها. وفي الوقت ذاته لن تصل أنقرة إلى مسعاها لمنع الأكراد، الذين يقاتلون «داعش» شمال سوريا، من إنشاء منطقة حكم ذاتي هناك إلا إذا دعمت التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الإرهابيين.
وتنظر تركيا إلى حزب الاتحاد الديمقراطي، الحزب الكردي الأساسي في سوريا، وجناحه العسكري وحدات حماية الشعب الكردية، على أنهما امتداد لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه بـ «الإرهابي» وخاضت معه نزاعاً طويلاً استمر عقوداً من الزمن جنوب شرق البلاد. وبحسب سنان اولغن، رئيس مركز «أدام» للأبحاث في إسطنبول، فإن «تركيا أدركت أنها لن تتلقى أي دعم من حلفائها (...) لمنع إنشاء منطقة حكم ذاتي كردية على حدودها إذا فشلت في الرد على انتقاداتهم اللاذعة في ما يتعلق بمحاربة «داعش»».
وأضاف اولغن الأتراك اليوم أدركوا «أنهم يقفون في الخطوط الأمامية ما يثير خطر انتقام المتطرفين أنفسهم»، موضحاً أنهم «مازالوا غير قادرين على السيطرة على حدودهم ويتخوفون من تسلل عناصر «داعش» إلى أراضيهم متخفيين بين اللاجئين». وطالما تحدثت السلطات التركية عن التحدي الذي تواجهه في السيطرة على حدود مع سوريا يبلغ طولها 911 كيلومتراً وأن تبقي في الوقت ذاته الطريق مفتوحاً أمام اللاجئين الفارين من القتال، ليضاف هؤلاء إلى 38 مليون سائح سنوياً. إلا أن فشل تركيا في منع مجندي «داعش» من السفر إلى سوريا عبر أراضيها، ومن بينهم حياة بومدين شريكة أحد المعتدين في هجوم باريس في يناير الماضي، فاقم من الضغوط على أنقرة.
وخلال الأسابيع الماضية، أطلقت تركيا سلسلة من المداهمات ضد المشتبه بهم بالانتماء إلى «داعش» في مدن عدة في البلاد، من أزمير على بحر إيجه إلى غازي عنتاب القريبة من الحدود السورية.